الرئيسية / مقالات / مصطلحات قرآنية والبصرة (ح 93): شط العرب (وجعل بينهما برزخا)

مصطلحات قرآنية والبصرة (ح 93): شط العرب (وجعل بينهما برزخا)

فيينا / الجمعة 23. 05 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية  

د. فاضل حسن شريف
 
جاء في الموسوعة الحرة عن شط العرب: المدن الواقعة على النهر العراق: القرنة، الدير، الهارثة، البصرة، أبو الخصيب، الفاو، قضاء شط العرب. إيران: المحمرة، عبادان، القصبة. البيئة الجيولوجية: تصنف العلوم الجيولوجية المنطقة الجنوبية من العراق، وخصوصًا منطقة شط العرب على أنها منطقة غير مكتملة التكوين الجيولوجي، وقد تكوّنت مياه شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات. ويرى بعض الباحثين أن الترسبات التي كوّنها نهر كارون والأودية الآتية من الجهة الغربية، سببت في نشوء سد في الخليج العربي يعوق مياه الرافدين من الوصول إليهِ بسهولة، مما جعل مياهه تسري إلى المنخفضات المجاورة لتتجمع ثانية، وتنزل تدريجيًا نحو الخليج مكونة نهر شط العرب. يبلغ طول شط العرب 204 كم، أما عرضه فمتغير حسب المنطقة، فهو عند المصب يبلغ أكثر من كيلو مترين، في حين يبلغ عند البصرة حوالي كيلومتر واحد. وفي الآونة الأخيرة بدأ الشط يتوسع من جهة إيران نظرًا لقيام إيران بالحفر والتوسع من جهتها فيما بدأت تقوم بأعمال جيولوجية لاكتشاف النفط من جانبها المتسع بينما بقي الجانب العراقي من الشط مغمورًا بأنقاض الحروب. تاريخه: رغم خضوع منطقة الخليج العربي إلى الاحتلال الأوروبي لمدة أربعة قرون سواء على يد البرتغاليين والهولنديين والفرنسيين والإنجليز، فإن منطقة شط العرب بقيت منطقة عربية خالصة، وحافظت على عروبتها حتى في ظل الصراع الذي دار بين الفرس والترك تارة، وبين الترك والإنجليز تارة أخرى. ويتخذ بعض الباحثين المؤرخين في نظرتهم لشط العرب ما جاء في معاهدة قصر شيرين بين الترك والفرس عام 1639، والتي يعتبرونها أول معاهدة لترسيم الحدود -بحسب موسوعة إنكارتا وموسوعة السياسة- والتي خلت من أي ذكر لشط العرب على أنه عربي التاريخ. تدخلت بريطانيا في قضية الحدود بين الدولتين العثمانية والفارسية، وذلك حينما تعاظم نفوذها إبان القرن الثامن عشر وكان هدفها هو البحث في سبل تأمين مواصلاتها البحرية عبر الطرق المائية ومن بينها شط العرب.  ولتنفيذ هذه الاستراتيجية البريطانية، أسندت بريطانيا إلى الرحالة والدبلوماسي البريطاني السير أوستن هنري لايارد مهمة وضع مشروع حدود تكون منطقة شط العرب فيه تابعة للدولة العثمانية، على أن يعطى نهر السیحان أو السلیج إلى إيران. وهذا النهر عبارة عن فرع من نهر الكارون يصب في الخليج وليس في شط العرب. ونشر لايارد مشروعه ذاك في مجلة الجمعية الجغرافية الملكية في لندن عام 1848. وتتابعت بعد ذلك الاتفاقات والمعاهدات الخاصة بالحدود بين الدولة العثمانية وفارس منذ 1843 حتى بروتوكول الأستانة عام 1913. ومع أوائل القرن العشرين اكتشف النفط في العراق وإيران وظهر أيضا في منطقة الأحواز العربية التي احتلتها إيران وأخضعتها للدولة الإيرانية، وكانت تطلق عليها إيران (عربستان) أي بلاد العرب. فزادت أهمية منطقة شط العرب لبريطانيا في عمليات نقل النفط إلى الخليج العربي ومنه إلى أوروبا. وتقول موسوعة السياسة إن بريطانيا ضغطت على الحكومة العراقية سواء في الحرب العالمية الأولى أو إبان العهد الملكي لتقديم تنازلات في شط العرب، وحملتها على توقيع معاهدة عام 1937 التي أعطت بموجبها لإيران 16 كيلومترا من مياه شط العرب أمام منطقة عبادان وذلك لتأمين تحرك ناقلات النفط الإيراني من مصافي عبادان. ولكن لم يقتنع الشاه محمد رضا بهلوي بهذه الكيلو مترات، فأعلن عام 1970 إلغاء معاهدة 1937 من طرف واحد، وذلك بعد أن وضعت الولايات المتحدة يدها على أكثر من 80% من النفط الإيراني إبان حكمه وظهرت حاجتها أيضا لشط العرب. ظلّ شط العرب نهراً تابعاً للعراق حتى أُبرمت اتفاقية الجزائر سنة 1975، التي صار النهر بموجبها نهراً دولياً مقسوماً بين العراق غرباً وإيران شرقاً، يبدأ شط العرب من منطقة القرنة أو كرمة علي حيث السيادة العراقية على الشط كاملة حتى يصل الشط إلى مدينة المحمرة الإيرانية شرقاً حيث يبدأ من هناك اقتسام شط العرب بين العراق غرباً وإيران شرقاً إلى مصب الشط في الخليج العربي.
 
عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى “وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا” (الفرقان 53) “وهو الذي مرج البحرين” أرسلهما متجاورين، “هذا عذبٌ فرات” شديد العذوبة، “وهذا مِلْحٌ أُجَاجٌ” شديد الملوحةِ، “وجعل بينهما برزخا” حاجزا لا يختلط أحدهما بالآخر “وحجرا محجورا” سترا ممنوعا به اختلاطهما.
 
جاء في موقع سكاي نيوز عربية عن “المد الملحي” بشط العرب.. كيف حدث وما تأثيره على العراق؟ بتأريخ 2018: تكون شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات شمالي محافظة البصرة، ونتيجة لقراري تركيا وإيران انخفض منسوب المياه في النهر، الأمر الذي سمح له بزيادة استقبال مياه الخليج العربي المالحة. ونتيجة لذلك يقول العضو السابق في البرلمان العراقي، عامر الفايز، إن ملوحة مياه نهر شط العرب سيمتد تأثيرها إلى المحافظات الأخرى المستفيدة من دجلة والفرات، ولن يتوقف عند البصرة فقط. من نهر إلى بحر: وعلاوة على ذلك، قررت السلطات الإيرانية إغلاق نهر الكارون (شرقا)، الذي يصب في مياه شط العرب، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة ملوحة شط العرب بدرجات قياسية لا تتماشي مع المعايير العالمية. فوفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية، يجب ألا تزيد نسبة الملوحة في المياه على ألف جزء في المليون، لكن هذه النسبة تخطتها مياه شط العرب، بحسب ما قاله الفايز لـ”سكاي نيوز عربية”. وكان رافد نهر الكارون يساهم بشكل كبير في دفع المياه المالحة القادمة من الخليج العربي للجزء الجنوبي من شط العرب. ولم يحرك نظام الملالي ساكنا، وهو يشاهد احتجاجات سكان دولته الجارة، التي تقترب من شبح نقص مياه حاد لم تواجهه من قبل في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة. وأعلنت السلطات الإيرانية أن نهر الكارون سيظل مغلقا في الاتجاه العراقي حتى شهر سبتمبر المقبل، وهي الفترة الكافية لإنشاء 4 سدود على النهر. وما زاد الطين بلة هو مواصلة الجانب الإيراني إلقاء مخلفات في مياه شط العرب تزيد من ملوحة النهر. ويعلق عامر الفايز على ذلك بقوله: “أعتقد أن يتحول نهر شط العرب يوما ما إلى ماء بحر”. حل الأزمة: وحتى الآن لم تجد الحكومة حلا لهذه الأزمة، التي أثرت اجتماعيا وصحيا واقتصاديا على أهالي البصرة، فقد وصل تأثيرها إلى المحاصيل الزراعية بعدما تضررت الأراضي من ملوحة المياه، كما تأثرت الثروة السمكية. وأضاف البرلماني العراقي السابق “نفق الكثير من الحيوانات بينما أصيب بعضها بالعمى، ناهيك عن المعاناة الصحية للمواطنين”. وفي ظل تعنت الإجراءات الإيرانية، يرى الفايز أن الحكومة العراقية بصدد حلين للأزمة، أولهما آني ويتمثل في تنفيذ الحكومة العراقية وعدها بفتح الإطلاقات المائية من سدود تصب في نهر شط العرب، والثاني استراتيجي يقضي بضرورة إنشاء محطات حرارية للتحلية مثل تلك التي تقع على ساحل الخليج العربي. ويعتمد أهالي البصرة حاليا على المياه المعدنية المستوردة ومعامل تحلية المياه، وفقا للفايز.
 
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا” ﴿الفرقان 53﴾ وبعد فاصلة وجيزة، يتناول القرآن الكريم مجدداً الإستدلال على عظمة الخالق عن طريق بيان نعمه في النظام الكوني، فيشير بعد ذكر المطر في الآيات السابقة إلى عدم الإختلاط بين المياه العذبة والمالحة: “وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً”. (مرج) من مادة (المرج) (على وزن فلج) بمعنى الخلط أو الإرسال، وهنا بمعنى المجاورة بين الماء العذب والمالح. (عذب) بمعنى سائغ وطيب وبارد، و(فرات) بمعنى لذيذ وهنيء. (ملح) بمعنى مالح، و(أجاج) بمعنى مُرّ وحار. (بناء على هذا فملح وأجاج نقطتان مقابلتان لعذب وفرات). (برزخ) بمعنى حجاب وحائل بين شيئين. وجملة (حجراً محجوراً) كما أشرنا سابقاً (ذيل الآية 22 من هذه السورة) كانت جملة لأخذ الأمان بين العرب يقولونها عندما يفاجؤون بشخص يخافونه ويرهبونه، يعني (أعفُ عنا، وآمنا، وابتعد عنا). على أية حال، فهذه الآية تصور واحداً من المظاهر المدهشة لقدرة الخالق في عالم مخلوقاته، وكيف يستقر حجاب غير مرئي، وحائل خفي بين البحر المالح والبحر العذب، فلا يسمح لهما بالاختلاط. وقد اتّضح اليوم أن هذا الحجاب اللامرئي، هو ذلك (التفاوت بين كثافة المالح والعذب) وفي الإصطلاح (تفاوت الوزن النوعي) لهما، حيث يكون سبباً في عدم امتزاجهما إلى مدة طويلة. ورغم أنّ جماعة من المفسّرين وقعوا في تعب من أجل اكتشاف مثل هذين البحرين في الكرة الأرضية وأين يوجد بحر عذب الماء في جوار بحر مالح الماء ولا يمتزجان!؟ لكن هذه المشكلة انحلت لنا، لأنّنا نعلم أن جميع أنهار الماء، العذب العظيمة التي تصب في البحار عند الساحل، تشكل بحراً من الماء العذب، فتدفع المياه المالحة إلى الخلف، ويستمر هذا الوضع إلى مدّة طويلة، وبسبب التفاوت في كثافتهما يمتنعان عن الامتزاج مع بعضهما، فكل واحد منهما يقول للآخر: “حجراً محجوراً”. الملفت هو أنّ سطح البحر يرتفع وينخفض بمقدار كبير بسبب المد والجزر اللذين يحصلان مرّتين في اليوم بتأثير جاذبية القمر وبذلك تغمر المياه العذبة التي شكلت بحراً اليابسة في مصبات تلك الأنهار وأطرافها، وقد استفاد الناس من هذه الحالة منذ قديم الزمان، فحفروا جداول كثيرة في أطراف ملتقى الأنهار مع البحر، وزرعوا اراض شاسعة بالاشجار، حيث تتمّ سقايتها بنفس ذلك الماء العذب الذي ينتشر في مناطق واسعة بواسطة المد والجزر.
 
جاء في مركز الروابط عن خط التالوك يزحف تجاه العراق ويسلبه شط العرب: شط العرب التي كان متفقا عليه عام 1913 بين إيران والعثمانيين بمثابة الحدود الرسمية ونقطة خط القعر هي النقطة التي يكون الشط فيها باشد حالات انحداره. وفي عام 1969 أبلغ العراق الحكومة الإيرانية ان شط العرب كاملا هو مياه عراقية. وفي 6 مارس عام 1975 وقعت اتفاقية الجزائر بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه ايران محمد رضا بهلوي وباشراف رئيس الجزائر آنذاك هواري بومدين. وتضمنت الاتفاقية، أن تمر الحدود بين العراق وإيران بأعمق نقطة في شط العرب متمثلة بخط التالوك (هي النقطة التي يكون الشط فيها بأشد حالات انحداره) أي بشكل عام في منتصفه. ولكن صدام حسين ألغى هذه الاتفاقية عام 1980 بعد سقوط حكم الشاه ووصول الخميني إلى الحكم، الأمر الذي أشعل حرب الخليج الأولى. ويتكون شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات، ويبلغ طوله من التقائهما عند بلدة القرنة إلى مصبه في الخليج العربي عند بلدة الفاو ما يقرب من 180 كم، ويبلغ عرض مجراه بين 1-2 كم، ونصف هذه المسافة تقريبًا يجري شط العرب في العراق والنصف الثاني يصبح حدًا فاصلاً بين العراق وإيران بدءًا من خور رامشهر التي تقع شرق مدينة البصرة بـ 30 كم حيث يرفده نهر قارون. ويخرج منه فرع يدعى (خور بهمانشير) وبين الفرعين توجد أرض واسعة تعرف باسم جزيرة (عبدان)، وتوجد عدة جزر في مجرى شط العرب، وهو صالح للملاحة وتدخله السفن حتى مدينة البصرة، وتنتهي الخطوط الحديدية العراقية في البصرة وتنتقل البضائع بعدئذٍ إلى الطرق المائية، أما أنابيب النفط فتصل حتى الفاو، بل إلى نهاية خور العمية جنوب الفاو وداخل مياه الخليج العربي. ويعد شط العرب الذي يبلغ طوله نحو 200 كيلو متر شرياناً مهماً للعراق من الناحية الاقتصادية، فهو القناة الملاحية للسفن المتوجهة إلى موانئ البصرة من الخليج العربي، و مصدرا رئيسا لري بساتين النخيل في مناطق جنوبي العراق. ويعد خط التالوك الحد الفاصل بين المياه العراقية والإيرانية ضمن اتفاقية الجزائر عام 1975، ويبدأ الشاطئ الإيراني على شط العرب من جزيرة أم الرصاص وحتى رأس البيشة حيث مصب شط العرب في الخليج العربي. وتتعرض الضفة الشرقية لشط العرب لتآكل مستمر بسبب الإهمال وكثرة الغوارق والطمى وترسبات نهر الكارون وترعة بهمشير الإيرانية، وانحراف مجراه داخل الأراضي العراقية، مما يتسبب بخسارة الأراضي لصالح إيران، اذ تزحف حدودها داخل البصرة باقتطاع مساحات جديدة من الأراضي العراقية، ويؤكد عضو المركز البحري العراقي عامر عدنان، ان العراق يخسر قرابة مئة دونم سنويا من أراضيه الوطنية لصالح إيران من خلال تقدم خط التالوك، الذي يقسم النهر عند منتصفه بين البلدين، باتجاه المياه الإقليمية العراقية بشكل مستمر. وأضاف عدنان ان انحراف مجرى شط العرب عند منطقة المصب بزاوية حادة باتجاه خور عبد الله أدى إلى إضافة أراض رسوبية جديدة إلى الجانب الإيراني على حساب الجانب العراقي ولاسيما مع غياب عمليات كري الأنهر. وحذر عدنان من أن استمرار هذا الانحراف في مجرى شط العرب سيؤدي الى وقوع الموانئ النفطية العراقية في الخليج العربي كميناء البصرة وميناء خور العمية ضمن أراضي الجانب الإيراني ويحرم العراق من أي إطلالة بحرية. و تمتلك إيران ثلاثة موانئ في الشط هي: ميناء خرمشهر الذي شهد توسعا كبيرا وميناءي عبادان وخسرو آباد، كما بادرت إلى إنشاء ثلاثة موانئ أخرى هي: أرفند كنّار، وبل بعست، وأرفند يك، وشيّدت منصات بحرية جديدة.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً