فيينا / الجمعة 02 . 05 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
د . عادل عامر */ مصر
ساهم ضعف سياسات التنمية في مصر إلى تعثر مسيرتها، وتضخم بعض المشكلات المجتمعية، ولعل من أصعب المشكلات التي ترتبت على ذلک هي مشكلة العشوائيات، فقد أدى تجاهل ظاهرة الهجرة الداخلية من الريف للمدن الكبرى بحثاً عن حياة معيشية أفضل، إلى النمو العشوائي للمناطق السكنية وتراکمت آثارها السلبية في مصر، ولم تجدي المحاولات المختلفة خلال الحقبة الزمنية السابقة على ثورة 30 يونيو لوقف تمددها وعلاج آثارها وتطويرها .
وقد يرجع ذلک إلى إغفال الأبعاد المختلفة للتنمية المستدامة لهذه المناطق. حقيق المساواة في الحقوق والفرص، تحقيق العدالة المكانية وسد الفجوات التنموية الجغرافية، تمكين المرأة والشباب والفئات الأكثر احتياجًا وضمان حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، دعم المشاركة المجتمعية في التنمية لكافة الفئات، تعزيز روح الولاء والانتماء للهوية المصرية وتنوعها الثقافي، تعزيز الشمول الرقمي
عملية بناء الإنسان هي عملية إعداد وتأهيل الفرد ، ذلك الكائن الحى المكون من عقل و جسد باعتباره العنصر الرئيسي في المجتمع ، ويتم ذلك الإعداد ثقافياً، واجتماعياً، و صحياً ، وهى عملية اجتماعية منتظمة ومتتالية يتكاتف فيها جميع أطياف المجتمع مؤسساته وأفراده بحيث يتم تعديل السمات السلوكية والثقافية الغير سليمه بما يخدم مصالح الأمن القومي من صحة واقتصاد وسياسة ..الخ ،
ومع استمرار هذا التأهيل تنشأ أجيالا ً تتسم بالإدراك و المعرفة والإبداع. تلك السمات التي في مجموعها تشكل ما يسمى بالشخصية وتعبر عنها ، فبناء الإنسان يقوم على بناء الشخص و الشخصية ، بمعنى أن عملية بناء الإنسان تتلاقي مع مفهوم بناء الشخصية ، كونها ترتبط بسماته الصحية والجسدية والثقافية والنفسية والاجتماعية ، فالإنسان بناؤه من بناء شخصيته .
وعملية بناء الإنسان تتمثل في بناؤه كشخص باعتباره ذاتاً تعي وجودها وتوازن بين تمتعها بالإرادة و شعورها بالمسؤولية و تدرك تماما ً دورها في المجتمع، و من ثم يكون الشخص هو الجوهر والأساس المادي و تصبح الشخصية الأساس المعنوي ويفسرها ذلك المظهر الخارجي الذي يعكس حقيقة الجوهر وبالتالي فإن بناء الإنسان يشمل الشخصية مجتمعة ًمع البيئة المحيطة به ، والشخصية تتمثل في مجموعة السمات والخصائص النفسية و الثقافية التي تظهر في أنشطة وعلاقات الفرد بما حوله في البيئة المحيطة به سواء كانت مع أفراد المجتمع أو مع مكونات الطبيعة .
وبذلك فإن مصطلح بناء الإنسان يأخذنا تلقائيا ً نحو مفهوم الشخصية وبناؤها ، ورغم أن مصطلح الشخصية مصطلح شائع ومتداول إلا أنه من أعقد المصطلحات التي يحاول علماء النفس وعلماء الاجتماع توضيحها، والشخصية لغة ً تأتى من مادة (ش خ ص): «الشخص: شخص الإنسان، وكلّ شيء رأيت جسمه فقد رأيت شخصه، والشخص كلّ جسم له ارتفاع وظهور، ويقال رجل شخيص إذا كان سيّداً» – أي – سهل التمييز عن غيره ، فيقال: « الرجل الشخيص أي السيّد عظيم الخُلق، وتشخيص الشيء تعيينه» ،و في اللغتين الفرنسية والإنجليزية تأتي كلمة الشخصية (personality) (personalité) مشتقة من الأصل اللاتيني (persona)، وتعني القناع الذي كان يلبسه الممثل في العصور القديمة، ثم شاعت في الدلالة على مظهر الشخص في وظائفه المختلفة على مسرح الحياة ،أي أنها لغةً تعنى مكانة الفرد في المجتمع وفق معيارين أساسيين: معيار مادي يتمثل في المظهر الجسدي، ومعيار معنوي يتمثل في ما يحمله من الأخلاق والعلم والمعرفة ،
فالشخصية من أصعب الاصطلاحات فهماً وتفسيراً ، ولا يمكن القول بأن هناك تعريف واحد صحيح و بقية التعريفات خاطئة والوقوف عند تعريف مقبول يقتضي دراسة مختلف التعريفات التي وضعت للشخصية ، ولقد تعددت المفاهيم والتعريفات الخاصة بها ، إلا أنهُ يمكن أن نميز بين اتجاهين رئيسيين في دراسة الشخصية ، أولهما ذلك الاتجاه الذي يضم بعض علماء النفس المهتمين بالأفعال السلوكية و دراستها عن طريق الملاحظة الخارجية، وثانيهما بعض العلماء المهتمين المفاهيم الديناميكية (أي القوة المركزية الداخلية التي توجه الفرد نحو اقتراف سلوكيات وأفعال معينه(.
فالاتجاه الأول مثلاً نجد أنه يري الشخصية تعتمد في تفسيرها على المظهر الخارجي و أنها (هي كمية النشاط التي يمكن اكتشافها بالملاحظة الدقيقة مدة طويلة حتى يتمكن الملاحظ من إعطاء معلومات دقيقة وثابتة وأنها عبارة عن أنماط دائمة من الأفكار والمشاعر والسلوكيات التي يعبر عنها في ظروف مختلفة. و الاتجاه الثاني نجد أنه يعتمد في تعريفها على المكونات الداخلية للفرد باعتبار أنها ( هي الكمية الكلية من الاستعدادات والميول والغرائز والدوافع والقوة البيولوجية الفطرية والموروثة ، وكذلك الصفات والاستعدادات والميول المكتسبة من الخبرة و التنظيم الثابت المستمر نسبيا لأخلاق الشخص ومزاجه وعقله وجسده وهذا التنظيم هو الذي يحدد تكيفه الفريد مع محيطه ) ،
ويعد كلا التعريفين قاصراً ، لأنهُ يصور جانباً واحداً من الشخصية ولا يندمج مع التعريف الأخر . فالأول خارجي يهتم بالسلوك الناتج عن الفرد كما يراهُ غيره والأخر يهتم بالمكونات الداخلية التي توجه وتحدد سلوكه ، حيث لا يمكن إهمال المكونات الداخلية مثل الدوافع والغرائز على حساب السلوك الخارجي والعكس صحيح، كذلك ينظر إلى الشخصية كونها هي مجموع الخصال والطباع والسمات المتنوعة الموجودة في كيان الشخص باستمرار ، والتي تميزه عن غيره وتنعكس على تفاعله مع البيئة من حوله بما فيها من أشخاص ومواقف وظواهر، سواء في فهمه وإدراكه و في مشاعره وسلوكه وتصرفاته ومظهره الخارجي ، ويضاف إلى ذلك القيم و الميول والرغبات والمواهب والأفكار والتصورات الشخصية،
وبذلك فالشخصية إذاً لا تقتصر فقط على المظهر الخارجي للفرد أو على الصفات النفسية الداخلية أو على تلك التصرفات والسلوكيات المتنوعة التي يقوم بها، وإنما هي نظام متكامل من هذه الأمور مجتمعة مع بعضها ويؤثر بعضها في بعض مما يعطي طابعاً محدداً لذاتية الفرد و للكيان المعنوي للشخص ،فهي البناء الخاص بصفات الفرد وأنماط سلوكه الذي من شأنه أن يحدد لنا طريقته الخاصة والذاتية في تكيفه واستجاباته مع بيئته، و يأتي مفهومها في علم الاجتماع أنها التكامل النفسي الاجتماعي للسلوك عند الكائن الإنساني الذي تُعبّر عنه العادات والاتجاهات والآراء،
فعند ألبورت هي: التنظيم الديناميكي للأنظمة السيكو فيزيولوجية التي تحدّد تكيّف الفرد مع محيطه، وعند جوزيف نوسان: تمثل بناءً نظرياً أو نموذجاً علمياً يبنيه العالم… انطلاقاً من السلوكيات الملاحظة والعلاقات المعاينة ،وفي علم النفس يفسر الشخصية محدّدات دراسة طبيعة الشخصية ونموها وتقييمها، ففي الصحة النفسية هي: توافق الفرد مع ذاته ومع غيره، وعند السلوكيين هي مجموعة العادات السلوكية للفرد التي يمارسها في أوجه النشاط المختلفة، في حين يرى علماء التحليل النفسي أن الشخصية قوة داخلية توجه الفرد في كل تصرفاته.
يعدُّ التوازن بين العمل والحياة عاملاً أساسياً في تعزيز الإنتاجية والإبداع، فعندما يتمكَّن الأفراد من تخصيص وقت كافٍ للراحة والنشاطات الشخصية، يصبحون أكثر قدرة على التفكير الإبداعي وحل المشكلات. تشير الأبحاث إلى أنَّ الموظفين الذين يحصلون على فترات راحة منتظمة، يكونون أكثر إنتاجية ويحقِّقون نتائج أفضل.
علاوة على ذلك، فإنَّ بيئات العمل التي تدعم التوازن تعزِّز من روح التعاون بين الزملاء، ممَّا يؤدي إلى تبادل الأفكار وابتكار حلول جديدة، وهذا بدوره يُحقِّق أهداف التنمية المستدامة التي تتطلب تفكيراً مبتكراً وتعاوناً جماعياً.
*دكتور القانون العام والاقتصاد الدولي
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات