أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / ميلاد السيد المسيح عليه السلام (ح 20) (وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه)

ميلاد السيد المسيح عليه السلام (ح 20) (وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه)

فيينا / الأحد 29 . 12 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جلت قدرته “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا” (النساء 157) قول اليهود: “إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ” حكاه الله تعالى عنهم، أي: رسول الله في زعمه، وقيل: إنه من قول الله سبحانه، لا على وجه الحكاية عنهم، وتقديره: الذي هو رسولي “وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ” واختلفوا في كيفية التشبيه: فروي عن ابن عباس أنه قال: لما مسخ الله تعالى الذين سبوا عيسى وأمه بدعائه، بلغ ذلك يهوذا وهو رأس اليهود، فخاف أن يدعو عليه، فجمع اليهود، فاتفقوا على قتله، فبعث الله تعالى جبرائيل يمنعه منهم، ويعينه عليهم. وذلك معنى قوله “وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ”، فاجتمع اليهود حول عيسى، فجعلوا يسألونه فيقول لهم: يا معشر اليهود إن الله تعالى يبغضكم، فساروا إليه ليقتلوه، فأدخله جبرائيل في خوخة البيت الداخل لها روزنة في سقفها، فرفعه جبرائيل إلى السماء، فبعث يهوذا رأس اليهود رجلا من أصحابه اسمه طيطانوس، ليدخل عليه الخوخة فيقتله، فدخل فلم يره، فأبطأ عليهم، فظنوا أنه يقاتله في الخوخة، فألقى الله عليه شبه عيسى. فلما خرج على أصحابه، قتلوه وصلبوه. وقيل: ألقى عليه شبه وجه عيسى، ولم يلق عليه شبه جسده، فقال بعض القوم: إن الوجه وجه عيسى، والجسد جسد طيطانوس. وقال بعضهم: إن كان هذا طيطانوس فأين عيسى؟ وإن كان هذا عيسى، فأين طيطانوس؟ فاشتبه الأمر عليهم. وقال وهب بن منبه: أتى عيسى ومعه سبعة من الحواريين في بيت، فأحاطوا بهم، فلما دخلوا عليهم، صيرهم الله كلهم على صورة عيسى، فقالوا لهم: سحرتمونا، ليبرزن لنا عيسى، أو لنقتلنكم جميعا فقال عيسى لأصحابه: من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة؟ فقال رجل منهم اسمه سرجس: أنا. فخرج إليهم، فقال: أنا عيسى. فأخذوه، وقتلوه، وصلبوه، ورفع الله عيسى من يومه ذلك، وبه قال قتادة، ومجاهد، وابن إسحاق. وإن اختلفوا في عدد الحواريين، ولم يذكر أحد غير وهب، أن شبهه ألقي على جميعهم، بل قالوا: ألقي شبهه على واحد، ورفع عيسى من بينهم. قال الطبري: وقول وهب أقوى، لأنه لو ألقي الشبه على واحد منهم، مع قول عيسى: ” أيكم يلقى شبهي فله الجنة ” ثم رأوا عيسى رفع من بينهم. قال الطبري: لما اشتبه عليهم، ولما اختلفوا فيه، وإن جاز أن يشتبه على أعدائهم من اليهود الذين ما عرفوه، لكن ألقي الشبه على جميعهم، وكانوا يرون كل واحد منهم بصورة عيسى، فلما قتل أحدهم، اشتبه الحال عليهم. وقال أبو علي الجبائي: إن رؤساء اليهود أخذوا إنسانا، فقتلوه وصلبوه، على موضع عال، ولم يمكنوا أحدا من الدنو إليه، فتغيرت حليته، وقالوا: قد قتلنا عيسى، ليوهموا بذلك على عوامهم، لأنهم كانوا أحاطوا بالبيت الذي فيه عيسى، فلما دخلوه، كان عيسى قد رفع من بينهم، فخافوا أن يكون ذلك سببا لإيمان اليهود به، ففعلوا ذلك. والذين اختلفوا فيه هم غير الذين صلبوه، وإنما باقي اليهود. وقيل: إن الذي دلهم عليه، وقال: هذا عيسى، أحد الحواريين، أخذ على ذلك ثلاثين درهما، وكان منافقا، ثم إنه ندم على ذلك، واختنق حتى قتل نفسه، وكان اسمه بودس زكريا بوطا، وهو ملعون في النصارى. وبعض النصارى يقول: إن بودس زكريا بوطا، هو الذي شبه لهم، فصلبوه، وهو يقول: لست بصاحبكم أنا الذي دللتكم عليه وقيل: إنهم حبسوا المسيح، مع عشرة من أصحابه، في بيت، فدخل عليهم رجل من اليهود، فألقى الله تعالى عليه شبه عيسى، ورفع عيسى، فقتلوا الرجل، عن السدي. “وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ” قيل: يعني بذلك عامتهم، لأن علماءهم علموا أنه غير مقتول، عن الجبائي. وقيل: أراد بذلك جماعة اختلفوا، فقال بعضهم: قتلناه، وقال بعضهم: لم نقتله. “مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ” أي: لم يكن لهم بمن قتلوه علم، لكنهم اتبعوا ظنهم، فقتلوه ظنا منهم، أنه عيسى، ولم يكن به، وإنما شكوا في ذلك، لأنهم عرفوا عدة من في البيت، فلما دخلوا عليهم، وفقدوا واحدا منهم، التبس عليهم أمر عيسى، وقتلوا من قتلوه على شك منهم في أمر عيسى، هذا على قول من قال: لم يتفرق أصحابه، حتى دخل عليهم اليهود. وأما من قال: تفرق أصحابه عنه، فإنه يقول: كان اختلافهم في أن عيسى هل كان فيمن بقي، أو كان فيمن خرج، اشتبه الأمر عليهم. وقال الحسن: معناه فاختلفوا في عيسى، فقالوا مرة هو عبد الله، ومرة هو ابن الله، ومرة هو الله. وقال الزجاج: معنى اختلاف النصارى فيه أن منهم من ادعى أنه إله لم يقتل، ومنهم من قال قتل. “وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا” اختلف في الهاء في “قَتَلُوهُ” فقيل: إنه يعود إلى الظن، أي: ما قتلوا ظنهم يقينا، كما يقال: ما قتله علما، عن ابن عباس، وجويبر. ومعناه: ما قتلوا ظنهم الذي اتبعوه في المقتول الذي قتلوه، وهم يحسبونه عيسى، يقينا أنه عيسى، ولا أنه غيره، لكنهم كانوا منه على شبهة. وقيل: إن الهاء عائد إلى عيسى، يعني: ما قتلوه يقينا، أي: حقا، فهو من باب تأكيد الخبر، عن الحسن أراد أن الله تعالى نفى عن عيسى القتل، على وجه التحقيق واليقين.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله جلت قدرته “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا” (النساء 157) “وقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّه”. وصفوه برسول اللَّه تهكما به وبدعوته. “وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولكِنْ شُبِّهً لَهُمْ”. لما صمم اليهود على قتل السيد المسيح ألقى اللَّه شبهه على أحد المجرمين المستحقين للقتل، وقيل: ان هذا المجرم هو يهوذا الذي قاد الحملة ضد عيسى، فأخذه اليهود، وعذبوه وصلبوه معتقدين انه السيد المسيح، وبعد الصلب فقدوا صاحبهم، فارتبكوا وتحيروا، وقالوا: ان كان المصلوب عيسى فأين صاحبنا؟ وان كان المصلوب صاحبنا فأين عيسى؟. “وإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ”. اختلف اليهود والنصارى في السيد المسيح عليه السلام، ووقفوا منه موقفين متناقضين، فقال اليهود: هو ابن زنا. وقال النصارى هو ابن اللَّه. وأيضا قال اليهود: صلبناه، ودفن تحت الأرض إلى غير رجعة. وقال النصارى: انه صلب ودفن، ولكنه قام من تحت التراب، ورجع إلى الدنيا بعد ثلاثة أيام. فرد اللَّه سبحانه على الجميع بقوله: “ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ”. والظن لا يغني عن الحق شيئا، والحق اليقين الذي لا ريب فيه هو ما أنبأنا اللَّه به في قوله: “وما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ”. هذه هي الحقيقة رفع إلى اللَّه تعالى، لا قتل ولا صلب.
جاء في موقع هدى القرآن عن انحرافات بني إسرائيل للدكتور سعيد أيوب: وبدأ اليهود يعدون العدة للفتك بالمسيح عليه السلام كما فتكوا من قبل بزكريا ويحيى عليهما السلام ولكن الله تعالى نجا المسيح ابن مريم من أيديهم، وما وجدوا في بيت المسيح إلا شبيه المسيح. الذي ألقى الله عليه الشبه بعد رفع المسيح إليه، وخرج اليهود يهللون لأنتصارهم الكبير يقول تعالى: “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا” (النساء 157-158). قال المفسرون: ينص على أنه عليه السلام لم يتوف بأيديهم لا صلبا ولا غير مصلوب، بل شبه لهم أمره. فأخذوا غير المسيح عليه السلام مكان المسيح فقتلوه أو صلبوه. وقد وردت به روايات أن الله تعالى ألقى شبهه على غيره فأخذ وقتل مكانه. وقوله: “وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾ أي اختلفوا في عيسى أو في قتله “لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ” (النساء 157) أي في جهل بالنسبة إلى أمره “مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ” (النساء 157) أي التخمين أو رجحان ما أخذه بعضهم من أفواه بعض. وقوله: “وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا” أي ما قتلوه قتل يقين، أو ما قتلوه أخبرك خبر يقين وقوله. “بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ” (النساء 158) وهذه الآية بحسب السياق. تنفي وقوع ما ادعوه من القتل والصلب عليه.
 جاء في كتاب لاهوت المسيح في المسيحية والإسلام دراسة مقارنة للكاتب علي الشيخ: خاتمة حياة المسيح عليه السلام: يعتقد المسلمون بأن المسيح عليه السلام لم يُصلب ولم يقتل، وانما رفع الى السماء، وذلك إستناداً الى قوله تعالى: “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَل رَفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً” (النساء 157-158). فهذه الاية صريحة في نفي القتل والصلب الذي زعمه اليهود والنصارى، وهي تثبت أن المصلوب هو شخص آخر شبيه للمسيح عليه السلام، وقد وقع الاختلاف في الرجل الذي ألقي عليه شبه المسيح عليه السلام. فقيل: انه طيفانوس اليهودي، وقيل إنه يهوذا وقيل غير ذلك، والمهم أن أصل التشبيه من الأمور المسلّمة استناداً الى القرآن الكريم. و هنا يطرح السؤال التالي: اذا كان عيسى عليه السلام قد نجاسالماً، ووقع من اُلقي عليه شبه المسيح عليه السلام في هذه الحادثة (الصلب والقتل) فأين ذهب المسيح عليه السلام؟ القرآن يجيب على هذا السؤال بأن المسيح عليه السلام رُفع الى السماء، قال تعالى: “إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” (ال عمران 55). أن الله قد توفاه كما في قوله تعالى: “إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ” (ال عمران 55) وهل التوفي الاّ الموت؟ نقول: التوفي أخذ الشى اخذاً تاماً، ولذا يستعمل في الموت لأن الله يأخذ عند الموت نفس الإنسان عن بدنه، قال تعالى: “تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا” (الانعام 61). أي أماتته، وقال تعالى: “قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ” (السجدة 11). وقال تعالى: “اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا” (الزمر 42). والتأمل في الآيتين الاخيرتين يعطي أن التوفي لم يستعمل في القرآن بمعنى الموت بل بعناية الاخذ والحفظ.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً