الرئيسية / تجارة واقتصاد / خبراء: تهريب {دولار العراق} لن يتوقف و{المركزي} يتهرب من المسؤولية

خبراء: تهريب {دولار العراق} لن يتوقف و{المركزي} يتهرب من المسؤولية

 فيينا / السبت 01 . 02 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية

طوال السنتين الماضيتين، عمل البنك المركزي العراقي على إجراء أكثر من انتقالة في عملية التحويلات الخارجية، بعد سنوات من نزيف العملة الصعبة من خلال بوابة نافذة بيع العملة.

وجرت هذه التحولات السريعة بضغط من الفيدرالي الأمريكي، الذي ألزم البنوك العراقية بالامتثال الى إجراءات المنصة الالكترونية، والتي جرى إغلاقها لاحقاً لصالح تعزيز الأرصدة المالية لدى المصارف العراقية واعتمادها على بنوك مراسلة أجنبية كوسيط في هذه التعاملات، إلا أن هذه الإجراءات، التي قال عنها البنك المركزي إنها “ناجحة”، أشّر عليها الكثير من الخبراء الاقتصاديين “إشكالات” مختلفة، أبرزها الزيادة “التاريخية” في عملية تحويل الدولار الى الخارج، حيث بلغ 81 مليار دولار خلال عام 2024، وهو الأعلى خلال العشرين سنة الماضية.

الزيادة المخيفة في عمليات تحويل الكتلة الدولارية من الأموال العراقية، خلال عام 2024 تحديدا، أثارت نوعا من القلق لدى الخبراء في الاقتصاد والأنظمة المصرفية؛ اذ جرت مقارنتها مع بدايات الامتثال للمنصة الالكترونية في عام 2023 والتي أسهمت بخفض هذه التحويلات الى 50 مليون دولار يوميا، لكن سرعان ما انفجرت هذه الأرقام مجددا لتضرب أرقاما قياسية في عمليات التحويل اليومية، حتى بلغت 300 مليون دولار يوميا في السنة الماضية.

عمليات التهريب لن تنتهي

الخبير المالي والمصرفي مصطفى حنتوش قال لـ”طريق الشعب”، ان “عملية الانتقال التي قام بها البنك المركزي في التعامل مع ملف التحويلات المالية بقيامه بالمراسلة مع بعض المصارف التابعة للمستثمرين ومصارف أجنبية تمتلك حسابات في (ستي بنك وجيبي مورغان) وفروعها في دولها، هي أشبه بالهروب من مسؤولية الدولار وتوزيعه على القطاع المصرفي العراقي الى إعطائه إلى نظام مصرفي أشبه بالأجنبي”.

وأضاف، أنّ “هذه العملية دفعت مصرفين أردنيين للحصول على إجازة عمل في المراسلة وكذلك مصرف الاتحاد والإسكان، وبالنتيجة هذه عملية لتسليم قدرات العراق الدولارية إلى نظام مصرفي أجنبي، وكان بالإمكان اسناد النظام المصرفي العراقي وحمايته”.

وتساءل حنتوش: “هل سيكون هذا الموضوع ذا جدوى؟، لاسيما وان البنك المركزي يطبق هذا التحول منذ سنة ونصف”.

وعن إمكانية مساهمة هذا الإجراء بإيقاف عملية تهريب الدولار، أشار حنتوش إلى ان “عمليات التهريب لن تنتهي، كون هذه المصارف لن تعمل على ربط الحوالات بالكمارك، لتتم مطابقتها مع البضائع الداخلة الى البلد. وبالتالي تقل عملية التهريب، فضلا عن غيرها من التقييمات الحقيقية للبضائع”، لافتا الى ان “الإجراءات التي قام بها المركزي الهدف منها هو الحوالات لأجل الأرباح السريعة”.

وشدّد حنتوش على ان “عملية تهريب الدولار لن تنتهي الا إذا تم ربط الحوالات والاعتمادات الخاصة بالبنك المركزي بالكمارك والمنافذ، وهذا المشروع، للأسف، البنك المركزي ليس جادا في تحقيقه”.

الدولار يتسرب الى دول مجاورة

من جانبه قال الخبير الاقتصادي كوفند شيرواني، لـ”طريق الشعب”، ان “الآلية التي كانت معتمدة في مزاد العملة وتبناها البنك المركزي لم تكن ناجحة، بل على العكس، وأدت الى تسرب كميات كبيرة من العملة، تتجاوز 250 مليون دولار يوميا الى عدد محدود من المصارف، وهذه الأموال تبين لاحقا بعد متابعة الأرقام التسلسلية للأوراق النقدية انها تتسرب الى دول مجاورة ودول إقليمية، وبالتالي لا يصل منها الى الأسواق إلا النزر اليسير، ما أدى الى بقاء سعر صرف الدولار مقابل الدينار في السوق الموازية مرتفعا، وتجاوز ما كان عليه قبل عدة أشهر”.

