السيمر / الأحد 22 . 07 . 2018 — يراقب صناع السياسة في واشنطن الاحتجاجات في جنوب العراق باهتمام ملحوظ بدون ان تصدر عنهم تعليقات، في حين اتفقت مراكز الأبحاث الأمريكية ومراكز تحليل المخاطر على ملاحظات مشتركة، من بينها تصاعد الغضب بطريقة لا تشبه الاحتجاجات المتتالية كل صيف، إضافة إلى اتساع رقعة الاحتجاجات إلى حد المطالبة بمغادرة أحزاب سياسية البصرة.
وقال محللون أمريكيون ان الحكومة قد وعد تلك المناطق ولكنه لم يفعل شيئا خلال السنوات القليلة الماضية، مع الإشارة إلى ان البلاد في حال من الفوضى السياسية، رغم انتهاء الانتخابات إلا انه لا توجد حكومة جديدة، ولا تبدو الأمور واضحة بالنسبة إلى توقف الاحتجاجات.
ومن المفترض، ان ينعم المواطن العراقي بعد 15 سنة من الغزو الأمريكي للبلاد بحياة أفضل ولكنه يعيش أياما أسوأ بكثير، إذ تخرج المياه المالحة من الصنابير بدلا من الصالحة للشرب ولا تتوفر الكهرباء إلا مرة كل ساعتين، ولا خدمات أساسية، وهكذا خرجت الاحتجاجات لتطالب بسقوط الحكومة وتحقيق المطالب والحصول على فرصة عمل في مناطق تضم العديد من الموانئ وحقول النفط.
وقد استجابت الأمم المتحدة لهذه الاحتجاجات من خلال دعوة الحكومة إلى الاحترام الشامل والتعامل مع مخاوف الناس المشروعة. أما تعليق الإدارة الأمريكية فقد كان انها تدعم حقوق الناس في الاحتجاج السلمي مع تفهم تداعيات النقص في الكهرباء والوقود على الناس. وقالت هيذر نويرت، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ان الحكومة العراقية أعربت عن عزمها بذل المزيد لمعالجة مظالم المحتجين، بما في ذلك نقص خدمات الكهرباء والعمل، وقالت انها تساند حق المواطنين بالاحتجاج مع الحفاظ على أمن الممتلكات العامة والخاصة في العراق.
ولأن الفساد كان جزءا من المشكلة، فقد ظهرت تساؤلات عن مدى استعداد الولايات المتحدة مساعدة الحكومة العراقية على التعامل مع قضية الفساد، وإيجاد سبل لتحسين هذا الوضع، وأجابت نويرت على ذلك بالقول ان علاقة واشنطن مع بغداد ممتازة، وان هناك اتصالات دائمة مع المناطق التي لدى واشنطن مخاوف بشأنها، مشيرة إلى انها لا تستطيع الخوض كثيرا في هذه القضية ولكنها تستطيع القول ان الولايات المتحدة لديها محادثات مع حكومة العراق في إطار دبلوماسي خاص.
وبالنسبة إلى العديد من المحللين، قد لا تكون أسباب الاحتجاج انقطاع الكهرباء أو ملوحة المياه، إذ ترددت إشارات واضحة تتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمسؤولية غير المباشرة. وقال هؤلاء ان تصرفاته أدت إلى أضرار جانبية، حيث عملت إيران على تخفيض خطوط الكهرباء إلى العراق كوسيلة ضغط على الحكومة العراقية بشأن المدفوعات مقابل الطاقة، وهي عملية معقدة متداخلة مع قضية العقوبات الأمريكية على طهران، في حين أشار بعض الخبراء إلى ضرورة ان تعيد شركات النفط في جنوب العراق استراتيجياتها الخاصة من أجل معالجة مطالب الاحتجاج.
ولاحظ محللون أمريكيون ان الاضطرابات تندلع في مدينة البصرة الساحلية، جنوب العراق كل صيف منذ ان بدأت حركة الاحتجاج العراقية في عام 2015 ردا على الفساد والافتقار إلى الخدمات، إذ يحتل العراق المرتبة 169 من بين 180 دولة في مؤشر الفساد الخاص بمنظمة الشفافية الدولية. وقالوا ان الاحتجاجات الحالية، أكثر أهمية من ذي قبل، بسبب فقدان الثقة في القدرة على تفعيل التغيير المؤسسي وقد حظيت بالفعل بالمزيد من الاهتمام بعد مهاجمة المكاتب السياسية.
وأشار العديد من المحللين الأمريكيين إلى ان الصرخة من أجل التغيير والمساعدة أقوى بكثير في هذه الاحتجاجات، كما ان انعدام الأمن لدى الحكومة ملحوظ جدا ما أدى إلى ارتباك في ردة الفعل، وللمرة الأولى أدت تصرفات الحكومة إلى مقتل وإصابة بعض المتظاهرين ومنع الانترنت وممارسة تكتيكات لم تكن تمارس في الاحتجاجات السابقة.
واستنتج مركز أمريكي لتحليل المخاطر، ان تصاعد الاحتجاجات في العراق لن يؤدي إلا إلى بعض الاضطرابات التشغيلية الطفيفة في إنتاج النفط، وأوضح كريستفور ماكي من مركز «بي ار سي غروب» ان الأمن مستتب نسبيا حول المنشآت النفطية وطرق الإمداد، مشيرا إلى ان المتظاهرين ليسوا منظمين بشكل جيد ولا يملكون وسائل تتحدى قوات الأمن العراقية، ولكنه حذر من ان انتشار الاحتجاجات بشكل كبير قد يؤدي إلى رفع أسعار النفط بسبب المخاوف من انقطاع الإمدادات.
وقالت مراكز أبحاث أمريكية ان العراق يظل مكانا محفوفا بالمخاطر بشكل كبير بالنسبة للمستثمرين الأجانب على الرغم من التحسن في الاقتصاد الكلي والأمن مع الإشارة إلى ان الشركات الدولية في البلاد مستعدة عموما للاضطرابات.
وتصنف مراكز تحليل المخاطر، العراق في أعلى فئة للاضطراب الاجتماعي، ولم تتراجع عن تصنيفها العالي المخاطر للعراق من الناحية السياسية على الرغم من الضعف الذي أصاب تنظيم «الدولة» إضافة إلى إجراء الانتخابات
المصدر :القدس العربي