الرئيسية / مقالات / ذكرى يوم الغدير

ذكرى يوم الغدير

فيينا / الأثنين 24 . 06 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي 

 عيد الغدير لم يكن بدعة وإنما حدث أمر جلل من الله عز وجل، أمر الله نبيه محمد ص في تبليغ أمة الإسلام في بيان مهم وتاريخي يرسم ملامح النظام الإسلامي بعد وفاة رسول الله ص وانتقاله إلى الرفيق الأعلى.

احياء يوم الغدير هو إحياء سنة نبوية لتبليغ أمر إلهي عظيم، لذلك يحتل يوم الغدير حيز كبير لدى كل إنسان مؤمن بالله عز وجل، لكن لدى الشيعة يكون إلى يوم الغدير  مكانة متميزة، لأن هذا اليوم مهم  في تاريخ الأمة الإسلامية، في هذا اليوم العظيم وقف رسول الله محمد ص خطيبا بأمر من جبرائيل عليه السلام عن الله عز وجل خالق الخلق، ليبلغ الرسول محمد ص الأمة في بيان مهم وتاريخي وهو بيان انتهاء الرسالة وإكمال الشريعة وإتمام النعمة في ولاية وزعامة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، يوم الغدير هو اليوم   الذي تمّ فيه إعلان تنصيب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) خليفةً ووصيًا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لذلك ياسادة ياكريم يوم الغدير لم يكن بدعة ابتدعها الشيعة، فقد ذكرت كتب التاربخ، أن في حجة الوداع الرسول محمد ص اصطحب معه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى حج بيت الله، وهذه اول مرة تحدث، كان رسول الله ص يصطحب الإمام علي بن أبي طالب ع لخوض الحروب إلا بمعركة تبوك لم يصطحب الإمام علي ع وولاه زعامة المدينة، وقد قام المنافقين بالقول أن محمد ص ترك علي بن أبي طالب عليه السلام مع الصبية والاطفال، كان رد رسول الله ص إلى الإمام علي ع انت مني بمنزلة هارون من موسى إلا لا نبي بعدي.

ورغم ذلك تعرض رسول الله محمد ص إلى محاولة اغتيال فاشلة، ونزل جبرائيل ع وفضح اسماء منافقين ، وتم اطلاع عمار بن ياسر على أسماء هؤلاء، 

وردت قصة مؤامرة العقبة في العديد من المصادر التاريخية الإسلامية، ومنها على سبيل المثال مسند أحمد بن حنبل (ت. 241هـ)، وصحيح مسلم بن الحجاج (ت. 261هـ)، وتاريخ الرسل والملوك لابن جرير الطبري (ت. 311هـ)، والكامل في التاريخ لابن الأثير (ت. 630هـ

تتحدث المصادر عن أن المسلمين لمّا وصلوا إلى مكان يُسمّى بالعقبة، وهو على طريق تبوك-المدينة، وجدوا أن أمامهم وادياً واسعاً، وبجواره ممر جبلي ضيّق لا يتسع إلا لعدد قليل من المارّين، ولهذا أمرهم الرسول جميعاً بالمرور من الوادي، بينما اتّخذ هو طريق العقبة، واصطحب معه كل من حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر.

بحسب المصادر، أرسل الرسول من قبله منادياً نادى في الجيش “إن رسول الله يريد أن يسلك العقبة فلا يسلكها أحد واسلكوا بطن الوادي فإنه أسهل لكم وأوسع، فسلك الناس بطن الوادي وسلك رسول الله العقبة”. وأثناء مرور الرسول بالعقبة، اجتمع 12 رجلاً من أفراد الجيش، واتفقوا مع بعضهم البعض على قتل الرسول وهم ملثمين، وذلك من خلال صعود العقبة ورمي بعض الأحجار على دابته حتى تنفر وتسقط من فوق الجبل.

تتفق المصادر على أن جبريل أخبر الرسول بتفاصيل تلك المؤامرة، وأنه لما اقترب هؤلاء المتآمرون من دابة الرسول، بادر حذيفة بن اليمان بضرب دوابهم بعصاه، فهربوا بسرعة وقد خافوا من انكشاف أمرهم.

في حجة الوداع اصطحب رسول الله ص الإمام علي في أداء مناسك الحج، ولدى طريق العودة من مكة المكرمة  إلى المدينة المنورة، وحسب كتب التاريخ، في  رحلة عودة الحجيج من حجة الوداع، توقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في منطقة غدير خم، حيث أمر بجمع المسلمين،  نزل الوحي بنص قرآني مهم وعلى الرسول محمد   (صلى الله عليه وآله وسلم)  نزلت آية التبليغ بتبليغ رسالة عظيمة إلى أمة الإسلام {يا أيها الرسول بلغ ما أُنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته، والله يعصمك من الناس}.

الرسول دعا بصلاة جامعة، تجمع آلاف الصحابة للاستماع إلى الخطبة التاريخية، ذكرت كتب التاريخ أن  رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صعد  على منبر صنعه من الهوادج التي كانت تضع على ظهور الجمال لكي يصبح مكانه مرتفع يراه المسلمون ويستمعوا إلى الخطبة التاريخية العظيمة،  حمد فيها الله تعالى وذكّر الناس بنعمه، وبيّن فضائل الإمام علي (عليه السلام) ومناقبه، وأعلن تنصيبه خليفةً ووصيًا من بعده.

روى الإمام مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم أنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به – فحث على كتاب الله ورغب فيه-  ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي.

أخرج الإمام أحم  وغيره عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتغير، فقال يا بريدة: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين حتى أمام الشافعية قال قولته، ياآل بيت رسول الله حبكم      فرض على الناس في القرآن أنزله، يكفيكم من عظيم الفخر، أنكم        من لم يصل عليكم لا صلاة له.

احتفل المسلمون في بيعة الغدير وقد نظم الصحابي الجليل حسان بن ثابت المتهم في حادثة الإفك ويطلق عليه أهل السنة في شاعر الرسول ص القى القصيدة التالية، 

يناديهم     يوم    الغدير   نبيهم

بـخم   وأسمع   بـالنبي  مناديا

وقد   جاءه  جبريل عن أمر ربه

بأنك    معصوم   فلا  تك  وانيا

وبلغهم    ما   أنزل   الله  ربهم

إليك  ولا   تخش  هناك الأعاديا

فقام   به  إذ    ذاك  رافع  كفه

بكف  علي  معلن  الصوت عاليا

فقال    فمن    موالاكم   ووليكم

فقالوا   ولم   يبدوا  هناك  تعاميا

إلهك   مولانا   و   أنت   ولين

ولن  تجدن  فينا لك اليوم عاصيا

فقال  له   قم    يا  علي  فإنني

رضيتك   من  بعدي إماما وهاديا

فمن   كنت   مولاه   فهذا  وليه

فكونوا   له  أنصار صدق مواليا

هناك   دعا   اللهم   وال  وليه

وكن   للذي   عادى  عليا معاديا

فيا رب أنصر ناصريه لنصرهم

إمام  هدى   كالبدر يجلو

قال ابن الجوزي حول قصيدة حسان بن ثابت،  اتفق علماء السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع رسول الله من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة، وكان معه من الصحابة ومن الاعراب وممن يسكن حول مكة والمدينة مائة وعشرون ألفا، وهم الذين شهدوا معه حجة الوداع وسمعوا منه هذه المقالة.

ذكرت كتب التاريخ أن عمر بايع علي بن أبي طالب ع قال له بخ بخ لك ياعلي اصبحت وامسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة، عمر وابي بكر وجميع الصحابة اعترفوا بمنزله الإمام علي بن أبي طالب ع وبايعوه، فما فائدة البيعة أن لم يكن الإمام علي عليه السلام خليفة، النبي ص تحدث في مئات الأحاديث تشير إلى إمامة الإمام علي ع وبنيه من الأئمة الاثني عشر، والنصوص كثيرة.

مطالبة الشيعة في  في جعل ذكرى يوم الغدير كعطلة رسمية، لم تكن بدعة، وإنما احياء لسنة فعلها النبي محمد ص، وانا مع جعل يوم  ذكرى يوم سقيفة بني ساعدة كعطلة وحداد للأمة الإسلامية لكي يتعرف المسلمون على حجم الخطأ الذي ارتكبه بعض صحابتهم عندما عارضوا أمر الله عز وجل وعارضوا وصية الرسول محمد ص وتخلفوا عن جيش أسامة بن زيد، ولعنهم رسول الله ص نعم لعن كل المتخلفين عن جيش أسامة بن زيد. 

تم إقرار يوم الغدير عطلة رسمية بالعراق وكان يفترض إقرار هذا اليوم منذ عام ١٩٢١  وليس اليوم، لكن رغم ذلك، شيء ممتاز تم  إقرار يوم الغدير، وانا شخصيا أطالب في جعل يوم السقيفة عطلة رسمية ويرفع بها الحداد بذكرى وفاة النبي محمد ص ويوم رفض الصحابة وصية الرسول محمد ص وطمعوا بكرسي حكم زائل وكانوا السبب في إيصال واقع المسلمين إلى هذا الوضع البائس، رب العالمين عندما خلق آدم ع كان القرار صادر ينزل إلى الأرض لكن لولا وسوسة الشيطان إلى آدم ع و ارتكابه خطأ سبب لنا كارثة نزول آدم ع إلى الأرض بطريقة تختلف لو أن آدم ع لم يعصي الله عز وجل لنزل إلى الأرض بطريقة أفضل وأحسن من إنزاله بليلة ظلماء وعاش أبناء آدم ع في أوضاع مزرية حروب وصراعات وسفك دماء وظلم وقهر ……الخ.

موسى ع دعا فرعون ليؤمن بالله ولو آمن بذلك لبقي فرعون ملك وحاكم لكن بطريقة عادلة مع الرعية وليس بعقلية مثل عقلية صدام جرذ العوجة الهالك وعارها.

الشكر الجزيل لمن صوت لصالح قانون إقرار الغدير عطلة رسمية، وشكرا إلى أتباع التيار الصدري،  الذين آزروا  السيد مقتدى الصدر صاحب الدعوة لجعل يوم الغدير عطلة رسمية، بكل الاحوال انا شخصيا مع جعل يوم السقيفة عطلة رسمية ويوم حداد حزنا على وفاة رسول الله ص وعلى تطفل البعض على أوامر الله عز وجل وأوامر النبي ص في عمل انقلاب السقيفة الذي اطاح في الشرعية الإلهية.

مقترح إقرار عطلة كان من السيد مقتدى الصدر، حيث كتب زعيم التيار الصدري سماحة السيد مقتدى الصدر أعزه ونصره الله تغريدة في شهر نيسان    أبريل الماضي عير  منصة إكس قال بها ( بأمر من الشعب والأغلبية الوطنية المعتدلة بكل طوائفها، يجب على مجلس النواب تشريع قانون يجعل من الثامن عشر من شهر ذي الحجة، عيد الغدير، عطلة رسمية عامة لكل العراقيين بغض النظر عن انتمائهم وعقيدتهم).

حاول اراذل فلول البعث وهابي اثارة الجدل حول إقرار هذه العطلة المباركة والعظيمة، لكن دون جدوى،  قرأت مقالات لاراذل فلول البعث منصدمين كيف السيد الصدر توقف عن الوضع السياسي وتدخل في اقتراح جعل يوم الغدير عطلة رسمية، هناك فرق مابين مقاطعة سياسية لفترة معينة وبين الاعتزال، السيد مقتدى الصدر ابن مرجع وحفيد إلى رئيس وزراء تولى رئاسة الوزراء بالعهد الملكي، وهو السيد محمد صادق الصدر، شغل منصب نائب في مجلس النواب بالعهد الملكي وشارك في الحياة السياسية العراقية منذ شبابه إلى وفاته في عام ١٩٥٧ رضوان الله وسلامه عليه. 

السيد مقتدى الصدر اتخذ خطوات  في  تغيير اسم  التيار الصدري إلى التيار الوطني الشيعي، شيء ممتاز عندما تجد زعيم سياسي شيعي عراقي  يسمي اسم تياره في التيار الوطني الشيعي، بينما تجد ساسة وكتاب وصحفيين شيعة لا يستطيعون القول انهم شيعة، انا كاتب يساري وليس إسلامي لكني افتخر بهويتي الإسلامية الشيعية، شرف عظيم لي وانا اتبع مدرسة ال البيت ع العظيمة التي تحترم حقوق الانسان، علي بن أبي طالب ع [النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ]. وتلك حكمة لا تزال ترن في أسماع الدنيا وتتناقلها الأجيال.. وقد قالها الإمام علي عليه السلام في عهده لمالك الأشتر عندما ولاه مصر.

الإمام علي بن الحسين ع صاحب رسالة الحقوق وهي أقدم مصدر تاريخي في مصادر حقوق الانسان. 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

24/6/2024

اترك تعليقاً