أخبار عاجلة
الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / إضراب وطني في المغرب: اقتصاد “لم يخدم الطبقة الفقيرة” و”قانون تكبيلي يضرب حق الاحتجاج”

إضراب وطني في المغرب: اقتصاد “لم يخدم الطبقة الفقيرة” و”قانون تكبيلي يضرب حق الاحتجاج”

فيينا / الخميس 06 . 02 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية

يشهد المغرب الخميس إضرابا وطنيا دعت إليه النقابات العمالية بعد إقرار البرلمان لقانون حول حق الإضراب، تعتبره النقابات “تكبيليا”. ويأتي هذا الإضراب في خضم تململ شعبي جراء ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وغلاء المعيشة، على الرغم من حالة استقرار اقتصادي في المملكة، ما يطرح تساؤلات حول نجاعة منوال التنمية في التوزيع المتكافئ للثروة.

تصاعدت الأزمة بين النقابات العمالية في المغرب وحكومة عزيز أخنوش بعد إقرار البرلمان مشروع قانون حول حق الإضراب، تعارضه النقابات ، ما جعلها تعلن إضرابا وطنيا عاما ليومين بدءا من الخميس.

هذا الإضراب دعا له الاتحاد المغربي للشغل، في القطاعين الخاص والعام، وانضم إليه كل من الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل وفيدرالية النقابات الديمقراطية.

وحسب بيان صادر عن الاتحاد المغربي للشغل، بلغت “نسبة مشاركة الطبقة العاملة وعموم المأجورين في اليوم الأول لهذا الإضراب نحو 84.9 % … رغم بعض الاستفزازات الإدارية، ومحاولات تغليط الرأي العام الوطني والعمالي من طرف جهات حكومية”.

وقال الميلودي موخاريق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل إن الدعوة إلى الإضراب جاءت “احتجاجا على السلوك الحكومي اللامسؤول تجاه الطبقة العاملة والحركة النقابية وعموم الفئات الشعبية”. 

وأضاف في تصريح نقلته وكالة رويترز: “كل يوم نستيقظ على إيقاع الزيادة في الأسعار، وتقف الحكومة موقف المتفرج بإعطاء الضوء الأخضر للمضاربين وذوي المصالح وذوي الجاه وذوي المال على حساب الشعب المغربي”. كما وصف القانون الجديد للإضراب بأنه “قانون تكبيلي تراجعي مناف للدستور ويضرب حقا من حقوق الإنسان وهو حق الاحتجاج”.

أغلبية برلمانية مريحة وقانون “يحترم التشريعات الدولية”

في خطابه أمام ملجس النواب، قال يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي المغربي: “بعد أكثر من 63 سنة أصبح المغرب يتوفر على تعريف واضح ودقيق ومطابق 100 بالمائة لتعريف منظمة العمل الدولية، والذي يعرف الإضراب بأنه توقف عن العمل بشكل مؤقت” مضيفا: “هناك من أراد أن لا يكون الإضراب محددا في الزمن، وهو ما لا يوجد في أي تشريع من التشريعات الدولية، ولا في تعريف منظمة العمل الدولية للإضراب”.

بالنسبة إلى ميلود بلقاضي أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس ورئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية، فإن الحكومة استفادت من الأغلبية البرلمانية المريحة لتمرير المشروع المثير للجدل ويقول: “تعيش الحكومة المغربية الأشهر الأخيرة في ولايتها [ فريق التحرير قبل انتخابات 2026]، لذلك تسابق الزمن لإخراج جميع مشاريع القوانين التنظيمية التي نص عليها دستور 2011، والتي لم تتمكن حكومة الإسلاميين من إخراجها للوجود، ومن بينها مشروع قانون الإضراب الذي نجحت حكومة عزيز أخنوش في تمريره بصعوبة.”

استقرار اقتصادي يقابله تململ اجتماعي

تأتي هذه الأزمة الاجتماعية بالرغم من تحقيق المملكة لقدر مهم من الاستقرار الاقتصادي. إذ نقلت وكالة رويترز عن وزارة الاقتصاد والمالية المغربية قولها عجز الميزانية بلغ 3.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، انخفاضا من 4.4 بالمئة في العام السابق. 

كما حقق قطاع السياحة العام الماضي قفزة غير مسبوقة، بزيادة 20 في المئة، بالوصول إلى 17.4 مليون سائح (نصفهم من المغاربة في أنحاء العالم)، وذلك ارتفاعا من 14.5 مليون في 2023. وارتفعت عائدات السياحة إلى 112 مليار درهم بزيادة 7 في المئة مقارنة مع 2023، وزيادة 43 في المئة مقارنة مع 2019 (قبل انتشار الجائحة).

في المقابل، ارتفع معدل البطالة في المغرب إلى 13.3 في المئة في 2024 مقارنة مع 13 في المئة‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬في 2023، إذ يواصل قطاع الزراعة فقدان الوظائف بسبب الجفاف. 

وأفادت إحصائية رسمية نقلتها المندوبية السامية للتخطيط  أن عدد العاطلين على المستوى الوطني بلغ مليونا و638 ألفا حتى نهاية 2024، بزيادة قدرها 58 ألف شخص منهم 42 ألفا بالحضر و15 ألفا بالمناطق الريفية. ويبلغ عدد السكان في المغرب نحو 37 مليون نسمة.

وفقد القطاع الزراعي 137 ألف وظيفة مع استمرار موجة جفاف للعام السابع على التوالي. وارتفع عدد العاطلين إلى 16.9 في المئة بالمناطق الحضرية من 16.8 في المئة العام الماضي، وإلى 6.8 في المئة من 6.3 في المئة في الريف. 

هنا، يرى ميلود بلقاضي أن هشاشة الوضع الاجتماعي بالمغرب تعود إلى تراكمات بنيوية زادت من حدتها عوامل محلية وخارجية ويقول “جائحة كورونا دمرت الاقتصاد الوطني كما أنهكه تتابع سنوات الجفاف و⁠الحرب الأوكرانية الروسية”.

“فساد واقتصاد ريعي”

لكن الأستاذ الجامعي يشدد على أن “حكومة أخنوش صمدت أمام هذه الأزمات وتمكنت من الحفاظ على التوازن الماكرو-اقتصادي، لكن ضعف عدد من الوزراء ساهم في الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، لأن اتساع دائرة الفساد والسمسرة ولوبيات اقتصاد الريع والفساد هزم الحكومة وجعل الفقر والهشاشة والغلاء تقهر المواطن.”

ويضيف بلقاضي أن وزيرا في الحكومة أقر بـ”خطورة الأوضاع الاجتماعية وفشل الحكومة في الحد من خطورتها”، مطالبا “بإعادة النظر في السياسات الاجتماعية التي تتعارض مع الإشعاع الدولي الذي يحظى به المغرب تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس“.

وأظهرت البيانات الرسمية في المملكة ارتفاع البطالة خاصة بين الشباب بين 15 و24 عاما لتسجل 36.7 في المئة مقارنة مع 35.8 بالمئة العام الماضي، بينما بلغت بين حاملي الشهادات 19.6 في المئة والنساء 19.4 في المئة مقارنة مع 19.7 بالمئة و18.3 بالمئة على الترتيب قبل عام. ووجهت المعارضة انتقادات للحكومة لعدم الوفاء بتعهدات بتوفير المزيد من فرص العمل.

مكافحة بطالة الشباب تتطلب “إصلاحات هيكلية”

في هذا الصدد، يقدر الناشط السياسي المغربي عمر أمرابط أن ارتفاع البطالة يعود بالأساس إلى إن “حكومة أخنوش لم تنجح في ملف التشغيل، بالرغم من الطفرة الاقتصادية المتوفرة وتمهيد حكومات حزب العدالة والتنمية الطريق لها بإجراء إصلاحات هيكلية مثل إصلاح صندوق المقاصة [فريق التحرير: صندوق عمومي لدعم المواد الأساسية]. كما أن كفاءات هذه الحكومة تنتمي إلى “أبناء الطبقة الثرية”، وأخنوش نفسه رجل أعمال يهتم أكثر بفاحشي الثراء”.

وفي باب الحلول، يشدد أمرابط على أنه لا بد من وضع التشغيل على رأس الاهتمامات، مضيفا “يبدو أن الحكومة الحالية لم تضع تشغيل الشباب ضمن أولوياتها. وإجراءاتها تصب في مصلحة بعض الفئات التي يعرفها الشعب. ولم تكن هناك برامج حكومية هيكلية، تهم الفئات الاجتماعية الهشة وأبناء هذه الفئات المهمشة هم الأكثر تضررا من البطالة.”

ويخلص أمرابط إلى أن “كل وعود الحكومة كانت كاذبة والإضرابات في المملكة ليست أمرا جديدا في السنوات القليلة الماضية، وهزت قطاعات عدة مثل قطاع الطب. المطلوب هو تأهيل أبناء هذه الفئات الضعيفة التي لا تملك فرص الشغل. فهناك حاملو شهادات عليا ليست مطلوبة في سوق الشغل، ولم تتم عملية إعادة تأهيلهم للإيجاد مناصب عمل.”

المصدر / فرانس 24

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً