فيينا / السبت 16 . 11 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله تعالى “لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ” ﴿البقرة 225﴾ يُؤَاخِذُكُمُ: يُؤَاخِذُ فعل، كُمُ ضمير. غفور اسم، حليم صفة، غفور: سَتور، غفراناً: غطى عليه و عفا عنه، لا يعاقبكم الله بسبب أيمانكم التي تحلفونها بغير قصد، ولكن يعاقبكم بما قصدَتْه قلوبكم. والله غفور لمن تاب إليه، حليم بمن عصاه حيث لم يعاجله بالعقوبة.
عن مجلة البيان بدائع (التكرار) في القرآن المجيد للكاتب محمد عبد الشافي القوصي: التكرار الذي نجده في اللفظ والمعنى: فهو ما تكرَّر فيه لفظ بعينه دون اختلاف في عدَّة مواضع من القرآن، أيْ: أنَّ الكلمة أوْ العبارة أوْ الآية تأتي بالصيغة والمفردات نفسها. وهذا التكرار ينقسم إلى نوعيْن: موصول، ومفصول. فالتكرار الموصول: تتكرَّر فيه إمَّا كلمات، كما جاء في قوله تعالى: “هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِـمَا تُوعَدُونَ” (المؤمنون 36)، وقوله تعالى: “وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً” (الإنسان 15 – 16). وإمَّا مقاطع، كما جاء في قوله تعالى: “كَلَّا إذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا 21 وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْـمَلَكُ صَفًّا صَفًّا” (الفجر 21 – 22). وإمَّا آيات، كما جاء في قوله: “فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ” (المدثر 19 – 20)، وقوله عزَّ وجلَّ: “أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى” (القيامة 34 – 35)، وقوله: “كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ” (النبأ 4-5)، وقوله سبحانه: “وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ 17 ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ” (الانفطار 17 – 18)، وقوله: “فَإنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً” (الشرح 5-6)، وقـوله سـبحانه: “كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ” (التكاثر 3-4). وأمَّا التكرار المفصول: فهو يقع إمَّا في سُورةٍ بعينها، كما جاء فيما وقع فيه الفصل بين المكرَّرين في سورة الشعراء: “وَإنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ” التي تكرَّر فيها (8) مرات. أوْ قوله تعالى في سورة النمل: “أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ” الذي تكرَّر فيه (5) مرات. أوْ قوله تعالى في سورة القمر: “وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ” الذي تكرَّر فيه (4) مرات في السورة. أوْ قوله في سورة الرحمن: “فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ” التي تكرَّر فيها (31) مرة. أوْ قوله في سورة المرسلات: “وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ” التي تكرَّر فيها (10) مرات. وإمَّا أنه يقع في مواضع مختلفة من القرآن: كما جاء في قوله سبحانه: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْـمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْـمَصِيرُ” الذي تكرَّر مرتيْن في القرآن: الأُولى في سورة التوبة، والثانية في سورة التحريم. ومِن ذلك قوله تعالى: “وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” الذي تكرَّر في ثلاثة مواضع من القرآن: سُوَر (النمل، يس، المُلْك). أوْ ما جاء في قوله تعالى: “فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ” فقد تكرَّرت هذه الآية في موضعيْن: في النحل، وفي الأنبياء.
جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى “لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ” ﴿البقرة 225﴾ بعد أن نهى اللَّه سبحانه عن الحلف بلا ضرورة بيّن ان ما يدور كثيرا على الألسن، مثل بلى واللَّه، ولا واللَّه، ان هذا، وما إليه، ليس من اليمين الحقيقية في شيء، وانما هو لغو يسبق إلى اللسان من غير قصد، ولا يترتب عليه ضرر لأحد، ولذا لم يفرض اللَّه له كفارة في الدنيا، ولا يعاقب عليه في الآخرة. “ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ”. لأنه جلت عظمته لا ينظر إلى الصور والأقوال، وانما ينظر إلى النوايا والأفعال، ومثله الآية 88 من سورة المائدة: “لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيْمانِكُمْ ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَو كِسْوَتُهُمْ أَو تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ”. فالعاقل البالغ القاصد المختار إذا حلف وخالف فعليه أن يكفر بعتق رقبة، أو اطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فان عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام.. وتكلمنا عن اليمين وشروطها وأحكامها في الجزء الخامس من فقه الإمام جعفر الصادق، باب النذر واليمين والعهد.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ” ﴿البقرة 225﴾ قوله تعالى: “لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم” إلى آخر الآية، اللغو من الأفعال ما لا يستتبع أثرا، وأثر الشيء يختلف باختلاف جهاته ومتعلقاته، فلليمين أثر من حيث إنه لفظ، وأثر من حيث إنه مؤكد للكلام، وأثر من حيث إنه عقد وأثر من حيث حنثه ومخالفة مؤداه، وهكذا إلا أن المقابلة في الآية بين عدم المؤاخذة على لغو اليمين وبين المؤاخذة على ما كسبته القلوب وخاصة من حيث اليمين تدل على أن المراد بلغو اليمين ما لا يؤثر في قصد الحالف، وهو اليمين الذي لا يعقد صاحبه على شيء من قول: لا والله وبلى والله. والكسب هو اجتلاب المنافع بالعمل بصنعة أو حرفة أو نحوهما وأصله في اقتناء ما يرتفع به حوائج الإنسان المادية ثم استعير لكل ما يجلبه الإنسان بعمل من أعماله من خير أو شر ككسب المدح والفخر وحسن الذكر بحسن الخلق والخدمات النوعية وكسب الخلق الحسن والعلم النافع والفضيلة بالأعمال المناسبة لها، وكسب اللوم والذم، واللعن والطعن، والذنوب والآثام، ونحوها بالأعمال المستتبعة لذلك، فهذا هو معنى الكسب والاكتساب، وقد قيل في الفرق بينهما إن الاكتساب اجتلاب الإنسان المنفعة لنفسه، والكسب أعم مما يكون لنفسه أو غيره مثل كسب العبد لسيده وكسب الولي للمولى عليه ونحو ذلك. كيف كان فالكاسب والمكتسب هو الإنسان لا غير.
*****
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة
الجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات
أي اعتداء او تجاوز ، او محاولة حذف المادة باي حجة واهية سنلجأ للقضاء ومقاضاة من يفعل ذلك
فالجريدة تعتبر حذف اي مادة هو قمع واعتداء على حرية الرأي من الفيسبوك