أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / الشماته بمصائب غير المسلمين دليل على سذاجة الشامت

الشماته بمصائب غير المسلمين دليل على سذاجة الشامت

السيمر / الأربعاء 14 . 11 . 2018

نعيم الهاشمي الخفاجي

اطل علينا احد المتخلفين من خلال كتابة مقال بائس نشره بموقع لاتجمع صاحب المقال اي عامل مشترك مع الغالبية الساحقة من الكتاب، يقول من حقنا ان نفرح ونتشفي بالكوارث الطبيعية التي تصيب البدان الكافرة لان الله امرنا بالفرح وفعلها النبي ص وبعد مقدمة طويلة ختم مقاله في المفكر الاسلامي ……للاسف من شاربي ابوال البعير، الإسلام دين إخاء ومحبة وقيم ومبادىء، الخالق العظيم خلق الخلق في أحسن صورة ورب العالمين كرم الإنسان ولم يخلقه لكي ينتقم منه ويدخله النار، عندما بعث رسول الله ص نبيا للعالمين الكثير من البشرية لم يسمعوا بدعوته في أقصى الكرة الأرضية شمالها وجنوبها شرقها وغربها هل رب العالمين يدخل مليارات البشرية في نار جهنم ويدخل من حاد الله ورسوله وانقلب بعد وفاة رسول الله ص وعاث في الأرض فسادا وسفك دماء أمة المسلمين ولم تسلم عائلة محمد ص من شر هؤلاء المجرمون فهل يعقل أن هؤلاء لهم الجنة وأصحاب الديانات السماوية والغيرسماوية الذين لم يسمعوا بدعوة الرسول محمد ص ويسلمون وماتوا وهم على دياناتهم فيدخلون جهنم ومن حارب رسول الله ص وقتل ابنائه وسبى نسائه له الجنة؟ ردت أحاديث عن فقهاء مسلمين بمختلف طوائفهم بحماية قساوسة الكنائس وعدم تركهم بلا أموال، الامام علي ع لخلافته رأى رجل يستجدي سأله عنه قيل يا أمير المؤمنين أن هذا الرجل نصراني، قال لهم استهلكتموا قوته وتركتموه عندما أصبح كاهل فأمر له في الحصول على حقه من بيت المال، الامام علي ع أمر في أن يحصل الكاهل النصراني على حقه ولم يتصدق عليه، علي ع قال الخلق اما اخ لك في الدين أو نظير في الخلق، هذه قيم الإسلام الحقيقية لاقيم وإجرام معاوية وبني أمية الذين قالوا أبناء أمة الإسلام وفرحوا بقتلهم، الامام علي ع أمر في احترام الرهبان والإحسان إليهم في حال الأمن فدماؤهم وأموالهم وأذيتهم حرام.
للاسف الشديد باتت الشماعه في ضحايا الكوارث الطبيعية من قبل أنصار الوهابية ثقافة ، كلما حلت بهم واقعة أو نزلت بأرضهم نازلة، هذه الشماتة أمست ظاهرة بعد كل كارثة طبيعية تحدث على كوكبنا، وإذا كان المسلم مدعوا إلى انتهاج خلق الرحمة مع أكثر أهل دار الحرب وبعض المحاربين، فمن باب أولى أن يكون المسلم أبعد عن الخلق السلبي المقيت «الشماتة» لأمثال هؤلاء.
والعجيب ان شريحة الشامتين بما يصيب غير المسلمين من كوارث هم من أحرص الناس على دعوتهم للإسلام. وهذا فيه تناقض واضح؛ من الصفات المهمة والأساسية والضرورية للداعية أن يتحلى بالأخلاق السامية مع أولئك المسالمين والابتعاد عن الصفات والأخلاق الذميمة معهم، وخاصة خلق الرحمة الذي يرتبط ارتباطا شديدا بمقاصد الدعوة ونهج الداعية.
في بلداننا مثل العراق وسوريا ولبنان يشكل المسيح العرب نسبة مهمة من أبناء شعوب تلك البلدان فهم محبون للمسلمين ويدافعون عن قضاياهم، بل هناك قادة فصائل فلسطينية حملت السلاح للدفاع عن القضية الفلسطينية وهم مسيحيون امثال جورج حبش ونايف حواتمة ……..الخ من المناضلين المسيحيين ووقفوا ضد كل أنواع الاحتلال في الدول العربية والإسلامية، عندما يذهبون للخليج ويسكنون بجوار مسجد جامع يسمعون الخطباء يدعون على عامة النصارى بترميل نسائهم وتيتيم أطفالهم وجفاف أنهارهم. في عام ١٩٩١ كنت سجين في قاعدة تبوك الجوية وكان لي زميل مسيحي عراقي اسمه سعد روفه سمع هذا الدعاء تساءل الرجل تساؤلا منطقيا عن سبب دعوة الإمام على عامة النصارى قال لي حالنا النصارى كحال الشيعة يدعون علينا في القتل والفقر ههه!
انفرد نبينا محمد – صلى الله عليه واله وسلم – بميزات خُلُقية خصَّه الله تعالى بها فقال: ( وإنك لعلى خلق عظيم ). سورة القلم/4 ، فهو أصدق الناس حديثا، وأشرفهم قدرا، وأكملهم خُلقا، وأحرصهم على هداية الناس وحب الخير لهم، بغضِّ النظر عن دينهم وجنسهم، ومن الصور التي تتجلى فيها هذه المعاني السامية، تعامله – صلى الله عليه واله وسلم – مع الكفار، وبخاصة الذين لا يكيدون للمسلمين ولا يؤذونهم، والذي كان يقوم على أسس واضحة من تعاليم هذا الدين،
هناك أمور تمسك بها الرسول محمد ص وهي سامية منها :
أولا: تأكيده – صلى الله عليه واله وسلم – على وحدة الأصل الإنساني:
من مبادئ الإسلام الأساسية أن الناس كلهم من أصل واحد، قال الله تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ). سورة الحجرات/ 13.
وقد كرَّم الله عموم الناس لمعنى الآدمية التي فيهم، فقال سبحانه: ( ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيِّبات وفضَّلناهم على كثيـر ممن خلقنا تفضيلا ). سورة الإسراء/ 70. وتكريم الإنسان هذا لا يحدُّه زمان ولا مكان، سواء كان حيَّاً أو ميتاً.
ومما روي في تعامله – صلى الله عليه واله وسلم – مع غير المسلمين، وتكريم الأحياء منهم، ورحمتهم والعطف عليهم، حتى لو كانوا مذنبين ـ وذلك من أجل الإنسانية التي فيهم ـ أنه مرَّ بأسير في وَثاقه، فناداه: يا محمد، يا محمد، فأتاه فقال: ما شأنك؟ قال: إني جائع فأطعمني، وظمآن فاسْقني، فأمر له النبي – صلى الله عليه وسلم – بقضاء حاجته. رواه مسلم.
أما تعامله – صلى الله عليه وسلم – مع غير المسلمين من غير الأحياء، وتقدير إنسانيتهم، فيدل عليه ما رواه البخاري ومسلم أن سهل بن حنيف وقيس بن سعد كانا قاعديْن بالقادسية، فمُرَّ بهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنها جنازة غير مسلم، فقالا: مرَّت برسول الله – صلى الله عليه وسلم – جنازة فقام لها، فقيل: إنها جنازة يهودي! فقال: أليست نفْساً!.
ثانيا: عفوه – صلى الله عليه واله وسلم – عند المقدرة:
من الأمور التي دعا إليها الإسلام ورغَّب فيها، العفو عند المقدرة، وقد أرشد الله تعالى نبيه – صلى الله عليه واله وسلم – إلى العفو عن الآخرين ولو كانوا غير مسلمين، فقال سبحانه: ( ولا تزال تطَّلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعفُ عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ). سورة المائدة/ 13.

ومما روي في عفوه – صلى الله عليه واله وسلم – عمن أساء إليه من مخالفيه، أنه لما فتح مكة، وقف بباب الكعبة وقد امتلأ المسجد الحرام بقريش، التي أذاقته وأصحابه أشد أنواع العذاب والاضطهاد، وحاولت قتله ليلة الهجرة، وهاهي الآن تنتظر مصيرها المجهول، فخاطبهم قائلا: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء.
يا لِسُمُوِّ هذه النفس! لأن عفو الإنسان عن معذِّبيه، يحتاج إلى قدر كبير من الإرادة والشهامة والصبر، وخاصة عندما يكون هؤلاء المعذِّبون تحت رحمته.
ثالثاً: أداؤه – صلى الله عليه وآله وسلم – الحقوق إلى غير المسلمين وإحسانه إليهم:
دعا الإسلام إلى العدل بين الناس، وإعطاء كل ذي حق حقه، لا فرق في ذلك بين الحقوق المالية والدينية والاجتماعية والمعنوية وغيرها، قال الله تعالى: ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ) سورة النحل/ 90.
ومن الوقائع العملية المنقولة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في تعامله مع غير المسلمين في المجالات المالية والدنيوية، ما رواه النسائي والحاكم، أنه طلب من صفوان بن أمية ـ قبل إسلامه ـ يوم حنين أن يُعيرَه أدْرُعا، فقال صفوان: أغصْبا يا محمد؟ قال: بل هي عارية مضمونة، فلما ضاع بعضُها عرَض عليه النبي – صلى الله عليه واله وسلم – أن يضمنها له ويعطيه قيمتها، فقال: لا، أنا اليوم في الإسلام أرغب، ثم أسلم. وهكذا استطاع النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أن يكسب ثقة هذا الرجل وأمثاله فيدخلهم في الإسلام، نتيجة حسن خلقه العملي القويم، وسمو سلوكه وإحسانه العظيم.
ومما روي في قيام النبي – صلى الله عليه واله وسلم – بالمحافظة على الحقوق الدينية لغير المسلمين وكفالتها، ما ذكره ابن كثير في البداية: أنه كتب لنصارى نجران كتابا فيه: ( لا يُغَيَّر أُسْقُف ـ راعي الكنيسة ـ عن أسْقُفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا يُغَّير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا مما كانوا عليه ).
ولم يقتصر تصرف النبي – صلى الله عليه واله وسلم – على إعطاء غير المسـلمين حقوقـهم الدينية والدنيوية فقط، بل كان يوصي أصحابه ببرِّهم والإحسان إليهم مطلقا، ويفعل ذلك بنفسـه، والأصل في هذا قوله تعالى: ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسـطين ). سورة الممتحنة/ 8. وفي الحديث الشريف: ( من ظلم معاهَدا، أو انتقصه حقا، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجُه يوم القيامة ). رواه أبو داوود والبيهقي.
وقد ثبت عنه – صلى الله عليه واله وسلم – كما في صحيح البخاري، أنه كان له غلام يهودي يخدمه، فمرض، فذهب إليه النبي – صلى الله عليه واله وسلم – يعوده، فقعد عند رأسه، وقال له: أسلم، فنظر الغلام إلى أبيه فقال له: أطِعْ أبا القاسم، فأسلم الغلام، فقال رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم -: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار.

يا لها من أخلاق عظيمة ونفس كريمة، حينما يقوم رئيس الدولة ونبي المسلمين، بزيارة هذا المريض الذي لا يأبه به أحد؛ لصِغَر سنِِّه واختلاف دينه، وتدنِّي مهنته، فيُحْسن إليه، ويتلطف مع أهله، ويدعوه إلى الإسلام، فيكون سببا في إنقاذه من عذاب النار!!.
رابعا: حمايته – صلى الله عليه واله وسلم – لأرواحهم وممتلكاتهم:
ورد كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحرِّم قتل النفس البشرية بغير حق، حتى صار من المسلَّم به عند المسلمين، أنَّ حفظ النفس البشرية ورعايتها مقصد من المقاصد التي سعى الإسلام إلى تحقيقه، لا فرق في ذلك بين النفس البشرية المسـلمة وغيرها، وذلك لعموم قول الله تعالى: ( ولا تقتلوا النفس التي حـرَّم الله إلا بالحـق ). سورة الإسراء/ 33.
وكان النبي – صلى الله عليه واله وسلم – حريصا على حماية الأرواح البريئة، في زمان ما كان يقام فيه وزن ولا اعتبار لحق الإنسان في الحياة، حيث انتشر فيه القتل والنهب والسلب، كما كان يوصي أصحابه ويؤكِّد عليهم ـ كما في الصحيحين ـ بأن لا يقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة.
وحين دخل مكة ووجد امرأة قد قتلها جيش المسلمين أثناء فتح مكة، أنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان. وفي تفسير الآية الكريم ولاتقتلوا من ارقى إليكم السلم، أورد المفسرون أن خالد بن الوليد قتل شخصا وكان يتشهد الشهادتين فنزلت الآية بذم هذا الفعل الخسيس وقد قال رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم وكما هو في الصحيحين اللهم اني ابرأ اليك مما فعله خالد،
وكان ينهى أيضاً عن الغدر بغير المسلمين، أو التمثيل بهم في الحرب. كما في سنن أبي داوود والترمذي.
أما حرصه على حماية الممتلكات التي خلقها الله تعالى للناس قوة وبلاغا إلى حين، فيوضحه ما رُويَ عن عليٌّ – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه واله وسلم – كان يوصي أصحابه حينما يخرجون إلى العدو ويقول: لا تقطعوا شجرا مثمرا، ولا تخرِّبوا عامرا، ولا تعقروا شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة، ولا تحرِّقوا نخلاً.
خامسا: تسامحه – صلى الله عليه واله وسلم – ولين جانبه معهم:
للتسامح مكانة عظيمة في الإسلام، وهي صورة عميقة من صور مكارم الأخلاق، وتدل على بُعْدٍ في النظَر، وسعَةٍ في الحِلْم، ورغبةٍ صادقة في امتصاص انفعال الناس وغضَبِهم، والحرص على مسالمتهم، وتجنُّب منازعتهم أو الدخول معهم في صراعات وخصومات، وقد شهد الله تعالى لنبيه – صلى الله عليه واله وسلم – بلين جانبه وتسامحه مع الآخرين فقال: ( ولو كنتَ فظَّا غليظ القلب لانفضُّوا من حولك ). سورة آل عمران/ 159.
ومما يروى في تسامحه – صلى الله عليه واله وسلم – مع غير المسلمين ولين جانبه، ما ذكره ابن كثير في البداية، أن نصارى نجران وفدوا إلى النبي – صلى الله عليه واله وسلم -، ودخلوا المسجد وعليهم ثياب حِسان، وقد حانت صلاة العصر، فقاموا يصلُّون إلى المشرق، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه: دعوهم.
ومن ذلك أيضا ما رواه الحاكم: أن يهوديا اسمه زيد بن سعنة، جاء إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يطلبه دينا له عليه، وأخذ بمجامع قميص النبي – صلى الله عليه وسلم -، وجذَبه، وأغلظ له القول قائلا: يا محمد، ألا تقضيني حقِّي؟ إنكم يا بني عبد المطلب قوم مطل، فقام إليه عمر ليفتك به، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: مَهْ يا عمر، كنتُ أنا وهو أحوجَ إلى غير هذا منك، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التقاضي، اذهب فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا من تمر لما روَّعته، فأسلم زيد لتوِّه قائلا: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتنازل عن شَطْر ماله صدقة للمسلمين.
هذه نماذج من المبادئ والوقائع التي كان يتعامل بها النبي – صلى الله عليه واله وسلم – مع غير المسـلمين، ولا يسع الإنسان المنصف ـ بغضِّ النظر عن انتمائه الثقافي والعرقي والإقليمي ـ إلا أن يعترف بسمو هذا النبي الكريم، ويسلِّم بجلالة قدره وعظمة أخلاقه، ويُكْبِره ويحترمه، لأنه الرحمة المهداة إلى الناس جميعا، وصدق الله العظيم إذ يقول: ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ). سورة الأنبياء/ 107.
ولا شك أنه يتوجب على المسلمين اليوم، أن يكونوا أوفياء لهذا النبي العظيم، ومن وفائهم له، أن يقتدوا بأخلاقه في جميع شؤونهم ومعاملاتهم، وفي سلوكهم، مع القريب والبعيد، والمسلم وغير المسلم؛ ليثبتوا أنهم ـ بحق ـ أمة الخير والمحبة والسلام
روى مسلم في “الصحيح” (4/2006) من حديث أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله ! ادع على المشركين . قال “إني لم أبعث لعانا ، وإنما بعثت رحمة”.
وكان ذلك في وقت المنازلة المتكافئة بين المسلمين والمشركين ، وقبل سيطرة المسلمين
على مكة. فكيف نفرح بموت بالمسالمين في كوراث طبيعية؟
وقد روى البيهقي في “الشعب” (3/45) مرسلا عن عبد الله بن عبيد قال: لما كسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشُجَّ في جبهته فجعلت الدماء تسيل على وجهه قيل: يا رسول الله، ادع الله عليهم فقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى لم يبعثني طعانا ولا لعانا، ولكن بعثني داعية ورحمة، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون”.
قال القاضي عياض في “الشفا” (1/106) في تعليقه على هذا الخبر : ( .. انظر ما في هذا القول من جماع الفضل ودرجات الإحسان وحسن الخلق وكرم النفس وغاية الصبر والحلم، إذ لم يقتصر صلى الله عليه وسلم على السكوت عنهم حتى عفا عنهم ثم أشفق عليهم ورحمهم ودعا وشفع لهم فقال اغفر أو اهد، ثم أظهر سبب الشفقة والرحمة بقوله لقومي، ثم اعتذر عنهم بجهلهم فقال فإنهم لا يعلمون) أهـ .
والأخلاق سبب من أسباب بعثة الرسل ؛ كما ثبت في الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق» رواه البخاري في “الأدب المفرد” (ص 104 ح 273) .
وردت ايه في القرآن المكي : “وإنك لعلى خلق عظيم”.
والرحمةُ في الذروة من أخلاق الكرام ، ولهذا كانت في الشريعة نظرا وعملا:
ففي حال الكفار المسالمين قال تعالى : “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين” وأكثر بواعث محبة البر رحمة القلب وعطفه المشرك.
وطالت هذه الرحمة حتى الحيوان فقد ثبت في “السنن” لأبي داود (4/367) عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها» .
ودخلت مسلمة النار في هرة.
وروى البخاري في “الصحيح” (4/173) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بينما كلب يطيف بركية، كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها فسقته فغفر لها به».
فغُفر لبغي من أجل كلب حرُم اقتناؤه ، وتغلظت نجاسته.
وأما تحاشي النبي صلى الله عليه وسلم لهلكة قومه الكفار فقد ثبت فيها حديث عائشة رضي الله عنها، قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد، فذكر ما لقيه ثم قال: “فناداني ملك الجبال فسلم علي، ثم قال: يا محمد إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا” . رواه البخاري في “الصحيح” (4/115).
وقد كانت الرحمة سمة دعوته صلى الله عليه وسلم ؛ حتى نُسب إليها في بعض أسمائه أو صفاته فقد روى الترمذي في “الشمائل” (1/191) عن حذيفة قال: قال : “..وأنا نبي الرحمة..”.
وقد نهى عن قتل الصبيان والنساء والشيوخ والرهبان وهم من أهل ديار الحرب ، والرهبان أشدهم حملا للكراهية ، ولو كان المعنى هو مجرد الكفر لأذن بقتلهم ؛ فهم غير داخلين في عهد ولا أمان ولا ذمة.
وفي “السنن” لأبي داود (3/53) قال عن امرأة قتيل كافرة: «ما كانت هذه لتقاتل» .
وفي “المدونة” لمالك (1/499) : ( .. لا يُقتل الراهب.. وأرى أن يترك لهم من أموالهم ما يعيشون به ، لا يأخذوا منهم أموالهم كلها فلا يجدون ما يعيشون به فيموتون) أهـ . وهذا كله في حال الحرب لا في حال العهد والأمان والذمة والموادعة ؛ فإن أموالهم تحرم على المسلم في هذه الأحوال إلا الجزية.
ولم يبعث مالكٌ رحمه الله على ذلك إلا خلق الرحمة.
*
اقول الى المفكر الإسلامي الذي كتب مقال وهو فرحا مسرورا يشمت بقتل أعداء الله من غير المسلمين من ضحايا الكوارث بعد أن ذكرت لكم الأحاديث من صحاحكم الان جاء دور أن نختم كلامنا في التعريف في إسلام وقيم الامام علي ع في التعامل مع البشرية بغض النظر عن الدين والانتماء افعال علي ع هي نفسها افعال رسول الله ص
*الإمام (عليه السلام) لايتحرج رغم انه الخليفة يعني الملك والرئيس في زماننا هذا يمشي مع النصراني الذي لايدين في دين الاسلام إلى قاضيه، ليتحاكم كأحد الرعيه،وليس كزعيم، وقاضيه يقضي عليه غير مصيب، فلا يرفض عليه السلام الحكم، وتقبل الحكم الذي صدر ضده، هذا هو النموذج الراقي بالاسلام الحقيقي لا اسلام قطع الرؤوس والسلب والسرقة والاغتصاب، روى ابن الأثير في التاريخ (الكامل) حدث غريب الخليفه والحاكم المطلق وجد درعه عند شخص مسيحي فقد اشار ابن الاثير أن علياً (عليه السلام) وجد درعاً عند نصراني فأقبل إلى شريح قاضيه وجلس إلى جانبه يخاصم النصراني مخاصمة رجل من رعاياه، وقال: إن هذه درعي لم أبع ولم أهب، فقال للنصراني: ما يقول أمير المؤمنين؟ فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي إلا بكاذب، فالتفت شريح إلى علي (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين هل من بيّنة؟ قال: لا، فقضى شريح بها للنصراني، فمشى هنيئة ثم أقبل فقال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام النبيين، أمير المؤمنين يمشي بي إلى قاضيه، وقاضيه يقضي عليه! أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمداً عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين.كما في كتاب: بحار الأنوار ج 97 – ص 291.

نفس هذه القصة رويت أيضاً بشكل آخر، في الكتب الفقهية في باب القضاء.
هذه اخلاق علي ع المستوحاة من اخلاق معلمه ومربيه رسول الله سيد الخلق محمد ص هل المفكر الاسلامي الشامت بضحايا الكوارث الطبيعية التي تصيب غير المسلمين، هل وجد شخص في الكرة الارضية مثل الامام علي ع بتواضعه هل رأى الشرق و الغرب نموذجاً كهذا ؟ الامام علي ع نموذج راقي وحالة انسانية واخلاقية فريدة ويفترض بكل مسلم حق ان يشايع ال البيت ع الكرام نحن كشيعة نفتخر بقيم رسول الله ص الذي جسدها الامام علي ع على الواقع العملي، انها قمّة راقية وفريدة في الخضوع لسيادة القانون، لاستقلال القضاء، ولمساواة الجميع أمام القضاء دون تمييز بسبب الدين أو الموقع أو المسؤولية وليس قضاء اليوم في ا…
وهلْ للتعايش طريق غير النمو والتجذّر والتأصّل في كنف ممارسات كهذه ؟
يجيب شبلي شميلـو على السؤال المتقدم قائلاً:
إن علي بن أبي طالب عليه السلام إمام بني الانسان ومقتداهم،و لم ير الشرق و الغرب نموذجاً يطابقه أبداً لا في ‏الغابر و لا في الحاضر. كتاب: الإمام علي صوت العدالة الانسانية،ج 1 – ص.7.
• الإمام علي – عليه السلام – قائد الدولة يعدل عن طريقه ليشايع صاحبه الذمّي:
ورد عن الإمام جعفر الصادق حكاية عن جده أمير المؤمنين عليهما السلام: حيث صاحب ذمياً في الطريق فقال له الذمّي: أين تريد يا عبدالله؟
قال «ع»: أُريد الكوفة، فلما عدل عن الطريق، الذمّي، عدل معه أمير المؤمنين«ع»…. فقال له الذمّي: لم عدلت معي؟
فقال أمير المؤمنين(ع): هذا من تمام الصحبة أن يشيّع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه وكذلك أمر نبينا، وفيه أن الذمّي أسلم بذلك. كما في كتاب: العلاقات الاجتماعية ص: 323

• كيف يصف الإمام علي – عليه السلام – منْ رفع السلاح ومارس الإرهاب:
يقول الإمام محمد الباقرعليه السلام أن جده علياً عليه السلام لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ولكنه كان يقول: ( هم أخواننا بغوا علينا)كما في كتاب: وسائل الشيعة ج11- ص 62.
أجلْ لمْ يجتهد أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في نشر ثقافة التعايش فحسب، بلْ ساهم في انشاء وبناء وصناعة وعي فردي وجمعي من أجل تعايش إيجابي مستدام ومسؤول، فكان في سلوكه الرسمي وغير الرسمي والفردي والاجتماعي وفي كلّ الظروف والأحوال آية وقدوة للتعايش ودعائمها، لينقل التعايش بمقوّماته من الرصيد المعلوماتي للبشرية إلى الرصيد المعرفي كي يترجم التعايش في السلوك والقرار.
فأين نحن اليوم من ثقافة التعايش مع هذا الرصيد الهائل ؟

لماذا نسقط المطلقية على الدين ؟ في الوقت الذي لايسمح الدين بالمطلقية حتى في أهم الأمور العقائدية، وأعني تحديداً:
الإيمان، فالتعددية هي الأصل حتى في الإيمان.
كـيـفْ ! ؟
ورد عن عبد العزيز القراطيسي قال: قال لي أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام: (( يا عبد العزيز إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد: لست على شيء.. حتى ينتهي إلى العاشرة، فلا تسقط من هو دونك، فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق، ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فإن من كسر مؤمناً فعليه جبره )).كما في كتاب: بحار الانوار ج – 66- ص- 165.
فمنطق حصرالايمان لفئة دون اخرى هو الجهل بذاته وكذلك حصر الألوان في الأسود والأبيض مرفوض في كل الاشياء حتى بما يرتبط بالإيمان،كما هو الإقصاء الذي يمارسه الوهابيون بحق كل مسلم لايدين في فكر ابن تيمية وابن عبدالوهاب والاساليب القذرة التي يتبعونها في القتل والافتراء والتسقيط وتحت اكذوبة اتباع السلف والتوحيد رغم انهم يجسمون الله، يغطون همجيتهم للاسف بعباءة الإيمان، فللتدليس بداية بلا نهاية، ومنْ شوه سمعة الاخرين سيُسقَط حتى لو بعد حين، وقد ورد حديث عن الامام علي ع قال ان الله سبحانه وتعالى اذا اراد ان ينشر فضيلة لاحد عباده فتنشر اما من محب او مبغض، سأله اصحابه يا امير المؤمين كيف يتم ذلك، قال لهم المحب ينشر الفضائل والمبغض ينسب اشياء مبالغ بها يضطر الكثير من الناس الى التأكد من صحة ذلك فيكتشفون الحقيقة خلاف ماقاله المفتري،
لقد طبق الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام نموذج راقي للاسلام الحقيقي النقي الصافي من خلال تجربته في قيادة الدولة الاسلامية على تكريس التعايش وافشاء مكارم الاخلاق من خلال العدل والمساوات وبزرع الكلمة الطيبة وبات للتعايش مقومات مفهوماً حقيقيا على ارض الواقع وممارسة كالتعددية والتسامح واللاعنف والعدالة ، القيم التي طبقها الامام علي ع نتج عن المفاهيم هذه عدالةاجتماعية شملت المسلم والغير مسلم، هذه القيم تبقى مفاهيم نظرية، عصية على التطبيق، ولا تتعدى عن كونها معلومة من المعلومات، وحلماً من الأحلام، التي يعشقها جميع البشر من اصحاب النفوس الانسانية، لذلك الإمام علي عليه السلام قدم نموذج راقي حيث نذر نفسه الطاهرة لتكريس وتأصيل مقومات التعايش، وعلى رأس تلك المقومات العدالة، العدل اسم من اسماء الله، رب العالمين يحب العدل لذلك ترى الشعوب التي تحكمها انظمة عادلة ورغم انهم لايدينون في دين لكن تشاهد شعوبهم تعيش في رخاء وامن، رغم التزيف والتشويه لكن كتاب ومثقفي الغرب اشادوا في تجربة الامام علي ع منهم الكاتب الدنماركي بدرسن والذي توفى عام ٢٠٠١ ودفن في مقبرة اودنسه الف كتاب اسماه علي ومعاوية ووضع على الغلاف الخارجي صورتان الاولى صورة لشجرة جرداء كتب عليها معاوية بن ابي سفيان والشجرة الثانية شجرة مثمرة كتب عليها علي بن ابي طالب وقال ان القيم التي جاء بها محمد وقاتل عليها ابن عمه علي بن ابي طالب كانت بحق تحتوي على قيم تصلح ان تكون قوانيين في دستور بلدان البشرية، ومن المؤسف نقرأ مقالات لاشخاص احدهم كتب مقال يقول من حقنا ان نفرح في الكوارث التي تصيب الغير مسلمون لان الله سبحانه وتعالى قد فرح ورسوله في الكوارث التي اصابت الكفار، واستشهد في ايات قرآنية وتناسى عن الايات التي تحدثت عن كرامة ومكانة الانسان، بل عندما انهزم الروم المسيحيين وحزن رسول الله ص واصحابه الكرام نزل جبرائيل ع في اية في سورة اسمها الروم الم غلبت الروم في ادنى الارض وهم بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ويفرح المؤمنون، اين هذا المفكر العملاق الفلته من هذا النص، الوهابية ثلة مثقفهم وعالمهم جاهل لايقل جهلا من الامي، اين انت ايها المفكر من عدالة الامام علي عليه السلام، علي ع شيخ الصحابة وبطل الاسلام وخليفة راشد وعندكم موجود اسمه من ضمن المبشرون بالجنة يفترض بك ايها المفكر تقرأ مواقف علي ع الانسانية هذا الامام العظيم أستشهد لعدالته كما يقول الكاتب المسيحياللباني الفقيد جبران خليل جبران:( قتل علي في محراب عبادته لشدّة عدله)، ووفق الله السيد الناشط في مجال حقوق الانسان عبدالصاحب الحكيم قد ترجم عهد الامام علي ع لواليه مالك ابن الاشتر وهذا العهد تم اعتباره اقدم وثيقة اممية في مجال حقوق الانسان وحتى اليونسكو والامم المتحدة اصدروا بيان شكروا الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، بل المنظمات الحقوقية قد تنبّهت لأهمية التعايش، ومنذ بداية هذا القرن اليونسكو فاعتبرت شعار «تعلّم للعيش مع الآخرين» أحد الأعمدة الأربعة المطلوبة في أي نظام تربوي إلى جانب الأعمدة الثلاثة الأخرى: «تعلّم لتعرف»، «تعلّم لتعمل»، «تعلّم لتكون»،
إن الشماتة سهم مسموم من أصابه عصر قلبه ، وفتت نفسه في زمن مصيبته ، وهو مناف لخلق الرحمة ومضاد لها من كل وجه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه واله وسلم يدعو بأن لا يُشمت به الأعداء، وخاصة اذا كان عدو جاهل مثل الوهابية الذين لايعرفون من الاسلام سوى القشور ودينهم مبني على القتل والسبي والتشفي، ولنعيد الذاكرة في حلب عصابات الحزب التركمستاني الاسلامي القوا القبض على طفل فلسطيني عمره ١٢ سنه من عائلة متشيعه لازال مقطع الفيديوا موجود احاطوا به وذبحوه والضحية مذهول وسط مظاهر الاحتفال والتهليل والتكبير، اكيد المفكر الذي اتحفنا بمقالة ذيلها المفكر الاسلامي فهو من هذا الصنف من البشر عديم الانسانية.

اترك تعليقاً