أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / الحروب على الثورة الاسلامية الايرانية بدأت منذ ولادتها. كانت آولاها لاكثر من 8 سنوات بالادعاء أنها لحماية القومية العربية من القومية الفارسية والمجوسية وتحارب اليوم على انها دولة توسعية شيعية فأين الحقيقة من كل ذلك؟

الحروب على الثورة الاسلامية الايرانية بدأت منذ ولادتها. كانت آولاها لاكثر من 8 سنوات بالادعاء أنها لحماية القومية العربية من القومية الفارسية والمجوسية وتحارب اليوم على انها دولة توسعية شيعية فأين الحقيقة من كل ذلك؟

السيمر / السبت 25 . 03 . 2017

د. عبد الحي زلوم / فلسطين

كانت طهران وايران الشاه وكراً لوكالة المخابرات المركزية الامريكية والموساد الاسرائيلية ومحجاً لما يسمى (بدول السنة) هذه الايام مع أنها على علمنا كانت شيعية قبل ثورتها الاسلامية . وقبل أن تستقر الثورة تمّ محاربتها بالحرب العراقية الاولى والتي استمرت أكثر من 8 سنوات وكلفت العراق أكثر من مليون شهيد وجريح وأخرجته مفلساً سهُل على اعداءه النيل منه وكلفت الحرب ما يزيد عن مئة مليار دولار دفعها اهل النفط بعد دفعهم العراق لتلك الحرب المصيدة ثمّ طالبوه بهذه المبالغ . ودمرت تلك الحرب البنية التحتية من قطاع النفط وسكك الحديد والصناعات وكلفت ما يزيد عن مليون ضحية ايرانية . كان كل ذلك قبل ما يشاعُ عن ( توسع) الدولة الشيعية الى دول اخرى وكان التحالف الايراني السوري مع حافظ الاسد قائماً قبل الثورة والحرب وبعدها وكان مقبولاً ما دامت الولايات المتحدة راضيةً عنه وأصبح غير مقبول حالما اصبحت الولايات المتحدة وشريكها الاستراتيجي اسرائيل غير راضية عنه .

ما الذي تريده الولايات المتحدة من المشرق العربي ومن ايران
في محاضرة لي في معهد دراسات الشرق الاوسط بجامعة هارفارد بتاريخ 18-3-2008 بيّنتُ أن السياسة الامريكية خصوصاً والامبريالية عموماً ترتكز على خمس عوامل تبدأ جميعها بالحرف G باللغة الانجليزية وهي بالترتيب التاريخي كانت الاديان (God ) و الجغرافيا (Geography) كونها على مفترق ثلاث قارات يُجمع الاستراتيجيون ان اي امبراطورية عالمية يجب ان تُهيمن على هذه المنطقة ، والجيولوجيا كالبترول ( Geology) و الجيوسياسة (Geopolitics) والعولمة (Globalization ) أما الترتيب هذه الايام فهو العولمة بما تعني الهيمنة الكاملة على العالم والجيولوجيا وليس فقط لاستعمال النفط كطاقة ولكن للهيمنة على مصادر النفط وطرق امداداته للهيمنة على المستهلكين. ثمّ الجغرافيا و اخيراً الدين حيث أن اصحاب النظام المتعولم دينهم المال ولا يطيقون الاسلام كونه مغايراً في مبادئه الاقتصادية والاجتماعية لانظمة عولمتهم .
من المهم ان نبين أن النفط وحده ليس العامل الاوحد لمعاداة الغرب وأعوانه لايران اليوم. في دراسةً لروجرستيرن Roger Stern من جامعة ستانفورد الامريكية المعروفة بيّن انه ما بين سنوات 1976 و2010 انفقت الولايات المتحدة الرقم الخرافي البالغ 8 الاف مليار دولار للمحافظة على تدفق النفط من الخليج وأنه في سنة 2010 استعملت الولايات المتحدة أقل من 10% من تلك الامدادات في حين أنه كان من اكبر المستفيدين منها اليابان بنسبة 20% تتبعها الصين فالهند وكوريا الجنوبية .
نختصر القول ونبين أن استقلالية القرار الايراني واتباعها سياسةً سيادية مستقلة سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً تتناقض كلياً مع مبادئ العولمة التي يجب أن تكون الدول ادوات لنهب الثروات لصالح الفئة المهيمنة على العولمة مع ابقاء الفتات من تلك الثروات الى ما يسمى بالنخبة لتلك الدول التي تنفذ سياسة عولمتها ولتذهب اقوات الشعب وسيادتها الى الجحيم . والملخص المفيد : أن ما تخافه الولايات المتحدة وحلفاءها واتباعها هو العدوى لهذا النموذج من السيادة الى الدول الاخرى . ذلك النموذج الايراني هو نظام فريد في منطقتنا كما تقول علوم الادارة ( القيادة بإعطاء النفس كنموذج (leadership by example) . كانت ايران الشاه كلب حراسة للخليج وكانت كل ثرواتها من النفط تنفق على شراء الاسلحة من الولايات المتحدة وعلى اجهزتها الامنية كالسافاك وارسال فائض اموال النفط الى سندات الخزانة الامريكية. وكان للشاه وأعوانه كل ما يريدون من قصور وفجور . هذا هو النموذج المطلوب للدول المتعولمة والتي ترضى عنها امريكيا ولا يرضى عنها الله .
اذن أن دعاوي محاربة ايران حفاظاً على القومية العربية والتي قال لها وزير الخارجية الفرنسي ( وداعا يا قومية عربية ) يوم اصطفت جيوش ابناء القومية العربية بما فيهم جيش حافظ الاسد وحزب بعثه لتدمير جيش العراق وحزبه البعثي وقيادته .
عند بداية الحرب الايرانية العراقية قال كسينجر : ” في كل الحروب كان هناك خاسر ورابح ولكن في هذه الحرب يجب أن يكون هناك خاسران . ” وهكذا كان. أما اليوم فأقول أن المطلوب هو أن تكون كل دول المنطقة من الخاسرين شيعة وسنة وأن يكون هناك رابحان أمريكا و اسرائيل، وهذا ما آمل الا يكون.

متى بدات الحروب على ايران وأين هي اليوم؟
كما اسلفنا ما كادت تنجح الثورة الايرانية حتى اندلعت الحرب العراقية الايرانية والتي دامت أكثر من 8 سنوات تمّ محاولة زعزعة النظام الثوري داخلياً بأعمال تخريبية وذلك خلال منظمات ارهابية مثل (مجاهدي خلق ) وما صاحب ذلك من تفجيرات وقلاقل تمّ السيطرة عليها جميعاً. صاحب ذلك حصارٌ اقتصاديٌ خانق ولكن تمّ السيطرة عليه أيضاً بل وتمّ تجييره لمصلحة النظام للاعتماد على النفس . تقدمت ايران في مجالات عديدة . تقدمت في علوم الفضاء فارسلت اقمارها الصناعية وتقدمت في العلوم العسكرية فأنشات منظومة صناعة عسكرية متطورة تصنع أكثر اسلحتها وتعتمد على الذات بما في ذلك الصواريخ البلاستية. وتطورت في علم الفيزياء وعلوم الذرة فأصبح لديها التكنولوجيا الكاملة لانتاج ما يلزمها منها لاغراض سلمية بل ولصناعة قنبلة ذرية .
اذا كان الحصار الاقتصادي والسياسي وعمليات التخريب والارهاب كلها غير مجدية أصبح لزاماً رفع درجة المجابهة الى الحروب الساخنة وكان القرار أن الوصول الى دمشق يتم عن طريق لبنان وان الطريق الى طهران يتمُ عن طريق دمشق .

الحروب الساخنة ضد ايران وحلفاءها
كان الهدف من الحرب على لبنان وحزب الله سنة 2006 والتي دامت أكثر من 30 يوماً هو القضاء على حزب الله وابعاد خطره عن اسرائيل وبداية تقليص النفوذ الايراني في المنطقة ليتم التفرغ لسوريا . كانت نتيجة الحرب مفاجئة بل وطلبت القيادة الاسرائيلية من الولايات المتحدة ايقاف الحرب مرة ثم اخرى وكان يتم رفض طلبها بإعتبار ان ما لديها من عدة وعتاد كان كافياً للقضاء على منظمة لا يزيد افرادها عن بضعة الاف . ولكن خاب ظنهم بل ونتج عن ذلك الهجوم خلق حقائق استراتيجية و سياسية وعسكرية جديدة بل وأصبح حزب الله يكون أول قوة ردع في العالم العربي لتحسب اسرائيل حسابه الف مرّة قبل أن تُقْدِم بحربها مرةً ثانية. ومن غرائب الاقدار أن هذه المقاومة اللبنانية قد تمّ تصنيفها ( ارهابية ) ولكن ممن ؟
بدأت حروب الفضاء والانترنت حيث تمّ ادخال فيروسات على كمبيوترات ايران العلمية والصناعية والمنشآت الذرية وغيرها عبر برامج امريكية اسرائيلية مشتركة . ثمّ بدأت الحروب الساخنة بداية بالوكالة .
في مقالةً رئيسية لمجلة نيوزويك الامريكية سنة 2010 كان عنوانها (الاغتيالات وحروب الفضاء واعمال التخريب – هل بدأت الحرب على طهران؟) . وتستنتج المقالة أن الحرب الساخنة على ايران بدأت سنة 2006 بالحرب على المقاومة في لبنان . ما بين سنوات 2006 الى اخر سنة 2010 قامت محاولات عديدة جداً بالاغراء أو بالتهديد لفك ارتباط النظام السوري مع ايران باعتبار ان سوريا هي همزة الوصل بين حزب الله وايران بل و وصول النفوذ الايراني الى شواطئ البحر المتوسط.
إن حرب التكفير التي تمّ اشعالها في سوريا لحوالي 6 سنوات والتي دمرت البنية التحتية والفوقية لدولة عربية بخسارة تزيد عن 200 مليار دولار وتقتيل أكثر من 400 الف مواطن عربي ومسلم وجرح مئات الاف الاخرى وتهجير ملايين السوريين وحرمان الاطفال من طفولتهم ومدارسهم هي اثام لن يغفر الله لمن تسبب بها .
انا لا ادافع عن ايران فلها من يدافع عنها ولا ادافع عن النظام السوري فهو نظام شمولي ولكن الحرب عليه هي لمحاربة احسن ما فيه وليس شموليته. ثمّ آروني من هو اقل شمولية منه ؟ وعندها (فليرميه ذلك النظام بحجر) . ما يُهمني هو وقف الدجل وانحراف البوصلة عن العدو الحقيقي وهو الصهيونية العالمية وأصحابها بالغرب الذين يغتصبون الارض ويهتكون العرض وينهبون الثروات ونحن عنهم غافلون .

مستشار ومؤلف وباحث

اترك تعليقاً