الرئيسية / مقالات / مفهوم الأم في القرآن الكريم

مفهوم الأم في القرآن الكريم

فيينا / الأثنين 03 . 06 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف

جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن الام “مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ” (ال عمران 7) أم اسم، أم الكتاب: معظمه. أم الكتاب: أصله يُردّ إليها غيرها.  هُنَّ أُمُّ الكِتابِ: أصله الذي يرجع إليه. هو وحده الذي أنزل عليك القرآن: منه آيات واضحات الدلالة، هن أصل الكتاب الذي يُرجع إليه عند الاشتباه، ويُرَدُّ ما خالفه إليه، ومنه آيات أخر متشابهات تحتمل بعض المعاني، لا يتعيَّن المراد منها إلا بضمها إلى المحكم، فأصحاب القلوب المريضة الزائغة، لسوء قصدهم يتبعون هذه الآيات المتشابهات وحدها، ليثيروا الشبهات عند الناس، كي يضلوهم، ولتأويلهم لها على مذاهبهم الباطلة. ولا يعلم حقيقة معاني هذه الآيات إلا الله. والمتمكنون في العلم يقولون: آمنا بهذا القرآن، كله قد جاءنا من عند ربنا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ويردُّون متشابهه إلى محكمه، وإنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها الصحيح أولو العقول السليمة.

عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وجل “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا” (النساء 23) بين سبحانه المحرمات من النساء فقال: “حرمت عليكم أمهاتكم” لا بد فيه من محذوف لأن التحريم لا يتعلق بالأعيان وإنما يتعلق بأفعال المكلف ثم يختلف باختلاف ما أضيف إليه فإذا أضيف إلى مأكول نحو قوله حرمت عليكم الميتة والدم فالمراد الأكل وإذا أضيف إلى النساء فالمراد العقد فالتقدير حرم عليكم نكاح أمهاتكم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه لدلالة مفهوم الكلام عليه وكل امرأة رجع نسبك إليها بالولادة من جهة أبيك أو من جهة أمك بإناث رجعت إليها أو بذكور فهي أمك. وقوله “وأمهات نسائكم”: أي حرم عليكم نكاحهن وهذا يتضمن تحريم نكاح أمهات الزوجات وجداتهن قربن أو بعدن من أي وجه كن سواء كن من النسب أو من الرضاع وهن يحرمن بنفس العقد على البنت سواء دخل بالبنت أو لم يدخل لأن الله تعالى أطلق التحريم ولم يقيده بالدخول.

وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وجل “وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ۚ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ” ﴿الأنعام 92﴾ “وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها” فأم القرى هي مكة المشرفة، والمراد أهلها بدليل قوله: “وَمَنْ حَوْلَها” والمراد بما حولها سائر بلاد الأرض التي يحيط بها أو التي تجاورها كما قيل، والكلام يدل على عناية إلهية بأم القرى وهي الحرم الإلهي منه بدئ بالدعوة وانتشرت الكلمة. ومن هذا البيان يظهر: أن الأنسب بالسياق أن يكون قوله: “وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى” وخاصة على قراءة “لينذر” بصيغة الغيبة معطوفا على قوله: “مُصَدِّقُ” بما يشتمل عليه من معنى الغاية، والتقدير: ليصدق ما بين يديه ولتنذر أم القرى على ما ذكره الزمخشري، وقيل: إنه معطوف على قوله: “مُبارَكٌ” والتقدير: أنزلناه لتنذر أم القرى ومن حولها.

وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله عز وعلا “الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ” ﴿المجادلة 2﴾ (الاُمّ) و(الولد) ليس بالشيء الذي تصنعه الألفاظ، بل إنّهما حقيقة واقعية عينية خارجية لا يمكن أن تكون من خلال اللعب بالألفاظ، وبناءً على هذا فإذا حدث أن قال الرجل لزوجته مرّةً: (أنت عليّ كظهر اُمّي) فإنّ هذه الكلمة لا تجعل زوجته بحكم والدته، إنّه قول هراء وحديث خرافة.

قال رسول الله صلى الله عليه و آله: (رضى الله مع رضى الوالدين، وسخط الله مع سخط الوالدين). روى الإمام الباقر عليه السلام بسنده عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أربع من كن فيه نشر الله عليه كنفه، وادخله الجنة في رحمته: حسن خلق يعيش به في الناس، ورفق بالمكروب، وشفقة على الوالدين، وإحسان الى المملوك). وعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم (مجالسة العلماء عبادة والنظر إلى علي عليه السلام عبادة والنظر إلى البيت عبادة والنظر إلى المصحف عبادة والنظر إلى الوالدين عبادة). عن الإمام الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثٌ من الذّنوب تعجّل عقوبتها ولا تؤخّر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على النَّاس، وكفر الإحسان).  يستحب الزيادة في بر الأم على الأب، حتى قيل أن للأم ثلثي البر وللأب الثلث. وقد أمر صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرات بالبر بالأم ثم في الرابعة أمر بالبر بالأب. وقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الوالدين أعظم؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: التي حملته بين الجنبين، وأرضعته من الثديين، وحضنته على الفخذين، وفدته بالوالدين. وقيل له صلى الله عليه وآله وسلم: ما حق الوالد؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: أن تطيعه ما عاش، فقيل: وما حق الوالدة؟ فقال: هيهات هيهات لو أنه عدد رمل عالج وقطر المطر أيام الدنيا قام بين يديها، ما عدل ذلك يوماً حملته في بطنها. عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه يلزم الوالدين من العقوق لولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما، وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: رحم الله من أعان ولده على بره، قال: (قلت: كيف يعينه على بره؟ قال): يقبل ميسوره، ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه، ولا يخرق به، وليس بينه وبين أن يدخل في حد من حدود الكفر إلا أن يدخل في عقوق أو قطيعة رحم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الجنة طيبة، طيبها الله وطيب ريحها و يوجد ريحها من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريح الجنة عاق ولا قاطع رحم، ولا مرخي الازار خيلاء.

اترك تعليقاً