السيمر / الاثنين 05 . 09 . 2016
معمر حبار / الجزائر
قراءة تاريخ الجزائر تعتمد على جملة من المراجع والوثائق. ومراجع الفرنسيين الذين ساهموا في احتلال الجزائر، أو الفرنسيين الذين كتبوا عن احتلال فرنسا للجزائر، يعتبر من المراجع التي يعتمد عليها، بغض النظر عن محتوى مذكراتهم وكتبهم. والكتاب الذي بين يدي القارىء الآن واحد من هذه المراجع، التي تستحق القراءة والنقد..
PIERRE PEAN ” MAIN BASSE SUR ALGER, ENQUETE SUR UN PILLAGE , ALGER 1830″ ,CHIHAB EDITION, Alger ,Algerie ,2005, 288 Pages.
الكاتب فرنسي يتحدث عن الأيام الأولى لاحتلال الجزائر، ويصف عملية غزو الجزائر كأنك تعيشها، لفرط الألم الذي رسمه، والحزن الذي وصفه، والخيانة التي تحدث عنها.
يعتمد الكتاب على فكرة جوهرية، ألا وهي .. من سرق خزينة الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر؟.
وقد توصل إلى نتيجة مفادها، أن الجنرال بورمو، والجنرال كلوزال، بالتعاون مع الملك، ولجنتي التحقيق، والسفارة البريطانية بالجزائر، وربما أسماء لم تحضرني الآن ساهمت في سرقة خزينة الجزائر.
من خلال قراءة الكتاب يتضح جليا، أن فرنسا كانت تريد خزينة الجزائر، والتي كانت تحلم بها من قبل إحتلال الجزائر سنة 1830.
يرى الكاتب الفرنسي أن الداي كان محقا حين تعامل مع دوفال السفير الفرنسي بالجزائر بتلك المعاملة والتي عرفت بحادثة المروحة. ويذهب أبعد من ذلك حين يقول أن دوفال أساء الأدب مع الداي وتعمّد إستفزازه، ليحصل على ما يريد وهو احتلال فرنسا للجزائر، والسطو على الخزينة الضخمة جدا.
يرى الكاتب أن فرنسا كان لها هدف واحد، هو السطو على خزينة الجزائر لما تحتويه من مال، وذهب، وفضة، ولؤلؤ، وعتاد عسكري ومدني. أما الأسباب الأخرى التي قدمتها كالدفاع عن المسيحية والمسيحيين، فكانت لجلب التعاطف الشعبي، ولفت النظر عن السبب الحقيقي لاحتلال الجزائر.
الداي وعصابته سلّموا الجزائر على طبق من ذهب دون أدنى مقاومة تذكر. وراح يتودد لفرنسا عبر التذلل للسفير البريطاني بالجزائر، ليمنح فرصة الخروج مع عائلته ومرافقيه خارج الجزائر، وما يسمح له بحمله من مال وذهب وعتاد.
وزير خارجية الداي الخزناجي، كان سباقا لتقديم مفاتيح خزينة الجزائر للمحتل الفرنسي، وبمحض إرادته، وسعيا منه، لعل فرنسا تجعل منه الداي الجديد، والحاكم الجديد.
ويمكن القول إن فرنسا قبل أن تضع يديها الملطختين بالسرقة والدماء على الجزائر، وجدت أيدي كلا من وزير المالية الداي الخزناجي، والداي وعصابته تمتد لهم ذليلة صاغرة، تفتح لهم الخزينة طواعية، وترفع الراية البيضاء دون أدنى مقاومة، وتتسول أمام السفارة البريطانية بالجزائر، والحاكم الجديد للجزائر.
كشف إحتلال الجزائر على البذخ الذي كان يعيشه الداي، والترف الذي كانت تعيشه عصابته. ويكفي أن الفرنسيين إندهشوا حين إقتحموا قصور الداي، ورأوا الذهب، واللؤلؤ، والأغطية المطرزة بالذهب الخالص، والأشياء الثمينة جدا التي كانت تزين بيوتهم وبيوت حاشيتهم .
يمكن القول إذن أن إحتلال الجزائر لفرنسا، كانت نتيجة للانحلال الأخلاقي، والفساد المالي، والسياسي، والاجتماعي الذي كان يعيشه الداي وعصابته القابضين على المال والرقاب.
ذكر الكاتب وعبر صفحات الكتاب أرقاما بالفرنك، والدولار، واليورو التي نهبها الاحتلال الفرنسي من الخزينة الجزائرية، بالإضافة إلى اللؤلؤ، والذهب، والفضة، والجلد، والمدافع. ويمكن في الحلقات القادمة أن يخصص لها القارئ المتتبع جدول خاص عبر مقال خاص بإذنه تعالى.
بالنسبة للقارىء المتتبع للكتاب، فإن سرقة خزينة الجزائر والجزائر بشكل عام قائمة، سواء أكدها الفرنسي أو نفاها الفرنسي، وسواء هرّبها الفرنسي من الجزائر إلى فرنسا أو إستولى عليها الفرنسي المحتل للجزائر. وسواء إستولى عليها فلان أو فلان، أو جاء ذكره في التقرير نفيا أو تأكيدا. المهم لدى الجزائري أنها سرقة فرنسية معلومة مدروسة تمت في وضح النهار ، وبعلم الجنرالات الفرنسيين، والقادة، والجنود، والقضاة، والمختصين الماليين، ورجال الصحافة، والسفارات الأجنبية بالجزائر، وكذا الداي وعصابته.
الفرنسي قام بتحقيق حول الأموال الجزائرية المسروقة من طرف الاحتلال الفرنسي. ومن حق الجزائر الآن، أن تجري تحقيقا بشأن خيانة الداي وعصابته، وسرقة الداي لخيرات الجزائر، وتسليمه الجزائر دون أدنى مقاومة للمحتل الفرنسي المغتصب.
إنتظروا مقال آخر يتعلق بقراءة القارىء المتتبع للكتاب، فالكتاب مازال يحمل الجديد المثير.