فيينا / الأحد 09 . 02 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
جاء في جريدة طريق الشعب عن أخطاء جسيمة ارتكبها الشهيد عبد الكريم قاسم مهدت لكارثة 8 شباط 1963 للكاتب عادل حبه: ومن بين هذه الوسائل هي الضغط على عبد الكريم قاسم من أجل التخلي عن علاقاته مع الحزب الشيوعي وإزاحة الضباط الشيوعيين من المؤسسة العسكرية، بإعتبارهما المفتاح لأي تغيير في الحكم. وجاءت محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم لتثير الرعب عنده، بحيث أعلن بعد فترة وجيزة شعاره المفضل “عفا الله عما سلف”، لكسب رضى المتآمرين في التيار القومي والمذهبي بشقيه، ورافق ذلك إطلاق سراح الكثير من المتآمرين وارجاع عدد كبير من العسكريين منهم إلى الجيش. وهكذا شرع عبد الكريم قاسم بفك عرى التحالف مع الحزب الشيوعي، دون أن يؤسس لتحالف بديل قادر على حماية الحكم بوجه التحديات الخطيرة التي تواجهه. فالتيار القومي الذي ارتهن لأجندات الجمهورية العربية المتحدة وقوى خارجية كالولايات المتحدة لا يمكنه أن يشكل البديل في إسناد الحكم كما كان يحلو لقاسم، بل وحتى أنه غير مستعد للمهادنة مع النظام بسبب تحوله إلى رهينة وأداة خاضعة للمخططات الإقليمية والخارجية المعادية للشعب العراقي. واستفاد هذا التيار من التراجع في موقف عبد الكريم قاسم كي يستعد لشن هجومه للإجهاز على الحكم. وعلى هذا الطريق الوعر والخطير شن عبد الكريم قاسم في خطابه الشهير في كنيسة مار يوسف هجوماً على الحزب الشيوعي في 29 من تموز عام 1959، دون ذكر أسمه، بذريعة مسؤولية الحزب الشيوعي عن الانتهاكات وأعمال العنف التي حدثت في الموصل أثناء عصيان الشواف وفي كركوك أثناء الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة تموز. ولو رجعنا إلى الخطاب الذي ألقاه عبد الكريم قاسم في 8 آذار عام 1959 في مؤتمر رابط المرأة العراقية وحديثه عن عصيان الشواف في الموصل لوجدناه حافلاً بالدعوة إلى البطش وملاحقة المتآمرين والتنكيل بهم، هذا ناهيك عن البيان العسكري الذي أصدره القائد العام للقوات المسلحة ودعوته لأهالي الموصل والعشائر العربية والكردية والمقاومة الشعبية بملاحقة مرتكبي العصيان والدخول إلى مدينة الموصل لقمعهم. لقد حمّل الزعيم عبد الكريم قاسم مسؤولية بعض الانتهاكات التي حدثت على الحزب الشيوعي. وشرعت الأجهزة الأمنية بملاحقة الشيوعيين واعتقالهم ثم الحكم على بعضهم بالإعدام، (تم تنفيذ الحكم من قبل انقلابيو شباط في عام 1963)، وكان ذلك إيذاناً بإنفراط العقد غير المعلن كلياً بين عبد الكريم وتهاوي القاعدة الاجتماعية للحكم، ورسالة غير مباشرة للمتآمرين لتنظيم صفوفهم والشروع بالإجهاز على الحكم ومنجزات ثورة تموز عام 1958. وهكذا سارعت قوى الردة في الداخل إلى تعبئة كل القوى التي تضررت مصالحها من الإصلاحات التي أقدمت عليها السلطة الوطنية. كما شرعت القوى الاقليمية والخارجية واجهزة مخابراتها في الخارج بالعمل النشيط من أجل زرع بذور الشك والريبة لدى قاسم تجاه أهداف الشيوعيين ونواياهم وتعميق الهوة بينهما. وتم أرسال الصحفي الهندي المعروف “كارانجيا” رئيس تحرير صحيفة “هندوستان تايمز” آنذاك إلى العراق لإجراء مقابلة مع عبد الكريم قاسم لهذا الغرض. وكان أهم سؤال طرحه الصحفي المذكور على قاسم هو :”هناك مؤشرات على أن الحزب الشيوعي سيتعامل معك كما تعامل البلاشفة مع كيرنيسكي رئيس الحكومة المؤقتة الروسية قبل انقلاب أكتوبر”. هذه الإشارة الاستفزازية ما هي إلاّ مسعى لإثارة عبد الكريم ودفعه إلى الإمعان أكثر في ملاحقة الشيوعيين والابتعاد عنهم. وفي الحقيقة إن كل هذه الخطوات ومؤامرات الدوائر المعادية قد سبقت المناقشات داخل عدد محدود من منظمات الحزب، وتحديداً كوادر “التنظيم العسكري” وبعض الكوادر المدنية وحتى بعض القياديين حول إمكانية إزاحة عبد الكريم قاسم. ففي أواخر عام 1960 زارنا في البيت الشهيد سلام عادل والفقيد عامر عبد الله، قبيل سفري إلى الاتحاد السوفييتي للدراسة الحزبية، وجرى حديث متشعب، وأنتقد الفقيد عامر عبد الله مقترح بعض الرفاق العسكريين التحرك للإطاحة بعبد الكريم قاسم، موضحاً أن هذا الشعار لا يمكن تحقيقه ونجاحه لأسباب داخلية واقليمية ودولية. وحول نفس الموضوع جرى الحديث مع الشهيد سلام عادل في موسكو في نهاية عام 1961، حيث أشار الشهيد إلى أن وضعنا هو أشبه بحال حزب “آكيل” القبرصي الذي كان يتمتع بالأكثرية في البرلمان، ولكنه تنازل عن موقعه لصالح مكاريوس بسبب عدم قدرة حزب آكيل على مواجهة الأوضاع والتحديات الإقليمية والدولية ووجود القواعد العسكرية الأجنبية في الجزيرة. وبالرغم من أن غالبية القوى السياسية تتحمل بهذا القدر أو ذاك المسؤلية لما آل إليه الوضع في البلاد، إلا ّ أن سلطة تموز بقيادة عبد الكريم قاسم والتراجع الخطير الذي قامت به خاصة في منتصف عام 1959 وأخطائها وفرديتها، هي التي مهدت للكارثة التي حلت بالبلاد متمثلة بانقلاب 8 شباط 1963، وما تبع هذا الانقلاب من تداعيات مدمرة يعيش العراقيون نتائجها حتى الآن.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ” (المائدة 95) “ومن قتله منكم متعمدا” قيل: هو أن يتعمد القتل ناسيا لإحرامه، عن الحسن، ومجاهد، وابن زيد، وابن جريج، وإبراهيم، قالوا: فأما إذا تعمد القتل ذاكرا لإحرامه، فلا جزاء فيه، لأنه أعظم من أن يكون له كفارة. وقيل: هو أن يتعمد القتل وإن كان ذاكرا لإحرامه، عن ابن عباس، وعطاء، والزهري، وهو قول أكثر الفقهاء. فأما إذا قتل الصيد خطأ، أو ناسيا، فهو كالمتعمد في وجوب الجزاء عليه، وهو مذهب عامة أهل التفسير والعلم وهو المروي عن أئمتنا عليه السلام. قال الزهري: نزل القرآن بالعمد، وجرت السنة في الخطأ “فجزاء مثل ما قتل من النعم” قد ذكرنا معناه في القراءتين، قال الزجاج: ويجوز أن يكون المعنى فجزاء ذلك الفعل مثل ما قتل، فيكون جزاء مبتدأ، ومثل خبره. واختلف في هذه المماثلة، أهي في القيمة، أو الخلقة: فالذي عليه معظم أهل العلم أن المماثلة معتبرة في الخلقة: ففي النعامة بدنة، وفي حمار الوحش وشبهه بقرة، وفي الظبي والأرنب شاة، وهو المروي عن أهل البيت عليه السلام، وهو قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والسدي، وعطاء، والضحاك، وغيرهم. وقال إبراهيم النخعي: (يقوم الصيد قيمة عادلة، ثم يشترى بثمنه مثله من النعم). فاعتبر المماثلة بالقيمة، والصحيح القول الأول. واختلفوا في هذه الكفارات الثلاث، فقيل: إنها مرتبة عن ابن عباس، والشعبي، والسدي قالوا: وإنما دخلت أو لأنه لا يخرج حكمه عن إحدى الثلاث. وقيل: إنها على التخيير، عن ابن عباس في رواية أخرى، وعطاء، والحسن وإبراهيم، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وكلا القولين رواه أصحابنا “ليذوق وبال أمره” أي: عقوبة ما فعله في الآخرة إن لم يتب. وقيل معناه ليذوق وخامة عاقبة أمره، وثقله بما يلزمه من الجزاء.
ان الحسين عليه السلام اتبع مبدأ جده في التعامل مع الاعداء فهو في البداية وعظهم بالحسنى “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” (النحل 125) و ” وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا” (البقرة 83) وكان رحيما ولم يكن غليظ القلب “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (ال عمران 159) واذا لم يردعهم عفوك فاعزم وتوكل على الله. ولكن بعد مقدمات التعامل الحسن وعند استمرار الاعداء بغيهم فان الله تعالى طلب من رسوله التعامل بقسوة وشدة مع هؤلاء الاعداء “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ” (التوبة 73) ولا يمكن تطبيق الاية فيهم”عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ” (المائدة 95) ولا يلدغ المؤمن مرتين وهكذا تعامل الحسين عليه السلام مع اعدائه فاما النصر او الشهادة. وعلى طريق ابي عبد الله فان محبيه سائرون على طريقه في مقارعة الأعداء..
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات