الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / أحزاب مصرية ترفض زيادة سعر الخبز: تزيد من نسبة الفقراء

أحزاب مصرية ترفض زيادة سعر الخبز: تزيد من نسبة الفقراء

السيمر / فيينا / الثلاثاء 10 . 08 . 2021 —– تواصلت الانتقادات للحكومة المصرية، بسبب الإعلان عن رفع سعر الخبز المدعم رغم ثبات سعره لمدة 33 عاما.

فقد أكد حزب العيش والحرية تحت التأسيس، رفضه تحريك سعر الخبز المدعم.

وقال في بيان أمس: «مرة أخرى يعود الحديث الرسمي عن ضرورة تقليص الدعم الموجه للخبز كضرورة لسد عجز الموازنة وترشيد استخدام موارد الدولة، وهو حديث لم يتوقف منذ عشرات السنين ودأبت على تكراره الحكومات المتعاقبة قبل ثورة يناير وبعدها، والتي لا يجمعها شيء إلا الإيمان الراسخ بأن تقليص الانفاق الاجتماعي للدولة سيؤدي تلقائيا لزيادة الإيرادات العامة وتحسين مركز مصر المالي عالميا ما يترتب عليه تدفق الاستثمار».

عقود من الفشل

وزاد: «لم تشفع ثلاثة عقود من الفشل في جذب استثمارات أجنبية تسهم في تنمية متوازنة، أو في القضاء على العجز المزمن في الموازنة، أو في تقليص الحاجة للقروض، في إنهاء هذا الوهم أو حتى تلطيفه. بل نعود اليوم بعد تحرير سعر صرف الجنيه، والتوسع غير المسبوق في ضرائب الاستهلاك كضريبة المبيعات والقيمة المضافة، وتقليص الدعم على المحروقات، وضغط الإنفاق على الصحة والتعليم، والتوسع غير المسبوق في الاقتراض الخارجي».

وتابع: «تحمّل الحكومة عبء الأزمة مرة أخرى لهذا الدعم دون الحديث عن الأسباب الواضحة الصريحة التي يدركها كل مواطن، وهي عدم القدرة على زيادة حصيلة الضرائب على الدخول والثروات وتوجيه كل الأموال المحصلة لمشاريع عملاقة لا نعرف متى سيجني المجتمع ثمارها بل من سيجني هذه الثمار، وعدم القدرة على اجتذاب استثمار منتج ومولد لفرص عمل».

وتساءل في بيانه عن «جدوى ما تعرف بالإصلاحات الاقتصادية وعن حقيقة ما حققته».

ولفت إلى أنه «بعد كل هذه الإجراءات وحديث طويل عن إجراءات حماية الفئات الأضعف من آثار هذه السياسات الاقتصادية، عاد الخيار الأقرب للتطبيق وهو تحميل فقراء المصريين العبء، وإجبارهم على دعم المتربعين على قمة هرم الثروة».

حق طبيعي

وأكد الحزب في بيانه أن «الدعم بكافة صوره، بما في ذلك دعم السلع الغذائية، ليس منحة أو هبة من الدولة، ولكنه حق طبيعي لمواطنين أفقرتهم سياسات هذه الدولة، وأن دعم السلع الغذائية لا يعد من مخلفات الماضي الاشتراكي، كما توهمنا الدعاية الرسمية، لكنه تحول في العقود الأخيرة لالتزام أساسي على كل دول العالم كجزء من التزامها بالحق في الغذاء، وخصوصا الدول التي تقع غالبية سكانها تحت خط الفقر وتتدنى فيها الدخول، وترتفع فيها نسب البطالة، بحيث يبقى الدعم ضرورة لإنقاذ فئات واسعة من الجوع وسوء التغذية، وذلك بغض النظر عن التوجهات السياسية للحكومات».

وحذر من أن «قرارات تخفيض الدعم في السياق المصري، سينتج عنها إفقار مباشر لملايين المواطنين، وأن رفع سعر رغيف العيش سيدفع بـ 5 ٪ من السكان الى تحت خط الفقر، أي أن تحريك السعر سيتسبب في إفقار خمسة ملايين مواطن بين عشية وضحاها».

وكذب الحزب التصريحات الرسمية التي تتحدث عن أن «تقليص الدعم ضروري حتى يذهب هذا الدعم لمستحقيه».

وأوضح أن «عدم وصول الدعم لمستحقيه يعد مشكلة سياسية في جوهرها تتعلق بغياب الديمقراطية وضعف الجهاز الإداري لا بتكلفة الدعم، وأن رفع كفاءة الآليات التي تساعد على توجيه الدعم لمستحقيه يتطلب وجود مجالس محلية منتخبة قادرة على رصد حال الناس في مواقعها وممارسة رقابة فعالة على عمل منظومة الدعم، كما يتطلب وجود نقابات عمالية مستقلة قادرة على التفاوض باسم أعضائها حول قيمة الدعم وأنسب السبل لإدارة منظومته، كما يتطلب انتظام عمل المدارس ودعم قدرتها على استقبال عدد أكبر من الطلاب والاهتمام بغذائهم، كما يتطلب وجود جهاز إداري يتسم عمله بالشفافية ومشاركة المجتمع المدني لجمع البيانات وتحليلها بما في ذلك آراء ومقترحات المواطنين. وبما أن هذه الشروط ليست متوفرة، يتحول الكلام المكرر عن توجيه الدعم لمستحقيه لمجرد مبرر لخفض ميزانية الدعم ولا شيء آخر».

عمالة غير منتظمة

ونبه الحزب إلى أن «قطاعا معتبرا من العمالة المصرية يصنف كعمالة غير منتظمة تعمل دون عقود أو تأمينات اجتماعية وصحية أو دخول ثابتة، الأمر الذي يعني أن ملايين العاملين في مصر يقعون خارج آلية رصد الفئات المستحقة للدعم أصلا، وبالتالي فالأثر القاتل لتقليص دعم الخبز سيكون مضاعفا، آخذا في الاعتبار عدم تمتعهم بأشكال الحماية الاجتماعية الأخرى التي تتوافر في القطاع الرسمي. ولا يغيب عن ذهننا درس جائحة كورونا البليغ حيث أنقذت منظومة دعم الغذاء – باعتراف الحكومة – الملايين من العمالة غير المنتظمة من شبح الجوع، وتشمل قائمة المستفيدين من دعم الخبز نسبة معتبرة من الأرامل والمطلقات وعائلات الأسر من النساء. وهذه الفئات، وأسرهم، تعد من الأكثر عرضة للإفقار والجوع وسوء التغذية بشكل عام».

وحسب البيان فإن «رفع سعر رغيف العيش من 5 إلى 20 قرشا سيوفر لميزانية الدولة أكثر من 15 مليار جنيه، وهو رقم صغير بالمقارنة بحجم النفقات الأخرى في الموازنة، ولا يتفق مع الدعاية التي تصور رفع الدعم كسبب مؤثر في خفض عجز الموازنة».

وأكد أن «أسباب عجز الموازنة المزمن الحقيقية لا تتعلق بالدعم، أو بأوجه الإنفاق الاجتماعي الأخرى، لكنها تتعلق بالفجوات التمويلية الناتجة عن تفاقم الدين العام بغير ضوابط وهو ما يلتهم نحو 64٪ من استخدامات الموازنة العامة للدولة في صورة سداد الديون وخدمتها أو دفع العائد عليها».

حوار مجتمعي

في السياق ذاته، أعلن نواب وقيادات الحزب «المصري الديمقراطي الاجتماعي» تمسكهم بعدم رفع سعر رغيف العيش المدعم.

وأكدوا في بيان أن «الجوع وسوء التغذية هما تحديات تنموية تواجه الدولة المصرية وتستهلك ميزانيات ضخمة تصرف لاحقا على الصحة، وأن أي إعادة نظر في منظومة الدعم يجب أن يسبقها حوار مجتمعي يشارك فيه الخبراء والأكاديميون والمستحقون».

ونقل البيان عن النائبة أميرة صابر، عضوة مجلس النواب، وعضوة الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، قولها إن «مقارنة سعر رغيف العيش بسعر السجائر يجب أن تصاحبها مقارنة متوسط دخل المواطن بأسعار السلع الضرورية وبمدى توفر فرص العمل اللائق ليحيا المواطن حياة كريمة».

وأضافت: «نعم هناك ضرورة للنظر في النمط الاستهلاكي للمواطن، لكن الفقر والجوع وسوء التغذية هي تحديات تنموية طويلة الأجل تواجه الدولة المصرية وتستهلك ميزانيات ضخمة تصرف لاحقاً على الصحة وتؤثر علي انتاجية الفرد».

وتابعت إن «أردنا إعادة النظر في منظومة الدعم، فليكن هناك حوار مجتمعي يشارك فيه الخبراء والأكاديميون والمستحقون قبل أن يصدر أي قرار بشأن أمر يؤثر علي حياة ملايين المصريين».

وأشارت إلى أنه «وفقاً لمؤشر الجوع العالمي عام 2020، جاءت مصر في المرتبة 54 عالمياً من أصل 107 دول، وقد بلغت نسبة التقزم في الأطفال دون الخامسة 21 ٪ وتؤثر الأنيميا على 27 ٪ من الأطفال دون الخامسة و 25 ٪ من النساء في سن الانجاب، إلى جانب العديد من المؤشرات والإحصاءات الأخرى التي تحتم علينا إعادة النظر في سياسات دعم السلع الغذائية في مصر بانحياز تام للأقل حظاً».

رفع المرتبات

كذلك قالت النائبة سميرة الجزار: «لم يكن لدي بطاقة تموين ولم أستفد من منظومة التموين، بل بالعكس أدفع الضرائب المباشرة وغير المباشرة والخدمات المبالغ فيها من أجل مساعدة الفقراء واستمرار الدعم لهم».

وتابعت: «قبل رفع الدعم عن الخبز يجب رفع مرتبات الشعب كنسبة وتناسب بين إيراداتهم ونفقاتهم ليعيشوا بكرامة، ودفع إعانات البطالة أو توفير عمل محترم يليق قبل رفع سعر عيشهم».
وأضافت: «المنظومة متشابكة وتغييرها يحتاج أموالا أكثر من أموال الدعم التي تريد توفيرها لخزينة الدولة، إن كنت تريد أن يعيش المواطن بكرامة».

حزب «التجمع» أعلن هو الآخر رفضه لأي اتجاه لتحريك سعر رغيف الخبز باعتبار «هذا الاتجاه يمس أحد أهم الاحتياجات المعيشية الأساسية للغالبية العظمى من المصريين في ظل مستوى الدخول المتاح، سواء للمنتمين للطبقات الشعبية (العاملين بأجر ـ اصحاب المعاشات ـ المرأة المعيلة) وحتى الشريحة الأدنى من الطبقة المتوسطة المهددة بالسقوط في براثن الفقر»

وأضاف في بيان: «هذه الفئات كلها تنفق من دخلها ما يصل إلى 55 ٪ على الغذاء من الأطعمة الرخيصة التي تعتمد في الأساس على رغيف الخبز، بالإضافة الي الأعباء التي تزايدت علي هذه الفئات بعد زيادات أسعار الكهرباء والمياه والغاز وأسعار الخدمات العامة».

وتابع: «يرصد الحزب تحميلا مستمرا ومتزايدا على هذه الفئات منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي، فإن تمويل برنامج لتغذية طلاب المدارس وهو أمر محمود ولكنه لا يتحقق بالأخذ من الفقراء لإعطاء الفقراء، وفي وقت تتأثر فيه الدراسة بجائحة كورونا والوضع التعليمي القائم».

وأكد أن «التكلفة المالية لدعم رغيف الخبر التي ستتحملها الدولة هي تكلفة سياسية واجتماعية، مردودها يصب في الرضاء المجتمعي ومزيد من الاستقرار الوطني والاجتماعي».

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلن يوم الثلاثاء، أنّ الدولة بصدد زيادة ثمن رغيف الخبز، قائلا خلال كلمته في افتتاح المدينة الصناعية الغذائية في مدينة السادات في محافظة المنوفية: «آن الأوان لزيادة ثمن رغيف الخبز، ولا يجوز ان يكون ثمن 20 رغيفا يساوي سيجارة».

وأضاف أنه سيتحمل مسؤولية زيادة سعر رغيف الخبز، ولن يترك الأمر للحكومة وحدها، مستنكرا بقاء سعر رغيف الخبز ثابتا لأكثر من 30 عاما.

ولم يتحرك سعر الخبز في مصر منذ عام 1988، وهو العام الذي شهد ارتفاع سعر الرغيف من قرشين إلى 5 قروش.

وحافظت الدولة على استقرار سعر الخبز البلدي المدعم حتى يونيو/حزيران 1980 عند سعر نصف قرش للرغيف، ليرتفع بعد ذلك إلى قرش واستقر عند هذا السعر حتى سبتمبر/أيلول 1984، ليرتفع مرة أخرى إلى قرشين واستقر سعره حتى عام 1988، إلى ان ارتفع إلى 5 قروش وظل سعره ثابتا حتى الآن.

وظل سعر الرغيف خطا أحمر لم تجرؤ أي من الحكومات المتعاقبة طوال هذه الفترة على تحريكه، سوى مرة واحدة في عهد السيسي من خلال تخفيض وزن الرغيف وليس رفع السعر.

المصدر / العالم

اترك تعليقاً