الرئيسية / مقالات / سواحلنا البحرية وطريق الحرير الجديد..!!

سواحلنا البحرية وطريق الحرير الجديد..!!

السيمر / فيينا / الاثنين 06 . 05 . 2019

ا.د. حسن خليل حسن

مركز علوم البحار

((الأمة التي لا تنتج تموت، ولو كانت جبالها من الفضة وسهولها من ذهب…. قول مأثور))

     يستعد العالم في قابل الايام لاصطفاف اقتصادي وتجاري جديد سيحدث هزة اقتصادية كبيرة وستكون له انعكاسات هائلة في المكانة الجيو- سياسية والتكنولوجية لمجموعة من الدول التي تقع على نقاط ارتباط مشروع النقل العالمي الذي يُدعى (طريق الحرير الجديد) الذي ينطلق من قلب التنين الصيني ليربط الشرق بالغرب بحرياً وبرياً، يأتي هذا المشروع المعاصر في ظل عالم تحكمه ثورة المعلومات والحوسبة والذكاء الصناعي، وسوف تكون منطقة الجزيرة العربية والخليج العربي حلقة الوصل لأطراف هذا المشروع نظراً لموقعها الجغرافي في قلب هذا المشروع، اذ تعمل الصين منذ سنوات على اعادة امجاد طريق الحرير القديم الذي كان يمتد بين المراكز التجارية في شمال الصين، كان حينئذ يسير في طريقين: أحدهما شمالى والآخر جنوبى. فالفرع الشمالى يمتد من “بلغار-كيبتشاك “ويعبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم ويصل إلى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان، وينتهى بالبندقية، بينما كان يمر الفرع الجنوبى من تركمانستان وخُراسان مرورًا ببلاد النهرين والأناضول وسوريا وصولاً إلى أنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال أفريقيا، اذ كانت تسمية طريق الحرير تشير إلى شبكة الطرق البرية والبحرية التي ربطت بين الصين وأوروبا مرورا بالشرق الأوسط، بطول يتعدى 10 آلاف كيلومتر ، وهو اسم اطلقه الجغرافى الألمانى فرديناند فون ريتشهوفن فى العام 1877 ، ويعود سبب التسمية إلى الحضارة الصينية التي أبدعت في صناعة الحرير منذ 3000 قبل الميلاد، اذ كانت صناعة الحرير الصينية متميزة للغاية، وبلغت ذروة النجاح الصناعي على يد أسرة “تانج” ومن بعدها أسرة” مينج “وكان الجميع يتنافس على الحصول على الحرير الصيني عالي الجودة بأي مقابل.

ويتضمن المشروع الجديد، الصورة(1)، بناء طرق ومرافئ وسكك حديد ومناطق صناعية في 65 بلدا تمثل 60 بالمئة من سكان العالم بكلفة قد تصل الى ترليون دولار ( 1000 مليار دولار) وتوفر نحو ثلث إجمالي الناتج العالمي، وبالنسبة للعرب فأن اهمية المشروع تأتي من رغبة الصين برفع رصيدها من الاستثمار في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية (غير المالية) في الدول العربية من 10 مليارات دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار خلال الـ 10 سنوات القادمة عن طريق تيسير المعوقات وتبسيط الإجراءات الجمركية وتحديث البُنى التحتية ع في اجزاء من العالم العربي، كما يعد طريق الحرير الجديد طريقاً منافساً للقوى المسيطرة على الطرق المحورية الاخرى وبالاخص قناة بنما التي تربط

المحيط الأطلسى بالهادى،اذ تُعد قناة بنما المعبر العالمي الحيوي الذي تتدفق من خلاله البضائع بين اليابان واستراليا ودول امريكا الجنوبية والساحل الشرقي لأمريكا الشمالية وتلك القناة تسيطر عليها الولايات المتحدة، وسوف يكون المحور البحري للمشروع الصيني منافساً كبيراً لطريق قناة السويس، اذ من الممكن ان تغير الصين وجهتها في النقل التجاري وتعمل على خلق طرق رديفة لتقليل زمن النقل والكلف، اذ يبلغ حجم تجارة الصين من البضائع العامة العابرة لاوربا والساحل الشرقي للولايات المتحدة حوالى 107 %من إجمالي البضائع العامة العابرة من قناة السويس.

وانطلق المشروع الصيني تحت مسمى مبادرة (الحزام – الطريق) في العام 2013 خلال فترة رئاسة شي جينبينغ صاحب المبادرة، (التي تستمر لغاية العام 2022)، واعُلنَ عن البدء بأكبر مشروع استثماري عالمي للمواصلات سيعيد إحياء طرق الحرير التاريخية ويوسعها بشبكات جديدة من الطرق التجارية التي تربط آسيا وأوروبا وأفريقيا وفق مبادرة صينية لخطة تنمية عالمية تحت اسم«حزام واحد – طريق واحد»، لإنشاء طريقين بحرى و برى وخطوط سكك حديدية وطيران وخطوط أنابيب لنقل المواد البترولية وشبكات نقل الكهرباء، وكابلات إتصالات وتأمين مناطق لوجستية وتطوير موانئ استراتيجية كبرى، وقد رافقَ الاعلان تأسيس بنك للتنمية والتجارة بواسطة العملات المحلية، وتوفير وحدات إنتاج صناعي وتخفيض تكاليف المعاملات التجارية، حيث تتضمن المبادرة نحو ألف مشروع ستُنفذ تدريجياً لربط المناطق اللوجستية التي يمر بها الطريق، اذ يهدف الصينيون الى الحفاظ على معدل نمو مرتفع يتحقق بزيادة الإنتاج والتصدير وذلك لا يتم إلا بزيادة الطلب على المنتجات الصينية بإيجاد أسواق جديدة بما فيها الدول الحبيسة (التي لا تطل على البحر و لا يوجد لديها موانئ، وسوف يتبع المشروع الصيني مسلكين عالميين هما :

أولاً: طريق الحرير البحري: يبدأ من “فيوجو” بالصين فيتجه غرباً عبر بحر الصين إلى فيتنام ثم جنوباً عبر بحر “جافا” إلى إندونيسيا، فغرباً إلى ماليزيا وسنغافورا فالهند وسيريلانكا، لتسافر غرباً مرة أخرى عبر المحيط الهندي إلى كينيا، لتتجه شمالاً عبر البحر الأحمر وقناة السويس إلى مصر، ومنها عبر المتوسط إلى اليونان ثم إيطاليا عبر “البحر الأدرياتيكي” ثم إلى فرنسا.

ثانياً: طريق الحرير البري(الجسر البري الأوراسيوي) يبدأ من وسط الصين(مقاطعة جيان) وجنوب غرب آسيا الوسطى إلى شمال ايران قبل أن يتحول غربا عبر شمال العراق وسوريا وتركيا نحو أوروبا، وهناك يذهب عبر بلغاريا ورومانيا وجمهورية التشيك، وألمانيا، وصولا إلى روتردام فى هولندا ثم جنوبا إلى إيطاليا حيث يلتقى طريق الحرير البحري، وهذان الطريقان يمران بالقوى الكبرى والقوى الصغرى لتحقيق مساواة انسانية وسلام عالمي، وبناء نظام اقتصادي عالمي جديد يلغي النظام المالي عبر الأطلسي، وتغيير من خريطة العالم الاقتصادية والثقافية والسياسية خلال الأعوام المئة القادمة، وبغض النظر عن التغيرات في حلقات الربط في الحزام الاقتصادي لطريق الحرير والمنافذ البحرية التي من الممكن ان يمر بها (الخليج العربي او البحر الاحمر)، فان الملامح الاساسية للمشروع تتمحور في الاتجاه من الصين مروراً بآسيا الوسطى وروسيا عبر ايران ثم منطقة الخليج والبحر الأبيض المتوسط مروراً بالعراق وغربي آسيا عابراً الموانئ الساحلية الممتدة على هذا الخط، واتجاهاته لأوروبا وأفريقيا، بدائرة تقدّر مساحتها بحوالي 1000 كم 2، فو عدد سكانها 150 مليون نسمة.

وبالرغم من تحفظ بعض الدول من المشروع وتخوف دول اخرى الا ان هنالك دول كثيرة تشجّع الربط العالمي للاستفادة من قدرات المارد الصيني في الصناعة والتكنولوجيا، وقد تحفظت ألمانيا وعارضت الهند هذا المشروع بينما استجابت مجموعة من الدول الاخرى لهذا الجسر العالمي البحري-البري العظيم واعتبرته المشروع العالمي الاستراتيجي، وبدأت دول اخرى تتسابق لحجز موقعها فيه، ومن اهم تلك الدول الداعمة: روسيا وبريطانيا وتركيا، ومن الدول العربية المرحبة الكويت والسعودية والامارات والسودان، وهنالك تذبذب في القبول والرفض من قبل مصر لأنها تتوقع ان يفرض المشروع تحدياً لقناة السويس، وهنالك غياب لموقف دول سواحل شمال إفريقيا(دول المغرب العربي).

   وللأهمية العالمية للمشروع الصيني فقد اصدرت مؤسسة إكزكتف انتلجنس ريفيو (Executive

Intelligence Review)  في العام 2014 تقريراً عالمياً بعنوان من طريق الحرير الجديد إلى الجسر البري العالمي (The New Silk Road Becomes the World Land-Bridge)  وتم ترجمة التقرير الى العربية في العام 2016 ليكون دليلاً للتنمية العالمية لمبادرة «الحزام والطريق» ويهدف التقرير الى عرض اهمية ومزايا وعوائد الانخراط في هذا المشروع، وحجم الدعم الذي سيتمثل بإنشاء البنى التحتية والمشروعات الكبرى.

وما يهمنا من مجموع الدول الداخلة في التحضيرات لهذا المشروع هو موقف العراق والدول المجاورة له، فبالنسبة للكويت وهي الجار البحري الاقرب للعراق وضعت خططاً ضخمة للعمل والدخول كشريك اساسي مع الصين في مشروع طريق الحرير الجديد، اذ تستعد الكويت لإنجاز اكبر مشروع استثماري عالمي في الشرق الاوسط وقد خططت لإقامة مدينة استثمارية كاملة تخص المشروع اطلقت عليها (مدينة الحرير)، وحجزت مساحة واسعة في الطرف الشمالي الشرقي من اراضيها ضمن خطة (الامل – العمل) التي انطلقت ضمن استراتيجية وطنية للفترة 2010-2035 لمدة 25 عام، وكانت الكويت أول دولة عربية خليجية توقع مذكرة تفاهم للتعاون مع الصين في إطار المبادرة الصينية على مستوى اعلى سلطة في الكويت، وبهذا فتحت افاق خطة تطويرية انطلقت في بدايات اعلان المشروع ليس فقط لتحقيق دور في مرور طريق الحرير عبر الكويت، فحسب بل لتكون بؤرة انطلاق هذا المشروع في الشرق الاوسط وجنوب غرب اسيا واطلقت لطموحها العنان ليكون الاستثمار في هو البديل الرئيس لمدخلاتها القومية المتأتية من عوائد تصدير النفط(البناء بعيداً عن النفط)، وقد خصصت اراضي واسعة استعداداً للعب دور محوري بعد وضع خطط متكاملة لإقامة (المنطقة الشمالية للصناعات الصينية في الكويت) واختارت خمس جزر تقع قبالة الساحل الشرقي للكويت (بوبيان، وربة، فيلكا، مسكان، عوهة لإقامة منطقة متحررة وبنى تحتية جاذبة (الصورة 4)، وكانت البداية من تأهيل جزيرة بوبيان الكويتية لتكون مدينة استثمارية انموذجية، وتهدف الكويت من هذه الاجراءات لإنشاء استثمارات بقيمة 600 مليار دولار بأرباح متوقعة تبلغ 35 مليار يساهم فيها القطاع الخاص بنسبة 40% وسندات الاكتتاب بنسبة 40% وبمساهمة حكومية لا تتجاوز 20% ، اذ تخطط الكويت لجعل المعيشة في هذا الجزء ليبرالية حرة، تحكمها أطر تشريعية وتنفيذية مرنة ومستقلة تبتعد عن بيروقراطية القرار والاجراءات، من اجل لتوفير 200000 وظيفة سنوياً لسد حالات البطالة التي انتشرت في الكويت خلال السنوات الاخيرة.

ويضم المشروع مناطق سياحية وترفيهية ومدينة إعلامية وصناعة أفلام، ومدينة رياضية تستقطب منافسات دولية وممرات مائية لتجعل من بوبيان مدينة ساحلية تشبه فينيسيا الإيطالية، و

الكويت خطوات عملية في هذا المشروع التي تمثلت بالقيام بأعمال استحداث انشاءات وتطوير مناطق مختلفة ومتصلة على جزيرة بوبيان المنطقة الحرة للتجارة والمنطقة الصناعية في بوبيان وخطوات عملية تتمثل بالتالي:

1- تطوير ميناء مبارك والمناطق اللوجستية التي تسهم في النمو المتميز للصادرات غير النفطية على نمط الموانئ المتطورة في سنغافورة ولوكسمبورغ وهونغ كونغ وجبل طارق، ونشير هنا الى التوسع المحتمل في هذا الميناء وانشاء كاسر الامواج يمكن ان يتسبب بمصادرة خط الملاحة البريء في خور عبدالله، وهذا ما تشير اليه وقائع العمل بتوسعة البُنى التحتية في جزيرة بوبيان مؤخراً .

2- التخطيط لإنشاء ميناء جوي دولي على أحدث وأعلى المعايير العالمية يشكل منصة الانطلاق والوصول إلى الجزر الكويتية وتعزيز عمليات الشحن الجوي.

3-التخطيط لإقامة مركز التجارة والمال والأعمال يهدف الى استقطاب الاستثمار الأجنبي.
4-التخطيط لإنشاء منطقة ترفيهية ورياضية شاسعة تهدف إلى استقطاب المنافسات العالمي والتخطيط لإقامة منطقة سياحية على الممرات المائية البحرية

5- وضع تصاميم لمحمية طبيعية للحياة البرية والبحرية تقع شمال الجزيرة، وتشتمل على فنادق ومرافق سياحية بيئية وسوق لمنتجات آسيا والصين.

