الرئيسية / مقالات / هلاك صدام: سوء عاقبة الظالم (ح 5) (فانظر كيف كان عاقبة المجرمين)

هلاك صدام: سوء عاقبة الظالم (ح 5) (فانظر كيف كان عاقبة المجرمين)

فيينا / الثلاثاء 31 . 12 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
جاء في موقع الوسط عن الرجل الذي اشرف على اعدام صدام يروي نهاية المهيب الركن: يدير مستشار الامن القومي العراقي السابق موفق الربيعي ظهره لتمثال لصدام حسين التف حول رقبته الحبل الذي شنق به، وهو يتذكر اللحظات الاخيرة قبيل اعدام ديكتاتور. وفي مكتبه الواقع في الكاظمية في شمال بغداد، على بعد نحو مئة متر من مكان تنفيذ الحكم في صدام، يبتسم الربيعي تارة، ويحرك يديه بحماسة تارة اخرى، وهو يروي في مقابلة حصرية مع وكالة فرانس برس نهاية المهيب الركن. لم اسمع منه اي طلب للمغفرة من الله عز وجل، او ان يطلب العفو. لم اسمع منه اي صلاة او دعاء. الانسان المقدم على الموت يقول عادة: يا ربي اغفر لي ذنوبي انا قادم اليك. اما هو، فلم يقل ايا من ذلك. واعدم صدام حسين الذي حكم العراق لاكثر من عقدين بيد من حديد قبل ان تطيح به قوات تحالف دولي في العام 2003، صباح يوم 30 كانون الأول ديسمبر 2006 في مقر الشعبة الخامسة في دائرة الاستخبارات العسكرية، بعدما ادين بتهمة قتل 148 شيعيا من بلدة الدجيل. وقبض على صدام حسين المولود في العام 1937، وصاحب التاريخ الحافل بالحروب والعداوات، في 13 كانون الأول ديسمبر 2003 داخل حفرة في مزرعة قرب ناحية الدور في محافظة صلاح الدين 140 كلم شمال بغداد. وكان صدام بنظراته الحادة وشواربه الكثيفة، الرجل القوي في العراق منذ تسلم حزب البعث السلطة في 17 تموز يوليو 1968، لكنه تولى رسميا قيادة البلاد في السادس عشر من تموز يوليو 1979. وينظر بعض العراقيين السنة خصوصا الى صدام على انه قائد لا يتكرر بحيث كانوا يطلقون عليه لقب القائد الضرورة، وهي صفة تبناها بعض العرب الذين راوا فيه بطلا. ويقول الربيعي متجاهلا خلفه تمثال صدام باللباس العسكري تعلو كتفيه رتبة المهيب الركن الخاصة به عندما جئت به كان مكتوف اليدين. اخذته الى غرفة القاضي حيث قرا عليه لائحة الاتهام. ويتابع قدته الى غرفة الاعدام، فوقف ونظر الى المشنقة، ثم نظر لي نظرة فاحصة وقال لي: دكتور، هذا للرجال فتحت يده وشددتها من الخلف، فقال: اخ، فارخيناها له. وقبيل اعدام صدام الذي رفض وضع غطاء للوجه، تعالت في القاعة هتافات بينها عاش الامام محمد باقر الصدر الذي قتل في عهد صدام. اعدم بعد محاولة اولى فاشلة قام بها الربيعي نفسه، الذي نزل بعد ذلك الى الحفرة مع اخرين. وقال الربيعي وضعناه في كيس ابيض، ثم وضعناه على حمالة وابقيناه في الغرفة لبضعة دقائق. ونقل جثمان صدام في مروحية من ساحة السجن في الكاظمية الى المنطقة الخضراء المحصنة. ويقول الربيعي مع الاسف الطائرة كانت مزدحمة بالاخوة، فلم يبق مكان للحمالة لذا وضعناها على الارض فيما جلس الاخوة على المقاعد. لكن الحمالة كانت طويلة، لذا لم تسد الابواب. اتذكر بشكل واضح ان قرص الشمس كان قد بدا يظهر، مشددا على ان عملية الاعدام جرت قبل الشروق، اي قبل حلول العيد. وعن مشاركته في عملية الاعدام، يقول الربيعي الذي سجن ثلاث مرات في عهد صدام لم اشعر بمثل ذلك الاحساس الغريب جدا. هو ارتكب جرائم لا تعد ولا تحصى ويستحق الف مرة ان يعدم، ويحيا، ويعدم، ولكن الاحساس، ذلك الاحساس احساس غريب مليء بكل مشاعر الموت. ويوضح هذا ليس بشخص عادي. لقد تسبب خلال حكمه للعراق بحروب عديدة، واستخدم الكيميائي ضد شعبه، وفقدنا مئات الالاف في المقابر الجماعية، والالاف في الاعدامات. لذلك كنت اعرف انه حدث تاريخي. وتحدث الربيعي عن مجموعة ضغوط تعرضت لها السلطات العراقية قبيل اعدام صدام، منها قانونية، ومنها سياسية من قبل زعماء عرب .
عاقبة المجرمين في الآية التالية عن قوم لوط مثل صدام وأعوانه تحتاج الى نظر وتفكر أين الكبرياء والقصور والطعام الفاخر والأعوان حيث أخرج من حفرة وسقط في حفرة عند اعدامه ومقربيه. جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جلت قدرته “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ” ﴿الأعراف 84﴾ “وأمطرنا عليهم مطرا” أي: أرسلنا عليهم الحجارة كالمطر، كما قال في آية أخرى “وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل” “فانظر كيف كان عاقبة المجرمين” معناه: تفكر وانظر بعين العقل، كيف كان مآل أمر المقترفين للسيئات، والمنقطعين إليها، وعاقبة فعلهم، من عذاب الدنيا بالاستئصال قبل عذاب الآخرة بالخلود في النار. قصة لوط مع قومه: وجملة أمرهم فيما روي، عن أبي حمزة الثمالي، وأبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام أن لوطا لبث في قومه ثلاثين سنة، وكان نازلا فيهم، ولم يكن منهم، يدعوهم إلى الله، وينهاهم عن الفواحش، ويحثهم على الطاعة، فلم يجيبوه، ولم يطيعوه، وكانوا لا يتطهرون من الجنابة، بخلاء أشحاء على الطعام، فأعقبهم البخل الداء الذي لا دواء له في فروجهم، وذلك أنهم كانوا على طريق السيارة إلى الشام ومصر، وكان ينزل بهم الضيفان، فدعاهم البخل إلى أن كانوا إذا نزل بهم الضيف فضحوه، وإنما فعلوا ذلك لتنكل النازلة عليهم من غير شهوة بهم إلى ذلك، فأوردهم البخل هذا الداء حتى صاروا يطلبونه من الرجال، ويعطون عليه الجعل. وكان لوط سخيا كريما، يقري الضيف إذا نزل به، فنهوه عن ذلك، وقالوا: لا تقرين ضيفا جاء ينزل بك، فإنك إن فعلت، فضحنا ضيفك. فكان لوط إذا نزل به الضيف، كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه. ولما أراد الله سبحانه عذابهم، بعث إليهم رسلا مبشرين ومنذرين، فلما عتوا عن أمره، بعث الله إليهم جبرائيل عليه السلام في نفر من الملائكة، فأقبلوا إلى إبراهيم قبل لوط، فلما رآهم إبراهيم ذبح عجلا سمينا، فلما رأى أيديهم لا تصل إليه، نكرهم وأوجس منهم خيفة. قالوا: يا إبراهيم إنا رسل ربك، ونحن لا نأكل الطعام، إنا أرسلنا إلى قوم لوط. وخرجوا من عند إبراهيم، فوقفوا على لوط وهو يسقي الزرع، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن أبناء السبيل أضفنا الليلة. فقال لوط: إن أهل هذه القرية قوم سوء ينكحون الرجال في أدبارهم، ويأخذون أموالهم. قالوا: قد أبطأنا فأضفنا. فجاء لوط إلى أهله، وكانت امرأته كافرة، فقال: قد أتاني أضياف في هذه الليلة، فاكتمي أمرهم، قالت: أفعل. وكانت العلامة بينها وبين قومها، أنه إذا كان عند لوط أضياف بالنهار، تدخن من فوق السطح، وإذا كان بالليل، توقد النار. فلما دخل جبرائيل عليه السلام والملائكة معه بيت لوط، وثبت امرأته على السطح، فأوقدت نارا، فأقبل القوم من كل ناحية، يهرعون إليه، أي: يسرعون، ودار بينهم ما قصه الله تعالى في مواضع من كتابه، فضرب جبرائيل عليه السلام بجناحه على عيونهم، فطمسها. فلما رأوا ذلك، علموا أنهم قد أتاهم العذاب، فقال جبرائيل عليه السلام: يا لوط. أخرج من بينهم أنت وأهلك، إلا امرأتك. فقال: كيف أخرج وقد اجتمعوا حول داري؟ فوضع بين يديه عمودا من نور، وقال اتبع هذا العمود، ولا يلتفت منكم أحد فخرجوا من القرية. فلما طلع الفجر، ضرب جبرائيل بجناحه في طرف القرية، فقلعها من تخوم الأرضين السابعة، ثم رفعها في الهواء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، وصراخ ديوكهم، ثم قلبها عليها، وهو قول الله عز وجل “فجعلنا عاليها سافلها” وذلك بعد أن أمطر الله عليهم حجارة من سجيل، وهلكت امرأته بأن أرسل الله عليها صخرة فقتلها. وقيل: قلبت المدينة على الحاضرين منهم، فجعل عاليها سافلها، وأمطرت الحجارة على الغائبين، فأهلكوا بها. وقال الكلبي: أول من عمل عمل قوم لوط إبليس الخبيث، لأن بلادهم أخصبت فانتجعها أهل البلدان، فتمثل لهم إبليس في صورة شاب، ثم عبثوا بعمل اللواط. فلما كثر ذلك فيهم عجت الأرض إلى ربها، فسمعت السماء، فعجت إلى ربها، فسمع العرش، فعج إلى ربه، فأمر الله السماء أن تحصبهم، وأمر الأرض أن تخسف بهم.
عن تفسير الميسر: قوله جلت قدرته “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ” ﴿الأعراف 84﴾ عاقبة اسم، عاقبة اي خاتمة، المجرمين هم الكفار من قوم لوط، وعذَّب الله الكفار من قوم لوط بأن أنزل عليهم مطرًا من الحجارة، وقلب بلادهم، فجعل عاليها سافلها، فانظر أيها الرسول كيف صارت عاقبة الذين اجترؤوا على معاصي الله وكذبوا رسله. وجاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله جلت قدرته “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ” ﴿الأعراف 84﴾ ذكر الأمطار في مورد ترقب ذكر العذاب يدل على أن العذاب كان به وقد نكر المطر للدلالة على غرابة أمره وغزارة أثره، وقد فسره الله تعالى في موضع آخر بقوله: “وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ” (هود 83). وقوله: “فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ” (الاعراف 84) توجيه خطاب إلى النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله ليعتبر به هو وأمته.
عن الاقوام ما بعد هود يقول الدكتور محمد حسين الصغير: وهكذا تتوالى الرسالات بالتوحيد، ويتوالى الاستكبار والتكذيب، ولم تكن للناس على الله الحجة، فقد تابع الرسل والنبيين، يوقظون الغافل، ويحركون روح الحياة في النفوس، فأرسل لوطاً وشعيباً، فكذبوا ذلك، وكان عذاب الاستئصال يسوّي آثارهم، وينسف ديارهم، فبالنسبة لقوم لوط قال تعالى “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِينَ” (الاعراف 84).
جاء في صحيفة الراية عن بلاغة القرآن: الفرق بين المطر والغيث: عند حديث القرآن عن (المطر والغيث)، تجد تحديدًا دقيقًا لاستعمال الألفاظ، لا يُوجد في غير القرآن. فقد فرَّق القرآن في الاستعمال بينهما، فلفظ (الغيث) لا يذكر في القرآن إلا في مواطن الرحمة والنعمة، ويأتي مقرونًا بالخير الوفير، خذ قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ” (لقمان 34)، “وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ” (الشورى 28). “ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ” (يوسف: 49). على حين لا يذكر لفظ (المطر) ومشتقاته في القرآن العظيم، إلا في مقام العذاب والعقاب، قال سبحانه: “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِين” (الأعراف 84)، وقال تعالى: “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ ” (هود 82)، وقوله عز اسمه: “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ” (الشعراء 173). 

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً