أخبار عاجلة
الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / خياران حكوميان وآخر “حشدي”.. العراق أمام 3 مسارات لـ “رد الاعتبار” أمام إسرائيل!

خياران حكوميان وآخر “حشدي”.. العراق أمام 3 مسارات لـ “رد الاعتبار” أمام إسرائيل!

السيمر / فيينا / الاثنين 26 . 08 . 2019

حظة حرجة يشهدها العراق هي الأشد خطراً ربما منذ طرد تنظيم “داعش” عن حدود العاصمة بغداد ثم سحقه تباعاً حتى تحرير الموصل على يد القوات المسلحة العراقية مدفوعة بزخم فصائل مسلحة ومتطوعين خرجوا وفق فتوى الجهاد الشهيرة للمرجع الأعلى علي السيستاني. باتت تلك الفصائل وسلاحها هي الأزمة اليوم، حيث يتواصل مسلسل استهداف قواعدها وصولاً إلى مرحلة التصفيات الجسدية، فيما ما تزال الحكومة تعيش مرحلة التحقيق وتتجنب توجيه اتهام صريح إلى إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية بالمسؤولية عنه، منذ الضربة الأولى في 19 تموز 2019 لمعسكر اللواء 52.

ومع ارتفاع رصيد الاستهداف المتكرر للحشد، إلى 5 ضربات، يوم  أمس 25 آب، باستهداف رتل للواء 45 في القائم والذي أدى إلى مقتل القيادي علي الدبّي، يزداد المشهد تعقيداً وتتراجع الثقة بقدرة الحكومة على الاستمرار بمسك زمام الأمور حيث تصر على التمسك بمبدأ الصمت، في وقت تطالب فيه بموقف لحفظ سيادة البلاد والدفاع عن الجهات المستهدفة باعتبارها جزءاً من المنظومة الأمنية العراقية، ما قد “يبرر” للأطراف المندفعة في الحشد الشعبي اللجوء إلى خيار التحرك العسكري ضد المصالح الأجنبية في البلاد وفي مقدمتها الوجود الأميركي.

أمام تلك المقدمات فإن المسار المحتمل للأزمة يتجه نحو ثلاثة خيارات، من بينها خياران حكوميان يبدوان صعبين جداً، يرهن نجاحهما مدى إمكانية اقناع دول كبرى كالولايات المتحدة وروسيا بدعم بغداد، فيما يبرز الخيار الثالث كأخطر السيناريوهات المحتملة والذي قد يعني جرّ البلاد إلى أزمة أشد تعقيداً حيث الارتكاس في خندق الحرب في وقت تسعى فيه أكثر الأطراف إلى تجنبها.

حراك دبلوماسي.. هل يمكن تدويل القضية؟

يبدو الخيار الدبلوماسي هو الأقرب للمزاج الحكومي، وقد بدأت وزارة الخارجية تتحرك في إطاره فعلاً، باستدعاء ممثلي دول كبرى، والتأكيد على موقف العراق من الأزمة في المنطقة متمثلة بالصراع الأميركي الإيراني وضرورة إبعاد العراق عنه، لكن ذلك يبدو غير كافٍ حيث تتعالى أصوات مطالبة باللجوء إلى المجتمع الدولي لردع “المعتدين”.

وقدمت الحكومة مؤشرات استجابة لتلك الدعوات، حيث أكد بيان لوزارة الخارجية، الإثنين 26 آب 2019، أن “العراق سيتخذ الاجراءات الدبلوماسية والقانونية اللازمة كافة من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومن خلال التواصل مع الدول الشقيقة والصديقة للتصدي لأي عملٍ يخرق سيادة العراق وسلامة أراضيه”؛ لكنها لم تقدم أي تفاصيل حول تلك التحركات والأدلة التي يمكن أن تستند إليها لاستحصال قرار دولي بحماية الأجواء العراقية.

كما أن الوصول إلى نتائج إيجابية من تلك التحركات يستوجب توفُّر دعم أميركي للمساعي الحكومية يتمثل بتقديم الأدلة التي تثبت تورط إسرائيل بمهاجمة قواعد الحشد الشعبي، كجزء من التزاماتها وفق الاتفاقية الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن، فضلاً عن مساندة الجهود العراقية داخل مجلس الأمن للظفر بقرار دولي لصالح العراق، وهو ما يبدو صعب المنال حتى الآن.

“الردع الحكومي”.. كيف تقنع واشنطن أو موسكو؟!

أما الخيار الثاني فيتمثل بالتوجه نحو تسليح قوات الدفاع الجوي بمنظومات حديثة على أمل صدّ الطائرات المسيرة والغارات الجوية، متمثلة بمنظومة “باتريوت” أو “أس 400” الروسية، وكذلك المنظومات الدفاعية الإيرانية في أسوأ الأحوال.

أشار إلى ذلك الخيار، توجيهٌ صدَرَ عن القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي إلى وزارة الدفاع، بوضع الخطط اللازمة لتطوير الدفاعات الجوية، وفق بيان صدر عن مكتبه كشف عن نتائج اجتماع لمجلس الأمن الوطني في 23 آب 2019.

وعلى الرغم من فشل نسبي لتلك المنظومات أو نسخها الأقدم في صد الهجمات الجوية ضمن مساحات أصغر من الجبهة العراقية، كما تشير الأحداث في سوريا والسعودية، فإن معضلة أخرى تواجه هذا السيناريو تتمثل في مدى إمكانية إقناع الولايات المتحدة الأميركية التي تهدد وجودها في العراق أطراف برلمانية، بتزويد العراق بمنظومة “باتريوت”، والمدة الزمنية التي يمكن أن يستغرقها إتمام صفقة من هذا النوع.

في حال رفض واشنطن رغبة بغداد، فإن الحكومة ستكون مضطرة لسلوك النهج التركي والتضحية بالحليف الأميركي وربما التعرض للعقوبات، في سبيل الحصول على منظومة “أس 400 الروسية”، وهو خيار آخر غير سهل، حيث تخضع مثل تلك الصفقات إلى تفاهمات وتوازنات دولية، أو الذهاب إلى ماهو أسوأ، باللجوء الى إيران لتوفير مضادات طيران وأسلحة دفاع جوي أقل كفاءة كـ “خرداد” وغيرها.

الخيار الأخطر.. ماذا عن المصالح الأميركية في العراق؟

الخيار الأخير والأخطر والذي سيعني إفلات الأمور من يد الحكومة، يتمثل بتحرك مسلح مندفع لبعض الفصائل المستهدفة ضد المصالح الأجنبية وعلى رأسها المصالح الأميركية في البلاد، في ظل غطاء شرعي وفّرته فتوى المرجع كاظم الحائري، عبر ضربات صاروخية في نطاق محدود، هدفه إشعار الأميركيين بالخطر، على أمل دفعهم نحو الضغط على إسرائيل لوقف غاراتها في البلاد.

لكن هذا السيناريو، وبغض النظر عن الموقف الحكومي “المُتلكّئ” الذي قد يبرره لاحقاً، فإنه لا يبدو ناجعاً جداً، إذا ما أُخِذَ بنظر الاعتبار استعداد واشنطن المتزايد لسحب دبلوماسيها وإغلاق مصالحها في العراق، كما حدث بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية التي طالت تلك المصالح، وهو ما تخشاه الحكومة في بغداد في ظل مهام أمنية وعسكرية لم تنته بعدُ ضدّ تنظيم “داعش”.

كان القائم بأعمال السفارة الأميركية السابق في العراق جوي هود، قد أكد سابقاً، أن عودة القوات الأميركية إلى العراق في عام 2014 تم بطلب مُلِحّ من الحكومة العراقية، وأن تلك القوات لن تعود إلى البلاد مرة أخرى تحت أي ظرف، إذا تم إجبارها على الانسحاب مجدداً.

كما أن اللجوء إلى هذا الخيار يستوجب تبنياً رسمياً من الفصائل المسلحة للهجمات لرد الاعتبار وإرضاء جمهورها؛ ما يضع الحكومة في موقف محرج يجبرها على التحرك المضاد لها، باعتبارها مسؤولة عن أمن البعثات الأجنبية والمصالح الاقتصادية وغيرها، وهو ما قد يَشي بمواجهة بين الحكومة والحشد الشعبي أو أطراف فيه لا تُحْمَد عُقباها.

المصدر / ناس

اترك تعليقاً