فيينا / الاربعاء 01 . 01 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
عن مركز آل الحكيم الوثائقي: شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر نجل الإمام الحكيم قدس سره: كـلـكـم راع: السياسة مفهوم يتداوله الناس بكثرة ويتحاشونه اكثر، السياسة مفهوم ليس كباقي المفاهيم، فهو منبوذ عندهم لأنه يعبر عن سلبية مطلقة ورفض قاطع في أذهان عامة الناس، حيث يتصورونه الوجه الآخر للظلم والاضطهاد والقتل، ومتعاطي السياسة اقل ما يصفونه بالكاذب والجائر والمخادع، وربما نلتمس عذراً ما لسلبيتهم هذه وقاطعيتهم الرافضة للسياسة، وقد يكون للاضطهاد الفكري والعقائدي الذي تعرض له أتباع أهل البيت عليهم السلام وعلى أساسه نصبت أعواد المشانق على مدى قرون متمادية دور مهم في انقلاب هذا المفهوم في أذهانهم، وتغير المفهوم لدى سواد الناس لا يعني سقوطه عن الاعتبار، فالسياسة في مفهومها الواقعي عبارة عن إدارة شؤون المجتمع من كل الحيثيات، ومن المنظور الإسلامي السياسة واجب من الواجبات الدينية ان اقترنت ببعض الظروف كالانطلاق من مبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكرـ ان توفرت شروطه، وربما على هذا الأساس اندفع السيد الحكيم قدس سره بقوة تجاه المطالبة بحقوق اتباع أهل البيت عليهم السلام ومحاولة دفع الظلم عنهم ورفع الحيف الذي قاسوا منه فترة طويلة وربما على هذا الأساس واسس اخرى، منها ضرورة ايجاد التنظيم السياسي الاسلامي الذي يكفل ايجاد القدرة على التحرك السياسي المدروس داخل أوساط الشعب العراقي، والشعور بالحاجة لتنظيم اسلامي يتبنى النظرية الاسلامية الأصيلة المأخوذة عن أهل البيت عليهم السلام في مسالة الحكم، ولمواجهة التنظيمات غير الاسلامية التي أسست على أسس الحضارة الغربية او الشرقية، مضافا الى التحولات السياسية المهمة في المنطقة عموماً وفي العراق خصوصاً بعد سقوط الملكية وقيام النظام الجمهوري، هذه الأسس ربما هي التي دفعت بشهيد المحراب الى اقتحام المعترك السياسي بقوة وثقة عالية وتأسيس التنظيم الاسلامي سنة 1958م، الذي شارك فيه مع آخرين من العلماء الكبار أمثال آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، والعلاّمة المجاهد الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم قدس سره، والعلاّمة السيد مرتضى العسكري، وهو التنظيم الذي أصبح يعرف فيما بعد باسم (حزب الدعوة الاسلامية)، واستمر سماحته مشاركاً في مرحلة التأسيس لمدة سنتين قام فيها بدور فكري وثقافي بشكل عام، وتنظيمي بشكل محدود، غير أن والده الامام الحكيم طلب منه في عام 1380هـ، ومن الشهيدين السيد الصدر والسيد محمد مهدي الحكيم أن يتركوا العمل داخل الإطار الحزبي، ويتخصص للعمل الجماهيري بقيادة المرجعية الدينية.
ويستطرد مركز آل الحكيم الثقافي متحدثا عن سياسة شهيد المحراب: رغم تركه للعمل الحزبي إلاّ انه بقي على علاقته بالعمل السياسي المنظم على مستوى الرعاية والإسناد والتوجيه من خلال جهاز مرجعية والده الإمام الحكيم قدس سره، وبعد ذلك بشكل مستقل، أو من خلال الموقع القيادي العام للنهوض الاسلامي الذي كان يمارسه السيد الشهيد الصدر قدس سره. وبعد وفاة والده الامام الحكيم قدس سره سنة 1970م، استمر سماحته على هذا المنهج وهو يقف الى جانب آية الله العظمى السيد الشهيد الصدر قدس سره، ومع تطورات الأوضاع السياسية وتنامي حركة الوعي الاسلامي في العراق ازداد ثقل المسؤولية التي تحملها المرجع الشهيد الصدر والشهيد الحكيم فتصاعدت حركة نشاطه السياسي على الرغم من الرقابة الشديدة السرية التي كان يتعرض لها من قبل أجهزة السلطة واعوانها متحينين الفرص لإعتقاله. وبالرغم من اعتقاله أكثر من مرة لم ينقطع (شهيد المحراب) عن عمله الجهادي ومسؤولياته وصلته بالسيد الشهيد الصدر، حتى بعد فرض النظام البعثي الاقامة الاجبارية على السيد الشهيد الصدر، حيث كان السيد الحكيم يقوم بمسؤولياته من خلال فتح قناة الاتصال السري مع الشهيد الصدر لإيصال تطورات الأوضاع إليه والمساهمة في التخطيط للعمل السياسي والجهادي، وايصال التوجيهات لابناء الحركة الاسلامية في داخل العراق وخارجه.
قال الله تعالى “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُور” (فاطر 28) جاء في موقع كتابات عن محمد باقر الحكيم اخر محاربي القرن العشرين للكاتب علي هادي الركابي: الحديث عن الرجال العظام، دائما ما يحتاج الى ضمير حي ونظيف يوثق التجارب الغنية للشعوب، فتوثق تلك التجارب على انها خارطة طريق يمضي بها انقياء السريرة والبصيرة النيرة من اجل ان تنير حياة الناس صفاءا ونقاءا تلك هي بداية الحكاية بل ونهايتها. محمد باقر الحكيم معارض عراقي لنظام البعث استطاع ان يجمع شتات المعارضة العراقية لمدة أكثر من ربع قرن؛ وتوحيدها ومطالبها وتوجيه السلاح بها الى صدر العدو البعثي، وتصفير كل مشاكل المعارضة في الخارج، وخاض طريق السلاح والمواجهة المسلحة مع النظام البعثي الذي عرف بأنه النظام الديكتاتوري الأول في الشرق الأوسط حيث دخل في صدام مسلح مع هذا النظام، عرف بأنه الصدام الاشرس والأقوى في المنطقة لربع قرن، كبد فيها النظام خسائر كبيرة جدا واقنع العالم بانه اقوى من النظام في أكثر من معركة وواقعة كبرى في الداخل العراقي. من جانب آخر خاض مفاوضات طويلة مع الأمم المتحدة ودول مجلس الأمن والعرب بخصوص القضية العراقية ودخل إلى الامم المتحدة والقى خطابا سياسيا مؤثرا في كل من سمعه، زار السعودية والكويت وسوريا وتركيا واقنع قادة الدول بضرورة نصرة الشعب العراقي وتغيير نظام الحكم فيه. اسس محمد باقر الحكيم، مؤسسات كبيرة من اجل نشر مظلومية الشعب العراقي في كل العالم واعلام حكومات وشعوب تلك الدول بالتظليل الاعلامي الكبير للنظام البعثي، وتاسيس الاذاعات والتلفزيونات والبرامج التوجيهية والناطقية السياسية بهذا الخصوص فكان دورا متكاملا وناجحا استطاع به توجيه العام العربي والدولي بالاصطفاف معه في أكبر تجربة سياسية في القرن العشرين. نجح محمد باقر الحكيم في السير بكل خطوط الحرب؛ مواجهة مسلحة ومواجهة سياسيا وإعلام دولي، فكانت نتائج مهمة جدا تتمثل في إضعاف النظام عسكريا وسياسيا ودوليا وتحويل وجهو نظر العالم باتجاه القرارات المهمة لمجلس الأمن وتطبيقها فيما بعد. كانت شخصية الحكيم مثار جدل كبير في العالم في الربع الأخير من القرن العشرين حيث لعبت هذه الشخصية دور كبير جدا في أحياء النضال والمقاومة عالميا، حيث كان محاربا في كل المفاصل والاتجاهات: سياسيا في السياسة ومحاربا شرسا في السلاح واعلاميا يستطيع جلب ميل المتلقي فكان خطابه في الامم المتحدة الخطاب الاكثر جدلا في تاريخ المعارضة العراقية، حيث بعد الانتهاء منه وقف الجميع احتراما له وتغيرت بوصلة المواقف بعد ذاك اليوم. لذلك فان مفعله الحكيم في الربع الاخير من القرن المنصرم، جعله في مصاف القادة العظماء في التاريخ الحديث وابرزهم وآخرهم في القرن العشرين، حيث مارس ادورا متعددة خلقت منه شخصا ذا نفوذ كبير وصاحب بصمة أثمرت بعد ربع قرن في القضاء على اعتى الانظمة الديكتاتورية في المنطقة فكان حقا ان يكون اخر المحاربين في القرن بعد ان اكد ذلك بخصلتين جهاده ودمه الذي تناثر ولم يحوه قبر ولا كفن تلك هي قصة الرجال المحاربين في كل الازمنة.انها قصة محمد باقر الحكيم.
قال الله تعالى “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (ال عمران 159) جاء في صفحة مقالات / وكالة انباء براثا عن الزعيم الذي مات حتف وطنيته في ذكرى شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم خفايا واسرار تنشر لاول مرة المنشور في جريدة المستقبل العراقي: يؤمن بنظرية انصاف الخصوم من نفسه ويقيم انبل العلاقات الانسانية والسياسية معهم بل ويذهب الى ابعد من ذلك حين يؤسس تحالفاً سياسياً وطنياً مع ارادات حزبية في المعارضة العراقية بينها وبينه مسافات ضوئية من البعد واستحالة وجود امكانية للقاء محتمل وجردة سريعة لحساب التحالفات السياسية التي اقامها ورعاها وساهم في صياغة العديد منها تؤكد ان الخصم قد يتحول في لحظة تاريخية واجبة الى حليف مشترك يتغلب فيه على استحالة اللقاء والعمل والتنسيق لان ما يهم الحكيم ليس التحالف ولامجرد التنسيق والعمل المشترك قدر ما يهمه هذه الصورة الغائبة التي لاتظهر دائماً للمعارضة العراقية التي تعرف عليها الاخرون في العالم العربي والكثير من الدول الاقليمية والسياسة الدولية معارضة مشتتة ومنقسمة ومتداعية ولا تستطيع الجلوس على طاولة واحدة او تقيم مؤتمراً لها فكيف تقفز الى الهدف الابعد والاشمل المتمثل باسقاط النظام؟. لقد أكد بترسيخه لقواعد بناء التحالفات السياسية الرصينة مع الخصوم اريحية القائد الذي يتخلى عن حصته لصالح حجم الحصة الأكبر التي يستولي عليها اتباع الثورة ومن يمارس الفعل الثوري ممن لازالوا يتحركون في دائرة الاتباع القادمين الى مرجعيته السياسية وليس هنالك حصة أهم من إرساء حقوق مدنية تتعلق بالاكثرية الشيعية المضطهدة وترسيخ وجود الطائفة السنية الكريمة كشريك أساسي في بناء الدولة العراقية العصرية الحديثة بمساندة ودعم بقية الأقليات والإثنيات والعرقيات والقوميات وهي تتحرك على أساس بناء الوطن وصناعة التوليفة السياسية القيادية القادرة على ادارة الدولة وتوفير المناخ الوطني الملائم لقيام نظام الشراكة الحقيقية. وبهذا تحققت في عهده اكبر التحالفات السياسية التي كان من نتائجها الوصول الى قيام أكبر مؤتمر للمعارضة العراقية عام 2002 في لندن شاركت فيه مختلف الفصائل والأحزاب والتيارات والقوى السياسية في البلاد شيعة وسنة مسلمين ومسيحيين عرب وأكراد وكان له دور مهم واساسي في انتزاع الحقوق المدنية والسياسية لأبناء المجتمع العراقي بعد حيف وتقصير سياسي حكومي واضح منذ قيام الثورة العراقية الكبرى عام 1920 وقيام الدولة العراقية بعد الثورة بسنة (1921) وبذا تضع الوثائق الوطنية العراقية زعامة سياسية وطنية من هذا النوع في المراتب الاولى من مسيرة الحركات الاستقلالية في العالم العربي ويقف بقوة في مقدمة صفوف القادة السياسيين الذين واجهوا بجرأة ويقين عاليين خصومهم في السلطة السابقة بعناد وصلابة وسيبقى ابناء الامام الحكيم الشهداء الذين بلغوا (65) شهيداً علامة فارقة في تاريخ اسرة الامام الحكيم وهي تقدم الابناء تلو الابناء والفقهاء تلو الفقهاء والقادة تلو القادة والنقباء تلو النقباء اكراماً لوطن الشهداء والشمس وكربلاء.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات