السيمر / فيينا / الجمعة 26 . 04 . 2019 — أثارت مسودّة قانون الناجيات الإيزيديّات جدلاً واسعاً في المجتمع الإيزيديّ، إذ رغم توفيره بعض الامتيازات لهنّ، فإنه يتسبب في إشكاليات تتعلق بتبني الأطفال المولودين من مقاتلي داعش. وبحسب تقرير، اعده الباحث في شؤون التنوع الديني في العراق سعد سلوم لموقع المونيتور الدولي، وتابعه “ناس”، اليوم (26 نيسان 2019)، فإن “رئاسة الجمهوريّة العراقيّة اعلنت في 7 نيسان أنّها أرسلت مشروع قانون الناجيات الإيزيديّات إلى البرلمان لمناقشته، حيث يهدف إلى تعويض الناجيات من الاختطاف على أيدي متشدّدي تنظيم داعش، ماديّاً ومعنويّاً، وتأهيلهنّ ورعايتهنّ، وتأمين الحياة الكريمة لهنّ”. وبهذا الخصوص يشرح ممثل الإيزيديّة في رئاسة الجمهوريّة سكفان مراد جندي أسباب تبنّي رئاسة الجمهوريّة لهذا المشروع، قائلاً “كان من الواضح ضرورة إعداد مسودّة للقانون لمعالجة المعاناة النفسيّة والجسديّة التي تعرّضت لها النساء الإيزيديّات على أيدي عصابات داعش، فضلاً عن أنّ الإيزيديّين بمعظمهم نازحون في مخيّمات كردستان، ويعيشون في ظلّ ظروف وأوضاع بالغة الصعوبة، وعندما تعود الناجيات سيجدن بقيّة أفراد العائلة مفقودين أو تركوا البلاد للوصول إلى ملاّذات آمنة”. ويرجح التقرير، أن “تنسيقاً قد جرى بين البرلمان ورئاسة الجمهوريّة لإقرار القانون في أسرع وقت ممكن، إذ صرّح رئيس مجلس النوّاب العراقيّ محمّد الحلبوسي أنّه يسعى إلى إقرار القانون للحدّ من الآثار السلبيّة الناجمة عن ظروف الاختطاف”. في حين افاد، ممثّل كوتا الإيزيديّين في مجلس النوّاب العراقيّ النائب صائب خدر عن “دعمه الكامل لمسودّة المشروع”، كاشفاً عن “وصول مسودّة القانون إلى اللجنة القانونيّة لمراجعتها”. واعرب عن “تفاؤله بإقرار القانون في أسرع وقت”، مؤكداً أنّ “ضمان حقوق الناجيات وحقوق ضحايا داعش من الإيزيديّين وبقيّة المكونات هو أمر لا يمكن التهاون في شأنه”. 4 امتيازات وفرها القانون لهنّ ووفقاً للتقرير، فقد “تضمّنت مسودّة القانون سقفاً ممتازاً من الحقوق للناجيات الإيزيديّات، إذ نصّت على تأسيس مديريّة عامّة لرعاية شؤون الناجيات ترتبط بالأمانة العامّة لمجلس الوزراء، يكون مقرّها في محافظة نينوى، ويديرها موظّف برتبة مدير عام من المكوّن الإيزيديّ يعيّنه مجلس الوزراء”، وبشأن الامتيازات التي يوفرها القانون، فإنه “منح الناجيات حقّ الحصول على راتب شهريّ، ومنحهنّ قطعة أرض سكنيّة أو وحدة سكنيّة مجّاناً، وحقّ العودة للدراسة استثناء من شرط العمر والمعدّل، إضافة إلى منح الناجيات الأولويّة في التعيين بالوظائف العامّة”. وأكمل، أن “من النقاط البارزة في القانون، عدّه الجرائم التي تعرّضت لها الناجيات جرائم إبادة جماعيّة للتعريف بها لدى المحافل والمنظّمات الدوليّة المختصّة وإقامة الدعوى الجنائيّة ضدّ مرتكبي تلك الجرائم، كما خصّص القانون يوم 3 حزيران من كلّ سنة – اليوم الذي ارتكبت فيه الإبادة ضدّ الإيزيديّين – يوماً وطنيّاً للتعريف بما وقع على الإيزيديّين من جرائم، وأوكل إلى وزارة الثقافة وأمانة بغداد اتّخاذ الإجراءات اللاّزمة لتخليد ضحايا الإيزيديّين وإقامة النصب والتماثيل والمعارض في هذه المناسبة”. انتقادات ايزيدية وبالرغم من الحقوق التي أقرّتها المسودّة والايجابيات التي تنطوي عليها، فإنّها تعرّضت للنقد الموجّه من قبل بعض الناشطين الإيزيديّين بسبب عدم شمولها بعض الحالات التي تستوجب تدخّلاً قانونيّاً. ويقول الصحفي والناشط سامان داوود، إن “القانون يوفر الحقوق للناجيات فقط، بل كان من الأفضل أن يشمل بقيّة الضحايا، إذ أنّ هناك ناجين من الرجال والأطفال، وهم في وضع في غاية التعقيد، لا سيّما بعد أن فقدوا جميع أفراد عائلتهم وتحوّلوا إلى أيتام بلا معيل، وهناك نساء قد توفّين، وهنّ في قبضة داعش أو بعد تحرّرهن منه بسبب مضاعفات ما حصل لهنّ من أهوال”. واشار الى أن “القانون يحتاج إلى مزيد من الاهتمام بمعالجة قضايا هذه الفئات الأخرى، فضلاً عن تعويض الذكور، الذين تمّ قتلهم بشكل جماعيّ، والأطفال الذين تمّ اختطافهم على يدّ داعش بغية تحويلهم إلى مقاتلين”. بينما يرى، الناشط الإيزيديّ ميرزا دنايي أنّ “القانون بصيغته الحاليّة ممتاز، حتّى لو كان لا يجيب على بعض الجوانب الأخرى من المأساة الإيزيديّة، إذ أنّه ليس سوى الخطوة القانونيّة الأولى، ويجب ألاّ تكون الأخيرة”. واضاف، أن “مبدأ العدالة الانتقاليّة، محاسبة المجرمين، وتعويض بقيّة الضحايا من الإيزيديّين وإنجاز مصالحة حقيقيّة، في اطار منح الحقوق الكاملة للإيزيديّين، ليست سوى جزء من مشروع طويل الأمد تقع مسؤوليّة تنفيذه على السلطات العراقيّة”. ويشخص التقرير، “النقطة الأكثر إثارة للجدل في القانون التي تتمثل بعدم توفيره حلاًّ لمشكلة الأطفال، الذين نتجوا من عمليّات (اغتصاب الإيزيديّات) من قبل مقاتلي داعش، إذ أشار القانون إلى معالجة الأوضاع القانونيّة للأطفال المولودين من الأمّهات الناجيات وفقاً للقانون، وأكّد هذه النقطة في مادّة أخرى، نصت على؛ (تسري القوانين النافذة على المولود من ناجية إيزيديّة)، الأمر الذي يعني أنّ الطفل سيكون مسلماً حتّى لو ولد من إمرأة إيزيديّة، إذ يقضي القانون العراقيّ بأنّ من ولد من أب مسلم سيكون مسلماً بغض النظر عن ديانة الأم، فضلاً عن أنّ من ولد من أب مجهول الهويّة يعدّ مسلماً أيضاً حتّى لو ولد من أم غير مسلمة، ولا يتيح القانون العراقيّ تسجيل الأطفال تبعاً لديانة الأم، ولذا، لا بدّ من حلول عمليّة لهذه المشكلة التي لم يجد القانون مخرجاً لها”. ويتوقع التقرير، أن “تثير هذه النقطة مجموعة من المشاكل داخل المجتمع الإيزيديّ، لا سيّما أنّه ليس من السهل على المجتمع الإيزيديّ تقبّل هؤلاء الأطفال، وجاء حكم القانون ليجعل من هذا التقبّل أمراً أكثر صعوبة، وسيكون من الصعب قبول هؤلاء الأطفال داخل مجتمع يعتنق أفراده ديناً غير تبشيريّ يؤكّد النقاء الدينيّ والعرقيّ ورجح أن “يمرّ القانون بسهولة في البرلمان، ولكن لن يكون حلّ موضوع ديانة الأطفال عمليّة سهلة، إلاّ أنّ إقرار بعض الاستثناءات التي تسمح بنقل دين الأم إلى الأطفال لضمان معالجة هذه الحالات، قد يخفّف من حدّة المخاوف ويقلّل الانقسامات بشأن القانون ويضمن العدالة للضحايا”.