وأوضح، أنه “يفترض أن تكون هناك مؤشرات توضع من قبل البنك المركزي، على البنوك الأهلية التي لها دور في تهريب العملة وتبييض الأموال وتقديم فواتير تجارية غير صحيحة، وان تخضع للعقوبات وصولا الى سحب الرخص منها، وإتاحة المجال لبنوك أخرى معروفة بكونها ذات سلوك مهني مستقيم، ولا تمارس هذه المخالفات”، مردفا ان “واقع الحال يشير الى أن عددا قليلا من البنوك، يستحوذ على غالبية العمليات التجارية، ومنها مزاد العملة، الذي أصبح عرضة لمساءلات دولية من قبل الفيدرالي الأمريكي”.

ولفت الى انه “كلما كانت هناك عقوبات على عدد كبير من البنوك المحلية، يؤثر ذلك على سمعة النظام المصرفي العراقي والمصارف المحلية”.

هشاشة النظام المصرفي العراقي

واستطرد شيرواني في الحديث: “للأسف، ان الإيرادات المتحصلة من المنافذ الحدودية والرسوم الجمركية هي اقل بكثير من التوقعات، والبعض يقدر انها لا تتجاوز 25 بالمئة من الاستحقاقات الفعلية وربما السبب ان هناك جهات متنفذة داخل الأجهزة الحكومية تسيطر على المنافذ بدرجة كبيرة وتستحوذ على إيراداتها لصالح أحزاب وجهات متنفذة، وبالتالي ما يصل الى الخزانة العامة اقل بكثير من المتوقع، وهذا يعني هدرا كبيرا في الإيرادات، كان بالإمكان الاستفادة منه في تقليل العجز الكبير في الموازنة العامة”.

وأردف بالقول، ان “عمليات تهريب الدولار لن تتوقف كون هناك جهات متنفذة تدير هذا الملف”، مشيرا إلى ان هناك أطرافا تهرب الدولار العراقي “بدوافع سياسية وحزبية الى دول لديها عملة محلية متدهورة جدا، وعليها عقوبات، وبالتالي تلجأ الى هذه الوسائل بسبب رخاوة وهشاشة النظام المصرفي العراقي والمنافذ الحدودية”.

ورأى، ان “تهريب العملة أصبح ظاهرة ملحوظة، ويفرز نتائج سلبية على الاقتصاد العراقي، وعلى قيمة الدينار في أسواق الصرف امام الدولار، وهذا يؤدي الى الإضرار بالمواطن وبالقدرة الشرائية، كونه يفقد ما لا يقل عن 20 بالمئة من قيمة راتبه”.

هل عاد التهريب وغسل الأموال؟

الباحث الاقتصادي، زياد الهاشمي، نشر على حسابه الرسمي في “فيسبوك” مجموعة من التصورات المتعلقة بزيادة تحويل وبيع الدولار، لاسيما الخارجي، مشيرا الى ان “البنك المركزي العراقي يعود لتحويل وبيع مبالغ دولارية هائلة وبنفس المستوى السابق قبل تطبيق الضوابط الفيدرالية، مما يعيد الشكوك بعودة التهريب وغسيل الأموال كما كان”.

وأضاف، ان “الحوالات اليومية اقتربت من حاجز 300 مليون دولار اليوم، مقابل 50 مليون دولار فقط كان يتم تحويلها نهاية عام 2023 عندما كانت الضوابط الفيدرالية يتم تنفيذها بدقة”، لافتا الى ان “هذا الارتفاع الهائل في الحوالات يؤكد ان هناك خطأ ما يتسبب في هدر أموال البترودولار العراقي من خلال هذه الحوالات الضخمة، أخطاء او تواطؤ من قبل المركزي او الفيدرالي او شركات التدقيق او كل هذه الاطراف مجتمعة”.

وتساءل الهاشمي، “هل أرخت ادارة بايدن الحبل وتركت عمليات التحويل تتم من دون تطبيق مشدد للضوابط الفيدرالية كما في السابق لتوريط إدارة ترامب مثلاً، ام ان شركات التدقيق الدولية ولاسيما K2 قد تم اختراق عملياتها ولم تعد قادرة على ضبط التهريب وغسيل الاموال عبر الحوالات الدولارية العراقية”.

وانهى منشوره بالقول: ان “الخبر السيء للمواطن هو ان المركزي العراقي عاد لتحويل مبالغ ضخمة بنفس حجم الحوالات السابقة من خلال المزاد والنافذة وقبل تطبيق الضوابط الفيدرالية، وهذا يعني ان هناك شكوكا حقيقية بعودة الحوالات الاحتيالية للتهريب وغسل الأموال وبالتالي خسارة الوطن والمواطن أموال لا يمكن تعويضها”.

المصدر / موقع طريق الشعب

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً