السيمر / فيينا / الأربعاء 27 . 10 . 2021
وداد عبد الزهرة فاخر*
مقدمة الحرب :
كل شئ يبدو الآن معدا منذ فترة طويلة ومهد له باحداث باتت واضحة للعيان بدءا من تظاهرات تشرين التخريبية ، واضعاف الثقة ما بين الجماهير العراقية وقواتها الامنية ، الى تدخل اطراف وكتل سياسية الى جانب المخربين بالتظاهرات التشرينية ، بحيث اوجدت مصالح وروابط مشتركة بين جميع الاطراف من الناقمين على سلطة عادل عبد المهدي ومحاولته تطبيق البروتوكولات التي وقعها مع الصين ، وفق مفهوم النفط مقابل الاعمار. لذلك احست الدولة المحتلة بقرب الاخلال بثوابتها كدولة محتلة تريد ان تسير الدولة كاحدى قطع القطيع ، والخوف الاكثر من اضعاف الدولار الامريكي لو نجح العراق بالاتفاق مع الصين لتنفيذ البروتوكولات.
ولعب المتآمرون دورا كبيرا لضرب الطموح العراقي بالاطلالة على الخليج والتحضير لربط العراق بطريق الحرير ، بوأد مشروع ميناء الفاو الكبير ، وكان لهم ذلك .
وما يثير الالم الدور الغريب الذي لعبه خطيبا يوم الجمعة ، بالضغط النفسي والشعبي على عادل عبد المهدي ، وبالتالي الطلب منه بتقديم استقالته ، وهي نهاية الطبخة التي قادها الخطيبان ، ومن جانب آخر الاشادة بالتشرينيين، ودعمهم اعلاميا امام الجماهيرالشيعية بخطبة الجمعة.
والادهى من كل ذلك اتفاق شنغهاي الذي يسمح للدول الموقعة عليه ، بإستعمال العملات المحلية بالتبادل التجاري.
لذلك لعب ما يسمى بـ” رئيس جمهورية العراق” ، وهو احد العملاء البارزين علنا ، دورا مهما لابعاد اي مرشح لرئاسة الوزراء وبطرق لا قانونية وليست ضمن اختصاصه ، من اجل تنفيذ اتفاق غير معلن مع المحتل الامريكي لاختيار الشخصية “الامية” والجاهلة من كل النواحي كرئيس لمجلس الوزراء ، بالتعاون والتعاضد مع قسم من المنضوين تحت شعار ” نريد وطن ” ، وجيء به بتوافق يعتبر نكسة كبيرة بتاريخ السياسة العراقية ، وبموافقة او غض النظر من اطراف سياسية ، من سياسيي الصدفة ، يتقدمهم رئيس كتلة الفتح .
ورغم ان الشخص الذي تم اختياره كان وفق مبدأ رئيس وزراء لمرحلة معينة ، اولها الشروع بانتخابات برلمانية مبكرة ، لكن المتآمرون اغمضوا عيونهم على كل ما فعله رجل السياسة الامي الذي التقطوه من الشارع لينصبوه راسا للدولة ، وتركوا المجال لكتلة اخرى لتعبث بالشارع العراقي ، وتدمر القيمة الشرائية للدينار العراقي .
وجاءت الطامة الكبرى باجراء الانتخابات المزورة ، واختلاق اسباب لنشر الضغينة واشعال نار الفتنة بين ابناء الطائفة الواحدة ، اي الحرب الشيعية الشيعية ، بتزوير علني وواضح ومكشوف للانتخابات العراقية، بواسطة تغليب طرف على بقية الاطراف مجتمعة .
وكان كل ذلك يتزامن مع احداث مترابطة في المنطقة ، واولها ما حدث في لبنان من احداث كانت اخرها حادثة الطيونة حيث استشهد سبعة أشخاص وأصيب 32 أخرون خلال كمين جرى فيه اطلاق النار من قبل حزب القوات اللبنانية في منطقة الطيونة- بدارو في بيروت، خلال توجه عدد من الأشخاص إلى منطقة العدلية للمشاركة في وقفة احتجاجية دعا إليها كل من حزب الله و حركة أمل أمام قصر العدل للمطالبة برحيل قاضي التحقيق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار.
وقبلها الاعتداء الصهيوني على تدمر بسوريا ، وسقوط شهداء ، مع اصرار النظام السعودي على استمرار الحرب المدمرة لليمن ، وقتل وتجويع اطفالها .
كل ذلك جرى بتوافق وتنسيق امريكي بالمنطقة ، ومن وصول مساعدة وزير الخارجية الامريكي لبيروت مع وصول المبعوث الامريكي ماكغورك لبغداد .
فما الذي جمع كل هذه الاحداث ، ونسقها ؟
رأس الفتنة :
واشتركت اطراف عدة يتقدمها طاقم من مستشاري الرئيس ” الامي” للدولة بعملية التزوير المبرمج والذي طال غالبية المرشحين ، واشعل فتنة عمياء بين غالبية الصف الوطني من الكتل العراقية وكتلة جرى تجميع الاصوات لها من اجل التحضير للنزاع الشيعي الشيعي المقبل ، وبتصريحات علنية من قبل سفراء امريكان سابقين كـ ” سليميان ” ، وتدخل سافر من قبل ما تسمى بـ ” ممثلة الامين العام للامم المتحدة” بلاسخر، التي نصبت من نفسها كمنفذ وليس كمراقب للانتخابات ، وبدعم امريكي واضح.
وتخبطت ” المفوضية ” بطريقة لا يمكن تصديقها اثناء العملية الانتخابية وما جرى من تعطيل يبدو متعمدا لاجهزة العد والفرز الانتخابية ، وصرف عديد من الناس عن اداء دورهم باختيار مرشحيهم بحجة عطل الاجهزة، مما افقد الكثير من المرشحين اصوات منتخبيهم ، كذلك جرت عملية التلاعب بنقل الاصوات عن طريق الناقل الخارجي بدولة متصهينة ومعادية للعراق .
لذا اصبح كل شئ جاهزا لاشعال شرارة الفتنة ، وبدا الاحتراب بين ابناء الطائفة الواحدة ، رغم الحاح الكتل اجمع بالتغلب على المشكلة الحاصلة بالفرق بين القوائم التي سلمت للمرشحين وبين النتائج التي تحدثت عنها المفوضية ، بعد وفرز يدوي لكل العملية الانتخابية ، والتي لم تلق تجاوبا او اذنا صاغية من قبل المفوضية ، وبتدخل سافر خارجي ومن قبل ممثلة الامين العام بلاسخر، وعناد وتعالي من قبل صاحب الاصوات العالية وهو التيار الصدري صاحب “73 ” صوت ،وكانه دخل معركة ضد عدو وانتصر وليس تنافس انتخابي بين كتل عراقية مهما قيل عنهم فهم عراقيون .
من هنا بدأت المناكفات بين التيار الصدري ، والكتل التي خسرت مقاعدها بعملية التزوير المبرمجة. وتحول النزاع للشارع العراقي الذي تحرك لاسترجاع هيبته وقيمته كصاحب الاختيار الاول لممثليه داخل البرلمان ، اضافة للعرف العشائري والعائلي لمجتمع لا زال يدار وفق العصبية والتقاليد العشائرية التي لا تقبل الضيم والقفز على رؤوسها بطريقة التزوير المعدة والمهينة من قبل حكومة الصدفة ومستشاريها ورئيس مجلس وزرائها .
ما العمل وما الحل ؟
انتظر شيعة العراق 14 قرنا من أجل دخول شرعي للعملية السياسية بوطن قيد من قبل آخرين باسمهم ، وهيمنوا على السلطة ومقدرات العراق منذ العهد الاموي ليومنا هذا ، رغم احقية الغالبية الشيعية بالحكم كونهم الاكثرية الساحقة من الشعب العراقي . وهي حقيقة مرة للطرف الآخر الذي استخدم فقراء المدن الشيعة في حروبة العبثية ، والدفاع عن مصالحه الخاصة ، ولم يكونوا طوال عهود حكمه سوى جنود في مشروع القتل المبرمج لاهل وسط وجنوب العراق.
بينما وحدهم الشيعة من وقف ندا أمام النظام الفاشي الدكتاتوري العفلقي الذي اباد الالاف من العراقيين على مختلف قومياتهم واديانهم ومذاهبهم ، وفضح ونشر كل جرائم البعث ضد العراقيين والمنطقة .لذلك اصاب الهلع المجمع العسكري الامريكي الذي شعر بالخوف من اشتعال شرارة انتفاضة شعبية تقصي كل آماله وتبعده عن مواقعه بالمياه الدافئة ، لذلك تجاهل قرار مجلس الامن الملزم للنظام العراقي السابق برقم 688 ، والقاضي باشاعة الديمقراطية بالعراق ، بينما اصر النظام الامريكي على تنفيذ كافة القرارات التي صدرت عن مجلس الامن لتحرير الكويت ، واصر اكثر على تطبيق قرار الحصار الاقتصادي ، من اجل حصار الشعب العراقي بواسطة طريقين ، الحصار الدولي لتجويع العراقيين وايادتهم بقطع الدواء والعلاج اللازم لهم ، خاصة لاطفالهم وشيوخهم ومرضاهم من جهة ، وحصار النظام الفاشي البعثي من جهة اخرى لعامة الشعب العراقي .
لهذا جاؤوا عن طريق الخداع بعد اسقاط النظام الفاشي العفلقي ، وباسم الديمقراطية العرجاء لاقامة نظام تحاصصي غير سوي ، افقر العراقيين اجمع ، وسلط عليهم مجاميع وكتل تسمي نفسها سياسية عليهم ، وايجاد اكثر من صدام ودكتاتور بدل الدكتاتور السابق ، سرق اموال العراقيين ، وتجاوز عليهم ، ونهب خيراتهم ، وجعل بلدهم وثرواتهم النفطية رهينة عند البنك الدولي . واسس لتقسيم العراق وعزل شبه رسميا شمال الوطن عن بقية اجزاءه ، وجعل بقعة عزيزة على العراقيين هي الشمال العراقي ، مركزا وتجمعا لايتام النظام السابق ، وملاذا لداعمي الارهاب والارهابيين ، وبقايا ضباط وشيوخ المناطق التي كانت تسمى من قبل النظام الفاشي بـ ” المحافظات البيضاء” ، الذين اشتركوا بابادة الشعب العراقي وحفروا له مئات المقابر الجماعية ، وابادوا شعبنا الكردي بغازاتهم السامة في الانفال وحلبجة. ومجالا واسعا لتهريب النفط لاسرائيل . وبالاخير موقعا متقدما للخونة والجواسيس من اجل التطبيع مع الصهاينة .
لذلك فلا مجال للتساهل مع كل من شارك بالحكومات والبرلمانات المتعاقبة ممن نهب وسرق العراقيين دون اي حساب ليومنا هذا .
والاصلاح السياسي لا ياتي وفق تلاعب بمشاعر المواطنين ، وخداعهم سياسيا ، من خلال ما يسمى بالانتخابات البرلمانية ، والتحاصص ، وهيمنة طرف او آخر على الشارع العراقي ، بوسائل عدة منها التصعيد المسلح والتهديد العلني والمبطن لتخويف العراقيين عن طريق الدور السياسي الشعبوي، وما يسمى بـ ” التظاهرات المليونية” .
لكن العراقيين اجمع يريدون عراقا ديمقراطيا حرا بعيدا عن اي هيمنة حزبية او قومية او طائفية مهما كانت ، وبروز اي ظاهرة غير ديمقراطية ، او اي مجاميع من الزعران والبهلوانية او الاشقيائية ، سيفجر حتما شرارة الصراع القومي ، او الطائفي ، او بين الطائفة الواحدة بحجة او اخرى ، بسبب وفرة وانتشار السلاح عند كل الاطراف الحزبية او العشائرية . والجمهور العراقي غير مستعد بعد كل ما حصل من تجاوزات ، ونهب لخيراته ، وتلاعب بمشاعره الوطنية ان يرضخ لمن يفكر بالهيمنة عليه اي كان وبأي اسم كان ديني او قومي او مذهبي . وهناك رجال لم يهابوا او يخنعوا للفاشست البعثيين ، وزاد من عزمهم وتصميمهم ما حدث بعد سقوط النظام من تغاضي وتجاوز عمن قتل وقبر ابنائهم وجاءت بهم الاحزاب والكتل وقدمتهم كمواطنين شرفاء للعراقيين ، فهل يفكر البعض بان الشعوب تنسى ؟
لذا فالحل العراقي الوحيد هو في اشاعة الديمقراطية الحقيقية ، بعد طرد المحتل الامريكي باي وسيلة كانت ، ومنها استعمال القوة المسلحة بالكفاح الشعبي المسلح ، وسيجد يوما الامريكان المحتلين لبلاد الرافدين انفسهم محاصرين بين ابناء العراق الحقيقيين ، لا العملاء والجبناء والمنافقين ، وبوضع اكثر خطورة وحراجة مما حدث لهم بفيتنام ، او بافغانستان .
واشاعة الديمقراطية لا تتحقق الان بعد ان تآمر من تآمر باسم انتخابات ” ديمقراطية” ، وقام بتزويرها مع اطراف خارجية بكل وقاحة وعلنية ، وباتفاق مع ما يسمى زورا بـ ” دولة الامارات العربية ” ، والحل باعادة العد والفرز اليدوي لكل الاوراق الانتخابية في كافة انحاء العراق ، او الغاء الانتخابات الحالية ، واجراء انتخابات برلمانية بعد تشكيل مفوضية جديدة تتسم بالنزاهة والوطنية ، وبعيدا عن المحاصصة القومية والحزبية .
اما بعض العراقيين ممن يحاول التصعيد على مستوى خلق ازمة سياسية طائفية داخلية ، واشعال حرب شيعية شيعية ، فسوف يجدون انهم قد خدعوا من قبل اطراف لا تريد الخير لهم ولا لطائفتهم التي تجمعهم ، ولا لوطنهم العراقي ، وتحافظ بوحدتها على ارواح واموال ابنائهم .وتدفع خطر الحرب الشيعية الشيعية لاي غرض كان .
الحشد الشعبي الضمانة الحقيقية للوجود الشيعي العراقي والعراق
من تهاون وتخاذل وساعد بالتآمر بادخال ارهابيي داخل للمدن ذات الغالبية السنية بالعراق ، قوات عراقية كانت تمسك الارض العام 2014 ، وهربت بصورة مخزية من ارض المعركة ، باتفاق وتآمر مسبق من عرب واكراد معادين لوحدة الارض العراقية ، وتركت مجموعة الارهابيين الدواعش وكم سيارة بيك آب منصوب عليها رشاش ، كما قال مستهزءا رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو تحتل مدنا تساوي ثلث مساحة العراق . اذن من استرجع تلك الارض بعد ان هرب من هرب من القوات الامنية ” جيش وشرطة ، وقوات متعددة ، وبيشمركة ” امام الارهاب الداعشي وتركوا العراقيين من سكنة تلك المدن رهائن عند الارهابيين ، فمن حررهم واعاد الامن والطمانينة لتلك المدن ؟
والجواب يعرفه الجميع ، وفتوى المرجع الكبير سمعوها ووعوا محتواها والهدف الحقيقي من اصدارها ، وتشكل الحشد الشعبي واعاد للعراقيين كرامتهم ، وحرر مدنهم ، وثبت الامن بعد الشريط الحدودي مع سوريا حيث كان يتنقل الارهابيون بين البلدين.
اذن فنحن مدينين لهذا الحشد وقادته ، من اجل تعزيز وحدة الارض العراقية ، والحفاظ على امن العراقيين ، اما القول بغير ذلك فهو الهرطقة بعينها ، والتلاعب بالالفاظ ، واعطاء اعداء العراق وخاصة من يبشرون بـ ” الحضن العربي الدافيء” ، مبررات لضرب الوحدة الوطنية ، وتقسيم العراق الواحد . رغم اننا نعرف بان الحية عندما تبرد تنكمش على نفسها وحالما تضعها بجيبك وتمد يدك وبعد أن تحس بالدفء تلدغك.
*كاتب وصحفي عراقي / رئيس تحرير جريدة السيمر الاخبارية
فيينا / 23 . 10 . 2021
مقالات ذات صلة :
الحرب الناعمة .. واشعال حرب شيعية شيعية بالعراق والمنطقة ! / 1
https://saymar.org/2020/08/109531.html
الحرب الناعمة .. واشعال حرب شيعية شيعية بالعراق والمنطقة !/ 2