الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / إحراق الوثائق والمؤسسات … متى يتوقف هذا المسلسل؟

إحراق الوثائق والمؤسسات … متى يتوقف هذا المسلسل؟

متابعة السيمر / الثلاثاء 16 . 08 . 2016 — تماسٌّ كهربائي ، هو المبرر الأكثر شيوعاً لحرائق المؤسسات الحكومية عموماً وبعض الأسواق والمحال التجارية.
كما لايمكن استبعاد الإهمال وعدم الحرص على ممتلكات الدولة، اذ يعمد البعض الى إبقاء أجهزة التبريد شغّالة لليوم الثاني، الأمر الذي قد يتسبب بحريق في أية لحظة، خاصة عند تردي تزويد الطاقة الكهربائية وعدم استقرارها.
كما ان الكثير من الدوائر الحكومية لاتهتم بشروط السلامة والأمان وصيانة منظومات إطفاء الحريق او إدخال بعض موظفيها في دورات لمعرفة أوليات استخدامها في أقل تقدير.

لجنة المشتريات والبضاعة الرديئة
“منير محمود”، موظف حكومي في وزارة الصناعة، بيّن لـ(المدى): هناك إشكال كبير في لجنان المشتريات بعموم المؤسسات والدوائر الحكومية، موضحاً: ان أغلب تلك اللجان تقوم بشراء نوعيات ردئية من الأجهزة الكهربائية، الكثير منها غير خاضع لشروط السلامة، مؤكداً: ان أغلب حوادث الحريق في المؤسسات الحكومية تحدث بسبب رداءة تلك الأجهزة او طريقة ربطها غير الآمنة. أضاف محمود: ان هذه الأجهزة لا تتحمل الضغط العالي للكهرباء ، مشيراً الى التجاوزات الحاصلة على منظومة الكهرباء الداخلية والخطوط الإضافية وخط المولدة وتداخلها مع بعضها. لافتاً الى ان المدراء يتركون المنظومة الرئيسة عاطلة تحت مبرر كلفة التصليح في حين اننا لو أجرينا معادلة حسابية بحجم المشتريات والأجهزة وحجم الإنفاق في تصليح المنظومة لحصلنا على فارق كبير.

غياب الأشخاص المؤهلين
“مشتاق عبد الرزاق” ،منتسب في مديرية الدفاع المدني، ذكر لـ(المدى) أن كثرة الحرائق متوقعة بالنسبة لرجال الدفاع المدني، مشيراً الى أسباب عديدة منها افتقار معظم المؤسسات الحكومية الى منظومة الإطفاء والأشخاص المؤهلين للقيام بواجباتهم. منوهاً: ان البعض من هذه المؤسسات لا تهتم بشؤون السلامة والأمان وصيانة منظومات الإطفاء والدفاع المدني.
وأشار عبد الرزاق الى ان حرائق عديدة حصلت في عدة محافظات مثل النجف وكربلاء والناصرية والبصرة مؤخراً، بعضها في أسواق ومحال تجارية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة او التماس الكهربائي او بفعل فاعل. مشدداً: تلك الحرائق نتجت عنها خسائر مادية كبيرة كان بالإمكان التقليل منها لو كانت هناك مطافئ حريق او اشخاص يجيدون استخدامها، لافتاً الى ضرورة زيادة أعداد مراكز إطفاء الحريق وإعادة توزيعها وانتشارها في العاصمة بغداد خصوصاً كي لاتتكرر مأساة الكرادة.

إتلاف ملفات الفساد
فيما يوضح الدكتور “جهاد العزاوي” أستاذ كلية والاقتصاد لـ(المدى) أن أسباب الحرائق واضحة ومعروفة للكثير. مشيراً الى ان البعض منها ،خاصة في دوائر الدولة والوزارات، كانت لأجل إتلاف ملفات الفساد المالي والإداري في تلك المؤسسات والدوائر التي لم تجد طريقة أسهل، موضحاً: وغالباً ما يكون السبب او العذر التماس الكهربائي او الإهمال غير المتعمد .
واسترسل العزاوي: بعض الحرائق تسببت بخسائر مالية كبيرة سواء للدولة او للمواطنين. مستطرداً: ان حرائق الأسواق التجارية ،خاصة في الشورجة، تسببت بفقدان الكثير من العوائل مصادر رزقها. منوهاً الى ضرورة الاهتمام بالمباني التجارية وتوفير منظومات حماية ودفاع مدني بسبب تزايد الحوادث والحرائق والإعمال الإرهابية. كما نوه الى الخسائر الكبيرة التي تلحق بالاقتصاد الوطني وصعوبة تعويضها بسبب الأزمة المالية الحالية.

الخزن العشوائي وتكرار الحرائق
لجنة التخطيط الستراتيجي في مجلس محافظة بغداد، حمّلت أمانة العاصمة وقيادة عمليات بغداد والمحافظة ووزارة النقل، مسؤولية الحرائق “المتكررة” في مخازن البضائع في بغداد، لتأخرها بحسم ملف ساحات التبادل التجاري منذ عام 2003. وقال رئيس لجنة التخطيط الستراتيجي في مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي، إن مجلس المحافظة يطالب منذ عام 2003 وحتى الآن الجهات المختصة بالقضاء على عملية الخزن العشوائي في المدن، وضرورة إقامة ساحات تبادل تجاري خارج العاصمة. مبيناً: ان الكثير من بيوت بغداد، لاسيما في منطقة الكرادة، تحول إلى مخازن، ما يستدعي الإسراع بتدارك الخطر الناجم عن تلك الظاهرة السلبية من خلال منع دخول الشاحنات إلى مركز العاصمة وتوفير ساحات تبادل تجاري خارجها.

تحمل المسؤولية
وأشار الربيعي إلى أن العاصمة تشهد حرائق متتالية في المخازن التجارية ما يؤدي إلى خسارة ملايين الدولارات برغم الأزمة المالية التي يعيشها البلد، محملاً امانة بغداد وقيادة عمليات بغداد ومحافظة بغداد ووزارة النقل ، مسؤولية تكرار حدوث الحرائق، لعدم استكمالها ساحات التبادل التجاري مع المستثمرين، مؤكدا أن عدم وجود الإرادة لاستكمال ساحات التبادل التجاري، ومنع دخول الشاحنات إلى بغداد، هو ما أدى إلى تكرار الحرائق.

خسائر بالمليارات دون تعويض
تعزو أغلب تقارير الدفاع المدني أسباب غالبية الحرائق التي تشهدها البلاد إلى التماس الكهربائي بسبب ضعف شبكات الكهرباء أو تقادمها، فضلاً عن عدم مراعاة إجراءات السلامة. وعزا المدير العام للدفاع المدني، اللواء كاظم سلمان بوهان، سبب اكثر الحرائق إلى التماس الكهربائي وسوء خزن المواد الكهربائية. مشيراً الى صعوبة السيطرة على النار في بعض الحرائق بسبب العشوائيات المركونة خاصة في مخازن من الأجهزة الكهربائية والالكترونيات، مؤكداً وقوع خسائر مادية كبيرة تقدر بالمليارات، من دون وجود ما يعوض خسارة التجار بسبب عشوائية الخزن وعدم التأمين على البضائع.

إجراءات احترازية
مدير قسم الإعلام في دائرة صحة بغداد الرصافة، بيّن لـ(المدى) اتخاذ عدد من الإجراءات والتدابير اللازمة لغرض إجراء الصيانة ومتابعة جميع نقاط الخلل وإجراء التصليح الفوري لجميع الأجهزة والمنظومات الكهربائية في عموم المؤسسات الصحية. مضيفاً: كذلك إجراء الكشف الموقعي على جميع منظومات الإطفاء الخاصة بالدفاع المدني بما فيها الجافة والسالبة كذلك التأكيد على فرق الدفاع المدني واشراك الموظفين عموماً في دورات للدفاع المدني بالتنسيق مع الفرق الخاصة بالدفاع المدني في وزارة الداخلية. مشدداً على أهمية إجراء ورشات عمل للاستفادة من الخبرة وهذا مايحصل حالياً اذ أقام العديد من إدارات المستشفيات دورات للدفاع المدني للملاك العامل في تلك المستشفيات وحققت تلك الدورات الأهداف المرجوة منها لأجل الحد من الحرائق او التقليل من أضرارها.

مخلّفات المحال التجارية
“غسان نوري” ،مراقب في احدى الدوائر البلدية، يوضح لـ(المدى) ان أسباب حرائق الأسواق والمناطق التجارية معروفة وواضحة أمام الجميع ، عازياً سبب الكثير منها الى سوء التخزين وعدم وجود مخازن نظامية تحتوي على جميع مقومات الأمان. منوهاً الى ان هذا الأمر مشخَّص ومعلن ايضاً في مديرية الدفاع المدني التي حذرت منه كثيراً. مستدركاً: لكن إهمال التاجر او العاملين يكون مبرراً كافياً لحدوث تلك الحرائق. مشيراً الى ان وجود كميات كبيرة من أكوام النفايات وعلب تغليف البضائع (الكارتون) تساعد في تمدد الحريق وانتشاره ووصوله بالتالي الى البضائع.

ضعف الاستجابة لخطوات الأمان
مديرية الدفاع المدني أخذت على عاتقها تقديم المشورة وإقامة الدورات لعموم المؤسسات الحكومية والعاملين فيها، كما تقوم وبشكل دوري بفحص جميع المنظومات الخاصة بنقاط الإطفاء، اذ تقوم تلك الفرق بتقديم تقريرها الى الجهة ذات العلاقة لإجراء اللازم . مصدر في المديرية أشار لـ(المدى ) : بالرغم من المساعدة التي قدمت لنا، لكن تبقى المخاطبات الرسمية للحصول على تصريح صحفي ( مشكلة ). اذ يشير المصدر أن فرق الدفاع المدني تمكنت من إخماد العشرات من الحرائق التي حصلت في العديد من المؤسسات الحكومية والمحال التجارية والأسواق الكبرى. متابعاً: كنا نشخِّص الخلل لكن المشكلة في تنفيذ الخطوات الضرورية بما تسمى (خطوات الأمان). مستدركاً: لكن للأسف غالباً مانرى الاستجابة ضعيفة جداً للبعض من التجار والعديد من المؤسسات الحكومية.
الخبرة والتدريب
وأشار المصدر الى وقوع خسائر مادية كبيرة للعديد من التجار تقدر بالمليارات وأغلبهم لم يعوضوا لعدم توفر شرورط الأمان في مخازنهم. منوهاً الى تضرر العديد من الأبنية والأقسام في مؤسسات حكومية اضافة الى خسائر مالية يصعب تعويضها في الوقت الحاضر. لافتاً الى ان مقرات الوزارات تمتلك منظومات إطفاء، الرطبة منها والجافة كذلك وجود مطافئ الحريق بأنواع CO2 والرغوة والباودر. مشدداً: انها تساعد في إطفاء الحرائق بشكل سريع لكن تبقى الخبرة والتدريب والمعلومات اللازمة ضرورية في استخدام هذه المنظومات وصيانتها وتأهيلها لتكون مستعدة للعمل.

احتواء الفعل
“حيدر جبار” ،موظف في وزارة الصحة التي شهدت حدوث الكثير من الحرائق، يقول لـ(المدى) : عند لحظة اندلاع الحريق يهرع البعض نحو قناني الإطفاء، مستدركاً: لكن للأسف نجد الكثير منها غير صالح للعمل. مشيراً الى حالة الهلع التي تصيب البعض من الموظفات ما يسبب إرباكاً للعاملين في قسم الدفاع المدني. داعياً الى ضرورة تنظيم دورات لكل موظفي الدوائر للتمرن على شروط السلامة والأمان والإخلاء عند حدوث أية عوارض او حرائق.

علامات استفهام
أصبحت الحرائق وسيلة للتغطية على جرائم الفساد والتلاعب المالي داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية. يقول ضابط تحقيقات جنائية ،فضل عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، : في الآونة الأخيرة حدثت عدة حرائق في وزارات ومؤسسات حكومية في ظروف غامضة، مشيراً إلى أن أغلب الحرائق مفتعلة للتغطية على حالات الفساد المالي والإداري وإخفاء حقائق ومستندات عن ملفات فساد. مضيفاً: إن نشوب الحرائق بشكل متكرر في مؤسسات الدولة يدفعنا إلى وضع علامات استفهام كبيرة على تلك الظاهرة التي باتت تشكل خطراً على مستقبل العراق.
وتابع المصدر أن عشرات الحرائق التي حدثت في الآونة الأخيرة في وزارات وأقسام مهمة، حولت ملفات وسندات عقود وغيرها إلى رماد، لكنها أهملت ولم يفتح تحقيق فيها، ودائماً ما يكون السبب والمتهم هو التماس الكهربائي. مؤكداً ان الكثير من تلك الحرائق كان بالإمكان تداركها او محاصرتها لو توفرت قناني الإطفاء العاملة او سرعة وصول سيارات الإطفاء. لافتاً الى قلة عدد مراكز الإطفاء وتباعدها عن المناطق والأسواق التجارية المهمة.

مخازن مشتركة
تاجر مواد كهربائية في شارع العطار ،تعرض محله قبل فترة الى حريق كبير تسبب بخسائر مالية كبيرة تقدر بالمليارات من الدنانير، طالب بضرورة انشاء مركز إطفاء قريب لمنطقة الكرادة داخل. مع أهمية انتظام وجود سيارات إطفاء في الشارع الرئيسي او الشوراع الفرعية الرئيسية. لافتاً الى ضرورة رفع التجاوزات على الشارع والأرصفة والتي تربك عمل فرق الإطفاء وتأخر وصولهم الى أماكن الحوادث، الأمر الذي يسبب زيادة الخسائر.
فيما دعا “حيدر عبد الهادي” ،تاجر عطور وكماليات فقد بضائع تقدر بالملايين دون ان يعوض، الى توفير مبانٍ ملائمة للخزن. عازياً سبب لجوئهم الى المخازن الحالية بسبب رخص ايجارها مقارنة بمحال اخرى في مناطق الكرادة. منوهاً الى ان الكثير من التجار او الوكلاء يقومون باستئجار بناية بشكل مشترك لخزن بضائع مختلفة مع بعضها دون مراعاة لشروط الأمان.

اترك تعليقاً