فيينا / الجمعة 02 . 05 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
نعيم عاتي الخفاجي
الاصولية البدوية لايمكن أن تتأقلم مع الأمم الاخرى، بل لايتأقلمون حتى مع بيئتهم الاجتماعية، معنى كلمة الأصولية، تعني بالغة من الأصل، وهو قاع الشيء وما يبنى عليه غيره، سواء أكان حسياً كالأساس الذي يشيّد عليه البناء فهو أصله، أم عقلياً كبناء الأحكام الجزئية على القواعد الكلّيّة. والأصولية اصطلاحاً من الأصول المتعلقة بعلوم دين.
وتعني بالمفهموم الديني، أصول الدين أي التوحيد، وكذلك يشمل ذلك اصول الحديث وأصول الفقه…..الخ.
الأصولية مصطلح اوجدته الثقافات الأوروبية بالحوارات الفكرية والفلسفية، مفكري وفلاسفة الغرب هم من اوجدوا هذا المصطلح، وكتبوا عليه ابحاث ونظريات، الدول العظيمة نتاج بيئات مجتمعية محترمة تقبل التعايش مابين المكونات المجتمعية، ما من أمة عظيمة إلا تجد أن سبب ازدهار ورقي هذه الأمة ناتج عن وجود تعايش وتأقلم مجتمعي في المجتمع الواحد، وتقبل الشعوب والدول المحيطة بهم.
المتابع إلى مايكتبه الكتاب والمثقفين العرب، تجد غالبية الفيالق المرتبطة والممولة من دول البداوة الخليجية، يفكرون بعقلية اقصائية، ويحاولون تشويه سمعة قوى وطنية معتدلة، بسبب وجود اختلاف مذهبي وقومي معهم.
الاصولية في دول الشرق الاوسط، توجد اصولية سنية واصولية شيعية، وتوجد اصولية ماركسية واصولية علمانية، واصولية مسيحية واصولية يهودية، يعني الرجوع الى أصل العقيدة التي يؤمنون بها، اذا كان الأصل منبعة أصل معتدل متصالح مع جميع بني البشر، تجد ثقافة التأقلم موجودة بالبيئة المجتمعية، بالتأكيد يكون هذا التأقلم نتيجة بالرجوع الى القادة والفلاسفة العظماء، الاصولية الشيعية ترجع في ثقافتها الى ثقافة الاعتدال والتعايش مع جميع بني البشر التي انتهجها أئمة آل البيت ع من ال محمد الأئمة الاثنى عشر الذين شهد لهم الأعداء قبل الأصدقاء في الكرم والعلم والمعرفة وتقبل الآخرين، الفيلسوف العظيم علي بن أبي طالب ع يقول (النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ).
هذه الحكمة لا تزال ترن في أسماع الدنيا وتتناقلها الأجيال.. وقد قالها الإمام علي عليه السلام في عهده لمالك الأشتر عندما ولاه مصر حينما كان خليفة للمسلمين، بعد سقوط نظام البعث، ورفض أبناء المكون البعثي القبول بعملية التغيير وجعلوا مناطقهم اوكار للقتل والتفخيخ، انتشرت لديهم ثقافة تكفير وقتل كل من هو شيعي ومسيحي وآيزيدي وكاكائي وكوردي وصابئي، نقل لي صديق كان متوجه من بغداد إلى كركوك بعام ٢٠٠٤، بطريق العظيم كركوك، اوقفتهم سيطرة لعناصر بعثية إرهابية كان سؤالهم هل معكم اكراد، من حسن الحظ لم يقع في أيديهم، أي كوردي ليقوموا بذبحه، لدينا دكتور من قضاء الحي اسمه دكتور مكي دشر الغريباوي عمل في مستشفى سامراء عشرين سنة، قبل سقوط نظام البعث، خدم رجال ونساء سامراء، بعد سقوط نظام البعث وفي بداية الشهر العاشر عام ٢٠٠٣، تم اغتياله أمام داره في سامراء، رغم أن هذا الطبيب خدم كل أبناء سامراء مدة عشرين سنة، محب لكل أهل سامراء، لكن بيئة سامراء الطائفية رفضت تقبله، غدروا به وقتلوه، بينما نحن في قضاء الحي لدينا بعض القبائل السنية ولدينا أطباء سنة من بغداد والأنبار محترمين، ولم تسجل اي حالة، في الإساءة اليهم او اغتيالهم، السبب الشيعة يرجعون في تعاملهم، يطبقون نفس تعامل زعيمهم في الأصول علي بن أبي طالب عليه السلام مع الآخرين.
اما الاصولية السنية باتت اليوم بمعظمها تتبع قادة البعث والفكر الوهابي البدوي التكفيري، هؤلاء يعتبرون قتل الشيعي والمسيحي والايزيدي والصابئي وقتل السني الذي يرفض الفكر الوهابي عمل يثيبهم عليه الله عز وجل ورسول الإسلام ص.
الاصولية الوهابية هي التي هاجمت شعب أمريكا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١ وهاجمت شعوب أوروبا بتنفيذ عمليات إرهابية في عواصم مدن أوروبا في اسبانيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا ……الخ.
العجيب أن الفيالق الإعلامية البدوية تحاول أن تساوي بين القوى العربية الشيعية المقاومة وبين العصابات الوهابية البدوية الظلامية المجرمة، هؤلاء يحاولون القول إن الشيعة إرهابيين للتغطية على أصل الإرهاب الذي منبعه وهابي خليجي سعودي بالدرجة الأولى.
كاتب سعودي يتهجم على كُتاب عرب يرفضون تكفير الشيعة، وينزعج هذا الكاتب البدوي السعودي من حضور مثقفين وكُتاب عرب سنة ومسيح إلى مؤتمرات ثقافية شيعية تعقد في العراق ولبنان، سبب تحامل هذا المتعصب بسبب تأثره في أصله العقدي الوهابي البدوي التكفيري.
بكل الاحوال انا شخصيا اطلب من القوى الشيعية المقاومة إعادة النظر في مواقفها، والتفكير بمصلحة أبناء الشيعية، في لبنان القوى الشيعية المقاومة تستطيع الدخول في العمل السياسي وترك قضية تحرير الأرض إلى الشركاء من السنة والمسيح والدروز، القوى الشيعية اللبنانية لديها مقبولية واحترام من غالبية أبناء المكون المسيحي والدرزي وكذلك معهم جزء سني لبناني، سبق للقوى الشيعية تحالفت مع التيار الوطني الحر المسيحي ومع تيار المردة ومع أحزاب الدروز، فكيف اذا تحولت القوى الشيعية المقاومة إلى حزب سياسي اكيد سوف يكون لهم سيطرة في العمل السياسي في البرلمان اللبناني والبرلمان العراقي.
محاربة الأصولية المتطرفة التي ترفض التأقلم والتعايش السلمي امر ضروري، لننظر الى سوريا، الجولاني وعصاباته يكفر كل الأقليات الدينية والمذهبية بسوريا، لذلك لايمكن أن نشاهد دولة مستقرة وديمقراطية في سوريا، بل نشاهد قتل وذبح وربما تجزئة، بسبب اصولية الجولاني الوهابية البدوية التكفيرية.
في أحداث البحرين، كان الحوار بين ممثلي الشعب البحريني وملك البحرين مستمر وهناك قبول من ملك البحرين بالقبول في الملكية الدستورية، لأن ثورة شعب البحرين لم تكن تطالب في إسقاط الملك وعائلته، إنما طالبت في بقاء الملك وعائلته كملك دستوري ويكون الحكم للشعب اسوة في تجارب حكم الملكيات الدستورية في الدنمارك والسويد وبريطانيا، لكن العقلية البدوية السعودية تدخلت لقمع ثورة شعب البحرين، السبب العقلية البدوية ترفض التأقلم وقبول الآخرين والعيش بسلام، نظام البحرين الآن مدعوم وقوي، لكن بالمستقبل اقل تخلخل النتيجة يسقط الملك وعائلته حاله حال بشار الأسد ومعمر القذافي وصدام جرذ العوجة، ولو قبل ملك البحرين في الملكية الدستورية لضمن بقائه وبقاء أبنائه واحفاده ملوك على شعب البحرين، ملك الدنمارك الحالي من سلالة ملكية حكمت الدنمارك منذ مايقارب الف سنة.
وجود الأحزاب الكثيرة بساحتنا الشيعية العراقية مضر، يفترض العمل على حظر هذه الأحزاب والاكتفاء في تأسيس حزب شيعي واحد، يضم كل أبناء الشيعة من متدينين وغير متدينيين ومستقلين ويساريين، أمريكا بعظمتها بها حزبين فقط ومعهم حزب ثالث لا قيمة له، كثرة الأحزاب مضر بساحتنا الشيعية، حزب شيعي واحد كافي وزايد، مع خالص التحية والتقدير.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
1/5/2025
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات