السيمر / فيينا / الأثنين 27 . 12 . 2021
معمر حبار */ الجزائر
تابعت البارحةمقطعا لأستاذ المصري يقول عن حسين آيت أحمد رحمة الله عليه بأنّه: “خائن، وعميل لأنّه كتب مذكراته باللّغة الفرنسية؟!”، وأضاف: “هل رأيتم فلسطيني يكتب باللّغة الع برية؟!”.
وبعد صدور مذكرات المجاهد لخضر بن طوبال[1]، قرأت لبعض القرّاء الجزائريين، وهم يصفونه بـ: “خائن، وعميل لأنّه كتب مذكراته باللّغة الفرنسية؟!”. فكان لزما على القارىء المتتبّع توضيح بعض الحقائق للجزائري، ولإخواننا العرب والمسلمين:
أوّلا: أسيادنا الشهداء، وقادة الثورة الذين كتبوا باللّغة الفرنسية:
الجزائريين الذين عاشوا الاستدمار الفرنسي، لم يعرفوا في حياتهم غير اللّغة الفرنسية، وطيلة 132 سنة من الاحتلال، وسنوات طوال أخرى بعد استرجاع السّيادة الوطنية 1962.
كتب بيان أوّل نوفبر، ومفاوضات إيفيان[2] باللّغة الفرنسية.
أسيادنا الشهداء، وقادة الثورة الجزائرية، والمجاهدين، والشعب الجزائري، الذين حاربوا الاستدمار الفرنسي، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلا، لم يعرفوا غير اللّغة الفرنسية وسيلة. وواجهوا المحتلّ، وحاربوا، ولم يستسلموا، وهم يستعملون اللّغة الفرنسية، لأنّهم لم يحسنوا غيرها، وفرضت عليهم من طرف الاستدمار الفرنسي.
ثانيا: أقسام الجزائريين الذين كتبوا باللّغة الفرنسية:
ينقسم الكتاب الجزائريين الذين كتبوا باللّغة الفرنسية[3] إلى الأقسام التّالية:
القسم الأوّل: الذين كتبوا باللّغة الفرنسية، وظلّوا يكتبون بها، وأبدعوا، وتميّزوا من خلالها، ومنهم: محمد ديب، ومولود فرعون، وغيرهم كثير ممّن لانعرفهم، رحمة الله عليهم.
القسم الثّاني: قسم كتب باللّغة الفرنسية وأبدع، وتميّز، وتفوّق، كالأستاذ مالك بن نبي رحمة الله عليه. فقد كتب كتبه الأولى باللّغة الفرنسية، ثمّ شرع في ترجمتها بنفسه إلى اللّغة العربية، ومنحها لأساتذة عرب لترجمتها. وكتب لأوّل مرّة باللّغة العربية كتابه: “الصراع الفكري في البلاد المستعمرة”، وظلّ في سنواته الأخيرة يحرص على أن تطبع كتبه، وتترجم إلى اللّغة العربية.
وأستاذي عالم الاجتماع الجيلالي اليابس[4] رحمة الله عليه، فقد أبدع وتميّز في الكتابة باللّغة الفرنسية، ثمّ أصبح يلقي محاضرته باللّغة العربية الفصحى، حتّى تميّز وتفرّد في وضع مصطلحات عربية.
القسم الثالث: هناك قسم ادّعى أنّه من أنصار اللّغة العربية ومحبيها، ثمّ كتب مذكراته باللّغة الفرنسية، ويمثّل هذه الفئة أحمد طالب الإبراهيمي، رزقه الله الصّحة والعافية، وهو الذي يتقن اللّغة العربية كتابة، ونطقا.
ثالثا: اللّغة العربية لغة رسمية لدى الصهاينة:
الفلسطيني يكتب مذكراته، وكتبه باللّغة العربية، لأنّ الصهاينة -وإلى أن تكذبني الأحداث- لم يحرموه من تعلّم، واستعمال اللّغة العربية، ولا الكتابة بها.
وفي الوقت نفسه فإنّ اللّغة العربية لغة رسمية لدى الصهيوني المحتلّ. ولذلك الفلسطيني يتحدّث، ويكتب مذكراته، وكتبه باللّغة العربية، ويبدع عبرها.
