الرئيسية / مقالات / نضال الطلبة ضد المعاهدات العراقية – البريطانية 1922- 1930

نضال الطلبة ضد المعاهدات العراقية – البريطانية 1922- 1930

السيمر / فيينا / الجمعة 04 . 08 . 2023

سهيل الزهاوي

مفاوضات حول معاهدة عام 1922

فرضت سلطات الاحتلال البريطاني مع الكتل الإقطاعية – البرجوازية الكومبرادورية التي التفت حول الحكومة المؤقتة، تنصيب الأمير فيصل بن حسين وهو المعروف بولائه لبريطانيا، على عرش العراق واعتبار 23 آب 1921 يوم تتويج الملك، حيث اصبح العراق مملكة خاضعة. (1) كانت هذه الحكومة تمثل مصالح الاحتكارات الاجنبية والكومبرادورية والاقطاعيين.
فقد جعلت ثورة 1920، الاحتلال البريطاني يفهم جيداً، أن ما تحقق من نجاح عسكري غير ثابت إلى حد كبير يتطلب العمل من أجل تهدئة البلاد إلى استخدام اساليب اخرى جديدة. (2)
اعتبرت بريطانيا تأسيس الحكم الملكي في العراق الخطوة الأولى في نجاح سياستها الانتدابية. (3) بعد أن استطاعت سلطات الانتداب من إرجاع ” برسي كوكس” على جناح السرعة الى بغداد، وبدأت تراجعات شكلية في أسلوب الإدارة وشكل حكومة مؤقتة برئاسة عبد الرحمن النقيب وتحت إشرافه.
وشرعت سلطات الانتداب بالمفاوضات لعقد معاهدة تكرس الاحتلال بطريقة جديدة وكانت تجري هذه المفاوضات بصورة سرية بين الحكومة برئاسة عبد الرحمن النقيب الموالية لبريطانيا وممثلي سلطات الانتداب. كانت تتسرب بعض المعلومات من داخل الاجتماع إلى سمع الرأي العام العراقي رغم سرية المفاوضات.

تحركات المعارضة ضد معاهدة عام 1922

أثارت سياسة سلطات الانتداب موجة عارمة في صفوف الحركة المناوئة للاستعمار البريطاني في البلاد.
بدأت المعارضة العراقية بتنظيم الاجتماعات والمظاهرات وعرائض الاحتجاج وإرسال البرقيات الى الملك ورئيس الوزراء العراق والى الحكومة البريطانية.
وقد جاء في أحد المواثيق التي قدمها المعارضة العراقية في الفرات الاوسط الى السلطات البريطانية تطالب رفض الانتداب وإعلان بريطانيا بإلغائه رسمياً، واطلاق حرية الصحافة لكي يتمكن الجماهير التعبير عن آرائهم في المفاوضات التي كانت تدور بين الحكومة العراقية الموالية وسلطات الانتداب البريطاني في عام 1922. (4)
وعلى اثر تعاظم الحركة المناوئة لسلطة الانتداب البريطاني فقد أصدر وزير الداخلية بيانا منع فيه الاجتماعات السياسية رداً على المظاهرات التي عمت في بغداد والتي أرعبت سلطات الانتداب والحكومة الموالية لها. (5)
فقد تحولت المظاهرات والاجتماعات الحاشدة التي بدأت منذ ربيع 1922 الى حركة جبارة في الثالث والعشرين من آب في العام نفسه، حيث قرر الحزبان العراقيان: ((الحزب الوطني العراقي)) و ((حزب النهضة)) توحيد مساعيهما للمطالبة بحقوق الشعب وكانت المظاهرات الصاخبة مستمرة وكانت من أهم الشعارات التي رفعت في هذه المظاهرات تنادي بسقوط الانتداب وخروج بريطانيا من العراق.
قام المندوب السامي باتخاذ الإجراءات لضرب الحركة الوطنية العراقية وألغي الحزبين ولم يمض على إجازتهما وابعد قادتهما الى جزيرة هنجام وعطل جريدتي المفيد والرافدين ونفى صاحبهما. وأرسل سرباً من الطائرات تقصف مدن وقرى الفرات الاوسط، فدمرت البيوت والأكواخ وأحرقت الزرع والحيوانات كما فصل عدد كبير من الموظفين.
رغم جذرية مواقف الحزبان من الانتداب إلا أن نشاطهم لم يكن مرتبطة بالحركة الجماهيرية
الشعبية. مما حدى بالمندوب السامي البريطاني الى الاسراع في وضع حد لقادة الحركة الوطنية الداعية إلى الاستقلال والمعادية للانتداب ونفي اكثر الوطنيين نشاطاً. وبذا قضى على انتفاضة الشعب ظاهرياً.
وفي التقرير الذي كتبه ((بيرسي گوکس)) والتي بعثتها ((مس بيل)) إلى والدتها، والتي نشرتها في الكتاب الذى يضم رسائلها، وصف الظروف التي وقعت فيها هذه الأحداث بأنها
((ظروف مضطربة، وأن اليوم الثالث والعشرين من شهر آب سنة 1922 كان يوماً صاخباُ بالاضطرابات والمظاهرات وأن ولاية بغداد وعشائر الفرات كانا على شفا ثورة. كانت معالمها تدل على أنها لن تكون أقل خطورة عن تلك التي قامت في ثورة العشرين، منظمة من العناصر نفسها.)) (6)
عقب الإجراءات القمعية التي أقدمت عليه المندوب السامي وفي ظل انعدام الحريات والتعبير عن الرأي، فقد صادقت الوزارة النقيبية الثالثة على المعاهدة في 10 تشرين الأول 1922 على أن تعلن نشرها في لندن وبغداد في اليوم الثالث عشر من الشهر نفسه. (7)
لم يكن المعاهدة إلا صورة من صك الانتداب، بل جَاءَتْ مفصلة وما حواها من صك الانتداب ولا تعتبر اشد وطأة مما جَاءَتْ في المعاهدة وملحقاتها.
فإن الاتفاقيات التي الحقت بالمعاهدة كانت تستهدف التركيز على نفود التركيز على نفوذ بريطانيا وسيطرتها العسكرية وتكبيل العراق بصعوبات مالية لا يقوي عليها، الى جانب ربط البلاد بموظفين بريطانيين مدنيين (8)
وقد نصت المعاهدة على أن تسترشد الحكومة العراقية بنصائح المندوب السامي البريطاني بشأن القضايا الدولية والمالية، وإصدار دستور للبلاد بحيث لا يتناقض مع مواد المعاهدة، وعلى أن تحتفظ بريطانيا بقواتها في العراق. (9)

الحركة الجماهيرية تنهض من جديد

بدأ نهوض جماهيري جديد ضد محاولات المندوب السامي البريطاني والحكومة المتعاونة معه لإجراء انتخابات المجلس التأسيسي الذي كان عليه أن يبرم معاهدة عام 1922.
لم تظهر أي رد فعل عن قادة الحركة الوطنية المعارضة بعد إعلان المعاهدة والشروع في الانتخابات ما عدى صدور نشرة سرية وقعت تحت اسم الاجتماع الاستثنائي للأحزاب السرية العراقية تشترط عودة الحياة الحزبية بعودة المنفيين من الخارج وترفض اجراء الانتخابات في هذه الفترة وتدعوا ابناء الشعب العراقي الى مقاطعة الانتخابات، وطالب إجراء الانتخابات بعد شهرين بعد أن يتم تنفيذ مطاليب الشعب العراقي وابطال المعاهدة كلياً (10)
ولكن رجال الدين لعب دوراً هاماً في هذا المجال. فقد دعا رجال الدين الشيعة برئاسة مهدي الخالصي الى مقاطعة الانتخابات والذى استجابة اليه رجال الدين من الطائفة السنية ودعمه من رجال الدين المسيحيين. (11)
كما قدم رجال الدين المطالب التالية: –
1 – إلغاء الإدارة العرفية (اي الغاء سياسة الإرهاب).
2 – اطلاق حرية المطبوعات والاجتماعات.
3 – سحب المستشارين من الألوية.
4 – إعادة المنفيين السياسيين إلى وطنهم
5 – السماح بتأليف الجمعيات. (12)

الحركة الطلابية تأخذ زمام المبادرة

فقد خلقت غياب القيادات السياسية النشطة للحركة الوطنية في البلاد بسبب الضربة التي وجهت لهم وإبعادهم إلى ” جزيرة هنجام ” فراغاً سياسيا في مجابهة مخططات البريطانية لتكريس الاحتلال للعراق بأشكال أخرى. من هنا تكمن أهمية دور الطلبة والطبقة الوسطى في الحركة الاستقلالية المناهضة للانتداب. وكان الطلبة في مركز الصدارة من بين المعارضين في الحركة الاحتجاجية المناهضة للانتداب البريطاني. وما ان اعلنت المعاهدة حتى تلقاه الطلبة بالرفض والسخط الشديدين.
وبدأ الطلبة كسائر المثقفين في عقد الاجتماعات لمناقشة المعاهدة وابعادها لما فيها من قيود تكبل الشعب العراقي وأنها ليست أقل وطأة من الانتداب والتنديد بها. (13)
وقد أقدمت الطلبة حملة دعائية واسعة في المقاهي والأسواق والجوامع على تحريض وتعبئة الجماهير الشعبية ضد معاهدة 1922 وقد جاء في تقرير الاستخبارات البريطانية بأن ” جميع الأهالي في المقاهي والأسواق كانوا ينتقدون المعاهدة وكان التركيز يدور حول المواد 4، 8، 12.. ويذكر التقرير نفسه ” أن بيان الملك قد لاقى ترحيباً من المعتدلين بينما لم يلاق ذلك الترحيب عند اليسار المتطرف. (14)
كما ساهم الطلبة في الاجتماع الحاشد الذي عقد في مدرسة الشيخ مهدي الخالصي والذي ندد الشيخ بالمعاهدة واعلن قائلاً: ” بايعنا فيصل ليكون ملكاً على العراق بشروط وقد أخل الملك بتلك الشروط فلم تعد له في أعناقنا وأعناق الشعب العراقي أيّة بيعة. (15)
لقد حظيت فتوى رجال الدين حول مقاطعة الانتخابات بمساندة وتأييد تلاميذ المدارس الدينية والحديثة وبقية الفئات المتوسطة من السكان في بغداد وبقية أنحاء العراق وخاصة في المناطق الوسطى والجنوبية.
كان طلاب مدرسة التفيض الأهلية في بغداد أول من استجابة لدعوة رجال الدين لمقاطعة الانتخابات. ولعبوا دورا هاماً ومؤثراً في تحريض وتحريك الجماهير الشعبية لرفض المعاهدة وعدم المساهمة في الانتخابات وقاموا بمقابلة رجال الدين وأخذوا منهم الفتاوى واستنساخها على الكاربون وجرى توزيعها على أبناء الشعب في كافة انحاء العراق.
عندما أعلنت الحكومة الموالية للاحتلال البريطاني قرارها في الشروع في الانتخابات، فقد تحرك طلاب المدارس في الكاظمية بشكل واسع بشكل واسع وقاموا بحملة دعائية واسعة في سبيل مقاطعة الانتخابات المزمع عقده لتشكيل المجلس التأسيسي الذي كان عليه أن يبرم المعاهدة فيه. (16)
كما عبر الطلبة عن احتجاجهم ورفضهم للمعاهدة من خلال تنظيم تظاهرة، حيث تجمعوا أمام دار رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب، يتقدمهم نشطاء الطلبة كل من الطلاب عبد الفتاح ياسين، حسين جميل، وعبد القادر اسماعيل ومحمد حديد، فخرج إليهم بنفسه من شرفة داره وصاح بهم ((باسم من تحتجون)) فأجابوا ((باسم البلاد)) فرفع عصاه قائلاً:
* من أنتم لتحتجوا، انا اعلم منكم بحاجة البلاد واغراضها، عودوا إلى بيوتكم. * (17)
لقد اكتسب مقاطعة نطاقاً واسعاُ بالرغم من نفي بعض قادة الحركة الوطنية ورجال الدين وعلى رأسهم مهدي الخالصي.
اتخذ مجلس الوزراء قراراً على أن يبدأ الشروع في الانتخابات في 24. 10. 1922 إلا أن المقاطعة الواسعة عرقلت مسيرتها، بحيث لم يتم انتخابات النواب إلا في 25.2.1924، أي بعد سنة وأربعة أشهر من الموعد المقرر سابقاً بعد أن اتخذت الحكومة بعض الإجراءات القمعية من أجل إنهاء حركة المقاطعة. (18)
ان هذه الاجراءات لم تثني الجماهير، بل ازداد من عنادها واستمر في نضالها حتى انعقاد المجلس التأسيسي مما حدى بسلطة الانتداب والحكومة الموالية لها الاستجابة إلى مطاليب الحركة المعادية للانتداب فيما يتعلق بالنفي، فقد سمحت لبعض قادة الحركة الوطنية بالعودة الى البلاد وبشكل تدريجي بعد أن طلبوا منهم نبذ العمل في السياسة. (19)
بدلاً أن ينهمك القيادات السياسية للبرجوازية الوطنية بعد عودتهم في محاولة لاستعادة قواها وتنظيماتها بعد الضربة التي ألمت بها من جراء الحملة الإرهابية الشعواء في مظاهرات (آب 1922). إلا أنه برزت خلافات وصراعات حول المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها وبل انهمك قسم منهم في التمتع بوظائف الدولة. (20)
مع هذا لم تستطع السلطة ومن ورائها من جمع المجلس التأسيسي لإبرام المعاهدة إلا في أيار 1924.
مع اشتداد الصراع السياسي والخلافات بين أطراف قادة الحركة الوطنية حول شكل وأسلوب النضال المعادي للانتداب، لم يكن بمقدور الطلاب أن يقف على الهامش ويلعب دور المشاهد.
بينما كانت سلطة الانتداب والحكومة الموالية لها تعد الترتيبات لعقد اجتماع المجلس التأسيسي التي كانت عليه ابرام المعاهدة فيه. فقد تم التنسيق بين الفئات المختلفة من المثقفين من طلاب الحقوق والمحامين وأساتذة المدارس والشباب المتعلم من جهة وبين رجال الدين من جهة اخرى ليكون المتحدثين باسم جماهير الشعب العامل والتي تناضل ضد الانتداب بعد غياب الأحزاب الوطنية. وبدأت العمل من اجل اقامة المظاهرات والاجتماعات، واصبحوا يعتقدون انه لا مفر من النضال في إعلان سخطهم وغضبهم على المعاهدة الجائرة والمطالبة بتعديلها لكي يحفظ للعراق استقلاله التام، وقد ساندتهم في ذلك بعض الجرائد المعارضة. (21)
عقد محامو بغداد اجتماعاً في بناية بناية “رويال سينما ” (22) في يوم 19 نيسان 1924 تكلم فيه خطباء الاجتماع بتوجيه النقد إلى المعاهدة وعيوبها وتوجه الأنظار الى قيودها الثقيلة، حيث قدم المحامون بياناً كان بمثابة عرض للمعاهدة من الناحية القانونية محذرين منها ومن إبرامها وطالب ياسين الهاشمي الذي كان حاضراً في الاجتماع * بوحدة الصف الداخلي من اجل احباط ما يضر البلد التي تعرقل تقدمه. (23)
في 29 أيار 1924 وعندما كان المجلس التأسيسي يناقش المعاهدة، قامت مظاهرة صاخبة في بغداد وأحاطت بمقر المجلس احتجاجاً على تحدي إرادة الشعب ومعارضته للمعاهدة.
كتبت “مس بيل” في 4 حزيران رسالة مطولة عن هذه المظاهرة، عرضتها “بورغون” على الوجه التالي ((اكتسح المتظاهرون من أبناء الشعب ضد المعاهدة أعضاء المجلس، واوصلوا جلسة التالية إلى نتيجة شائنة.
وكانت الشرطة عاجزة عن العمل تقريباً، مما اضطر المسؤولين إلى الاستعانة بالخيالة. واستمرت هذه المناورات لو بشيء اقل من العنف بسبب التنظيمات الافضل التي اتبعتها الشرطة، بحيث لم يصبح للاجتماعات التالية في المجلس إلا قيمة قليلة، حتى استقر في ذهن “مس بيل” و”المستر كورنواليس” * انه ليس هناك جهد بشري يتمكن من إمرار المعاهدة من المجلس الحالي * (24)
في 31 أيار من نفس السنة قامت الجماهير بمظاهرة حاشدة أمام المجلس التأسيسي، سرعان ما سيطرت الشرطة على الموقف. (25)
رغم التدابير التي اتخذتها السلطة ضد المعارضين من أبناء الشعب العراقي من اجل ان تؤمن بقاء المندوبين المجلس إلى جانبها، تأثر عدد غير قليل من المندوبين من الذين يميلون إلى المعاهدة باتخاذ مواقف معاكسة، كما تردد عدد من من الوزراء من الإدلاء بآرائهم حول المعاهدة وتحمل تصديق المعاهدة أمام الرأي العام الصاخب (26). وكذلك توقف جلسات المجلس التأسيسي مراراً، إلا أنه قوى حركة الجماهير المنتفضة قد خمدت بسبب أعمال القمع القاسية من جهة، ولأسباب أخرى تتعلق بموقف قادة الحركة الوطنية وضعف علاقته بالجماهير.
ويكمن السبب الأساسي لضعف الحركة الوطنية في الفترة 1922-1924 يعود الى طبيعة قيادتها من قبل البرجوازية الوطنية المساندة من رجال الدين. وهما اللذان حمل الراية ضد الانتداب ومعاهداته الاسترقاقية، ولكن الاعتماد على هذين العنصرين يحمل معها عامل التذبذب والضعف وصلاتها المتينة مع الجماهير وفقدان الرؤية المتكاملة.
تلك الطبيعة لهذه القيادة جعلتها تزرع في الشعب العراقي الثقة بإمكانيه المعارضة من داخل المجلس لا في امكانية تنظيم الجماهير وزجها في النضال الثابت والمستمر لتحقيق أهدافها الوطنية في الاستقلال. وإذا بالمواقف المزدوجة تكشف عن أهداف المعارضة البرجوازية التي كانت تصبو إلى تحقيق غايتها في الحصول على الوظائف أكبر في الدولة وإن سترها بمعارضتها في داخل المجلس التأسيسي وطرح الشعارات الملتهبة بالوطنية والاستقلال واستغلال حركة الجماهير لأغراضها الخاصة. (27)
بينما كان الطبقة العاملة في دور التكوين، لم تكن قد تحولت الى حركة مستقلة، مما اضعف من قدراتها القيادية في الحركة الاستقلالية المناوئة للانتداب. لم تترك الشك أنها كانت متعاطفة مع هدف الاستقلال التام، وكان العمال والحرفيون يشكلون قوة حركة الجماهير لفعلية في المدينة التي لعبت المتعلمون ولا سيما الطلبة دورا قيادياَ.
اما المثقفون ولا سيما الطلبة والمعلمون والمحامون القوة القيادية بعد ابعاد قادة الحركة الوطنية وحملوا راية النضال وهم ينادون الجماهير الشعبية الى الكفاح صد الانتداب ومعارضة المعاهدة.
أن ما يميز نشاط المثقفين في هذه الفترة أنها كانت ذات طابع محلي. لم يتعد الاجتماعات والمظاهرات حدود مدينة بغداد وبعض المدن القريبة منها. ويعود اسبابها الى عدم امتلاكها الى وسيلة منظمة لتحريك الجماهير في كافة انحاء العراق اضافة الى قلة عدد المدارس أما الجامعات تكاد تكون معدومة ما عدا الحقوق وكانت هذه المدارس متمركزة في المدن الكبيرة.
في تلك الفترة كان الطلبة يبحثون عن طريق لكي يخلصهم من هذا الوضع السياسي الشاذ ولم تتحول الى حركة مستقلة بعد، وانما كانت اسيرة البرجوازية الوطنية.
وان مناشيرهم وانذاراتهم كانت تلصق على الجدران وترسل الى اعضاء المجلس والقادة السياسيين في رسائل موقعة من قبل رئيس جمعية اليد السوداء ومختومة بيد سوداء
إن العوامل المار الذكر دفع بعض الشباب الى التفكيرفي تأسيس جمعية اليد السوداء لإبراز سخطهم على الانتداب والمعارضة البرلمانية. لقد نشطت هذه الجمعية في ارهاب النواب على اثر تشكيل هذه المنظمة السرية حيث تم اغتيال اثنين من النواب على ايدي مجهولين وهما عداي الجريان وسلمان البراك لكي يجعلوا منها واسطة لتأديب غيرهما. (28)

(1) – مجموعة من علماء السوفيت، تاريخ الأقطار العربية الجزء 1، ترجمة دار التقدم، طبع في موسكو 1975، ص. 292
(2) – ف.أ. كرياجين، حركة التحرر الوطني في المشرق العربي – بلاد ما بين النهرين –
الشرق الجديد، موسكو، الكتاب الثاني، 1922، ص. 243، عن الدكتور كمال أحمد مظهر، ثورة العشرين في الاستشراق السوفيتي، مطبعة الزمان 1977، ص. 36
(3) – الدكتور فاروق صالح العمر، المعاهدات العراقية – البريطانية وأثرها على السياسة الداخلية 1922 – 1948، منشورات وزارة الإعلام سلسلة دراسات 116، دار الشؤون الثقافية 1977.

(4) – عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، الطبعة 5، منشورات دار الكتب، المجلد الأول، بيروت 1978. ص. 99 – 100
وقد جاء في الميثاق الوطني ما لي: –
المادة الأولى: تأليف حكومة حرة، نيابية، ديمقراطية، مسؤولة امام الامة العراقية، مستقلة استقلالاً سياسياً تاماُ لا شائبة فيه، عارية من أي تدخل أجنبي.
المادة الثانية: تأييد سياسة الملك فيصل على أساس استقلال العراق التام بحدوده الطبيعية.
المادة الثالثة: رفض انتداب الانكليز، وكل معاهدة تمس بكرامة الامة العراقية واستقلالها التام.
(5) – عبد الرزاق الحسني، نفس المصدر السابق، ص. 102
(6) – حسين جميل، شهادة سياسية 1908 – 1930، دار السلام لندن 1978 ، ص. 78-79
(7) – عبد الرزاق الحسني، العراق في ظل المعاهدات، الطبعة 6، مطبعة دار الكتب، بيروت 1983، ص 21 – 22
(8) – الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص. 42 – 43
(9) – الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص. 48 – 49 وما بعدها
(10) – البلاط الملكي s / 34/ 17
Manifesto of the Iraq secret parties, // Oct 1922.
عن الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص.79 0 80
قدم رجال الدين المطالب التالية: –

(11) – التقرير البريطاني الى عصبة الامم 1923 -1923 ص 6
عن الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص. 113
(12) – عبد الرزاق الحسني، نفس المصدر السابق، ص. 142
(13) – رؤوف الواعظ، الاتجاهات الوطنية في الشعر العراقي الحديث، 1914-1941،دار الحرية بغداد 1974 ص. 166 عن آفاق عربية العدد 12 آب 1980 ص. 56
(14) – الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص. 83
(15) – محمد مهدي كبة، مذكراتي في صميم الأحداث ، 1918-1958، دار الطليعة بيروت 1965، ص. 26
(16) – محمد مهدي كبة، نفس المصدر السابق، ص. 26- 27 عن آفاق عربية، العدد 12 آب 1980 ، ص. 56
(17) – خيري العمري شخصيات عراقية الجزء الاول ض. 20، عن آفاق عربية العدد 12. آب 1980، ض. 56
(18) – حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 112- 113
في 02 حزيران 1923 نفي من العراق الشيخ مهدي الخالصي ومعه ولداه وقريب له وسكرتيره وغادر العراق بعض من علماء الدين احتجاجاً على هذا النفي. وكان سلطات الانتداب يعتبر الشيخ الخالصي من العناصر المعرقلة للانتخابات بعد أن أصدر فتوى جديدة تعرض فيها الى الحكومة، فقد عثرت الشرطة على صورة من الفتوى معلقة على جدران صحن الكاظمية بتاريخ 19 مايس 1923.
(19) – رفض السادة جعفر ابو التمن وحمدي الباجة جي التوقيع على التعهد في بادئ الأمر رُفض عودتهم، فيما بعد رضخ السلطة وسمح لهم العودة الى البلاد.
(20) – كان السيد مولود مخلص أحد المؤسسين للحزب الديمقراطي، عين متصرف لواء كربلاء غير موقفه من المقاطعة.
(21) – فيليب ويلارد ايرلاند، العراق دراسة في تطوره السياسي، ترجمة جعفر الخياط، دار الكشاف، بيروت، ض. 311
(22) – حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 123
(23) – العالم العربي 20 نيسان 1924 عن فاروق صالح العمر نفس المصدر السابق، ص. 113
(24) – كتاب بوغوين، ص. 343 عن حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص.
(25)- حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 124
(26) – فيليب ويلارد ايرلاند، نفس المصدر السابق، ص. 123
(27) – قال الهاشمي نائب بغداد في جلسة 22 آب 1928 للمجلس التأسيسي وكان البحث يدور حول الميزانية العامة للدولة ” إني وجدت في مذكرات المجلس النيابي توجيه اللوم إلى الوزراء واننا نناقشهم على أعمال لم يرتكبونها، وان ارتكبوها فلم يكن ذلك بمحض إرادتهم. ولو أنهم أخذوا في بعض الأحيان مسؤوليات تلك الأعمال على عاتقهم.
انى وجدت دواعي وشواهد عديدة مرت على يد المشورة وهي مغلوطة ولم تظهر منها اي استياء في زمن من الازمان. وما دامت طريقة مداولة امورنا الداخلية والخارجية على أيدي الغير لا اجد اي سبب لتوجيه اللوم على اي احد من الرجال المسؤولين.” عن حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 128.
وفي جلسة المجلس التأسيسي في 29 / 05/ 1924 فضل المعاهدة على الانتداب وقال: “أنه لا محل للقياس بينهما وكان يعلم أن الانتداب قائم لم تلغه عصبة الأمم وهو لا ينتهي الا قبول العراق عضواً فيه. عن حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 108.
(8 2) – جريدة البرق البيروتية 3 حزيران 1924 عن رجاء حسين حسني – العراق بين عام 1921 – 1927، دار الحرية للطباعة والنشر بغداد 1976.
حديث مع مصطفى علي – الثقافة الجديدة العدد 75 لشنة 1975، ص. 84

اترك تعليقاً