السيمر / السبت 06 . 02 . 2016
هاتف بشبوش
“عندما أجد المرأة في أول فصول رواياتي ، أرتاحُ أيما راحة “….ستاندال
إهتزازُّ وإرتجاف وخدرُ أجسادٍ ناعمةٍ تحت نشوة السعادةِ والإرتعاشِ والألم ، لدى هوانم برهان سيتي . هذا ما سوف نراه في المتاهةِ الأخيرة( متاهة الأرواح المنسية) وماذا حلّ بالهوانم الحواءات بعد نهاية المتاهةِ الخامسة( متاهةِ إبليس) التي شرحنا عنها سابقا في الدراسةِ الأولى .
هوانم برهان سيتي أم الهوانم في المسلسل المصري الممتع (هوانم جاردن سيتي) للكاتبة منى نور الدين ، والذي مثل فيه عمالقة الفن المصري ( حسين فهمي، صفيه العمري ، عبلة كامل ) ، كلهنّ ضاربات في الترافة والجنس، الاّ أن هوانم برهان سيتي أكثر ألما وأوجاعا لما ألمّ بهنَ من أهوال القهر السياسي والحياة العادية والشاذة ، وتوهمات المنفى والقهر الذي يعصر بهنّ والفشل والإحباطات المستمرة الغير متوقعة . هوانم برهان سيتي من أغلبِ أطياف الوطن العربي ، أما هوانم الجاردن سيتي مصريات خالصات ، ولهذا جاء السرد الخلاّب لبرهان أكثر عمقا وشمولاً في كل مانعرفه عن المرأة من تفاصيل صغيرة تتعلّق بالشبق أو مجريات الحياة الأخرى .
برهان شاوي في طرحه الجرئ هذا عن الجنس والنساء والآيروتيك الفاضح ، هو كما الطبيب الأديب الذي يريد أن يعطي وصفة دواء إسمها ( الوصال) الوصال الجنسي المتعارف عليه رسميا أو شرعياً ، أو الوصال الذي يتم بطريقة معقمة ومؤنسنة كما يحصل في الغرب . هذه وصفة الدواء أراد إعطاءها الروائي برهان لكل من يريد أن يخرج من صبابةِ قيس بن ذريح وليلى، اللذان وقعا قتيلين ( ومن الحب ماقتل) , اللذان مضيا الى قبرٍ واحد ، ومن ثم الى القصة التراجيدية المؤرخة المعروفة المتداولة عبر الأجيال . قيس بن ذريح وليلى هما صريعا الفراق وعدم الوصال فصار حبهما عذريا لايمكن له أن يشفي حبيبين قد إستفحل بهما الجنون .
برهان شاوي أراد أن يضمّد جرحاً إجتماعيا مخفياً وراء الجدران بقليل من الملح كعلاج بالصدمة اللاذعة ، كي تفوق هذه البلدان من غفوتها الغبية ومن تقاليدها التي باتت تسري كمرضٍ عضال ، علاج مثلما أرادتهُ ودعتْ اليه الكاتبة الشهيرة والطبيبة النفسية ( نوال السعداوي) ، وأنا أسمعها من على شاشة تلفاز إحدى بلدان الخليج، وهي تدعو النساء الخليجيات الى إستغلال البحر إسوة بالنساء ألأجنبيات اللواتي يجئنَ الى الخليج كسائحات ويستمتعن وهنّ عاريات ، لامعات بأرقى الزيوت الدهنية ، أمام البحر وتحت الشمس الخليجية. لكنها تسمع الرد الغير متوقع من النساء الخليجيات وهنّ يصفنها بالكافرة ، عندها قالت نوال السعداوي لهنّ وعلى الهواء مباشرة ( أنا عمري لم أرَ نساء تدافع عن عبوديتها بهذا الشكل الفضيع والغبي) . وأنا أتساءل بدوري لماذا تذهب النساء المحجبات الى البحر في بلدان الخليج ، أو كما يحصل هنا في الدنمارك ويتفرجنّ على النساء العاريات وجمالهنّ الأخاذ ، هل هنّ راغبات إذاً في التعري ؟ ولكنّ قيد التقليد والدين أقوى .
لم أقرأ لأديب سبق وأن دخل في أعماق الروح الشبقية والحنانية الرؤوفة الودودة للنساء بهذا المنحنى العذب ، بهذا الإستئناس الذي يجعل منا أن نكون منصفين للجنس اللطيف الذي نرى فيه ماقالهُ المبدع برهان من غرائبية ينحني لها العقل .
مايكتبه برهان هو رواية معلوماتية تثقيفية ، لايمكن للقارئ الخروج منها فارغ الدماغ ، بل سيملأ فكره بأطنان من المعرفة الدسمة إذا ماحسبنا وحدة القياس المعرفي بالأوزان . فضلاً عن أنّ السرد في غاية البساطة التي أبدع فيها الروائي .
المتاهة في بدايتها تخبرناعن دخول حواء ذو النورين وحواء سميث الى باريس ، بعد عبور النفق المظلم ، و هناك يدخلنَ في متاهات أخرى لاتنتهي كما سنبين لاحقا . ثم نقرأ عن كيفية طلب حواء ذو النورين اللجوء السياسي في فرنسا كحال آلاف العراقيين الهاربين من جحيم العراق الحالي ، وبمساعدة صديقتها حواءسميث ، وكيف شعرت بالخوف وارتعدت وشلّت ساقيها حينما رأت إثنين من الشرطة الفرنسيين . تذكرني هذه في دورة السياقة وكيف أعطاني الشرطي درجة الفشل في الإمتحان وأنا بعدُ لم أشغّل محرك السيارة ..لسبب لم يخطر في بالي أبدا ، وهو أنني قلت له بإبتسامة خفيّة وللمجاملة والتملق ، أنا خائف منك لكونك شرطيا لأننا في العراق نرتعد من البوليس ، فردّ علي مباشرة : إنزل من السيارة فأنت فشلت في الأمتحان لهذا اليوم , وقال لي بالنص( أنا إنسان مثلك لاأختلف عنك في أي شئ , وأنت في الدنمارك الآن وليس في العراق ، فعليك أن تتصرف وفق ذلك).
حواء سميث تأخذ صديقتها الى شقتها حيث زوجها هناك آدم سميث ، تنظر حواء ذو النورين اليه فتراه أنيقاً وسيما متناسق العضلات ، مفتوح الأزرار ، فيخيّل الينا منذ البدء أنّ هناك من التفكير الجنسي بين الطرفين والذي سوف يحصل في الفصول القادمة ، وكأنه إبليس بهيئة الرجل الأشقر الوسيم . يحصل حديث على الطاولة أثناء تناول الطعام ، كما هو حال كل العرب في الثرثرة وبحث السياسة والإجتماعيات والذي يؤدي بالنتيجة الى غضب أحد الأطراف نتيجة الحَدية في النقاش . آدم سميث يقول:( البشر وحوش ضارية ..الشعوب تشعر بالفخر حينما تقتل اكبر عدد من أبناء الشعوب المعادية لها … الشعوب تحتفل بأعياد النصر.. وفي الحقيقة أعياد النصر ليست سوى احتفالات بقتل أكبر عدد من الآخرين).
هنا ينعطف الروائي برهان عن الجنس وعن عالم هوانمه على لسان آدم سميث ، ليأخذنا الى طبائع البشر ، وما هي أخلاقهم في سفك الدماء والقتل على مر العصور ، وماهي علاقة الجنس بهذا القتل الرهيب وحروب البشر بين الآونة والأخرى منذ نشوء الخليقة حتى اليوم وبلا هوادة . تموت البشرية نتيجة الحروب ، فلابد من التوازن في ذلك ، فيروح الإنسان يتوق لممارسة الجنس والإخصاب ، كي يولدَ من جديد ، تعويضاعلى مافقده في الحرب من رجال ونساء ، وهكذا تستمر دورة الحياة بين الحرب والجنس ، أي بين الموت والميلاد .
في الرواية الجديدة( سبارتكوس) والتي تتناول ذلك البطل ، العبد الروماني الشهير بأبعاد أخرى والتي أصبحت مسلسلاً بأكثر من عشرين حلقة ، نرى مشاهد العنف الدموي وقطع الرؤوس وتدفق الدماء بشكل يثير العارعلى الإنسان نفسه لما فيه من الإحتقار لذاته قبل الميلاد وأيام الإمبراطورية الرومانية . وفي ذروة هذا القتال العنيف نرى هناك الجنس الفاضح الذي لايصدقه العقل ، خصوصا ذاك الذي يحدث بين العبد وسيدته التي تختاره لنفسها ، بعد أن تتفحصه جيدا ، وهو عارٍ تماما تنظر الى عضلاته المفتوله والى عضوه المتدلي ، فيتم الأختيار وفق ذلك ، ثم يبدأ فصل الجنس الإجباري بين العبد وسيدته . أحيانا يكون الجنس أمام الخادمة التي تداري سيدتها إثناء ممارسة طقوس الجنس هذه ، فيما لو أرادت شيئاً أثناء هذا الأداء العجيب غريب . وأحيانا تصبحُ السيدة حاملاً من عبدها ، وهنا يتجلّى الخصب والميلاد . فهناك فصل حرب وهنا طقس جنس ، أنها جدلية الحرب والجنس الماضية في ركبها حتى الآن
الحروب ابتدأت منذ فجر التأريخ ثم إمتدت الى مابعد الميلاد حتى وصلت الى حروب جاهلية العرب ، ورغم كل ذلك كان هناك من يتحدث عن الجنس والآيروتيك . فهاهو الشاعر الماجن المنخل اليشكري يقول : لها هنُّ رابٍ مجستهُ/ وعرُ المسالكِ حشوه وقدُ/ فإذا طعنتَ طعنتَ في لبدٍ / وإذا نزعتَ يكادُ ينسدُ .
ثم تصل الحرب الى الإسلام وفتوحاتهم بحجة نشر الدعوة الإسلامية ، كما قرأناها في حرب القادسية بين الفرس والعرب أيام عمر بن الخطاب ، قتل وذبح و سبي النساء وممارسة الجنس معهنّ ، كل وحسب مركزه ، السبية العادية للجنود ، وأما السبية بنت الملوك فهي للأسياد مثلما حصل لبنات كسرى ، أحداهن من نصيب الحسين والتي أنجبت له زين العابدين ، ثم الأخرى من نصيب عبدالله بن عمر بن الخطاب ، والثالثة من نصيب محمد بن أبي بكر . لافرق إذاً في الإنسان ودمويته قبل الميلاد ومابعده ، قبل التوحيد ومابعده ، حرب وقتل وتشريد وجوع ، لكنّ الإنسان رغم كل هذا لاينسى الجنس ولذته وسط هذا الدمار المريع . فما ينقله لنا الروائي برهان من مشاهد الآيروتيك والجنس الفاضح وبأعتراف الهوانم أنفسهنّ في إبداعه الذي يستحق الوقوف والتأمل ، شئ بسيط إذا ماقورن مع أولئك في الأزمان الغابرة .
حواء ذو النورين وحواءسميث يرتدنَ أماكن في مدينة الجن والملائكة باريس الساحرة ، أماكن لايمكن أن تكون أمثالها في شرقنا التافه حتى بعد مئات السنين. أماكن مثل قوس لا ديفونس LA DEFENSE وهو قوس النصر ومايحيط به من فردوس حقيقي الذي يجعلنا نبصق آلاف الألتار على قوس نصر طغاتنا . برج أريفا AREVA في المنطقة السياحية التي تحمل اسم (هوت دوسين Hauts de Seine ) ، شارع “دي ليل ” حيث متحف أورسيه( شارعُ العرايا حيث مزار ابو الحسن في السماوة) ، حديقة التويلري وميدان الكونكورد( ساحة الميدان في بغداد ومزابلها) ، شارع روي سانت دينيس المؤدي الى كنيسة نوتردام( شارع كراج العلاوي المؤدي الى أقذر مبولة على الجدرن… حيث كتبَ أحدهم …التبول وقوفاً للحمير فقط ) ، الحي اللاتيني ومقهى دي لاهوجيت ، شارع دانتي ، جادة دي مونتيبيلو ، (روي دي برادايس) و مطعم ناناشي( مطعم زرزور الضيّق و العفن في سوريا ) .أماكن تثير البهجة في مناظرها وفي أسمائها الرومانسية التي تجعلنا ننادي إبليس برهان شاوي كي يصب لعنته على ساسة العراق ومافعلوه من الخراب والدمار .
طاولةُّ شبقية…….
تجتمع كل من حواء ذو النورين وحواء سميث وحواء دمشقية وآدم سانشو زباتو ذو العضلات المفتولة ، الثلاث يجلسن بشعورٍ شبقي إتجاه هذا المفتول العضلات الذي يصغرهنّ جميعاً بمقهى في باريس . فكرت حواء سميث أن تتكلم مع هذا الفتى اللعوب ( الجيكولو الغندور) الذي أغوى صديقتها حواء دمشقية التي جعلها تترك حبيبها آدم المفتي ، لكنها في لحظة خاطفة فكرت أنها خائفة من أن تقع هي الأخرى في إغواءه وفتنته السلطانية وسحره كجيكولو( مصطلح لرجال يبيعون الهوى). ظهرت هذه الحالة( الجيكولو) في الخمسينيات والستينيات في الغرب ، حتى شاهدناها في فلم حزينٍ للغاية من تمثيل الشهير ( روبرت دي نيرو) ،الشاب الفقير الذي كان يفكر في جمع المال من النساء الثريات مقابل إمتاعهنّ بقوّة قضيبه ، لكنه يجد نفسه في النهاية ضائعا يضاجعُ الطاعنين في السن مقابل مبلغٍ زهيد. وجد نفسه صفراً على صفر وسط نيويورك المزدحمة بسكانها وجشعها المخيف ، فيرجعُ مخذولاً منكسراً .
يدعوهنّ الجيكولو لشرب النبيذ معه موضحاً لهنّ : (أنه من السمات الأخلاقية للبشر الصحيح هو شرب النبيذ) . هي دعوة إذن للنساء كي يشربنّ النبيذ وأنا أتفق مع سانشو هذا او مع الروائي برهان على اقل تقدير إنطلاقا من قول المسيح ( القليل منه ينعش القلب) . هو تحفيز لهنّ على رفع الأنخاب كي لاتتنمر عليّ بنتُ الشرق إذا ماجئتها يوما مخمورا ( زوجة، أو أخت ، و أم ) وتنعتني بأسوأ الصفات.
تُرفع الأنخاب بين الجيكولو( آدم سانشو ) وثلاث نساء عربيات يفضحهنَ سلوكهنّ الصارخ بالجنس إتجاه هذا الفتى اللعوب . تنتهي الجلسة و حواء دمشقية تضع من تحت الطاولة مبلغا من المال بيد جيكولاها الغندور( آدم ماريو سانشو زباتو) كي يدفع تكاليف الطاولة . وظاهرة الجيكولو هذه لاحظتها في عراقنا المريض ، حيث نجد لكل غانية جيكولاها الذي تنفق عليه كل مالها من عملها اليومي في الدعارة طيلة نهارها ، بأعتباره حبيبها الأوحد الذي تستطيع من خلاله أن تستمتع بالجنس ليس كما زبائنها الآخرين ، ولكن الجيكولو العراقي يختلف لكونه لايتمتع بفتولة العضلات ، بل بالكسل والديوثية والإتكالية التي تفقده هيبته ، فتبقى هذه المسكينة الروح المنسية على الدوام تشكو من قلة المال الذي يذهب الى جيب جيكولاها .
الفن ومحطة إستراحة الأرواح المنسية ……
عند متحفِ أورسيه في باريس (كانت لوحة تجسد امرأة مستلقية على سريرها، مرفوعة الثوب إلى الأعلى، لا يتبين وجهها في اللوحة فهو خارج حدودها، عارية بالكامل من الأسفل..وفرجها المشعر يحتل مركز اللوحة..أحست كل من حواء سميث وحواؤ ذو النورين وكأن اللوحة تكشف عن فرجيهما..ارتبكتا..اقتربت إيفا سميث من بطاقة المعلومات المرافقة للوحة لتقرأ فيها اسمي الفنان واللوحة..(أصل العالم) غوستاف كويربيت 1866. لم ينقذهما من حرجهما سوى وصول مجموعة من اليابانيين ومعهم دليلهم السياحي الذين تجمعوا أمام اللوحة وعلى وجوههم علامات الإنبهار..انسحبتا بهدوء) . هنا تتجلّى جيداّ النزعة الشرقية لديهنً والأستحياء من مشاهد عارية مثل طلب الرئيس الإيراني روحاني في زورته الأخيرة الى إيطاليا هذه الأيام ، بأن يستروا التماثيل العارية حين يمر . بينما جميع الأنام قادمة يستهويها هكذا مناظر تخبرها تأريخياً عن الجسد ودوره البايولوجي في إثارة الجمال .
لوحة العجوز إسمها ( أم الفنان) ، للرسام جيمس ويستلير ، التي مضى عليها قرن ونصف . لوحة اللوج ، للرسام بيير أوغست رينوار ، كلها لوحات نابضة بالحياة شاهدتها أنا كاتب المقال بزورتي الى باريس ، ولكنني لم أستطع أن انظر لها بهذه الموسوعة الثقافية والمعرفية الهائلة وبهذا العمق الذي أقرؤه من خلال الروائي برهان شاوي . الفن في الرواية نقرؤه على لسان مقطوع القضيب الفنان الرهيف ( آدم بوناروتي) ، الذي يفكر أن يرسم حواء ذو النورين التي اختفت مثل النيزك ، فيتراءى له الشاعر دانتي اليغيري والجحيم . هذا الفنان ( بوناروتي)جعل منه الروائي محطة إستراحة القلوب الحائرة ، منذ متاهته الخامسة (متاهة إبليس) ، حيث يلتقي بأغلب الحواءات ، أنه أرشيف الحواءات الجميلات . إنه متحف متنقل نستطيع من خلاله أن نرى كل ماسطره الفنانون من جماليات ، ثم نقرأ كل تأريخ الحواءات اللواتي مررن هنا وسجلنَ لنا روائع الآيروتيك وآلام الأرواح المنسية المسكينة على السواء ، إبتداءا من حواء ذو النورين ثم حواء الحلو العراقية أو اللبنانية و حواء الذهبي . أنه الروح الحيادية المنسية أيضا ، التي لايمكنها أن تنظر الى الجنس بممارسته الحقيقية لكونه لايملك قضيباً ، فلايمكنه أن يعاشر أو يخون أو يكون جيكولا أو غندور ، فأعطاه الروائي كل صفات الفنان الرهيف الحيادي الذي تلجأ اليه كل هذه الأرواح النسائية المسكينة كمحطة فضفضة للروح عن الغدر والأعيب الجنس ومتاعب الحياة .
في المتحف روح منسية أخرى من أشباح الموتى ( حواء إيفا نيني) ، هذه تراود حواء ذو النورين بين الآونة والأخرى ، هذا الإسم جاء بموسيقاه وتركيبته وكأنه إسم فرعوني ( نفر تيتي ) ، يحمل صفات من يأتون من عميق العالم الآخر ، لما فيه من نعومة قادمة من الظلام ، أو من اللوحة التي تمثل في الغالب حياة هذه النيني وقبرها علىى حد سواء ، اللوحة التي تراها حواء ذو النورين في متحف أورسيه في عالم (رينوار) ، مع العديد من نساء اللوحات اللواتي يخرجن الى شوارع باريس ويقيمنّ حفلاً هناك ، ثم يعدنّ ليلاً الى لوحاتهن، والى المتحف حيث رينوار الذي رسمهن .
هذا الخيال الهرائيّ الخلاّب للروائي برهان يعود بي الى رواية ( الموتى السائرون ) TheWallking dead ، حيث الموتى يجيبون الشوارع بهياكلهم الطينية الصلصالية اليابسة وكأنهم بلا مفاصل ، يسيرون في الشوارع والأماكن التي كانوا بها وهم أحياء ، بمشهدٍ مخيفٍ وحزينٍ بنفس الوقت ، أنهم يتوقون الى قطرة دم لعلها تعيدهم مثلما كانوا في عالم ما فوق الأرض ، أنه حلم الموتى بالعودة مرة أخرى . أنها الروح التي دوخت العلماء وهلاميتها التي لم يُتفق عليها بشكلٍ نهائي حتى اليوم .
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع في الــجزء الثــــــــــــــــــــــاني