الرئيسية / الأخبار / أمريكا تساوم العراق: غاز إيران مقابل وجودنا العسكري

أمريكا تساوم العراق: غاز إيران مقابل وجودنا العسكري

قاعدة أمريكية في العراق

السيمر / فيينا / الجمعة 26 . 04 . 2019 — حتى منتصف نهار أمس الأربعاء، لم يتلق المسؤولون العراقيون في بغداد، أي ردّ واضح من الإدارة الأميركية على عرض تفصيلي قدمته الحكومة أخيراً حول ضرورة استمرار استيراد العراق للغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء جنوب البلاد ووسطها، وكذلك استيراد الكهرباء عبر خطوط الضغط العالي في البصرة وميسان وديالى. وتطالب بغداد من خلال هذا العرض باستثناء تام من العقوبات المفروضة على طهران من قبل واشنطن، وهو ما لا يبدو متاحاً بسهولة هذه المرة، خصوصاً بعد القرار الأميركي الأخير بوقف الإعفاءات التي كانت ممنوحة لبعض الدول لشراء النفط الإيراني، وهو ما يجعل الحكومة العراقية تحت ضغط كبير من اتجاهات عدة. ولعلّ أوّل الضغوط هو الحاجة الحقيقية للطاقة الإيرانية، ثمّ هناك الضغط السياسي الداخلي من قبل قوى مختلفة على الحكومة لعدم الالتزام بالعقوبات الأميركية وتحدّيها، فضلاً عن مخاطر قيام بغداد بذلك، إذ يحذر مسؤولون من أنّ أي عقوبات أميركية على العراق، تعني انهيار الدينار العراقي، ودخول التعاون الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة في حالة ارتباك كبيرة. وفي السياق، قال وزير عراقي بارز في حكومة عادل عبد المهدي، في تصريح صحفي، إنّ بغداد تنتظر منذ أيام رداً أميركياً على طلب استثناء جديد قدّمت فيه شرحاً مفصلاً عن وضع قطاع الطاقة، ومخاوف غرق مدن وسط العراق وجنوبه بالظلام، في حال وقف استيراد الغاز الإيراني، وكذلك الكهرباء. وأضاف “نأمل من الإدارة الأميركية أن تتعامل مع الموضوع بأهمية خاصة غير باقي الدول التي طالبت باستثناءات، كالهند وكوريا الجنوبية، على اعتبار أننا لا نستورد النفط، بل الغاز وبكميات لا تعتبر كبيرة أو مؤثرة”. وبين الوزير الذي رفض الكشف عن هويته أنّ “عدم ردّ الأميركيين على طلب العراق حتى الآن، قد يعني أنهم لا يريدون منحنا أي استثناء، وهذا يفهم منه أنهم قد يريدون مقابلا ما لمنح العراق الاستثناء، وهنا تقفز ملفات عدة إلى الواجهة كملف الوجود الأجنبي في العراق ومساعي كتل سياسية لإقرار قانون في هذا الشأن بالبرلمان، أو ملف تحييد إيران وأوراق فاعلة لديها في العراق عن وزارات الدفاع والداخلية، أو إبطال بعض الاتفاقيات الأخيرة التي وقعت بين بغداد وطهران”. وأوضح “أما في حال لم يكن هناك مقابل أو أي مجال للمساومات، فهذا يعني أنّ الأميركيين يريدون فعلاً إنهاء حالة المنطقة الرمادية، ووضع الحكومة العراقية أمام قطع العلاقة والالتزام مع إيران كما باقي دول المنطقة، أو أنها ستواجه عقوبات”، مشدداً على أنّ “السيناريو الثاني سيكون أصعب بالتأكيد، فالعراق بحالة لا يمكنه فيها الآن مواجهة أي عقوبات أميركية، لا اقتصادياً ولا حتى أمنياً”. واعتبر الوزير أنّ “الإيرانيين أذكى بكثير من أن يضغطوا على الحكومة العراقية أو القوى السياسية للدخول في مواجهة؛ إمّا مع أو ضد”، مضيفاً “قد يكون هناك في النهاية قطع للتعامل بين الجانبين، تماشياً مع العاصفة الأميركية في المنطقة، لكن ذلك لا يعني أنّ إيران خسرت ولاءات أو أوراقا سياسية داخل العراق بكل تأكيد”. ويستورد العراق يومياً نحو 28 مليون متر مكعب من الغاز، الذي يستخدمه في توليد الكهرباء ضمن محطات منتشرة جنوب البلاد ووسطها. كما يستورد نحو 1200 ميغا واط من الكهرباء عبر خطوط الضغط العالي في البصرة وميسان وديالى جنوب وشرقي العراق، وفقاً لاتفاق مبرم مع إيران يدخل قريباً عامه الثامن. وكان رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، قال في تعليق له على قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير ضدّ إيران، والذي قررت بموجبه عدم تجديد إعفاءات عدد من الدول من العقوبات المفروضة على طهران والمتعلقة باستيراد النفط منها، أن “القرار يخصّ صادرات النفط فقط، ونحن نبحث الموضوع بشكل يومي”، مؤكداً في مؤتمره الأسبوعي في بغداد أن “الحكومة ستوفر الكهرباء للمواطنين في الموسم الحالي، بشكل أفضل من السابق”. بدوره، رأى الخبير في مجال الطاقة حمزة الجواهري، في تصريح صحفي، أنّ “الميزان التجاري بين العراق وإيران مختلّ لصالح الأخيرة، وليس لدى بغداد أي شيء تقايض به طهران مقابل الغاز والكهرباء. كما أن العراق لا يملك حالياً أي بديل غير إيران، وإذا خضع تماماً إلى أميركا، فسيعود الوضع إلى ما كان عليه في السابق، أي قبل خمس وست سنوات، عندما كانت البلاد تنتج 11 ميغاواط من الكهرباء، وسنكون بذلك أمام كارثة إنسانية كبيرة خلال فصل الصيف المقبل”. ورأى الجواهري أنّ “مصير الطاقة حالياً أمام طريق مسدود، ولا يُعالج هذه الأزمة غير الجهود الدبلوماسية”، مضيفاً “قد تغضّ أميركا النظر عن وضع العراق على اعتباره حالة خاصة، وتتجاهل خروقاته مع إيران عبر اتفاقات ستحصل واشنطن على مكاسب فيها داخل البلاد على حساب طهران”. 

المصدر / كلكامش برس

اترك تعليقاً