السيمر / الاثنين 07 . 08 . 2017
د. عدنان الاعسم
خَرقت قناة العراقية التلفازية – مشكورة بالطبع – الصمت الرسمي المريب، حول السنوية العشرين لرحيل شاعر العراق والعرب الخالد، محمد مهدي الجواهري، التي صادفت في السابع والعشرين من تموز الماضي … وقد جاء اختراق القناة هذا، ببرنامج استذكاري، اسوة بكتابات وفعاليات مشابهة عديدة اخرى متنوعة من المؤسسات الثقافية والمدنية والاعلامية بتلك المناسبة…
لقد أستضافت “العراقية” في برنامجها ذي الصلة (2017.7.27) الاستاذين: جابر الجابري ومحمد الطريحي، ليتحدثا عن بعض ابداع الجواهري، ومحطات في حياته، وقد جادا بذلك، قادريّن وحريصين … اما الايضاحان اللذان نريد التوقف عندهما في هذه السطور، فهي تدور حول نقطتين، او واقعتين، اوردهما الطريحي في الدقيقتين الثامنة والتاسعة من البرنامج الذي استمر لأقل من ساعة بقليل . ورأينا بان تلكما الواقعتين تحتاجان لتثبيت وقائع تاريخية، بهدف التوثيق، واحترازاً من الالتباس الذي قد ينال من المشاهدين والمستمعين، كما المتابعين ذي الصلة… ولكي لا نطيل، وخير الكلام ما قل ودلّ بحسب الحكمة المأثورة، دعونا نتوقف عند ذينك الايضاحين شديدي الضرورة بأعتقادنا :
1/ تطرق الاستاذ الطريحي موفقاً في الاشارة الى النشاط المتميز لمركز الجواهري الثقافي في براغ… ولكن المعلومة التي جاء بها، عن علاقة السيد جلال طالباني (عافاه الله) بالمركز لا صلة لها بالواقع مطلقاً، لا من قريب ولا من بعيد، ولا بأية حال… فالمركز انطلق منذ عام 2002 ويستمر الى اليوم، بجهد شخصي خالص من مؤسسه ومديره رواء الجصاني، مع عصبة محدودة جداً من المتطوعين. بمعنى ان كل ما انجزه المركز وذاع صيته بفخر (اصدارات وتوثيق وعلاقات وتراجم وبرامج وفعاليات…) لم يساهم به أحــدٌ ما، مالياً، ولا بأي شكل من الاشكال ، لا من القريبين ولا البعيدين. باسثناء نادر جرى التوثيق له في حينه. وبتوضيح أكثر نقول بأن جميع التكاليف التي تطلـّبتها نشاطات المركز- وهي اعباء مرهقة ضمن الظروف الشخصية – كانت ذاتيةً بحتة بأمتياز. ومع ذلك يستمر المركز – بما يستطيع اليه سبيلا – بمفرده، ولربما ان ذلك ما يدفع للاعتزاز، بل للتباهي ايضاً، أكثر فأكثر، ولم لا…؟!.
وهنا نؤشر الى انه كمْ كان من المفيد – وللتوثيق لا غير – لو أسهم السيد الجابري، ضيف البرنامج، في توضيح الحال اعلاه، التي عرفها وتلمسها عن كثب، خلال لقاءاته معنا في براغ خريف عام 2009 حين تساءل وفوجئ، فأعجب، بواقع نشاط المركز، ذائع السمعة والصيت، برغم محدودية القدرات المادية للثلاثة القائمين عليه .
2/ اشار الاستاذ الطريحي ايضا في حديثه ضمن البرنامج إياه ، الى “متحف” الجواهري، المرتجى، والمؤمل، في بغداد، ثم جاء بثلاثة اسماء لذوات، بزعمِ ان لهم صلة ما بالامر… وهنا ينبغي التأكيد من جديد بان من وردت اسماؤهم لا علاقة لهم بهذا الشأن مطلقاً، وبأيما شكل أو حال، ونحن عارفين، بل وموثقين هنا بان من أنقـذ بيت الجواهري، من البيع التجاري، أمام أعين الجميع – بل وبرضاء وحماسة أغلبية الورثة المعنيين – نقول بأن من انقذ ذلك البيت – وهو الأول والأخير للجواهري في بغداد، بل والعراق – كان مركز “الجواهري” في براغ، ومديره ومؤسسه، رواء الجصاني، بشكل أول ورئيس. فهو من اطلق رسالة مفتوحة ونداء عاماُ الى المسؤولين الرسميين وغيرهم، في نيسان 2011 بهدف انقاذ ذلك “البيـت” من البيع التجاري البحت، ليبقى أرثاً وطنياً… وقد استجاب لتلك الرسالة، وذلك النداء، السيد صابر العيساوي، امين العاصمة بغداد في حينها، فجرى استملاك البيت، ثم تعويض ورثة الجواهري، من البنين والبنات بحصص مالية حسب الأصول، تسلموها نقداً اواخر عام 2012… كما نوضح للحقيقة والتاريخ بأن من سعى – ويسعى – وحيداُ من الورثة للاهتمام باكمال متطلبات تحويل البيت الى متحف للشاعر الخالد، هو نجل الجواهري الثالث، الكتور كفاح، وما برح جهوداً بذلك الشأن، ولكن دون جدوى حتى الان .
ذينك هما أعلاه الايضاحان اللذان أردنا التوقف عندهما، ونكرر بهدف التوثيق، ومنع الالتباس، وبهدف التصريح بالحقيقة، واشاعتها، مؤكداً بأني قد واكبت الواقعتين عن كثب، وقمت بما عليّ من متطلبات بهذا الخصوص.. مجدداً مرة أخرى التقدير والاحترام للمشاركين في البرنامج التلفزيني المقصود، وعطاءاتهما خلاله . ويهمنا جدا لو تكرم الاستاذ الطريحي، وبالطريقة التى يجدها مناسبة، لتصحيح ما طرحه، وماأشرنا اليه، وفي ذلك توثيق للتاريخ، وللحقيقة، كما اسلفنا، ونعيد.