السيمر / الثلاثاء 18 . 09 . 2018
علي الأسدي
كان هناك رجل يتمنى أن يصبح غنيا، وعمل جاهدا أن يصل الى مكانة مرموقة، لكن محاولاته كانت تبوء الفشل، لعدم قدرته على إستغلال الفرص الكثيرة التي أتيحت له، فصار يذهب يوميا الى المسجد يدعو الله أن يرزقه ثروة كبيرة.
في إحدى الليالي طاف عليه ملك جميل، ووعده بتحقيق أمانيه إستجابة لدعواته، وأنه سيجعله غنيا مشهورا من أصحاب الثروة والسلطان، لكن كان هناك شرط لذلك، وهو أن كل ما يطلبه فإن الملك سيعطي ضعفه الى جاره، وهكذا وافق الرجل وأصبح يطلب ما يشتهي فلن يضره الأمر شيئا مادام لا يعطي من أمواله.
طلب أموالا كثيرة وذهبا وفضة، فحصل جاره على ضعفها، وطلب قصرا كبيرا، فحصل جاره على قصرين، وهكذا صار كلما يطلب شيئا يحصل جاره على الضعف، مما أضار حفيظة الرجل وحقده على جاره، وصار يبحث عن حيلة للتخلص منه، وفي أحدى الليالي طلب من الملك ان يأخذ منه إحدى كليتيه، فعلى صوت الصراخ والعويل في بيت جاره !.
بعد خيبات كثيرة ومناكفات متعددة وصراعات سياسية، تخللها شد وجذب وإتهامات وتخوين، فعل الملك الصالح فعلته، وإستجاب لدعوات مقتدى الصدر وهادي العامري، فأصبحا أكبر كتلتين سياسيتين، تختلفان فيما بينهما كثيرا، في البرامج والخطابات السياسية وفي التوجهات والميول، فأحدهما يحسب على المحور الشرقي قلبا وقالبا، بينما الآخر قريب من المحور الغربي والمشروع العربي.
كان المتوقع أن تكون إحدى الكتلتين هي الحاكمة والأخرى معارضة، لكنهما عادا الى المربع الأول، يقتسمان المناصب فيما بينهما، وظهر ذلك واضحا في انتخابات رئاسة البرلمان العراقي، وإتفاقهما على عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء، قبل أن نعرف من هي الكتلة الأكبر، التي يحق لها الترشيح كما هو مذكور في الدستور العراقي، ولكن يبدو أن مقتدى والعامري قد مضيا في إتفاقهما هذا لتحقيق غايات متعددة.
فكلا الكتلتين غير قادرتين على تقديم شخصية، بالمواصفات التي طلبتها مرجعية النجف، لان كوادرهما لاتتوافر فيها مثل هذه الشخصية، ولا يستطيعان تقديم شخصية مستقلة تحسب على إحداهما، وبالتالي تضيع نقاطهما التنافسية للحصول على مغانم السلطة، إضافة الى إن فشلها يحسب على الكتلة التي رشحت هذه الشخصية فيما لو تم التوافق عليه.
لذلك تم اللجوء الى الدعاء بإزالة إحدى الكليتين حتى يموت الجار، فتم ترشح عبد المهدي لإحراج مرجعية النجف، التي إن صمتت ولم ترفضه فذلك خلاف لما طالبت به، من شخصية لم تتولى مناصب في الحكومات السابقة، وأن تولى المنصب سيتحمل هو والمرجعية جميع النقد والتجريح والفشل الذي سيلحق عبد المهدي، أما إن رفض، كان ذلك مسوغا لطرح شخصية من داخل هاتين الكتلتين، كما حصل في إتفاق رئاسة البرلمان.
واضح جدا إن مقتدى الصدر (الغربي) وهادي العامري (الشرقي)، إتفقا على إحراج مرجعية النجف، بتقديم عبد المهدي وجعله كبش فداء، للحفاظ على مكاسبهما، حتى لو إضطر الأمر الى سرقة مصرف الزوية مرة أخرى.