السيمر / الأحد 26 . 03 . 2017
*عبد الجبار نوري
المقدمة / أن مفهوم غسيل الأموال أو تبيضها Money Laudering و تعني أستخدام طرق غير مشروعة مجردة من المواطنة والأنسانية والوازع النفسي للتصرف في أموال مكتسبة بطرق غير مشروعة وغير قانونية لأضفاء الشرعية والقانونية عليها ، وهي الأموال المكتسبة من الرشوة والأختلاس والغش التجاري وتزوير النقود ومكافئات أنشطة الجاسوسية ، والسرقة ونهب المال العام وتسهيل الدعارة وتهريب المخدرات وتهريب النفط وتهريب الآثار وتهريب الأطفال والأتجار بالأعضاء البشرية وريعية نوادي القمار، وتصنيع النباتات المخدرة أو أختطاف وأحتجاز الأشخاص ، فأصطلاح غسيل الأموال وتبيضها هو من تداعيات العولمة الأقتصادية والتي تروج لها أمريكا ودول الغرب ، فالأصطلاح عصري هو بديل للأقتصاد الخفي أو الأقتصاديات السوداء أو أقتصاديات الظل ، فهذه الأموال الغير مشروعة تخلط بأموال أخرى مباحة لأضفاء المشروعية عليها وأخفاء مصدرها الحرام والخروج من المساءلة القانونية بعد تضليل الجهات الأمنية ، ومن مراحل غسيل الأموال : * الأيداع هوتحويلها الى ودائع مصرفية في البنوك والمؤسسات المالية الأستثمارية مما يسهل أستبدالها بأموال نظيفة وقانونية .* التجميع : في جمع الأموال ضمن مجموعات من المشاريع والأستثمارات المالية التي تضمن التغطية الكاملة للعمليات الغير قانونية .*- الدمج: وهي المرحلة الأخيرة التي يتم خلالها خلط الأموال غير الشرعية مع الأموال الشرعية لأخفاء معالم تلك الأموال القذرة }
العرض/غسيل الأموال في العراق / يعتبر غسيل الأموال من الأمور الساخنة على مستوى العالم ، وتعمل الحكومات الوطنية على مكافحته لما يشكل من تهديد جدي على جميع مفاصل الدولة ومكوناتها ومستقبل أجيالها ، وخاصة بالبلدان الشرق أوسطية من ضمنها العراق حيث تتم فيها عملية غسيل الأموال بسهولة أكبر لأن النظام المصرفي يعتمد السرية التامة (وهو الأسلوب المتبع في الدول الأوربية المتطورة )، فهي أرضية خصبة في تحرك المافيات لأستغلال سرية تلك الفرصة الذهبية لتنفيذ عملياتها في غسيل الأموال الطائلة ، وشهد العراق بعد 2003 غياب الرقابة الحكومية بكل مفاصل مؤسساتها إلى تهريب أرقام خيالية إلى خارج الحدود وكان أول رقم أسطوري 556 مليار دولار بين سنتي 2006-و 2009 ثم كبر الرقم في نهاية 2016 ليصبح الرقم ترليون دولار من أموال واردات النفط ومن موجودات البنك المركزي في مزاد بيع العملة الصعبة اليومي .
الأسباب/ – شهد العراق بعد 2003 غياباً في الرقابة الحكومية بكل مؤسساتها وغياب دولة القانون والأجهزة الرقابية وسياسة الأغراق والسوق السوداء ، وأعتماد السوق المفتوحة أمام الأسواق العالمية وما خلفه من تدمير للبنى التحتية ، وأنكشاف السوق العراقية أصبحت بيئة ملائمة لغسيل الأموال وتحويلها إلى الخارج .- فتح الحدود مع الدول المجاورة ومع العالم بدون قيد أوشرط مما أدى ألى سهولة تداول الأموال وتحويلها إلى الخارج . – عدم الأستقرار السياسي الأقتصادي والأنفلات الأمني وشيوع تجارة الممنوعات وتزايد معدلات الجريمة بكل أنواعها . – أستخدام شبكة الأنترنيت هي الأخرى ساعدت على التوسع في عمليات التحايل من خلال أستعمالها من قبل عصابات غسيل الأموال للأستفادة من السهولة الخاطفة للتحويلات النقدية عبر العالم . – الحاكم المدني الأمريكي ( بريمر ) عمل على تشجيع عملية غسيل الأموال عن طريق أقامة المزاد العلني للعملات الأجنبية في البنك المركزي العراقي . – سرقة المصارف الحكومية عند السقوط ساعد على تهريب الكثير من الأموال إلى الخارج . – فتح المصارف والشركات المالية الأهلية والتوسع فيها والأستمرار في بيع العملة شجع على تهريب الأموال تمهيداً لتبيضها .
التداعيات/*البطالة بنسبة 40% والفقر بنسبة 35% . * أنخفاض قيمة صرف الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي ، وعدم أستقرار سعر الصرف . * لغسيل الأموال تأثير كبير على الدخل القومي من خلال أستنزاف العملات الصعبة التي هي بمثابتة رؤوس أموال . * العجز في ميزان المدفوعات الذي يؤدي إلى أستنزاف الأقتصاد الوطني ثم العجز في ميزان المدفوعات وإلى أنخفاض القدرة الأنتاجية .* أنتشار فرص الفساد والرشوة وأضعاف الروابط الأجتماعية ، وأنتشار عدوى الفساد في الأوساط السياسية .
الحل/ ليس هناك حل حقيقي لأنها قضية أخلاقية لها علاقة بالمواطنة والشعور بالمسؤولية والأنسانية والضمير الحي والوازع النفسي الرادع والقوي ، ولكن لشدة خطورة تلك الظاهرة السلبية والمدمرة للأقتصاد المجتمعي ومستقبل الأجيال أخذت الكثير من الدول المتقدمة بمكافحة ظاهرة غسيل الأموال بشتى الطرق المتاحة منها على سبيل المثال المملكة الأردنية ، ربما سأستعرض بعض من تجاربها والخطوات المفيدة للدول الأوربية المتقدمة في مكافحة هذه الآفة : { * مكافحة الأرهاب لأعتماده كمصدر تمويل أرهابه في جميع مناطق العالم .* ألغاء مزاد بيع العملة نهائياً .* ألغاء المحاصصة التي هي الخلفية والقاعدة المساعدة على أنتشار هذه الجريمة .* تفعيل القانون العراقي ومحاسبة المسيئين والضرب بشدة على تلك المافيات التي لم تعد مخفية .* مراقبة المصارف الأهلية وأخضاعها للتفتيش الدقيق والدوري من قبل المؤسسات المالية الحكومية منها البنك المركزي العراقي ، * الأختيار الصحيح والدقيق لأدارة البنك المركزي العراقي وخاصة ( المحافظ ) يجب أن يكون من الشخصيات التكنوقراط الأقتصادية ذات الخبره الأكاديمية في مجالات الشؤون المالية والنقدية و النظم المصرفية ، ويتمتع بحس وطني ومن ذوي السمعة الحسنة المعروفة في الأوساط الوطنية العراقية .
وأخيرا / ويجب عدم الأستهانة بهذه الظاهرة الأقتصادة المجتمعية المرعبة عابرة الحدود بل القارات وبسرعات خاطفة لأتصال تلك المافيات العراقية بالشبكة العنكبوتية المفسدة في الداخل ومحمية من قبل أشخاص مرموقين في مفاصل الدولة للتستر عليهم .
المراجع/ **سمير شعبان –جريمة تبييض الأموال- 2016 ** وزارة الداخلية المصرية – مكافحة جرائم غسيل الأموال 18-11-2016 ** قانون مكافحة غسيل الأموال –الأردن 2016
* كاتب عراقي مغترب