السيمر / السبت 21 . 01 . 2017 — تطرقت صحيفة “إيزفيستيا” إلى المعارك الدائرة في منطقة دير الزور؛ مشيرة إلى بدء “داعش” هجوما واسع النطاق على مواقع القوات الحكومية.
جاء في مقال الصحيفة:
في الوقت الذي تتجه أنظار المجتمع الدولي إلى الاستعدادات الجارية للقاء أستانا بشأن تسوية الأزمة السورية، يتفاقم الوضع في منطقة دير الزور، حيث بدأ مسلحو “داعش” هجوما واسع النطاق على مواقع القوات الحكومية. والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا، هل سيفقد الجيش السوري آخر مواقعه في هذه المنطقة؟
بدأ الإرهابيون هجومهم الواسع قبل بضعة أيام على دير الزور، المدينة التي يسيطر “داعش” على الجزء الأكبر منها. أما الجزء الآخر منها، بما في ذلك المطار العسكري، فهو تحت سيطرة القوات الحكومية. أي أن القوات الحكومية محاصرة هنا منذ عام 2014، وأقرب موقع تابع للجيش السوري يبعد عنها عشرات الكيلومترات.
ومع ذلك، فقد كان الوضع في هذه المنطقة إلى وقت قريب معلقا، وكانت تتخلله بين حين وآخر رشقات بالأسلحة الخفيفة من دون مواجهات كبيرة، ما سمح للقوات السورية بالاحتفاظ بمواقعها. ولكن مسلحي “داعش” فرضوا سيطرتهم في مساء الـ 16 من الشهر الجاري على طريق دير الزور – المطار العسكري، ما قسم القوات الحكومية إلى قسمين معزولين بعضهما عن بعض.
وبحسب اقتناع الجانب السوري، فإن هجوم “داعش” يجري بتنسيق مع الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها. وبهذا الشأن، قال اللواء السوري المتقاعد علي مقصود إن الإدارة الأمريكية تكبدت هزيمة ساحقة في مسألة “جبهة النصرة”، التي تعدُّها القوة الرئيسة المواجِهة للقوات الحكومة السورية. وعلى الرغم من أن أياما محدودة جدا بقيت لأوباما في كرسي الرئاسة الأمريكية، فإنه يدعم الهجوم على دير الزور.
وتجدر الإشارة إلى أن العمليات، التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في منطقة دير الزور، تثير التساؤلات. فمن جانب، يؤكدون أن طائراتهم تهاجم مواقع “داعش”. ولكن من جانب آخر لا يمكن أن ننسى قيام هذه الطائرات يوم 17 سبتمبر/أيلول 2016 بمهاجمة مواقع القوات الحكومية السورية في دير الزور، ما أدى حينها إلى مقتل 83 عسكريا وجرح أكثر من 100 آخرين، وقد اعترف البنتاغون بالخطأ. فهل كان ذلك خطأ بالفعل؟
من جانب آخر، أكد مصدر رفيع المستوى في القوى الأمنية السورية ضلوع الولايات المتحدة في عملية الهجوم على دير الزور. وقال: عموما يتم صد هجوم الإرهابيين على دير الزور. بيد أن الأوضاع تتعقد بسبب عمليات التحالف الأمريكي. فقد سبق أن نشرت بعض وسائل الإعلام أنباء تشير إلى أن طائرات التحالف تهاجم مواقع “داعش”. ولكن مصادرنا تؤكد أن هذه الطائرات تلقي الأسلحة والذخيرة والأدوية لمسلحي التنظيم. لذلك بدأت الطائرات السورية وطائرات القوة الجو-فضائية الروسية بتكثيف طلعاتها الجوية وهجماتها على مواقع “داعش” في المنطقة. إضافة إلى هذا، تستعد القوات الحكومية في دير الزور للقيام بهجوم مضاد بهدف استعادة المواقع التي فقدتها.
ويذكر أن مسألة فك الحصار عن القوات السورية في المنطقة كان قد طرح في شهر مايو/أيار الماضي عقب تحرير مدينة تدمر، حيث كانت القوات السورية على بعد بضعة عشرات الكيلومترات عن دير الزور. ووفق معلومات “إيزفيستيا”، أصر الجانب الروسي حينها على مهاجمة دير الزور؛ لكن القيادة العسكرية السورية رأت أن مسألة تحرير حلب أكثر حيوية.
وقد قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية إيفان كونوفالوف، في حديث أدلى به إلى “إيزفيستيا”، إن من الصعب تقييم أهمية الانتصار في حلب، لأنه أصبح محركا للعملية السياسية. ويربط الخبير المفاوضات حول التسوية السورية أستانا بهذا الانتصار. ومع ذلك، فإن تأزم الأوضاع في دير الزور كان متوقعا في سياق الأحداث الجارية في سوريا والعراق.
ويضيف كونوفالوف أن دير الزور كانت هدفا ثانويا للمسلحين. غير أن الوضع تغير حاليا. فالإرهابيون يتراجعون في الموصل، والكرد يهددونهم في الرقة، ودونالد ترامب سينصب رئيسا للولايات المتحدة، وهو الذي أعرب عن استعداده لمحاربة الإرهاب بالتعاون مع روسيا. أي أن “داعش” مقبل على أوقات صعبة جدا، لذلك توجه نحو دير الزور، باعتبارها المكان الوحيد الذي يمكنه تحقيق انتصار فيه. والآن كل شيء يتوقف على القرارات الاستراتيجية التي ستتخذها القيادة العسكرية السورية، ولا سيما أن الدفاع عن المدينة يحتاج إلى قوات ومعدات كبيرة.
روسيا اليوم