في المقابل، فإنّ الاستدمار الفرنسي قام بمحو اللّغة العربية، ومحو الجزائر، وأصبحت مقاطعة فرنسية كغيرها من المقاطعات الفرنسية، ومحو الجنسية الجزائرية واستبدالها بالجنسية الفرنسية، ومنذ احتلال الجزائر سنة 1830. وفرض على الجزائريين الكنائس، واللّغة الفرنسية، ومحاربة كلّ ماله علاقة باللّغة العربية.
لاعجب أن يكتب الجزائري الذي ولد في عهد الاستدمار الفرنسي مذكراته، وكتبه باللّغة الفرنسية، للأسباب المذكورة أعلاه. والمسألة لاعلاقة لها بالخيانة، والتبعية لعدو الأمس.
رابعا: أقول للشباب: تعلّموا اللّغات، واكتبوا باللّغة العربية:
وقفنا -غير نادمين ولا آسفين- مع الجيل الجزائري الذهبي[5] الذي ولد في عهد الاستدمار الفرنسي، وتعلّم، وكتب مذكراته، وكتبه باللّغة الفرنسية. لكن لايمكن بحال أن نقف مع الجيل[6] الذي ولد مابعد استرجاع السيادة الوطنية، أن يكتب باللّغة الفرنسية، لأنّه لاعذر له حينئذ، ولا يك التبرير له. وفي الوقت نفسه نحثّه على تعلّم اللّغات، وإتقانها، والتميّز عبرها.
خامسا: صدق المجاهد الجزائري الذي كتب باللّغة العربية أو الفرنسية: ممّا وقف عليه القارىء المتتبّع، وهو يقرأ مذكرات المجاهدين الجزائرين الذين كتبوا مذكراتهم باللّغة العربية أو الفرنسية، أّنّها اتّسمت كلّها بالصّدق. وهذه من عظمة الثورة الجزائرية الصّادقة[7]، و عظمة المجاهدين الجزائرين الصّادقين[8].
[1] Daho Djerbal “LAKHDAR BENTOBBAL Mémoires de l’intérieur”, CHIHAB ÉDITIONS, Octobre, 2021, Alger, Algérie, Contient 401
[2] للزيادة فيما يخّص عظمة المفاوض الجزائري راجع من فضلك مقالنا بعنوان: عظمة المفاوض الجزائري أثناء اتفاقية إيفيان، وبتاريخ: الأربعاء 3 ذو القعدة 1441 هـ الموافق لـ 24جوان 2020.
[3] للزيادة راجع من فضلك منشورنا عبر صفحتنا بعنوان: #الكاتب_الجزائري_أثناء_الاستدمار_الفرنسي_من_خلال_رسائل_أحد_طالب_الإبراهيمي ، وبتاريخ: الثلاثاء 27 ربيع الأوّل 1443هـ، الموافق لـ: 2 نوفمبر 2021.
[4] للزيادة فيما يخّص عظمة المفاوض الجزائري راجع من فضلك مقالنا بعنوان: أستاذي وعالم الاجتماع: الجيلالي اليابس وبتاريخ: الأحد: 16 ربيع الثاني 1435هجري، الموافق لـ 16 فيفري 2014.
[5] للزيادة راجع من فضلك منشورنا عبر صفحتنا بعنوان: #الجزائريين_الذين_كتبوا_مذكراتهم_باللّغة_الفرنسية، وبتاريخ: الأحد 23 رجب 1442 هـ الموافق لـ 7 مارس 2021.
[6] للزيادة راجع من فضلك منشورنا عبر صفحتنا بعنوان: #حين_يدافع_الطبيب_الجزائري_عن_اللّغة_العربية ،وبتاريخ: الأربعاء: 15 صفر 1444هـ، الموافق لـ: 22 سبتمبر (أيلول) 2021.
[7] للزيادة راجع من فضلك مقالنا بعنوان: صدق الثورة الجزائرية ،وبتاريخ: الإثنين 26 ربيع الأوّل 1443هـ، الموافق لـ: 1 نوفبر 2021.
[8] للزيادة راجع من فضلك منشورنا عبر صفحتنا بعنوان: #صدق_المجاهد_الجزائري ،وبتاريخ: السبت 24 ربيع الأوّل 1443هـ، الموافق لـ: 30 أكتوبر2021.