الرئيسية / مقالات / الشيعة مابين العقيدة والاعتقاد

الشيعة مابين العقيدة والاعتقاد

فيينا / الثلاثاء  15. 04 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية

عبدالله الجيزاني

في أحياء النجف وقم، وفي أزقة بيروت وبغداد، كما في شوارع باريس ولندن، ينبض قلب شيعي واحد. طقوس موحّدة، شعائر متقاربة، وعقيدة واحدة أينما حلّوا وارتحلوا. لا الجغرافيا فرّقتهم، ولا القومية فرّقت بينهم؛ فهم يستقون شريعتهم من المرجع الذي يؤمنون به، بغض النظر عن قوميته أو مكان إقامته.
لكن، خلف هذا التماسك العقائدي والشعائري، يقف تنوّع فكري وواقعي واضح. فهناك من الشيعة من اختار طريق السلم، يؤمن بالمواطنة والشراكة، ويرى في أوطانهم بيوتًا مشتركة، لا يمكن تقرير مصيرها بمعزل عن بقية أبنائها. وهناك من قرر حمل السلاح، ساعيًا إلى المواجهة والصدام، معتقدًا أن الحقوق لا تُسترد إلا بالقوة.
هذا التمايز ليس خلافًا في العقيدة ولا في الشريعة، بل هو اختلاف في الموقف والرؤية. وفي هذا الواقع، يبرز سؤال ملحّ:
أين صوت الشيعة المعتدلين؟ من يمثّلهم أمام العالم؟
لقد بات هؤلاء بحاجة ماسة إلى قيادة فكرية وروحية تعبّر عنهم، تجسّد رؤيتهم للمواطنة، تعكس تمسكهم بالسلم، وتوضح للعالم أنهم شركاء في أوطانهم، لا دعاة صدام ولا طلاب تفرد.
بعد أحداث السابع من أكتوبر، اختلطت صورة الشيعة في نظر العالم، حيث جرى تعميم مشهد المواجهة على الجميع، في ظل غياب صوت يعكس الموقف السلمي المدني، الذي يتبنّاه كثير من أبناء هذا المذهب.
إن وجود قيادة جامعة تعبّر عن هذا التيار المعتدل، لا يعني شق الصف أو معارضة الثوابت، بل يعني توسيع مساحة الاعتدال، وفتح أفق جديد للحوار والشراكة، والحد من التشويه الإعلامي الذي بات يلحق بالمذهب وأتباعه بسبب سطوة الصورة الأحادية.
الشيعة أمة موحدة في العقيدة، لكنها متنوّعة في الانتماء والموقف. وحين يجد المعتدلون من يحتضنهم ويمثل تطلعاتهم، ستتوازن الصورة، ويعود المشهد الشيعي متنوعًا، كما كان، غنيًا بخياراته، ومسؤولًا في مواقفه.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً