فيينا / السبت 01 . 06 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
معمر حبار / الجزائر
توفى أخي عابد رحمة الله عليه، وأسكنه الفردوس بتاريخ: الخميس 23 ذو القعدة 14445ه، الموافق ل 31 ماي 2023. وهو الأخ الأكبر باعتباره من مواليد 1952.
أصيب أخي بسكتة دماغية بتاريخ: ما رس 2015 أقعدته الفراش بشكل نهائي، وإلى غاية وفاته. أي 9 سنوات وشهرين.
كنّا نزوره باستمرار، وفي المناسبات. وكانت حالته الصحية تتراجع، وبشكل ملحوظ.
الزُّهْرَة بِأَلْفْ رَجُلْ وَنُصّْ:
من اليوم الأوّل الذي أصيب فيه أخي عابد بجلطية دماغية سنة 2015، وطيلة تسعة أشهر وشهرين وزوج الزهرة معه لاتفارقه، وحرمت لأجل الخروج من البيت، وحضور المناسبات. وكانت هي الأم، والأخ، والأب، والطبيب، والمعين وهو لايملك من أمره شيئا.
حين يفتخر الجزائري بعظمة المرأة يقول: “امرأة ونصّ”. واليوم، وبعد الذي رأيته من الزهرة زوج عابد، أقول: الزُّهْرَة بِأَلْفْ رَجُلْ وَنُصّْ.
حين يدخل صاحب الدّار بيته محمولا على الرّقاب:
ونحن ننتظر قدوم الميت من المستشفى. إذ به يدخل على أكتاف الرّجال لأجل تغسيله، والرؤية الأخيرة.
قلت حينها في نفسي، ودمع يقهرني: أعترف أنّ منظر دخول الرّجل بيته محمولا على أكتاف الرّجال مؤلم، ومؤثّر. ونحن الذين كنّا نعتقد أنّ خروج صاحب البيت من بيته محمولا على أكتاف الرّجال مؤلم، ومؤثّر.
لاتخرج الميت من بيتك دون شهادة الطبيب:
ممّا تعلّمته من موت أخي، وأنا أصغر الإخوة أنّ المريض إذا طال مرضه وجب وضع ملفه الطّبي كاملا، ومنظّما، ومرتّبا حتّى إذ طلبه الطبيب، أو الجهات المعنية بالتّعامل معه قدّم لهم الملف في حينه ليتّخذ القرار السّريع، والفاعل، والمريح للجميع.
إلى عهد قريب إذا كانت هناك وفاة في البيت يدفن المعني مباشرة. ثمّ انتقلت إلى تقديم رخصة الدفن من البلدية ويكفي شهادة واحد من عائلته. وتسلّم الرّخصة في حينها، وبسرعة فائقة.
لكن بعد العشرية الحمراء التي ابتليت بها الجزائر، وبعض الجرائم التي حدثت في حقّ المسؤولين، والأثرياء، وأفراد العائلة لأجل المال، والميراث، والعتاد، والبغض، والكره، والحقد. أصبح من يومها لزاما تقديم شهادة طبيب للمعني الذي توفى في البيت حتّى يسمح له برخصة الدفن. ولا يمكن بحال من الأحوال دفنه دون فحص الطبيب، وشهادته. وأثناء انعدام شهادة الطبيب يحوّل ملف الميت إلى النّائب العام. ويبدأ الجري بين الإدارات، والمصالح، والشقاء. وكان الله في عون من فرضت عليه الظروف ذلك كما حدث في موت أخي الأكبر عابد.
ممّا يفتخر به المعني:
ممّا يفتخر به المعني ويتعمّد نشره، والتّأكيد عليه من باب ذكر نعم الله على عباده، وأن تكون مثالا يقتدى به، هي:
الصلاة في مسجد الحي:
اقترحت أن يصلى عليه في مسجد الحي الذي يسكنه. أي الشرفة، منطفة1. وليس بحي بن سونة الذي كنّا نسكنه قبل زلزال الأصنام 1980. معلّلا ذلك بأنّ سكان الشرفة يعرفون -الآن- أخي عابد، وإخوته، وعائلته، وأقاربه وقد مرّ على السّكن بالشرفة جيلين. بينما عدد قليل، وقليل جدّا من ساكني حي بن سونة من يعرف -الآن- عابد، وعائلة حبار. والعدد في تناقص.
تغسيل البيت أفضل من تغسيل المستشفى:
اقترحت أن يغسّل أخي في البيت وليس في المستشفى قصد تمكين زوجه، وأهله، وأقاربه، وأحبابه من رؤيته، والتّسليم عليه.
اللّهم لاتمت زوجة أخي قبله:
دعوت الله تعالى بإلحاح شديد، واستجاب الله لدعائي حين قلت مرارا، وباستمرار، ودون انقطاع: من له دعاء فليدّخره لكي لايقبض الله تعالى روح زوجه الزُّهْرَة قبله. والحمد لله ربّ العالمين.
المْصَابْحَة:
بعض الحركى الجدد أثاروا الرّعب في زوج أخي عابد أنّه لايحقّ لها زيارة قبر زوجها صباح الغد أثناء “المْصَابْحَة” !، وعليها أن لاتفعل ذلك حتّى تنقضي عدّها أربعة أشهر وعشر !.
رجعت بعد “المْصَابْحَة” وأخذتها للمقبرة لزيارة زوجها، ثمّ أبي، وأمّي، وأختي العاَلْيَة الكبرى، وابنتها الصغرى “نجاة”. وفرحت كثيرا بزيارة زوجها، وأفرغت ماشاء لها أن تفرغ من حزن، وألم، وفراغ بأدب كامل، واحترام مطلق، وسكينة تامّة، ووقار ظاهر.
قلت لها، وللنسوة: هذه عجوز في 72 من عمرها. كيف تحرم من زيارة قبر زوجها، ويداس نصف قرن من الزّواج من العشرة، و”المَلْحْ” في لمح البصر وكأنّ شيئا لم يكن.
أضفت: كانت المرأة تمنع من زيارة القبور لبعض التّصرفات المسيئة بحرمة الميت، وقداسة الموت. واليوم أرى رأي العين، وفي عدّة مناسبات نساء يزرن المقابر بأدب، واحترام. واليوم، الطرقات آمنة، والأمن متوفّر. والمرأة تزور المقبرة، وتسافر، وتحج وفي جوّ كلّه أمن، وراحة، واطمئنان.
قلت للعاملات: هل تعتدّ الموظّفة حين يموت زوجها؟ أجابوا جميعا بالنفي.
وحين سألت عن السّبب: أجابوا بصوت واحد: إنّها “الخُبْزَة”.
زواج الحيّ مقدّم على الميت:
ابن أخي الأصغر من الأكبر بعامين مقبل على الزّواج، وتمّت كلّ الإجراءات، وحدّد الموعد يوم 7، و8 جوان 2024. والسّؤال هل يتمّ الزّواج أم يلغى؟
وكانت نصيحتي التّمسّك بموعد الزّواج، وعدم الإلغاء. وأن تتمّ مراسيم الزّواج في حدّها الأدنى دون مظاهر الفرح. وذلك أنفع للجميع. والحمد لله على صدق النّصيحة.
السّبت 24 ذو القعدة 1445هـ، الموافق لـ 1 جوان 2024
الشرفة- الشلف- الجزائر