أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / السعودية وخيبة الأمل في فيينا

السعودية وخيبة الأمل في فيينا

ناديا شحادة / لبنان

التخبط والإرباك السعودي باتا واضحين منذ تدخل روسيا عسكرياً في الأزمة السورية، فيبدو أن السعودية المتورطة بالازمة السورية لا تزال تحت صدمة التحالف القوي بين روسيا وسورية وإيران والعراق، وهو ما يجعل المسؤولين في السعودية يطلقون كل يوم تصريحات تدل على مدى الارباك وخيبة الامل اللذين وقعت فيهما الدبلوماسية السعودية بعد المتغيرات التي يشهدها الاقليم فالتصريحات التي أطلقها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 28 تشرين الأول والتي قال فيها إن المحادثات الدولية في فيينا ستشكل اختباراً لمدى جدية روسيا وإيران للتوصل إلى حل سياسي في سورية، بالإضافة الى تصريحه في 29 تشرين الاول حيث قال إنه لا شك في أن الأسد يجب أن يرحل سواء عن طريق عملية سياسية أو يُزاح بالقوة. هذه تصريحات تعبر عن معارضتهم أن يكون الرئيس الأسد جزءاً من الحل السياسي في سورية ورفضهم للمشاركة بأي اجتماع يتعلق بالأزمة السورية إذ لم يخرج هذا الاجتماع بنتيجة تنحّي الرئيس الأسد.
وفي خضم التصعيد السعودي حول مصير الرئيس الأسد، جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي بعد انتهاء مشاورات فيينا في 30 تشرين الثاني الذي قال فيه: لقد تم تأجيل قضايا الخلاف إلى اجتماع يحدد موعده لاحقاً. ويؤكد المتابعون على ان السعودية اصبحت مضطرة لإعادة حساباتها في ما يتعلق بالازمة السورية، خصوصا بعد التدخل العسكري الروسي الذي يهدف لمواجهة الجماعات الإرهابية في البلاد.
فاجتماع فيينا الذي عقد في 30 تشرين الأول وجمع للمرة الاولى جميع القوى الخارجية المعنية بالصراع في سورية، بما فيها إيران، ودارت المحادثات بين تلك الدول على وقع الضربات العسكرية والخطوات الروسية التي تتجه بالأزمة السورية نحو الحل السياسي، وأجرى المشاركون مناقشات صريحة وبناءة شملت القضايا الرئيسية وتوصلوا إلى نتيجة مفادها الاتفاق على مكافحة الإرهاب ودعم العملية السياسية في سورية وهذا ما أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يتحدث من موقع المنتصر والمهيمن على محادثات فيينا بعد الإعجاز الذي يحققه الجيش السوري وقوى المقاومة بتغطية من الطيران الروسي في الميدان السوري، هذا الانتصار الميداني الذي جعل الرئيس الاميركي باراك اوباما يبحث عن دور جديد يلعبه في محاربة الإرهاب في المنطقة في محاولة منه أن يغطي فشله المتكرّر ولا سيما بعد فشل التحالف الدولي بقيادته في محاربة الإرهاب الذي فضحت عدم جدواه الضربات الدقيقة والفعّالة للطائرات الحربية الروسية. وفي هذا السياق قرّر أوباما إرسال قوات أميركية الى المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد شمال سورية. جاء ذلك على لسان المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست في 27 تشرين الاول، وأكد ارنست انه سيتم ارسال اقل من 50 عنصراً من قوات العمليات الخاصة.
يؤكد المحللون ان قرار اوباما هذا جاء محاولة منه لفرض واقع ميداني جديد في الحرب بسورية لتحسين الوضع التفاوضي لواشنطن وحلفائها، من خلال تدعيم مجموعات من المعارضة مستعدة للمشاركة في الحرب ضد داعش لتحقيق السبق على روسيا وحلفائها على الأرض، من اجل تحسين وضعهم التفاوضي فكما دخل الروسي على محادثات فيينا بموقع القوي والممسك بخيوط اللعبة، واستطاع فرض شروطه في مشاورات فيينا وبات واضحاً أن موقف واشنطن ومَن يوافقها الرأي ضعيف وقد تغيّر الى حد ما فلم تعد الإدارة الأميركية تردد ما اعتدنا سماعه من أن الرئيس الأسد لا بد أن يرحل بأسرع وقت، لتأتي عوضاً عنها تصريحات وزير الخارجية جون كيري في ختام مشاورات فيينا أنه تم الاتفاق على تسريع الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في سورية، مضيفا ان الشعب السوري هو الذي يقود العملية السياسية وهو مَن يقرر مصير البلاد، وأكد على ضرورة إلحاق الهزيمة بداعش والمنظمات المدرجة على قائمة الإرهاب.
يؤكد المراقبون ان تصريحات كل من وزيري الخارجية الروسي والاميركي في ختام مشاورات فيينا، بالاضافة الى المتغيرات التي يشهدها الإقليم بعد الاتفاق على النووي الإيراني، حيث اصبحت إيران شريكاً مقبولاً من جانب الولايات المتحدة وحلفائها والتدخل العسكري الروسي الذي اصبح عاملا حاسما في تقرير مستقبل الميدان في سورية. كل تلك الامور أحبطت السعودية والتي حاولت جاهدة إجهاض اجتماع فيينا قبل ولادته، حيث صرح وزير خارجيتها سابقا بأن التحركات الروسية في سورية تشعل الحرب، مشيرا الى ان الصراع لن ينتهي الا بخروج الرئيس السوري بشار الأسد، ولكن جهود المملكة وتصريحات دبلوماسييها ذهبت هباءً.

البناء