فيينا / السبت 27. 07 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
تكملة للحلقة السابقة جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن زوج و بعل “عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا” ﴿التحريم 5﴾ أزواجا اسم، عسى ربُّه إن طلقكنَّ أيتها الزوجات أن يزوِّجه بدلا منكن زوجات خاضعات لله بالطاعة، مؤمنات بالله ورسوله، مطيعات لله، راجعات إلى ما يحبه الله مِن طاعته، كثيرات العبادة له، صائمات، منهنَّ الثيِّبات، ومنهن الأبكار. قوله عز وجل “إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ” ﴿المعارج 30﴾ إن عذاب ربهم لا ينبغي أن يأمنه أحد. والذين هم حافظون لفروجهم عن كل ما حرَّم الله عليهم، إلا على أزواجهم وإمائهم، فإنهم غير مؤاخذين. قوله جل جلاله “فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ” ﴿القيامة 39﴾ أيظنُّ هذا الإنسان المنكر للبعث أن يُترك هَمَلا لا يُؤمر ولا يُنْهى، ولا يحاسب ولا يعاقب؟ ألم يك هذا الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين يراق ويصب في الأرحام، ثم صار قطعة من دم جامد، فخلقه الله بقدرته وسوَّى صورته في أحسن تقويم؟ فجعل من هذا الإنسان الصنفين: الذكر والأنثى، أليس ذلك الإله الخالق لهذه الأشياء بقادر على إعادة الخلق بعد فنائهم؟ بلى إنه سبحانه وتعالى لقادر على ذلك. قوله سبحانه “وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا” ﴿النبإ 8﴾ أزواجا: أصنافاً و أضداداً. ذكوراً و إناثاً للتناسل، الذكر صنف و الأنثى صنف. وخلقناكم أصنافا ذكرا وأنثى؟. قوله عز من قائل “وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ” ﴿التكوير 7﴾ زوجت فعل، النُّفُوسُ زُوِّجَتْ: صنفت فكانت مع أمثالها وأضرابها بعدأن تزوج الأرواح بالأجساد. قوله تبارك وتعالى “قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ” ﴿هود 72﴾ بَعْلِي: بَعْلِ اسم، ى ضمير، بعلي أي زوجي، قالت سارة لما بُشِّرت بإسحاق متعجبة: يا ويلتا كيف يكون لي ولد وأنا عجوز، وهذا زوجي في حال الشيخوخة والكبر؟ إن إنجاب الولد مِن مثلي ومثل زوجي مع كبر السن لَشيء عجيب. قوله سبحانه “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” ﴿النور 31﴾ لِبُعُولَتِهِنَّ: لِ حرف جر، بُعُولَتِ اسم، هِنَّ ضمير، لِبُعُولَتِهِنَّ: لأزواجهن، إلا لبعولتهن: جمع بعل: أي زوج، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن عمَّا لا يحلُّ لهن من العورات، ويحفظن فروجهن عمَّا حَرَّم الله، ولا يُظهرن زينتهن للرجال، بل يجتهدن في إخفائها إلا الثياب الظاهرة التي جرت العادة بلُبْسها، إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، وليلقين بأغطية رؤوسهن على فتحات صدورهن مغطيات وجوههن، ليكمل سترهن، ولا يُظْهِرْنَ الزينة الخفية إلا لأزواجهن، إذ يرون منهن ما لا يرى غيرهم. وبعضها، كالوجه، والعنق، واليدين، والساعدين يباح رؤيته لآبائهن أو آباء أزواجهن أو أبنائهن أو أبناء أزواجهن أو إخوانهن أو أبناء إخوانهن أو أبناء أخواتهن أو نسائهن المسلمات دون الكافرات، أو ما ملكن مِنَ العبيد، أو التابعين من الرجال الذين لا غرض ولا حاجة لهم في النساء، مثل البُلْه الذين يتبعون غيرهم للطعام والشراب فحسب، أو الأطفال الصغار.
يقول الدكتور فاضل السامرائي: البعل هو الذكر من الزوجين ويقال زوج للأنثى والذكر. في الأصل في اللغة البعل من الإستعلاء في اللغة يعني السيد القائم المالك الرئيس هو البعل وهي عامة. بعلُ المرأة سيّدها وسُميّ كل مستعل على غيره بعلاً “أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ” (الصافات 125) لأنهم يعتبرونه سيدهم المستعلي عليهم. الأرض المستعلية التي هي أعلى من غيرها تسمى بعلاً والبعولة هو العلو والاستعلاء ومنها أُخِذ البعل زوج المرأة لأنه سيدها ويصرف عليها والقائم عليها. الزوج هو للمواكبة ولذلك تطلق على الرجل والمرأة هي زوجه وهو زوجها “وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ” (البقرة 35) الزوج يأتي من المماثلة سواء كانت النساء وغير النساء (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) الصافات) أي أمثالهم نظراءهم، (وآخر من شكله أزواج) أي ما يماثله. (البعل) لا يقال للمرأة وإنما يقال لها زوج. “وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ” (النور 31) يُنظر به الشخص ولا ينظر به المماثلة ولذلك هم يقولون أنه لا يقال في القرآن زوجه إلا إذا كانت مماثلة له قال: “اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ” (التحريم 11) لم يقل زوج فرعون لأنها ليست مماثلة له، امرأة لوط وامرأة نوح لأنها مخالفة له، هو مسلم وهي كافرة. لم يقل زوج وإنما ذكر الجنس (امرأة). لو قال زوج يكون فيها مماثلة حتى في سيدنا إبراهيم لما المسألة تتعلق بالإنجاب. قال: “وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ” (هود 71) هذا يراد به الجنس وليس المماثلة، الزوج للماثلة والمرأة للجنس الرجل كرجل والمرأة كامرأة.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” (البقرة 228) “وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ” (البقرة 228) يعني أن أزواجهن أولى بمراجعتهن وهي ردهن إلى الحالة الأولى في ذلك الأجل الذي قدر لهن في مدة العدة فإنه ما دامت تلك المدة باقية كان للزوج حق المراجعة ويفوت بانقضائها وفي هذا ما يدل على أن الزوج ينفرد بالمراجعة ولا يحتاج في ذلك إلى رضاء المرأة ولا إلى عقد جديد وإشهاد وهذا يختص بالرجعيات وإن كان أول الآية عاما في جميع المطلقات الرجعية والبائنة.
وفي القاموس: (البعل الزوج والأنثى بعل وبعلة والرب والسيد والمالك، والنخلة التي لا تسقى أو تسقى بماء المطر). قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اشتد غضب الله عز وجل على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها، فإنها إن فعلت ذلك أحبط الله كل عمل عملته، فإن أوطأت فراشه غيره كان حقا على الله أن يحرقها بالنار بعد أن يعذبها في قبرها. (ثواب الأعمال ص 286 وسائل الشيعة ج 20 ص 232 أعلام الدين ص 417 بحار الأنوار ج 73 ص 366). عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، وعلي بن ابراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي حمزة، قال: سمعت جابر ابن عبد الله، يقول: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها، الحصان على غيره التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له: ما يريد منها ولم تبذل كتبذل الرجل. قال الإمام الصادق عليه السلام: (رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للمرأة أن تخضب رأسها بالسواد، قال: وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله النساء بالخضاب ذات البعل وغير ذات البعل، أما ذات البعل فتتزين لزوجها، وأما غير ذات البعل فلا تشبه يدها يد الرجال).
قوله تعالى “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا” (الاحزاب 28) جاء في صحيفة القران المجيد عن سورة الفاتحة للشيخ حسن جليل حردان الانباري: وأنظر كيف عاتب الله نساء النبي وقرعهن بأسلوب عجيب ويأمرهن بالقيام بالواجبات ويبين لهن أنكن لستن كباقي النساء فإنكن نساء النبي، وفي أول الآيات بين أنهن لا يجوز لهن أن يطمعن في الزواج من أحد وإذا أردن الزواج فخيرهن بالطلاق ليخرجن من عهدت النبي الأكرم.
عن كتاب حياة الامام الرضا عليه السلام للمؤلف باقر شريف القرشي: قوله تعالى: “وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ” (البقرة 35) سأل عبد السلام بن صالح الهروي الامام الرضا عليه السّلام فقال له: يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم و حواء ما كانت؟ فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروي أنها الحنطة و منهم من يروي أنها العنب و منهم من يروي أنها شجرة الحسد؟ فقال عليه السّلام: كل ذلك حق فقال عبد السلام: ما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال عليه السّلام: يا ابن الصلت إن شجرة الجنة تحمل أنواعا و كانت شجرة الحنطة و فيها عنب وليست كشجرة الدنيا. و علّق الامام السبزواري على هذه الرواية بقوله: لا ريب في أن تلك الجنة و لو كانت من الدنيا لها خصوصية ليست تلك الخصوصية في جميع جنات الدنيا و من جهة قلة التزاحم و التنافي في تلك الجنة أو عدمهما فصح أن تحمل شجرة منها انواعا.