السيمر / فيينا / الأربعاء 26 . 06 . 2019 — لا تتفق النخب العراقية، على مفهوم ومعنى المعارضة السياسية، فهناك من يقول إن المعارض السياسي هو من لا يشترك في الحكومة، واخر يعرف المعارض على انه من يختلف مع سياسات الحكومة. ويأتي ابهام معنى المعارضة، بسبب ترسيخ الديمقراطية التوافقية في العراق، لذا فمن يدعي المعارضة داخل العملية السياسية، وهو من داخل الحكومة بتوجه انتقادات حادة للحكومة، هو امر مستغرب. والسؤال الذي يطرح الان، ما هي هذه المعارضة ؟.. وهل تستحق بالفعل ان توصف بأنها معارضة ؟.. واين موقعها من العملية السياسية في العراق؟. ووفق مراقبون، فأنه لا توجد معارضة سياسية في العراق، لان جميع الاحزاب السياسية مشتركة في السلطة، وثقافة المعارضة، غير موجودة كما لا توجد ضوابط تحدد صلاحيات المعارضة، او تمنح حصانة فعلية للمعارضة. التهديد بالمعارضة كلام إعلامي، الهدف منه الضغط للحصول على مكاسب أكثر، ووفقا لرأي عضو تحالف الفتح رزاق الحيدري، فأنّ “العملية السياسية في العراق تجبر القوى والكيانات على الرضوخ للمحاصصة، فضلاً عن الطوائف والمذاهب، لأخذ حصصها من الحكومة”، لافتاً إلى أنّ “الأحزاب التي هددت بالمعارضة، اختارت هذا السلوك من أجل الضغط على الحكومة، والحصول على حصص أكثر”. التهديد بالمعارضة السياسية، بحسب الحيدري، في حال تطبيق المحاصصة، هي الحجة التي سرعان ما كُشفت مع بدء تشكيل الحكومة، واختيار الوزراء بالطرق القديمة نفسها”، مضيفاً “لن يجرأ أي حزب سياسي في البلاد على الدخول إلى المعارضة، ولا يمكن لأحد التنازل عن حصصه من الامتيازات، وما تحدثوا به عن لجوئهم للمعارضة لم يكن سوى تصريحات إعلامية فارغة”. لا وجود لمفهوم المعارضة البرلمانية في العراق، و لا يزال مفهوم المعارضة ينصرف إلى معناه قبل سقوط النظام العراقي السابق، ولم يشهد البرلمان العراقي في دوراته الثلاث، وجود معارضة برلمانية حقيقية، وأضحى عرفا في العراق بعد 2003 أن تتشارك جميع الأحزاب والكيانات الفائزة في الحكومة. وفي ملاحظة لاداء ما تطلق على نفسها معارضة، فانها تعاني من التشتت في الطاقات والتوجهات والبرامج، وقد تعتمد في محاولات توحيد صفوفها على الرعاية الأجنبية، خاصة وانها ان صح توجهها صوب المعارضة ستعاني نقصا حادا في الواردات التي تعودت الحصول عليها من خلال تسخير مشاريع الوزارات والهيئات التي تديرها لصالح كوادرها ومريديها. من جهته، قال الخبير السياسي عبد الله الركابي، إنّ “التهديد بالذهاب إلى المعارضة هو كلام إعلامي لا غير، الهدف منه الضغط على بعض القوى السياسية صاحبة القرار، للحصول على مكاسب أكثر، فهذه التهديدات نسمع بها مع بدء مراحل تشكيل أي حكومة منذ 2003 وإلى يومنا هذا”. وأكد أنّ “الكتل حصلت على ما تريد من مكاسب، وهذا التهديد لم يعد له أي وجود، وحتى المواطن أدرك ذلك”، مشيراً إلى أنّ “المعارضة مهمة بأي عمل سياسي، وفي حال وجودها، يكون العمل البرلماني أو الحكومي أفضل من الحالي، كون هناك رقابة ومحاسبة حقيقية، من دون أي مجاملات سياسية أو حتى ضغوط”. اما الاشارات الاولية التي تلمح الى انقلاب بعض القوى على متبنياتها طيلة الستة عشر عاما الماضية، هو التغير الحاصل في سياسة لسان حالها، خاصة بعد تلقيها الاموال في اقليم كردستان من دولة معادية للمشروع العراقي لما بعد عام 2003. ابرز الملاحظات التي سجلت على لسان حال القوى التي تبنت الطريق الجديد، استهدافها المباشر للحكومة العراقية وانتقادها بصورة هدامة وليست بناءة، والذهاب باتجاه البحث عن نقاط الخلل في عمل مجلس النواب، وكأن هذه القوى ليست شريك اساسي في العملية السياسية ولديها عشرات الشخصيات التي تمثلها في دوائر ومؤسسات الدولة، احداها تعنى بالثقافة. اعلاميون عراقيون، استغربوا انتهاج هذا الطرف سياسة “شاذة” حسب وصفهم، تستخدم فيها القوى السياسية التي تبنت السير بطريقها الجديد سياسة الكيل بمكيالين. وبحسب الاعلامي صفاء الاعرجي في حديث لـ “الاتجاه برس”، فأن “المال السياسي الخارجي بدا واضحا من تغير سياسة احدى القنوات الفضائية التي تعبر عن رأي وقرار احدى الاحزاب، فهي قامت بحذف مصطلح (العدوان) عند قراءة الاخبار الخاصة بالعدوان السعودي على اليمن، واضافت مصطلح (الشرعية) على حكومة عبد ربة منصور هادي، وكذلك اطلاق جملة (التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية)، على تحالف العدوان”. ويشير مراقبون إلى أنّ الحديث عن تشكيل كتلة برلمانية معارضة في العراق، ضرب من الخيال، فالكتل اليوم تتصارع على الفوز بالمكاسب.
المصدر / الاتجاه برس