السيمر / فيينا / الأثنين 15 . 08 . 2022
سليم الحسني
تنطلق الهجمة المتزايدة على الحشد الشعبي، في جزء منها بسبب وجود فالح الفياض في رئاسته. فهو ليس وجهاً جهادياً، ولا من المقاتلين الذين خاضوا غمار الحروب ولا من القادة الميدانيين، إنه رجل سياسة منهمك فيها منذ بداية العملية السياسية والى اليوم. بينما تحتاج رئاسة الحشد الى شخصية ميدانية ذات تاريخ جهادي، تعيش هموم المقاتلين وأجواءهم واحتياجاتهم.. شخصية تصرف كل وقتها في شؤون الحشد الكبيرة والمتشعبة، وتنحصر همومها في تنظيمه وتطويره ليبقى القوة الدفاعية عن أمن العراق ومصدر الاطمئنان الأهلي ضد قوى الإرهاب المختلفة.
إن صفة الفياض السياسية أخرجت الحشد من استقلاليته، وجعلته عرضة للتشكيك والاتهام في جو العراق المتخم بالسياسة والمملوء بالنزاعات بين الكتل السياسية. وبذلك لحقت بالحشد أضرار معنوية لا يستحقها. فهذا الكيان الذي قام على التضحية والبطولة والوفاء للعراق وشعبه، كان يفرض على المعنيين الحرص عليه، ومراقبة أوضاعه لكي لا تُسجل عليه ملاحظة خادشة. لكن المعنيين تهاونوا في ذلك، وأبقوا شخصية سياسية على رئاسته، تخوض الصراعات وتدخل التنافسات وتصطف مع طرف ضد طرف، فكيف نتوقع أن ينجو الحشد الطاهر بدماء أبنائه من الاتهامات والتشكيك؟
قام فالح الفياض بمهمته في وقت التأسيس وما بعده، وأدى ما عليه، فله الشكر وجزاه الله خيرا. لكن الظروف تبدلت، والأوضاع تغيّرت، ولم يعد صالحاً لهذا الموقع الذي له خصوصية مهمة عند الشعب العراقي وعند الشيعة على وجه التحديد، فالحشد درعهم وأمنهم ورمز كرامتهم، وليس من المناسب أن يكون على قمة هيكله الإداري رجل سياسة وصاحب كيان سياسي، فإلى جانب السبب الموجب لإستفزاز الآخرين من هذه الناحية، فان النظرة الشعبية ستتأثر سلباً، وسيبدو الحشد وكأنه الذراع المسلح لهذا الكيان. وفي ذلك ظلم كبير للحشد ومقاتليه وتشكيلاته المجاهدة.
إن الذين يملكون الحرص على سمعة الحشد ودوره ومستقبله، ويقدّرون بمسؤولية حيادية موضوعية مكانة الحشد، عليهم أن يعالجوا هذا الخلل الإداري، بتعيين شخصية مناسبة لرئاسته. وإن كان الأمل لا يزال قائماً بأن يبادر السيد فالح الفياض الى تقديم استقالته، وهذا سيكون موقفاً مشكوراً منه يستحق التقدير لو فعلها.
١٥ آب ٢٠٢٢