فيينا / السبت 15 . 11 . 03 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
ملف رواتب الموظفين في إقليم كردستان العراق يُعد من القضايا الشائكة التي تلقي بظلالها على العلاقة بين الحكومة الاتحادية وسلطات الإقليم. هذا الملف أصبح محور جدل مستمر ليس فقط من الناحية الإدارية والمالية، ولكن أيضاً لما يحمله من أبعاد سياسية واقتصادية تؤثر على المشهد العام في العراق.
تسعى بغداد إلى فرض معايير الشفافية والعدالة في توزيع الرواتب، إلا أن هذا المسعى يواجه عقبات تتعلق بعدم وضوح أعداد الموظفين الحقيقيين، وسط تقارير تتحدث عن وجود آلاف الأسماء الوهمية أو ما يُعرف بـ”الفضائيين” ضمن قوائم الرواتب في الإقليم.
هذه الإشكالية تعكس بوضوح التحديات التي تواجهها الدولة العراقية في ضبط الموارد المالية ومنع الفساد، خاصة في ظل وجود اتهامات باستغلال ملف الرواتب لأغراض سياسية وانتخابية. ففي الوقت الذي تطالب فيه الحكومة الاتحادية بتقديم قوائم رسمية للموظفين لضمان التوزيع العادل، تبرز تساؤلات حول مدى التزام الأطراف المعنية بالإفصاح عن البيانات الحقيقية، ما يجعل القضية مرشحة لمزيد من التعقيد في الفترة المقبلة.
*كسب الولاءات
وفي هذا السياق، قال النائب السابق محمد الشبكي في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن “الأحزاب الكردية تستخدم قضية الرواتب كورقة ضغط سياسية وتعمل على كسب الولاءات الانتخابية من خلالها، في وقت تخفي فيه أرقاماً حقيقية عن الموظفين في الإقليم”. لافتاً إلى أن “هناك آلاف الموظفين الفضائيين والوهميين الذين تتستر عليهم سلطات الإقليم، وهو ما يجعلها تماطل في تقديم القوائم الرسمية إلى بغداد”. وأضاف أن “التدقيق في ملف الرواتب سيكشف حجم الفساد المستشري في المؤسسات الكردية، وسيؤثر على النفوذ السياسي والاقتصادي للأحزاب الحاكمة في الإقليم”، مؤكداً أن “الفساد المالي في ملف الرواتب أصبح وسيلة للأحزاب الكردية لتعزيز مكاسبها السياسية، على حساب الموظفين الذين يعانون من تأخير صرف مستحقاتهم”.
*فساد مالي
أصبحت أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان قضية معقدة تتداخل فيها الأبعاد السياسية والاقتصادية، وسط اتهامات متزايدة بوجود آلاف “الموظفين الفضائيين” الذين يتم إدراجهم ضمن القوائم الرسمية لتعزيز نفوذ الأحزاب الحاكمة. وبينما تطالب الحكومة الاتحادية بتقديم قوائم دقيقة لضمان الشفافية والعدالة في توزيع الرواتب، تواجه محاولاتها بالمماطلة من قبل سلطات الإقليم، ما يثير تساؤلات حول حجم الفساد ومدى قدرة بغداد على فرض رقابة مالية حقيقية. في ظل هذه المعطيات، يبقى الموظفون هم الضحية الأكبر، حيث يعانون من تأخير مستحقاتهم بسبب الخلافات السياسية والمصالح الحزبية.
*حل مسألة
وفي هذا الصدد، قال النائب السابق غالب محمد لوكالة /المعلومة/، إن “الحكومة الاتحادية في بغداد تواصل إرسال المبالغ إلى السلطة الحاكمة في كردستان من أجل توزيعها كرواتب على الموظفين، وبالتالي فالمشكلة لا تكمن في إرسال المبالغ ولكن في توزيعها”. وأضاف أن “حل مسألة تأخر تسليم الرواتب يفترض أن يتم من خلال الذهاب نحو توطين جميع رواتب الموظفين في كردستان، أسوة بباقي موظفي المحافظات، وذلك لضمان عدم تأخر دفع الرواتب”. وأكد أن “مسألة ربط رواتب موظفي الإقليم بالملف النفطي في كردستان سيكون ضحيته الموظف، حيث يجب أن تُسلم الرواتب لمستحقيها أسوة بالمحافظات الأخرى وبعيدا عن الإيرادات النفطية المستحصلة من حكومة كردستان”.ويبقى ملف رواتب موظفي إقليم كردستان قضية ذات أبعاد متعددة تتجاوز الجوانب المالية إلى قضايا أكثر تعقيداً تتعلق بالشفافية والنزاهة والاستغلال السياسي. وبينما تسعى الحكومة الاتحادية إلى فرض معايير دقيقة تضمن حقوق الموظفين وتحد من الفساد المالي، يظل الموقف متأزماً في ظل عدم تقديم قوائم رسمية واضحة من قبل سلطات الإقليم. ومع استمرار هذا الخلاف، فإن الحلول المطروحة لا تزال رهينة التفاهمات السياسية والضغوط المتبادلة، في وقت يبقى فيه الموظفون هم المتضرر الأكبر، سواء بسبب تأخر رواتبهم أو ضبابية مستقبلهم الوظيفي في ظل هذه التجاذبات.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات