فيينا / الخميس 10 . 04 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
محمد جواد الميالي
يُعد التواصل مع أبناء الوطن بمختلف طوائفهم وأعراقهم، أساساً متيناً لبناء مجتمع متماسك يسوده السلام والعدل، القائد السياسي يجعل التواصل جسرًا يربط بين قلوب الناس، فيدرك أن الاستماع لمشاكلهم وآمالهم، يمكنه من بناء رؤية شاملة ترتكز على الوحدة الوطنية فوق الخلافات العرقية والطائفية.
إن رسالة هذا القائد لا تقتصر على التبشير بالتغيير فحسب، بل تمتد لتكون بمثابة إثبات منطق القوة، الذي يرتكز على نسيان أخطاء الماضي ونبذ الطائفية القديمة، فهو يؤمن بأن قوة الدولة الحقيقية تأتي من قدرة المجتمع على تجاوز الانقسامات واحتضان التنوع، لأن هذا التنوع يمثل قاعدة الثقل التي تُثبّت حق الأغلبية في الحكم، وتُعزز من قوة الإرادة الجماعية.
لكن السؤال، من وأين يتحقق التطبيق العملي لهذا التنظير الاكاديمي؟
مدينة تكريت، الأرض التي تحمل في ثناياها ذكريات مختلطة في عيون واذهان العراقيين.. تضمن بين حناياها مدنا كبلد وآمرلي التي جسدت نموذجا للبلدة الصامدة، التي وقفت شامخة في وجه رياح الإرهاب، المدينة التي ثأرت من اجل دماء سبايكر، متحديةً هجمات تنظيم داعش بكل شجاعة وإقدام، فكانت وما زالت آمرلي تمثل روح المقاومة، مثالاً حيًا على أن الإرادة الإنسانية لا تقهر، وأن التاريخ يُكتب بسواعد الارض السمراء.
لا يمكن ان نختزل تكريت بالسياسة التي مارسها طاغية العصر صدام، لأنها تروي قصصا أخرى، عن بناء صفحات جديد من قبول الاخر، والتعايش السلمي وقبول حكم الاغلبية، وصورا من التنوع الديني والثقافي، حيث تتلاقى الأديان وتتشابك الحضارات، ثم تلتقي جميعها في تلول الباج.. الموقع الاثري الذي يعود إلى العصر الآشوري، الذي يمثل بوابة تطل على مجد حضارة سادت، قبل أن يُكتب التاريخ على أوراق الزمن.
يبقى السؤال، من هذا القائد الذي ينبذ طائفية الماضي ويرسم لوحة المستقبل؟
تأتي زيارة السيد عمار الحكيم إلى محافظة تكريت، في يوم ذكرى سقوط نظام البعث، لتكون بمثابة تجسيد عملي لهذه المعالم العريقة، لتحمل معها رسالة بأحقية المكون الاكبر، وان التعايش السلمي هو قاربنا الوحيد للنجاة، لأن الحكيم القائد، ينظر لها بأنها قصيدة كُتبت في بيت أم قصي، تلك السيدة الجبورية التي اعادة لحمة خيوط الانتماء بين الشيعة والسنة، ولترسم معالم الهوية في أفق هذه الأرض، ولا ينظر لها بنظرة تكريت (المتلطخة بدم المجاتيل).
ان وجود سماحة السيد الحكيم بين عشائر تكريت، يمثل تجسيد لعمق الانتماء، وأهمية لإستحضار الماضي وبناء المستقبل، وترسيخ فكرة أن الوطنية تتمثل بالقائد الذي ينظر للجميع بعين العراق، وإن اختيار يوم 9/4 ليس إلا دعوة مفتوحة لإحياء الذاكرة الوطنية، وتأكيد على ان المكون الأكبر بمثابة البيت الذي يجمع الشتيتين، والقلب الذي يسامح الجميع، حيث يحاول الحكيم أن يرسل رسالة مفادها، أن التعايش السلمي سينطلق من آمرلي ليشمل صلاح الدين بأكملها.
الزيارة خطوة نوعية من السيد الحكيم لنبذ خلافات الماضي، واستشراف غدٍ تشرق فيه شمس الحرية، لتكون المدينة.. بكل ما تحويه من تراث وإرث، منارة للوطن وروحا للتنوع الديني، ومفتاحا صغيرا، يخترق ابوابا لطالما أريد لها ان تبقى موصدة..
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات