الرئيسية / مقالات / إجتماع وفد الجبهة التركمانية برئيس دولة أجنبية أمرٌ مدان
الكاتب القدير الأستاذ محمد ضياء عيسى العقابي

إجتماع وفد الجبهة التركمانية برئيس دولة أجنبية أمرٌ مدان

السيمر / الخميس 15 . 2016

محمد ضياء عيسى العقابي

مهما تكلم، خيراً أو شراً، وفدُ الجبهة التركمانية برآسة السيد أرشد الصالحي الذي ذهب الى أنقرة وإجتمع بالرئيس رجب طيب أردوغان – مهما تكلم وطرح فالزيارة مدانة لأنها مضرة بالمصلحة الوطنية ولا تماثلها في السوء مؤخراً إلا زيارة صباح كرحوت وصهيب الراوي، رئيس مجلس محافظة الأنبار السابق ومحافظها على التوالي، الى واشنطن، دع عنك زيارات البرزاني في أرجاء الدنيا.
هذه الزيارات تحمل طابع التجديد لنهج سابق مارسه أياد علاوي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وأضرابهم.
كل تلك الزيارات الى يومنا هذا إن لم تكن للتآمر على العراق فهي على أقل تقدير كانت تهدف الى جرح هيبة الدولة العراقية بما توحيه من إستهانة بالضبط الإداري والنظام العام وبالإستقلال والسيادة الوطنيتين.
بالصراحة المطلقة، كانت تلك الزيارات لا تستأذن أحداً وعن عمد بهدف التحقير والإستفزاز وتستمد رخصتها لا من المراجع ذات العلاقة في الدولة العراقية حسب الدستور بل تستمدها بقوة الإبتزاز بواقع قدرتهم على تأجيج حرب أهلية حسب تقديراتهم مستغلين حراجة موقف العراق خاصة وأن أمريكا كانت الحصان الوحيد اللاعب على نطاق العالم قبل نهوض الإتحاد الروسي وكانت أمريكا حانقة على العراق والمالكي لأنه أخرج قواتها واستعاد للعراق إستقلاله وسيادته وكرامته (التي أصبحت لا تعني شيئاً ذا قيمة للبعض في زمن الديمقراطية!!!). لذا فكانت، أمريكا، تشجع على مثل هذه الأعمال لتكون توطئة لتآمر لاحق بدا واضحاً يوم صنعوا ودربوا وجهزوا داعش وإمتطوها للدخول الى العراق ثانية من الشباك.
كانوا يأملون من تأجيج حرب أهلية بالتنسيق مع الخارج أن تفضي الى تدخل دولي وفرض مؤتمر “طائف عراقي” يُلغى فيه الدستور ويُصار الى الأخذ بأسلوب “الإجماع” في إتخاذ القرارات أي منح حق “الفيتو” للطغمويين* والبرزانيين أي إلغاء الديمقراطية وفرض نظام أشد تعسفاً من نظام المحاصصة الذي فرضوه قسراً بقوة الإبتزاز أيضاً مقابل الدخول في العملية السياسية أي تم منحهم حق التخريب ولكن من داخل تلك العملية!!!
ولما فشلوا في تحقيق ما يصبون اليه لذا لجأوا الى تصنيع داعش وإدخالها الى العراق للسيطرة عليه ثم تغيير زيِّها لتصبح “ثورة عشائرية” بعد أن تكون، داعش، قد قتلت الملايين لإنتزاع النفط من يد أهله وتغيير ديموغرافية العراق.
جرب الجميع حظوظهم في فرض الذات بـ “العفترة” والإبتزاز والإستقواء بالخارج ووصلنا الى ما وصلنا اليه وعلى أيدينا نصف مليون شهيد وجريح من أنصار الديمقراطية قضوا فداءً للنظام الديمقراطي الذي رفضه الطغمويون ورعاتهم وأصروا على العودة الى نظامهم الفاشي.
والأكثر أهمية أنهم قد خسروا المعارك الإستراتيجية الكبرى في مجالات: “تمكين داعش للسيطرة على العراق” و “قبول الديمقراطية والحرص عليها” و “الدستور” و “الوطنية” و “الحرص على أرواح المواطنين” و “الإرهاب” و “الفساد” و “ثقة المواطنين” و “الإستقلال” و “السيادة” و “التنمية الإقتصادية والبشرية”.
تبعاً لذلك فقد فقدوا قدرتهم على تحريك الجماهير وإنزالها الى الشارع وميادين الإعتصام بعد أن تسببوا في نكبتها في مخيمات النزوح فنبذتهم.
عليه أرى أن مجلس النواب والإعلام الديمقراطي ومن بعدهما الحكومة والقضاء كلهم ملزمون بمتابعة نشاطات من هذا النوع من الزيارات كالتي قامت بها الجبهة التركمانية الى انقرة وكشف سلبياتها وإدانتها مهما كانت التبريرات لأنها مسيئة لهيبة البلد وأمنه واستقلاله وسيادته.
يجب أن تُعاد للدولة هيبتها وللنظام حرمته ولو بإصدار القوانين بالأغلبية مهما تقوّل الطغمويون وتحذلقوا فعليهم إحترام المبادئ الديمقراطية لأن فقدانها هو الذي تسبب في ديمومة شلالات الدم التي يُقصد من ورائها الإطاحة بالنظام الديمقراطي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): الطغموية والطغمويون
الطغمويون هم لملوم من جميع أطياف الشعب العراقي حكموا العراق منذ تأسيسه وفق صيغة تبادل المصالح مع القوى الإمبريالية وبالحديد والنار للإنتفاع الطبقي من ثرواته المادية والمعنوية بذرائع مختلفة منها إدعاء القومية. لقد مارسوا في العهد البعثي سياسة ممنهجة للتطهير العرقي والطائفي فاقترفوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ ولم يعد قادراً على إطاحة النظام سوى الله أو أمريكا. وأطاحت به أمريكا لأهدافها الخاصة ولكنها ساعدت على تأسيس النظام الديمقراطي ومن ثم أخرج العراقيون قواتها واستعاد العراق استقلاله وسيادته في 1/1/2012. غير أن الأمريكيين ركبوا حصان داعش الذي أوجده الطغمويون وحكام تركيا والسعودية وقطر بإيحاء من أمريكا نفسها، ودخلوا العراق من الشباك.
بعد سقوط نظامهم في عام 2003 أجج الطغمويون الطائفية بأعلى وتيرة، بعد أن كانت مبطنة منذ تأسيس الدولة العراقية، وذلك لشق صفوف الشعب والمحافظة على ولاء أعوانهم ودفعهم الى عرقلة بناء العراق الديمقراطي الجديد عبر الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية إصطفافاً وتنفيذاً للمشروع الطائفي السعودي المطروح على نطاق المنطقة والعالم لدرء خطر الديمقراطية الزاحفة على النظام في المملكة وخاصة بعد أن كشفت إيران تآمرهم على القضية الفلسطينية حينما مدت إيران المقاومتين الفلسطينية واللبنانية بالسلاح بينما إقتصر الدعم السعودي على المال المسموم.
وقد انتفع الامريكيون من اثارة الطائفية في العراق بقدر كبير جداً وكفاءة عالية مستخدمين الطغمويين أنفسهم في هذا المجال كأدوات طيعة لإضعاف العراق الجديد؛ وربما كان الأمريكيون هم المحرضين على تأجيجها وذلك من أجل تنفيذ مشروعهم الحقيقي وهو الهيمنة على منابع البترول في العالم للي أذرع جميع الدول المؤثرة عالمياً للقبول بنتائج ما بعد الحرب الباردة التي جعلت الولايات المتحدة القطب الأعظم الأوحد في العالم، الأمر الذي لو إستمر لشهدت الشعوب الويلات والمصائب بأشد مما شهدت. أفشل العراق، على يد التحالف الوطني، مشروع أمريكا هذا الذي إصطدم مع المصالح الإمبريالية الأوربية أيضاً، ولكن إدارة الديمقراطيين الأمريكية أعادت إحياءه بعد إصلاح التحالف التقليدي مع أوربا الذي خربه المحافظون الجدد.
فرض الطغمويون والأمريكيون، بالإبتزاز، المحاصصة ومفهوم الشراكة والتوافق المغشوشين، مقابل مجرد المشاركة في العملية السياسية أي العملية الديمقراطية المعترف بها عالمياً وهي الوسيلة الوحيدة القادرة على حماية مصالح الجميع وبالتالي تحقيق التعايش المشترك والسلم الأهلي. يصر الطغمويون، بعد أن خسروا هيمنتهم المطلقة على الحكم عبر صناديق الإقتراع، على استرداد سلطتهم بكل الطرق بضمنها التخريب ونشر الفساد عبر العملية السياسية والتستر والتعاون مع الإرهاب وذلك للحيلولة دون إستكمال بناء دولة المؤسسات الديمقراطية.
شكل الطغمويون والبرزانيون العنصريون تحالفاً غير رسمي مع الأمريكيين وتوابعهم في المنطقة: حكام السعودية وتركيا وقطر كل لغايته؛ ولكن يجمعهم دفعُ العراق باتجاه الديمقراطية المشوهة والدولة الفاشلة لتنفيذ المشروع الامبريالي الصهيوني القاضي بتفتيت البلدان العربية من داخلها.
الطغمويون لا يمثلون أية طائفة أو مكون لكنهم يدعون تمثيلهم السنة لتشريف أنفسهم بهم والخروج من شرنقة الطغموية الخانقة الى ساحة الطائفة الأرحب. غير أن السنة براء منهم خاصة بعد توريط الجماهير فدفعوا بها الى حياة النزوح في المخيمات تحت رحمة البؤس والشقاء وتهديدات داعش.
للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع الرابط التالي رجاءً:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995

اترك تعليقاً