أخبار عاجلة
الرئيسية / تجارة واقتصاد / ثلاثية البنك المركزي تكبح جماح السوق الموازي.. انخفاض تاريخي للدولار لأول مرة منذ 2022

ثلاثية البنك المركزي تكبح جماح السوق الموازي.. انخفاض تاريخي للدولار لأول مرة منذ 2022

فيينا / الخميس 08 . 05 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية  

سجل الدينار العراقي خلال الأسابيع الماضية تحسنًا ملحوظًا في قيمته مقابل الدولار الأمريكي في الاسواق العراقية، حيث تراجعت العملة الصعبة لاول مرة منذ العام 2022، الى عتبة  الـ141 الفا لكل مئة دولار.

وقبل شهر رمضان، كان سعر الدولار يحوم حول الـ150 الف دينار لكل 100 دولار، وفي شهر رمضان كانت أسعار الدولار مستقرة نسبيا حول الـ147 الى 149 الف دينار لكل 100 دولار، لكن مع بداية شهر نيسان الماضي وبالتزامن مع اعلان ترامب فرض حرب الرسوم الجمركية، انخفضت أسعار الدولار في العراق بشكل متسارع، حتى انها وصلت الان الى 142 الف دينار لكل 100 دولار.

وجاء هذا التحسن مدفوعًا بحزمة من السياسات النقدية والتنظيمية، نجحت في خفض الطلب على العملة الأجنبية عبر قنوات غير رسمية.

وفي هذا السياق، حدد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح ثلاثة عوامل رئيسة أسهمت في كبح السوق الموازي وتقوية الدينار.

وقال صالح في حديث لـ”الاقتصاد نيوز”، إن البنك المركزي العراقي نجح في تلبية احتياجات كبار التجار من الدولار، من خلال تعزيز احتياطات المصارف الوطنية لدى مراسليها في الخارج من المصارف المصنفة بدرجة ائتمانية عالية (AAA)، مع البدء باستخدام عملات بديلة كالدرهم الإماراتي، اليورو، واليوان الصيني في العمليات المصرفية، خاصة مع شركاء العراق التجاريين الرئيسيين كتركيا، الإمارات، والصين. هذا التوجه أسهم في تسريع التحويلات وتقليل الاعتماد على السوق الموازي.

وشكلت التجارة الصغيرة نحو 60% من حجم تجارة القطاع الخاص في العراق، وبدعم من إجراءات حكومية جديدة، تم تسهيل وصول هذه الفئة من التجار إلى الدولار عبر المصارف العراقية مباشرة، دون الحاجة إلى وسطاء باهظي التكلفة. ساهم هذا في امتصاص جزء كبير من الطلب الموازي على الدولار.

وأشار صالح إلى أن المسافرين باتوا قادرين على الحصول على الدولار بالسعر الرسمي (1320 دينارًا للدولار) من خلال بطاقات الدفع الإلكترونية، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على 3000 دولار نقدًا شهريًا عبر المنافذ الرسمية في المطارات، ما قلص بشكل كبير من لجوئهم إلى السوق السوداء.

وأكد صالح أن هناك عدة عوامل داعمة ساهمت أيضًا في خفض الضغط على الدولار في السوق الموازي، من بينها التشديد القانوني على التعامل بالدولار خارج النظام المصرفي، ما دفع الأفراد لتجنب المخاطر القانونية المرتبطة بالسوق السوداء، والتحول نحو الذهب كأداة ادخار، نتيجة تقلبات الدولار العالمية ومخاوف من مستقبل العملة الورقية.

وأشار مستشار السوداني الى الإقبال على السندات الحكومية ذات العوائد النصف سنوية المجزية، التي باتت أداة مضمونة لحفظ القيمة بعيدًا عن المضاربة في سوق العملة، مؤكدا نجاح أسواق “الهايبر ماركت” في تثبيت أسعار السلع الأساسية، مما أضعف تأثير السوق الموازي على معيشة المواطن، وساهم في الاستقرار الاقتصادي العام.

وفي ختام حديثه، أشار مستشار رئيس الوزراء إلى أن الطلب على الذهب سجل ذروة تاريخية، نتيجة المخاوف المتزايدة التي يتداولها الشارع العراقي بشأن احتمالية إلغاء أو تقليص بعض فئات الدولار الورقي من قبل الفيدرالي الأمريكي في المستقبل، مما دفع المواطنين إلى تنويع أدوات ادخارهم بعيدًا عن العملة الأمريكية.

الى ذلك، شخص الخبير الاقتصادي منار العبيدي، جملة أسباب أخرى، ادت الى تراجع أسعار الدولار محليا.

وذكر العبيدي خلال حديث لـ”الاقتصاد نيوز”، أن السبب الأبرز لانخفاض سعر الدولار يعود إلى تراجع الطلب عليه في السوق الموازي، بالتزامن مع زيادة ملحوظة في المعروض من العملة الصعبة، سواء من مصادر داخلية أو خارجية، مبينا ان هذا التوازن الجديد ساعد في تقليص الفجوة التي طالما فصلت بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازي.

من بين التحولات البارزة، يشير العبيدي إلى تراجع ثقة العديد من المستثمرين المحليين بالدولار كأداة للادخار، نتيجة التوقعات بانخفاض قيمته مقابل الذهب. هذا الاتجاه دفع شريحة واسعة من المواطنين إلى تصريف الدولار وشراء الذهب، ما زاد من حجم المعروض النقدي بالدولار داخل السوق المحلي.

في المقابل، ساهمت مصادر أخرى في تعزيز حجم المعروض من الدولار، أبرزها التحويلات والاستثمارات الأجنبية، وخاصة تلك المتعلقة بالشركات الدولية العاملة داخل العراق. ووفق العبيدي، فإن هذه التدفقات لم تعد ترتبط فقط بعائدات النفط، بل صارت تأتي من قنوات إضافية أسهمت في تخفيف الضغط على العملة الأجنبية.

وفي إجراء نقدي لافت، قام البنك المركزي العراقي بتقليص الكتلة النقدية من الدينار خلال الأشهر الستة الماضية بأكثر من 6 تريليونات دينار، لتتراجع من 104 تريليونات إلى نحو 98 تريليون دينار. هذا الانكماش ساعد على رفع القيمة النسبية للدينار مقابل الدولار، مما شكل ضغطًا إضافيًا على السوق الموازي.

وفيما يتعلق بالتجارة، ورغم ارتفاع الواردات من الصين بنسبة 6%، فقد شهدت واردات العراق من دول رئيسية كالهند وتركيا والولايات المتحدة تراجعًا ملحوظًا. كما يُتوقع أن تكشف الأرقام القادمة عن انخفاض في الاستيراد من الإمارات، التي تمثل 30% من إجمالي واردات العراق، وهو ما يعكس تراجعًا في الطلب العام على الدولار بسبب تقلص النشاط التجاري.

ويشير العبيدي أيضًا إلى توسع قنوات الوصول إلى الدولار بالسعر الرسمي، من خلال البطاقات المصرفية، الحوالات الرسمية، والتحويلات المباشرة، ما دفع العديد من التجار والأفراد للابتعاد عن السوق السوداء.

إلى جانب ذلك، لعبت الأوضاع الإقليمية دورًا مهمًا في تخفيف الضغط على الدولار. فقد أدى تدهور الوضع الاقتصادي في إيران إلى انخفاض الطلب على السلع المستوردة من العراق، والتي كانت تُعاد تصديرها إليها. كما ساهم توقف النشاط التجاري مع سوريا في تقليل الطلب على الاستيراد.

كذلك، يشير العبيدي إلى تراجع تجارة النفط المهرب وتجارة المواد المحظورة، التي كانت تعتمد بشكل كبير على تغطية العمليات بالدولار من السوق الموازي، وقد تم تضييق هذه الأنشطة مؤخرًا عبر إجراءات أمنية ومصرفية مشددة.

ويرى العبيدي أن استمرار هذه الاتجاهات قد يدفع الدولار إلى مستويات قريبة من 1395 دينارًا خلال الفترة المقبلة، ما لم تحدث تطورات مفاجئة على صعيد السياسة النقدية أو التوازنات الإقليمية.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً