السيمر / الأربعاء 05 . 10 . 2016 — توفي الفنان العراقي رضا الشاطي مستشفى في العاصمة السويدية ستوكهولم، عن عمر يقارب 89 عاما، ودفن في مقبرة اسلامية هناك، وهو الذي تميز بنبرة صوته الغريبة التي منحته شهرة واسعة.
كان الراحل ممثلا كوميديا مميزا بين اقرانه، لاسيما ان في بداياته مع التلفزيون حيث كان هناك العديد من البرامج التي تتنافس من اجل الحصول على اعجاب الجمهور. نجح في المسرح والتلفزيون والسينما الا ان تقدمه بالسن وسوء احوال البلد دفعته للرحيل مع عائلته.
الراحل من مواليد الكاظمية عام 1924،على الرغم من انه يعود الى اسرة اصلها في مدينة بعقوبة التابعة لمحافظة ديالى، عاش يتيم الام في مطلع حياته، وقبل ان يبلغ العاشرة مات ابوه فعاش في دار الايتام، حيث يقول:
“مع بداية ولادتي في الكاظمية فقدت امي وبعد عشرة اعوام فقدت والدي، وكان لهذين الحدثين الاثر في تأجيج احاسيسي فبدأت بكتابة الشعر، وبالفعل اصبح الشعر شغلي الشاغل حتى سنة 1936 حيث برز نشاطي الفني في المدرسة الخيرية الاسلامية التي كنت ادرس فيها”.
وحين اصبح شابا تزوج وسكن في بداية زواجه في منطقة ابو سيفين وله ثلاث بنات وثلاثة صبيان، بدأ حياته من الصفر، عاش الفقر من طفولته لكن معاناته جعلته يشتغل من اجل ان يعيل عائلته ، فوجد نفسه يعمل كاتب عرائض في احدى المحاكم، وهذا العمل هو الذي ادخله الى التلفزيون ممثلا فشكل حضورا لافتا عند الناس.
وحسب ما قاله عن نفسه في حوارات صحافية قديمة :
بدأت عام 1936 اتعلم التمثيل على يد الأستاذ الصحفي والرياضي شاكر اسماعيل، وذلك في المدرسة الخيرية في منطقة العيواضية في بغداد ، حيث عملنا مسرحا في مطعم المدرسة وقدمنا مسرحية مجنون ليلى ومثلت دور والد قيس، اشرف على المسرحية الفنان حقي الشبلي قبل سفره الى فرنسا وقد حضر لمشاهدة المسرحية أكثر من 200 شخصاً من الطلبة وسكان محلة العيواضية ، هذا العمل الأول ولد في نفسي الجرأة لكي أمثل أعمالا جديدة أخرجها الأستاذ شاكر اسماعيل منها (سقوط الطاغية) وبقينا نقدم هذه المسرحيات البسيطة ذات الفصول المتعددة، ولا أنسى المطرب محمد كريم الذي كان يعبر من الكرخ الى المدرسة الخيرية في الرصافة ليقدم مجموعة من أغانيه ومنلوجاته بين فصول المسرحية واثناء فترات الأستراحة”
ويضيف :
“في عام 1940 كانت لي مساهمات تمثيلية على مسرح دار المعلمين الريفية بمشاركة الفنان حميد المحل. خلال فترة الأربعينات قدمت مع مجموعة من الممثلين بينهم جمال ابراهيم ، شهاب المختار، عبد الجبار الشبلي وسروري البارودي أعمالا مسرحية عرضناها في أحد نوادي بغداد وحتى هذه الفترة لم أمثل الكوميديا بعد، وفي بداية الخمسينيات كان الأستاذ جاسم العبودي قد تخرج في معهد الفنون الجميلة فأخرج لنا مسرحية ( فتح بيت المقدس ) قدمت لمناسبة قرار التقسيم باسم وزارة العدلية التي كانت آنذاك تحت التأسيس، ومع عودة الأستاذ عبد الجبار ولي من الدراسة خارج العراق أسس شركة سومر للأفلام السينمائية حيث بدأ بانتاج فيلم (من المسؤول) وقد مثلت في شخصية (أبو معصومة ) ثم جاء المخرج كاميران حسني واسندد لي دور البطولة في فيلم ( مشروع زواج) والذي شاركني فيه المرحوم ناجي الراوي وفخري الزبيدي وحميد المحل وقدري الرومي، وفي لبنان ساهمت بالتمثيل مع الفنانين ابراهيم خان وليلى رامي وعبد الله الشماس وذلك في فيلم ( غرفة رقم 7 ) وفي كل ذلك لم أكن قريبا جدا من الناس، التلفزيون وحده هيأ لي فرصة الأقتراب من الناس وجعلني اعيش بينهم من خلال شخصية (العرضحالجي) الواقعية فهي قريبة جدا من حياتي حيث كنت ( كاتب أول) في المحكمة الشرعية”.
وقال عنه الفنان حمودي الحارثي في حديث لـ (ايلاف): بدأ حياته كاتب عرائض في محكمة الرصافة ومحاسبا في علاوي بيع الخضر في منطقة جميلة، وفي عام 1959 – 1960 اكتشفه ناظم الصفار وقدمه على شكل برنامج سماه (عرضحالجي) لكن الشاطي ابتكر اسلوبا ونبرة صوت مختلفة ومثل الشخصية كما هو حياتيا في المحاكم، وكان هنالك برنامج عنوانه (فتاح فال) للحاج ناجي الراوي وحميد المحل وفخري الزبيدي وفرقة الزبانية، لكن الشاطي كان عمله فرديا فيه حيث كان يجلب شخصيات شعبية تمثل معه، وحقق شعبية كبيرة وتنافس مع برنامج مسابقات (شايف خير) لفخري الزبيدي الذي تناوب عليه المخرجان ناظم الصفار وخالد عباس امين، ولكن برزت فرقة 14 تموز التي قدمت المسلسلات التاريخية التي يعدها ويكتبها عزيز شلال عزيز نافست البرنامجين، وحين ظهر على الساحة مسلسل (تحت موس الحلاق) غطى على كل البرامج فاختفت.
وقد نقل الشاطي الى التلفزيون سنة 1970 .
وتابع الحارثي :
رضا الشاطي ممثل شعبي عرف كيف يتلاعب بصوته ، وهو عنده تلك النبرة المميزة لكنه راح يتكلف في الحديث بها حين يتكلم مع الناس ليعلن عن نفسه وكأنه فعلا صوته الحقيقي ، التقيت به آخر مرة هو وعائلته عام 1997 في الاردن وكان حينها قد طلب لجوءاً انسانيا لدى السويد.
من جهته يشير الصحافي محمود موسى الى ان الفنان رضا الشاطي ترجم معاناته التراجيديا الى كوميديا اضحك الناس واسعدهم ، لكنه لم ينس فقره حينما اصبح حاله افضل فكان من اصحاب الايدي الخيرة الكريمة، واعتقد ان شهرته التي نالها خلال تلك العقود البعيدة عنا ما زالت في ذاكرة الاجيال المختلفة ولازالت نبرة صوته المميزة تداعب مخيلة الناس حتى ان الفنان حافظ لعيبي قلده في احد المسلسلات وهو ما اعاد الى الاذهان الصورة المحببة للفنان الشاطي رحمه الله.