الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / الجزء الثالث لرواية شاهدة على “ليالي الرعب في الموصل”…نبوءة “داعشي”

الجزء الثالث لرواية شاهدة على “ليالي الرعب في الموصل”…نبوءة “داعشي”

السيمر / الاحد 12 . 03 . 2017 — قبل شهر من بدء العمليات العسكرية التي انطلقت في 17 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، لتحرير مدينة الموصل، مركز نينوى شمال العراق، كان أبن خالي معتقلا ً في أحدى السجون السرية لتنظيم “داعش” وهناك أدلى لهم داعشي “مُحاضر” بسر خطير عن مصير التنظيم.
ونقلت نور الهدى إحدى نساء الموصل، في الجزء الثالث من حديثها لمراسلة “سبوتنيك” في العراق، عن ابن خالها الذي اعتقله تنظيم “داعش” للمرة الثانية بسبب تدخين السجائر، عن عنصر بالتنظيم يلقي محاضرات على السجناء، شهادته وقوله:
“إن المحاضر الداعشي، أخبرنا، أنهم سيخسرون الموصل، كما خسروا الفلوجة، وعزى ذلك إلى انشغالهم بالأموال الكثيرة التي جمعوها والغنائم والسبايا، أكثر من انشغالهم بالجهاد — حسب وصفه”.
وخسر التنظيم الإرهابي، سيطرته على مدينة الفلوجة أخطر معاقله وأول بقعة سيطر عليها في العراق، بمحافظة الأنبار غربي البلاد، بمعركة خاضتها القوات العراقية بنحو شهر في منتصف عام 2016، سيطرته ، ومن بعدها بنحو شهرين حانت ساعة الصفر لتحرير الموصل من قبضته.
وتقول نور الهدى، “استغربنا من إدلاء الداعشي هذا للسجناء” — عندما كانوا يحضرون محاضرة أو دورة “دينية” “يجبرهم التنظيم عليها تحت ذريعة إصلاحهم من ارتكاب المعاصي”.
وقتها نشر تنظيم “داعش” عناصره في تقاطعات الطرقات بكل مناطق الساحل الأيسر للموصل — تخبطهم كان واضحا — أيقنوا خسارتهم، ومنذ تاريخ انطلاق العملية العسكرية لتحرير الموصل في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016، والجميع قابع خلف الشاشة لمتابعة التطورات.
الأهل والأقارب والمعارف كانوا يجتمعون في المنزل الذي فيه “جهاز ستلايت” النادر لأن التنظيم الإرهابي صادر كل هذه الأجهزة من البيوت وحطمها في وقت سابق، ترقبنا وصول القوات لحظة بلحظة، إلى أن تم اقتحام منطقة كوكجلي شرقي المدينة — تنفسنا الصعداء — قلنا وأخيرا اقتحموا الموصل.
كانت جدتي أم أبي، قبل بدء العمليات العسكرية بنحو سنة كاملة هي تحضر كل مستلزمات النزوح وتخبرني بأن أتجهز أنا أيضا، لكنني كنت أعاندها وأقول لها: لا نزوح بإذن الله — العمليات بسنة هي محضرة كل مستلزماتها للنزوح وتخبرني بأن أحضر أنا أيضا… لكني عاندتها وقلت لها لا نزوح بإذن الله…
أنا أعيش مع جدتي، وأخي، أمي متوفية منذ عام ٢٠٠٢، وأبي متزوج ويعيش بمنزل آخر…
وصلنا لتاريخ ١/١١/٢٠١٧، العمليات العسكرية تقترب إلينا وأصوات الأعيرة النارية والقصف يعلو شيئا فشيئا، وبعد أربعة أيام، وقت الظهيرة جاءت طائرة وقصفت بيتا في شارعنا — أكلنا خوف رهيب، خرجنا لنرى المنزل الذي سقط على بيت جارنا ولا أحد يعرف لماذا قصف الدار!..
لحظات وركض أخي نحو البيت المقصوف للمساعدة، خفت عليه أول الأمر من أن تجدد الطائرة قصفها في شارعنا، لكن خال صاحب المنزل طلب من الناس أن تفرغ معه لنجدة العائلة التي دفنت تحت ركام القصف، وخلال لحظات نزحت كل العوائل من الفرع خوفا من أن يقصفوا.
وعن مصير العائلة التي قصفها الطيران، تؤكد نور الهدى: تم إخراج أفرادها ومعالجتهم وإنقاذهم، — بعدها عرفنا أن عناصر من تنظيم “داعش” صعدوا لسطح المنزل واستهدف سيارة عسكرية نوع “همر” تعود للفرقة الذهبية العراقية، وبلحظات جاءت طائرة وقصف البيت.
صاحب المنزل لم يستطع منع الدواعش من الصعود للسطح، ولم يتمكن من إخراج عائلته لأن الرصاص كان مثل المطر في الشارع — وهذه هي خطة “داعش” في قتل المدنيين باستخدامهم طعما ودروعا بشرية له يريدهم أن يموتوا معه.
حينها كنا في بيت خالي، بنفس فرعنا “الزقاق”، ولما رأينا الناس تنزح قررنا النزوح بعد القصف المذكور، وعدنا للبيت لأخذ بعض الثياب — وجدنا الباب مكسورا بعدها علمنا أن الدواعش هم الفاعلين ووصلوا للسطح يستكشفون الموقع، ولحسن الحظ لم يطلقوا النار نحو القوات، وإلا كان دارنا قد قصف أيضا ً.
خرجنا، نحو أقاربنا بنفس المنطقة لم نرد أن نبتعد أكثر، ولم نستطع الوصول إلى الجيش العراقي، لأن تركيز الدواعش كان علينا ولا يسمحوا لأي أحد الهرب من سطوتهم، ورصدنا سيارة “همر” مصفحة ومفخخة في رأس شارعنا.
وهددنا الدواعش بعبارة “لا تجعلوا الشيطان يدفعكم إلى إخبار الجيش عن هذه المفخخة وإلا يستهدفها الطيران وتدمر الشارع والبيوت بأكملها.
كان “الانتحاري ينزل من المفخخة يصلي ركعتين من كل عقله وبعدها يحرك مفخخته نحو استهداف القوات والمدنيين، لكن أغلب المفخخات تمت معالجتها من قبل الأجهزة الأمنية عند تقدمها في عمليات التحرير”.
واحدة من المفخخات انفجرت، قرب منزل يحتمي فيه نحو 20 فردا — كلهم ماتوا مثلما أفادت نور الهدى، في حديثها لنا عن جرائم تنظيم “داعش” الإرهابي الذي طال الإنسان والحياة في الموصل شبرا شبرا ولم يخلف لها سوى الهلاك والدمار ومئات الآلاف من الضحايا ما بين الموت ببشاعة، والضياع والنزوح القاسي من بين الصواريخ والرصاص الحي.
وفي الجزء الرابع الذي ننشره، قريبا ، تكشف لنا نور الهدى الفتاة الموصلية الجريئة التي وثقت كل ما دار وحصل في المدينة منذ اليوم الأول الذي دخل تنظيم “داعش” الإرهابي في منتصف عام 2014، وحتى بدء التحرير بعد أكثر من عامين من الحياة المريرة الدامية والخانقة للأرواح والحريات بشكل تام في ظل الدواعش ووحشتهم.
الجدير بالذكر، أن الكثير من المدنيين، قتلوا مع بدء العمليات العسكرية، أغلبهم إثر القصف العشوائي الذي يشنه تنظيم “داعش” لدرء الهزيمة عنه، وعوائل دفنت تحت منازلها إثر القصف الذي حسبما ترى نور الهدى أن الطيران لا يعلم الغيب وماذا داخل المنازل الذي يصعد الدواعش إلى سطحه لاستهداف القوات.
وتواصل القوات العراقية حاليا، التقدم على الساحل الأيمن لمدينة الموصل العراقية، لطرد “داعش” منها منذ أن أعلن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة العراقية، حيدر العبادي، صباح الأحد، 19 شباط/ فبراير الجاري، انطلاق العملية لتحرير الجانب الأيمن من المدينة.
وقد تم تحرير الجانب الأيسر من الموصل مع نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، فيما يمثل مرحلة من مراحل تحرير نينوى، التي انطلقت في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 بدعم من التحالف الدولي ضد “داعش”، وبمشاركة قوات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة الكردية.

سبوتنيك

اترك تعليقاً