السيمر / الاحد 17 . 12 . 2017 — إن دخول الإنترنت السريع إلى حياتنا خلال السنوات الاخيرة الماضية غير الكثير من أنماط معيشتنا، بالنسبة للعراق فإن دور الإنترنت الهام بدأ بالظهور بعد عام 2005، وأصبح الآن حاجة إنسانية ضرورية وتخطى تصنيفه ضمن الكماليات غير المهمة.
شمل التغيير الذي أحدثه الإنترنت في حياتنا نواحي عديدة: كالعمل، والدراسة، وحياتنا الاجتماعية، حتى أنه شمل الناحية الجنسية منها، وانتشرت ظاهرة عرفت باسم المراسلة أو الدردشة الجنسية، هذه الظاهرة حذر مراقبون من انتشارها بين الشباب العراقيين بشكل لا يمكن السيطرة عليه، سيما مع وجود مؤشرات على تنامي هكذا امور في المجتمع مثل ارتفاع معدلات الطلاق من جهة، وقلة الاقبال على الزواج وارتفاع نسب العنوسة بين الفتيات من جهة اخرى.
ما هي الدردشة أو المراسلة الجنسية؟
إن أبسط تعريف لمصطلح الـ “المراسلة الجنسية” هو التواصل الكترونياً عبر إرسال رسائل وصور ذات مضمون جنسي صريح.، حيث إن العديد من الناس -من كل أنحاء العالم- في أيامنا هذه يمارسون الدردشة الجنسية، تحت ظروف عديدة التي قد تكون خطيرة (حرفياً) على أصحابها.
احمد (ذو العشرين عاما) تحدث لـ (وان نيوز) عن تجربته في المراسلة الجنسية وقال “انا اقولها صراحة اني مارست ولعشرات المرات العلاقة الجنسية مع فتيات كبيرات وصغيرات في السن عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنها الفيسبوك والانستغرام، وغالبا ما يكون الامر برضاة وموافقة الطرف الثاني أي الفتاة”، ويبين الشاب ان “الامر وان كان غير صحيح لا انه يبعث شعورا بالمتعة التي نفتقدها نتيجة غياب فرص الزواج الذي بات يتطلب في ظل الظروف الحالية اموالا طائلة لا يستطيع الشاب العراقي البسيط جمعها مع ارتفاع مستويات البطالة والفقر، اضافة الى ميزة أخرى للدردشة الجنسية أنها لا تنقل أي عدوى منتقلة بالاتصال الجنسي ولا تسبب الحمل، وذلك بسبب الحصول على النشوة الجنسية دون وجود اتصال فعلي حقيقي بين الطرفين.”.
بسام، شابا آخر يرى ان “المراسلة الجنسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اصبحت امرا لا غنى عنه من الطرفين الذكر والانثى، حيث ان الشباب لا يمكنهم القيام بمتطلبات الزواج، والفتاة ايضا لا تجد من يتزوجها وبالتالي اللجوء الى مثل هكذا امور اصبح امرا مشاعا بين الشباب العراقيين”، مبينا خلال حديثه لـ (وان نيوز) انه “عند ممارسة الدردشة الجنسية فإن كلا الطرفين سيستمتع بجو من الخصوصية، والشعور بالأمان وضبط النفس التي قد لا تكون متوفرة أثناء ممارسة الجنس الحقيقي”.
الأمر لا يقتصر فقط على العراق!
في عام 2008، درس باحثون من الحملة الوطنية الأمريكية لمنع الحمل في سن المراهقة والحمل غير المخطط له، درسوا حوالي 630 من الشباب البالغين (الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و26 سنة)، وحوالي 650 من المراهقين (الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و19 سنة)، ووجدوا أن 33٪ من الشباب، و20٪ من المراهقين اعترفوا علناً بأنهم نشروا أو أرسلوا صورا صريحة جنسية لهم، ومن العينة نفسها، اعترف 38٪ من المراهقين، و58٪ من الشباب بأنهم أرسلوا أو نشروا صوراً ذات إيحاءات جنسية.
وقد تحصلت دراستان أخريتان، واحدة أجرتها وكالة (أسوشييتد برس) وأخرى أجراها (تلفزيون الموسيقى) Music Television، على نفس نتائج الدراسة السابقة، بالرغم من أن العينات كانت أصغر سنا بعض الشيء.
من جانبه، يرى الباحث في علم النفس، سليم مراد، خلال حديثه لـ (وان نيوز) إن “الدردشة الجنسية أصبحت شيئاً شائعاً ومنتشراً في جميع أنحاء العالم، وتتم ممارستها على نحو اعتيادي من قبل الفئات الشابة في المجتمع، حيث ان الشباب والمراهقين الذين يعيشون في بيئات أو أسر محافظة قد يجدون في الدردشة الجنسية وسيلة رائعة للإفراغ عن طاقاتهم الجنسية، وتلبية غرائزهم الطبيعية التي قد يتعرضون لعواقب وخيمة إذا أباحوا عنها للعلن، خاصة أن الدردشة الجنسية تمارس في جو يتمتع بالخصوصية بين الطرفين، بحيث أن الرسائل والصور يمكن أن تحذف وتمحى بسهولة عند الانتهاء منها، وقد تعطي نفس النشوة الجنسية أحياناً التي قد يشعر بها الشخص عند ممارسة الجنس الحقيقي، الا ان الامر لا يخلو من اثار نفسية يبقى الشخص يعاني منها طيلة عمره المقبل”.
آثار الدردشة الجنسية
الى ذلك، يمكن ان تسبب “المحادثة الجنسية” بين فئات الشباب العراقيين تفسخا في القيم الاخلاقية وتراجع المجتمع الى مستويات الانحدار الاخلاقي والاجتماعي، حسب ما يرى الباحث الاجتماعي، حسين الكاظمي الذي قال ان “ممارسة الدردشة او المراسلة الجنسية ومشاهدة المواد الاباحية من قبل الجنسين في مواقع التواصل الاجتماعي في العراق ادى الى نتائج خطيرة جدا، منها انحلال القيم الاخلاقية بين الجنسين والتفسخ الاسري وانتشار ظاهرة الطلاق التي يعتبر انتشار المواقع الاباحية واستخدام المراسلة الجنسية عبر مواقع التواصل الاجتماعية أحد اهم مسبباته الرئيسة”.
ويضيف خلال حديثه لـ (وان نيوز) ان “احد الاسباب الرئيسة لتأخر او عزوف الشباب عن الزواج هو وجود وانتشار المواقع الاباحية والتبادل الاباحي بين الجنسين مثل اظهار مفاتن المرأة وجسدها، حيث ان هذا الامر يؤدي الى عدم قناعة الزوج او الزوجة بشريكه ما يولد تفسخا في القيم الاصلية ومن ثم قد يؤدي الى انهاء العلاقة بين الزوجين”.
ويبين ان “الشاب العراقي الان يعيش حالة من الصراع بين القيم الاجتماعية الاصيلة والانحلال الاخلاقي الذي جاءت به الحداثة الى المنازل العراقية مما اثر سلبا في شخصيته واخلاقه ومنظومته الدينية، ولابد من العمل بشكل خلية متكاملة من اجل اعادة الاصالة الى الفرد العراقي واعادة هيكلة المنظومة الاخلاقية العراقية”.
ويرى ان “الجميع مكلف في ان يطرح برنامج متكامل في هذا الموضوع، حيث يجب ان يأخذ كل من الخطاب الديني والمراقبة الاسرية وعلماء النفس دورهم في تعزيز القيم الاخلاقية، كما على الحكومة ان تحدد وتراقب المواقع الاباحية وعدم الترويج لهذه الثقافة ومحاولة استخدام الانترنت للأغراض الايجابية فقط وليس للأمور السلبية وذلك من خلال اعتماد منظومة متكاملة”.
ويرى مراقبون ان هنالك خطر حقيقي آخر لهذا المشكلة يبدأ عندما تتحول مشاركة الصور الجنسية من مجرد تسلية إلى تهديد وابتزاز للطرف الآخر، حيث يقوم البعض بتهديد شركائهم بفضح ونشر صورهم الجنسية إذا لم ينفذوا مطالبهم التي تكون في الغالب مالية، كما يمكن أن تطال هذه التهديدات شخصيات معروفة ومشهورة، حيث أن العديد من السياسيين خسروا مراكزهم بسبب الفضائح الجنسية التي تم نشرها عنهم.
اطياف (طالبة جامعية)، تحدث حول الموضوع حيث تقول لـ (وان نيوز) ان “هذه الامور تعتبر من المحرمات في الدين الاسلامي ويرفضها المجتمع بشكل مطلع، ومع ارتفاع تكاليف الزواج وزيادة نسبة العنوسة بين الفتيات الا ان هذا ليس مبررا للقيام بمثل هكذا امور شنيعة”، وتضيف ان “هذه الظاهرة في مجتمعنا العراقي تشكل خطرا على الحياة بصورة عامة، حيث أن فضيحة جنسية واحدة لشخص ما قد تكلفه حياته أو عمله، وفي أحسن الأحوال ستكلفه حياته الاجتماعية، كما يمكن أن تسبب الدردشة الجنسية إحباطاً نفسيا إذا ما تم السخرية من الصور الجنسية للشخص من قبل شريكه، أو قام بنشرها من باب المزاح بين أصدقائه”.
وقد تكون الدردشة الجنسية غير قانونية في بعض الدول، وقد يسجن المرء بتهمة ممارستها، وهناك بعض الدول أيضاً التي تعتبر الدردشة الجنسية مع الأشخاص القصّر تحت سن الـ18 سنة جريمة عقوبتها السجن.
وان نيوز