فيينا / الجمعة 20 . 12 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
جاء في موقع الأمم المتحدة عن اليوم العالمي للغة العربية 18 كانون الأول/ديسمبر: احتفالية 2024 العربية والذكاء الاصطناعي: تحفيز الابتكار وصون التراث الثقافي: تُعد العربية لغة عالمية ذات أهمية ثقافية جمّة، إذ يبلغ عدد الناطقين بها ما يربو عن 450 مليون شخص وهي تتمتع بصفة لغة رسمية في حوالي 25 دولة. ومع ذلك، فإن المحتوى المتاح على شبكة الإنترنت باللغة العربية لا يتجاوز نسبة 3%، مما يحدّ من إمكانية انتفاع ملايين الأشخاص به. وتجمع فعالية تُقيمها يونسكو بهذه المناسبة صفوة العلماء والخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي ورواد الثقافة بغرض استكشاف سُبل سد هذه الفجوة الرقمية عن طريق الذكاء الاصطناعي، وتعزيز حضور اللغة العربية على شبكة الإنترنت، ودعم الابتكار وتشجيع الحفاظ على التراث. وستُستهَل الفعالية، هذا العام، بكلمات افتتاحية يُلقيها متحدثون بارزون، تليها جلسات تتمحور حول مواضيع الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي العربي، والحفاظ على الثقافة واللغة، والتمكين الرقمي. وسيكون مسك الختام عرض للخط المضيء يأسر الأنظار. معلومات أساسية: تُعدّ اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة. ويتوزع متحدثو العربية بين المنطقة العربية و عديد المناطق الأخرى المجاورة كا تركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا، حيث أن للعربية أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة (لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها. كما أن العربية هي كذلك لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية حيث كتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى.
وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات، كما أنها أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء. وسادت العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر في كثير من اللغات الأخرى، من مثل: التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية، وبعض اللغات الإفريقية مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وبخاصةً المتوسطية منها من مثل الإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية. وفضلا عن ذلك، مثلت اللغة العربية كذلك حافزاً إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة.، كما أتاحت إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي. في إطار دعم وتعزيز تعدد اللغات وتعدد الثقافات في الأمم المتحدة، اعتمدت إدارة الأمم المتحدة للتواصل العالمي — عُرفت سابقا باسم إدارة شؤون الإعلام — قرارا عشية الاحتفال باليوم الدولي للغة الأم بالاحتفال بكل لغة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة. وبناء عليه، تقرر الاحتفال باللغة العربية في 18 كانون الأول/ديسمبر لإنه اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة 3190(د-28) المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1973 بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة. والغرض من هذا اليوم هو إذكاء الوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافاتها وتطورها بإعداد برنامج أنشطة وفعاليات خاصة.
قوله عز من قائل “وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ” أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ” أُولَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ” (فصلت 44) “ولو جعلناه” أي الذكر “قراناً أعجميا لقالوا لولا” هلا “فصلت” بينت “آياته” حتى نفهمها، “أ” قرآن “اعجمي و” نبي “عربي” استفهام إنكار منهم بتحقيق الهمزة الثانية وقلبها ألفا بإشباع، ودونه، “قل هو للذين آمنوا هدى” من الضلالة “وشفاء” من الجهل، “والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر” ثقل فلا يسمعونه “وهو عليهم عمى” فلا يفهمونه، “أولئك ينادون من مكان بعيد” أي هم كالمنادى من مكان بعيد لا يسمع ولا يفهم ما ينادى به.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز من قائل “وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ” ﴿فصلت 44﴾ “ولو جعلناه قرآنا أعجميا” أي لو جعلنا هذا الكتاب الذي تقرؤه على الناس بغير لغة العرب “لقالوا لولا فصلت آياته” أي هلا بينت بلسان العرب حتى نفهمه “أ أعجمي وعربي” أي كتاب أعجمي ونبي عربي وهذا استفهام على وجه الإنكار والمعنى أنهم كانوا يقولون المنزل عليه عربي والمنزل أعجمي وكان ذلك أشد لتكذيبهم فبين الله سبحانه أنه أنزل الكتاب بلغتهم وأرسل الرسول من عشيرتهم ليكون أبلغ في الحجة وأقطع للمعذرة. “قل” يا محمد لهم “هو” أي القرآن “للذين آمنوا هدى” من الضلالة “وشفاء” من الأوجاع وقيل وشفاء للقلوب من كل شك وريب وشبهة وسمي اليقين شفاء كما سمي الشك مرضا في قوله “في قلوبهم مرض” “والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر” أي ثقل وصمم عن سماعه من حيث يثقل عليهم استماعه فلا ينتفعون به فكأنهم صم عنه “وهو عليهم عمى” عميت قلوبهم عنه عن السدي يعني أنهم لما ضلوا عنه وحاروا عن تدبره فكأنه عمي لهم “أولئك ينادون من مكان بعيد” أي أنهم لا يسمعون ولا يفهمون كما أن من دعي من مكان بعيد لم يسمع ولم يفهم وإنما قال ذلك لبعد أفهامهم وشدة إعراضهم عنه وقيل لبعده عن قلوبهم عن مجاهد وقيل ينادى الرجل منهم في الآخرة بأشنع اسمه عن الضحاك.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قال الله تعالى عن عربي “وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ” ﴿فصلت 44﴾ قوله تعالى: “ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أ أعجمي وعربي” قال الراغب: العجمة خلاف الإبانة. قال: والعجم خلاف العرب والعجمي منسوب إليهم، والأعجم من في لسانه عجمة عربيا كان أو غير عربي اعتبارا بقلة فهمهم عن العجم. انتهى. فالأعجمي غير العربي البليغ سواء كان من غير أهل اللغة العربية أو كان منهم وهو غير مفصح للكنة في لسانه، وإطلاق الأعجمي على الكلام كإطلاق العربي من المجاز. فالمعنى: ولو جعلنا القرآن أعجميا غير مبين لمقاصده غير بليغ في نظمه لقال الذين كفروا من قومك: هلا فصلت وبينت آياته وأجزاؤه فانفصلت وبانت بعضها من بعض بالعربية والبلاغة أ كتاب مرسل أعجمي ومرسل إليه عربي؟ أي يتنافيان ولا يتناسبان. وإنما قال: “عربي” ولم يقل: عربيون أو عربية مع كون من أرسل إليه جمعا وهم جماعة العرب، إذ القصد إلى مجرد العربية من دون خصوصية للكثرة بل المراد بيان التنافي بين الكلام وبين المخاطب به لا بيان كون المخاطب واحدا أو كثيرا. قال في الكشاف: فإن قلت: كيف يصح أن يراد بالعربي المرسل إليهم وهم أمة العرب؟ قلت: هو على ما يجب أن يقع في إنكار المنكر لو رأى كتابا عجميا كتب إلى قوم من العرب يقول: كتاب أعجمي ومكتوب إليه عربي وذلك لأن مبنى الإنكار على تنافر حالتي الكتاب والمكتوب إليه لا على أن المكتوب إليه واحد أو جماعة فوجب أن يجرد لما سيق إليه من الغرض ولا يوصل به ما يخل غرضا آخر أ لا تراك تقول وقد رأيت لباسا طويلا على امرأة قصيرة: اللباس طويل واللابس قصير ولو قلت واللابس قصيرة جئت بما هو لكنه وفضول قول لأن الكلام لم يقع في ذكورة اللابس وأنوثته إنما وقع في غرض وراءهما. وقوله: “قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء” بيان أن أثر القرآن وخاصته لا يدور مدار لغته بل الناس تجاهه صنفان وهم الذين آمنوا والذين لا يؤمنون، وهو هدى وشفاء للذين آمنوا يهديهم إلى الحق ويشفي ما في قلوبهم من مرض الشك والريب. وهو عمى على الذين لا يؤمنون وهم الذين في آذانهم وقر يعميهم فلا يبصرون الحق وسبيل الرشاد. وفي توصيف الذين لا يؤمنون بأن في آذانهم وقرا إيماء إلى اعترافهم بذلك المنقول عنهم في أول السورة: “وفي آذاننا وقر”. وقوله: “أولئك ينادون من مكان بعيد” أي فلا يسمعون الصوت ولا يرون الشخص وهو تمثيل لحالهم حيث لا يقبلون العظة ولا يعقلون الحجة.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات