أخبار عاجلة
الرئيسية / تجارة واقتصاد / مشروع عراقي لدمج الرافدين والرشيد.. خطوة لإصلاح القطاع المصرفي

مشروع عراقي لدمج الرافدين والرشيد.. خطوة لإصلاح القطاع المصرفي

 فيينا / الأربعاء 09 . 04 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية

كشفت الحكومة العراقية النقاب عن مشروع لدمج بنكي الرافدين والرشيد الحكوميين ضمن خطة إصلاح شاملة تهدف إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعزيز فاعليته في دعم الاقتصاد الوطني كما تقول. ويأتي هذا المشروع بالتزامن مع إصلاحات واسعة يشهدها القطاع المصرفي العراقي الذي يواجه مزيداً من الضغوط الأميركية حيال منع تسرب الدولار إلى إيران وجهات مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية أبرزها حزب الله اللبناني.

ومصرف الرافدين الذي أُسس عام 1941، يُعد أول مصرف وطني في العراق وأحد أقدم وأكبر المصارف الحكومية، ويمتلك اليوم 141 فرعاً داخل البلاد و5 فروع أخرى خارجها. أما مصرف الرشيد، فقد تأسس عام 1988 بعد فصله عن “الرافدين”، ويضم حالياً 156 فرعاً موزعة في مختلف المحافظات. ورغم هذا الامتداد الجغرافي الواسع، إلا أن الأداء المؤسسي والتقني للمصرفين ظل محدوداً بفعل التحديات المتراكمة وضعف الاستثمارات في البنى التحتية والموارد البشرية. كما يأتي مشروع الدمج اليوم بوصفه أحد محاور برنامج الإصلاح الحكومي الذي يسعى لمعالجة هذه التحديات وتفعيل دور القطاع المصرفي في دعم النمو والاستثمار، بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة والتحول الاقتصادي.

جزء من خريطة إصلاح شاملة

وقد أكد مستشار رئيس الوزراء والمدير التنفيذي لخلية إدارة الإصلاح في العراق، عامر العضاض، اليوم الأربعاء، أنّ الحكومة تعمل على تنفيذ مشروع دمج مصرفي الرافدين والرشيد ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتفعيل رأس المال البشري. وأوضح العضاض، في تصريح صحافي، أنّ المشروع يمثل أحد أركان خريطة الطريق للإصلاح الاقتصادي، وأنّ نجاحه يعتمد على تهيئة بيئة قانونية وتنظيمية جاذبة للاستثمار. 

وأضاف أنّ البنك الدولي عبّر عن دعمه لهذا التوجه من خلال الإشادة بسياسات “بيت الإصلاح”، التي تتضمن إصلاحات مالية وهيكلية تشمل تطوير الحوكمة وتحسين الأداء المؤسسي للقطاع العام. وبيّن العضاض، أن الحكومة قطعت أشواطًا متقدمة في إعداد مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو ما سيسهم في تمكين القطاع الخاص من لعب دور أكثر فاعلية في قطاعات البنية التحتية والطاقة والنقل، ضمن إطار الشراكة المؤسسية طويلة الأمد.

من جانبه، أكد الخبير المصرفي، ومستشار رابطة المصارف العراقية، عبد الرحمن الشيخلي أن عملية فصل مصرف الرشيد عن الرافدين عام 1988 جاءت ضمن نهج الدولة الشمولي آنذاك، والذي اعتمد على التفكيك الإداري بدلاً من تعزيز البناء المؤسساتي. وأشار الشيخلي، لـ”العربي الجديد”، إلى أن مصرف الرافدين، الذي تأسس عام 1941 بوصفه أول مصرف وطني، كان من الأجدر أن يبقى الإطار الموحد للسياسات المصرفية في البلاد، خاصة في ظل الحاجة الملحة إلى شمول مالي مستدام. وأضاف أن كلاً من المصرفين يمتلك شبكة فروع واسعة، ورغم هذا الامتداد الجغرافي، لم يشهد أي منهما تطورًا ملحوظًا في البنى التحتية أو الكفاءات البشرية، نتيجة غياب الاستثمار المؤسسي الفعّال.

وأشار إلى أن الحكومة استعانت بشركة Oliver Wyman العالمية لتقديم رؤية تقنية ومؤسسية لمشروع الدمج، تتضمن شطر مصرف الرافدين إلى كيانين، الأول باسم “مصرف العراق الأول” يتولى المهام المصرفية للقطاع الحكومي، بينما يُدمج الكيان الثاني تدريجيًا مع مصرف الرشيد، على أن تُلحق به لاحقًا المصارف التخصصية مثل الزراعي والصناعي. وأوضح الشيخلي أن نجاح المشروع يتطلب توفير بيئة رقابية صارمة قادرة على التصدي لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفق معايير مجموعة العمل المالي (FATF)، إضافة إلى توسيع قاعدة المساهمة من خلال طرح أسهم استثمارية محليًا ودوليًا، بما يعزز من رأس المال ويمنح المصرف الموحد مرونة أكبر في تقديم منتجات مصرفية شاملة.

مخاطر دمج مصرفي الرافدين والرشيد

هذا وحذّر الباحث الاقتصادي أحمد صباح، من أن المضي في مشروع دمج مصرفي الرافدين والرشيد دون توفر بنية تحتية مؤسسية وتشريعية متكاملة قد يُفضي إلى نتائج عكسية تؤثر سلبًا في استقرار القطاع المصرفي وفاعليته. وقال لـ”العربي الجديد”، إن الدمج المصرفي عملية معقدة تتطلب توافقًا دقيقًا في الأنظمة المالية والمحاسبية والتكنولوجية، إضافة إلى تأهيل الموارد البشرية على مستوى عالٍ من الكفاءة، وهو ما لم يتحقق بعد بالشكل الكافي في المصارف الحكومية العراقية.

وأضاف أن أحد أبرز المخاطر يتمثل في احتمال حدوث ارتباك في إدارة الأصول والالتزامات، أو تعارض في الصلاحيات والهيكليات التنظيمية، خصوصًا في ظل غياب استراتيجية واضحة للحوكمة وتقاطع الصلاحيات بين الجهات الرقابية والمصرفية. وأشار إلى أن الإسراع في الدمج دون دراسة جدوى تفصيلية ومراجعة دقيقة للأوضاع المالية والتشغيلية لكلا المصرفين في ظل المشاكل الإقليمية قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل المزمنة، مثل ضعف جودة الأصول وارتفاع نسب القروض المتعثرة، بدلًا من معالجتها”.

ولفت صباح إلى أن الثقة المجتمعية بالمصارف الحكومية العراقية ما تزال هشة، وأي خلل في تنفيذ مشروع الدمج قد يزيد من عزوف المواطنين والقطاع الخاص عن التعامل مع هذه المؤسسات، مما ينعكس سلبًا على جهود الشمول المالي وتحقيق التنمية الاقتصادية. وشدد على أن الدمج الناجح لا يُقاس بإجراءات التوحيد الإداري فقط، بل بقدرته على تحسين الكفاءة التشغيلية، وتوسيع نطاق الخدمات، وضمان الامتثال الكامل للمعايير الدولية، لا سيما في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً