السيمر / الجمعة 18 . 01 . 2019
أياد السماوي
لم تعد أهداف أمريكا في العراق خافية على أحد سواء المعلن منها أو غير المعلن , فأمريكا تعتبر الحشد الشعبي عدوها الأول في العراق , وهو في نظرها لا يختلف أبدا عن جيش القدس الإيراني أو حزب الله اللبناني , وقادة هذا الحشد لا يختلفون أيضا في نظر أمريكا عن السيد حسن نصر الله أو قاسم سليماني , وربّما هي محقة بهذا , فالحشد الشعبي جزء لا يتجزأ من المقاومة الإسلامية الرافضة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة , ووجود الحشد الشعبي في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش وسيطرته المطلقة على الحدود السورية العراقية , أصبح مصدر قلق بالنسبة لإسرائيل وأمريكا , وبالتالي لا بدّ لأمريكا أن تفرض سيطرتها على هذه المناطق والحدود مع سوريا , والضغوطات التي تمارسها أمريكا على الحكومة العراقية بسحب قطعات الحشد الشعبي من الحدود العراقية والمناطق الغربية , قد أصبحت معلومة للقاصي والداني , وليس من المستبعد أن تقوم أمريكا بتوجيه ضربات جوّية إلى قطعات الحشد الشعبي ومعسكراته في هذه المناطق وعلى الحدود العراقية السورية من خلال إطلاق العنان لإسرائيل لتنفيذ هذه المهمة . والوجود العسكري الأمريكي في العراق لم يعد سرا من الأسرار بل بات واقعا قائما ويشّكل خطرا جسيما ليس على وجود الحشد الشعبي فحسب , بل على الأمن القومي العراقي وأمن المنطقة بشكل عام , وبالرغم من نفي رئيس الوزراء العراقي وجود قواعد أمريكية في العراق , إلا أنّ هذا النفي يعدّ مغالطة للحقائق القائمة على الأرض , والقواعد الامريكية التي تحدّثنا عنها في مقالاتنا السابقة والمنتشرة في شمال وغرب العراق تزدادا يوما بعد يوم , فعن مصادر أمنية مطّلعة قد أكدّت أنّ الأعمال قد استكملت في قاعدة عسكرية في كركوك وهي جاهزة الآن لاستقبال الجنود الأمريكان والمعدّات العسكرية الثقيلة , وأكدّت هذه المصادر أيضا أنّ قاعدة عسكرية مهجورة في منطقة الصينية يجري تأهيلها من جديد لإعادتها للعمل مرّة أخرى من قبل أمريكا , وهذا مما يقطع الشّك باليقين على عزم الولايات المتحدة الأمريكية بفرض سيطرتها على المناطق الغربية وبناء جدار من جنودها على طول الحدود العراقية السورية . وفي الوقت ذاته تسعى الولايات المتحدّة لتحريك مجالس محافظات الغربية وخصوصا مجلس محافظة صلاح الدين للمطالبة برحيل قطاعات الحشد الشعبي عن هذه المحافظات , وليس من المستبعد أن تقدّم مجالس هذه المحافظات طلبا رسميا لأمريكا لحماية محافظاتها وطرد قطاعات الحشد الشعبي , لكن الشيء الوحيد الذي لا تعرفه أمريكا هو أنّ الحشد الشعبي باق في هذه المناطق وعلى الحدود العراقية حتى قيام الساعة , لأنها أرضهم وحدودهم , والحشد الشعبي ليس قوّة أجنبية محتلّة حتى يخرج من هذه المناطق التي قدّم فيها آلاف الشهداء لطرد داعش منها , بل هو جيش نظامي موجود بموجب القانون ويدافع عن أرضه وحدوده من الإرهاب ومن أي عدّو يستهدف العراق أرضا وشعبا ومقدساتا ونظاما , والرجال الذين قاتلوا داعش ودحروها لا زالت أياديهم تمسك بمقابض بنادقهم .