السيمر / الاثنين 18 . 07 . 2016
ميشال نصر / لبنان
في العادة يلزم حسم امر الانقلابات وبيان خيطها الاسود من الابيض اياماً، كانت ساعات ثلاث كافية لاختصارها في تركيا، في مفارقة حسمت فيها الشرطة والشعب في وجه وحدات الجيش لينفذ “اردوغان” ومشروعه “بريشه” كأول رئيس انتصر في جمهورية الانقلابات العسكرية.
بالتأكيد وكما بينت الساعات الماضية ان الانقلاب كان موجها ضد “الاسلاميين” ورمزه العدالة والتنمية، وهو ما بينه البيان رقم واحد الذي تحدث عن اقرار دستور جديد، ولا شك ان “العلمانيين” قد تلقوا ضربة جديدة قاسمة من “ثعلب” اجاد اظهار صورة الاسلامي الليبرالي (النيواسلام)، ناجحاً في اخذ الشعب التركي “رهينة”،بعدما اجاد لعبة البروبغندا الفلسطينية، الى جانب نشره المدارس والجامعات والمستشفيات، رافعا من نسبة النمو ومحسناً الاوضاع المعيشية، ما اكسبه قوة لا يستهان بها استثمرها في معركة قضم نفوذ الجيش والقضاء طوال السنوات الماضية.
قد يجزم الكثيرون بان الامور قد انتهت في تركيا لمصلحة “النفوذ الاردوغاني” على حساب الكيانات الاخرى كلها، سواء داخل حزبه او داخل مؤسسات الدولة، فيما قد يعتبر آخرون ان “الجمهورية الاتاتوركية” بعد الاحد هي غيرها ما قبله. قراءتان تصحان ولكن بينهما السؤال الابرز والاكثر دلالة، من هي الجهة الفعلية المحرضة على الانقلاب وما هي غاياتها؟ وما الذي دفعها عمليا الى ارتجال تحركها دون ان تكون حشدت له ما يكفي لينجح؟
موسكو، واشنطن، تل ابيب، القاهرة، طهران وحتى برلين،كانت لها ادوار بشكل او بآخر في تلك العملية، وقد تظهر الايام القادمة بما لا يقبل الشك براغماتيتها لقطف ما تيسر بعدما بلغت الامور ما بلغته. اوروبا تريد انقرة في “بيت طاعتها” ضابط لايقاع “المارد المسلم المتفلت”، واشنطن لن تسمح بلعبة سولو مع موسكو تقلب التوازنات الهشة القائمة على الجبهات السورية، وموسكو تريد لتركيا دورها المعروف تاريخيا في حسابات “الدب الروسي”عامل توازن مع طهران، فيما حساب القاهرة يبقى في حدود الرعب من “الاخوان” أحفاد “الرفاه”وأبناء “العدالة”.
وسط كل ذلك خرج من يقول مستندا الى وقائع ان برقية اسرائيلية –روسية وصلت الى القصر الرئاسي التركي قبيل نصف ساعة من التحرك، تحدثت عن رصد حركة مريبة في بعض القواعد الجوية واتصالات غير مفهومة بين عدد من القيادات العسكرية، صنفت على انها قد تكون انقلاباً، فجرى تحذير أردوغان ونقله بالتالي الى “مرمريس”.
عليه كيف سيكون الرد على الفشل وأين؟ خاصة اذا ما كانت الولايات المتحدة الاميركية صاحبة الخطة؟ هل يفعل الملف الكردي بعدم تخطى أردوغان الخطوط الحمر؟ ام تكتفي واشنطن بالرسالة اذا ما وصلت وفهمت؟ بحسب دبلوماسي غربي في بيروت، فشل الطائرات في الوصول الى مكان تواجد اردوغان، كان الحدث المفصلي الذي قلب المعادلة.
ليبانون ديبايت