أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / مرة أخرى : “مكتب المتابعة والتفتيش” ودوره الغامض ؟

مرة أخرى : “مكتب المتابعة والتفتيش” ودوره الغامض ؟

السيمر / فيينا / الثلاثاء 06 . 08 . 2019

د . لبيب قمحاوي/ الاردن

من الملاحظ مؤخراً عودة الحديث في بعض الأوساط ، بالتصريح حيناً وبالتلميح أحياناً ، عن موضوع بائس وقديم يتعلق بإستعمال سلاح سحب الرقم الوطني من قبل “مكتب المتابعة والتفتيش” تحت شعار أقل ما يمكن وصفه أنه “كلمة حق يراد بها باطل”.
والله عيب وأكبر عيب أن يظل المواطن الأردني من أصول فلسطينية واقعاً تحت تهديد سيف “مكتب المتابعة والتفتيش” يهدد بموجبه من يشاء ومتى يشاء بسحب الجنسية من خلال سحب الرقم الوطني تحت أعذار وهمية لا تحترم حقوق المواطنة أو الضمانات الدستورية .
إتصل معي قبل أيام قليلة الأخ والصديق الدكتور قاسم كمال وهو مواطن أردني منذ حوالي سبعين عاماً ، أي منذ أن خُلِق ، وطبيب لامع ممارس لمهنة الطب في مدينة عمان منذ أكثر من ثلاثين عاماً يخبرني فيها عمَّا فَعَله مؤخراً “مكتب المتابعة والتفتيش” بعائلته في سلوك أقرب ما يكون إلى سلوك محاكم التفتيش الإسبانية في عصر الظلم والظلمات والتنكيل الإسباني ، وبمزاجية لا تحترم الحقوق الدستورية للمواطن الأردني في مسار أقرب ما يكون إلى عملية “التطهير العرقي” .
إذا كان لدى البعض هذا الحماس الدافق للدفاع عن مصالح الوطن الأردني فهذا هو واجب الجميع بلا إستثناء ، ولكن عليهم أن يعلموا بأن الخطر آت من الصهيونية وإسرائيل ، وهو خطر مزدوج على كل من الأردن وفلسطين ، وأي محاولة لإستبدال حالة العداء من كونها محصورة بالصهيونية وإسرائيل وتحويلها إلى عداء للفلسطينيين هي لعب بالنار ودعم للمخططات الصهيونية .
بدون أية فلسفات تبريرية ، الأردنيون أردنيون والفلسطينيون فلسطينيون . هنالك أردنيون من أصول مختلفة منها الفلسطينية ، وهنالك فلسطينيون سواء أكانوا لاجئين أم مقيمين على أرض وطنهم فلسطين ، ومحاولة الخلط بينهما هو خلط لئيم بنوايا خبيثة المقصود منها خلق بلبلة وتمرير سياسات أو مواقف حاقدة أو متواطئة أو عنصرية . الحديث عن الفلسطينيين يجب أن يبتعد بالتالي عن الأردنيين من أصول فلسطينية لأن المواطن الأردني أردني بغض النظر عن أصوله وله نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات.
حماية الأردن وإستقلاله لا يتم من خلال البطش بالمواطنين الأردنيين من أصول فلسطينية بل من خلال التصدي للمؤامرات الصهيونية التي تستهدف أرض الأردن وموارده ومصالحه وإستقلاله . التصدي للمؤامرات الصهيونية التي تستهدف الأردن هو الخيار الوحيد والصحيح وليس العنتريات ضد الأردنيين من أصول فلسطينية بإعتبارهم يشكلون خطراً على الأردن ، وهم في كل الأحوال أردنيين مهما حاول بعض الموتورين تجاهل ذلك ومحاولة إخفاء الشمس بغربال .
ويبقى السؤال الكبير هل هذا سلوك فردي ؟ أم سياسة حكومية ونهج غير معلن ؟ أم وسيله لخلق توتر داخل المجتمع الأردني لإضعافه وإضعاف قدرته على التصدي لمخططات الإعتداء الصهيوني على السيادة الأردنية في مشاريع مثل الغاز وسكة الحديد وتهويد البترا وتطويع العقبة كجزء من المشاريع الصهيونية في الجنوب وغيرها ، ضمن تواطؤ وصمت حكومي مريب على كل ما يجري ؟
لا أريد الإطالة أكثر في هذا الموضوع البغيض ، ولكننا نوجه رسالة إلى المسؤولين في هذا الوطن بأن ما ضَمِنَه الدستور لا يستطيع أي موظف أن يُلغيه بجرة قلم أو بمزاجية أو بنكاية حاقدة ، والحقوق السيادية هي دائماً ضمن إطار الدستور وليس خارجه ، وأي محاولة لتفسير سحب الرقم الوطني بأنه حق سيادي هو أمر باطل ومنافٍ لأحكام الدستور . كما يجب العمل إما على إلغاء “مكتب المتابعة والتفتيش” أو وضع ضوابط على سلوكه وصلاحياته ومنعه منعاً باتاً من التعدي على حقوق المواطنين الأردنيين من أصول فلسطينية .
وفي هذا السياق ، وقبل تسعة أعوام أي في عام 2010 ، كتبت مقالاً في نفس هذا الموضوع البائس والقديم الجديد تحت عنوان “الرقص فوق اللهيب : الأردن في الميزان” وأرى من المناسب إعادة نشره للفائدة والإطلاع ولمعرفة الأسباب الموجبة لتكرار عودة البعض لهذ المسار المشؤوم .

*مفكر عربي

2019 /08/ 06

اترك تعليقاً