6- التخطيط لإقامة منطقة تراثية يتم تصميمها بما يتطابق ومعايير البناء القديمة ترسم في جملتها نسخة مصغرة من الكويت القديمة بالإضافة الى خطط تنمية بيوت التراث والمراكز العلاجية والمجمعات تجارية والمراكز الاعلامية.

7- التخطيط لإقامة مشاريع الممرات المعلوماتية الجوية (الأقمار الاصطناعية) وبناء شبكة كابلات الألياف الضوئية العابرة للقارات والتعاون في الطاقة الكهرونووية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهنا نشير الى ان عزم الكويت انشاء محطات توليد طاقة كهرونووية يعيد الى الاذهان ما المحت اليه الكويت في العام 2017 عن انشاء محطة نووية شمال جزيرة وربه المقابلة للبر العراق في خور عبدالله وما لهذا الانشاء من تداعيات امنية وبيئية على العراق.

8- الاعلان الاهم في هذا المشروع هو انجاز جسر الشيخ جابر الأحمد الذي يسميه الكويتيون (الطريق فوق الخليج) وهو يربط الجزر الشمالية المهجورة والنائية (وربة وبوبيان) بمركز الكويت، وهو رابع أطول جسر في العالم وكان الموعد المحدد لافتتاح الجسر هو تشرين الاول من العام 2018 وقد افتتح في نيسان 2019 وهو اللبنة الاولى في مشروع الحرير، وبنظرة واقعية على مشروع الجسر الكويتي لا نجد مبررات لانفاق 3 مليار دولار كويتي في انشاء جسر بطول 36 كم من اجل اختصار مسافة طريق نقل المارة ليوفر وقتاً بمقدار 25 دقيقة للانتقال من مركز المدينة الى منطقة نائية مهجورة، والحقيقة التي اعلنت عنها بعض وسائل الاعلام بتحفظ شديد هي احياء طريق الحرير البري والبحري والذي يمر بدول مجاورة للكويت للعب دور كان ممكن ان يكون للعراق لو تم تنفيذ مشروع ( القناة الجافة ) التي ترتبط بميناء الفاو ليكون مشروعاً حيوياً يربط التجارة العالمية بين الشرق والغرب.

وبحسب مصادر استثمارية كويتية فمن المحتمل ان تُسفر هذه الاجراءات عن اضافة 35 مليار دولار للناتج سنوياً، واستقطاب 1.5 مليار دولار استثماراً أجنبياً سنوياً، وستساعد على جذب 3 إلى 5 ملايين سائح سنوياً. واستقدام ما يقارب من 400 ألف نسمة من الوافدين سنوياً، وهنا نتساءل هل ان الكويت التي تمتلك اموال فائضة عن الحاجة واستثمارات خارجية تفوق400 مليار دولار قياساً بمجموع سكانها الذي لا يتجاوز 3.9 مليون نسمة تحتاج فعلاً لهذا المشروع المينائي الضخم؟ والاجابة ان هذا المشروع سيوفر للكويت بدائل لمدخولاتها الوطنية لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ولمواجهة أي طارئ بسبب صراعات المنطقة التي تتفاقم يوماً بعد يوم، وسوف تكون الاجراءات ركيزة اقتصادية في اقتصاد ما بعد النفط في الكويت الذي يمثل ما يصل إلى 90 في المائة من إيراداتها ، ولهذا سعت الكويت لتطوير وتوسيع الموانئ في بوبيان بشكل يجعلها قابلة لاستقبال السفن ذات الغاطس كبير والربط السككي وتوفير السلع وايصالها بشكل اسرع وأقل كلفة بما يتيح لها تحقيق رغبتها في تطوير المنطقة الشمالية النائية، لخلق استثمار تجاري بحري كبير يوفر الإكتفاء الذاتي لها، بالاستفادة من رغبة الصينيين بإنشاء نقاط محورية في العالم تشتمل على موانئ و مناطق لوجستية ومحطات طاقة ومدن صناعية كبرى، وهذا قد يفيد الصين جيوسياسياً بالتمركز في مناطق ربط هامة بين القارات مما يتيح لها أدوارا أكبر مستقبلاً، واستفادت الكويت من هذه الرغبة لامتلاكها جزيرة بوبيان النائية والغير مستغلة بالسكن او الانشطة التجارية وهي جزيرة هامشية وذات ظروف قاسية لذا وضعت خطة استثمارية لها وربطتها برؤيتنا الاستراتيجية في جعل الكويت مركزاً اقتصادياً ومالياً عالمياً.

وعلى ما يبدو ان ما عملت عليه الكويت حديثاً هي عبارة عن خطط عراقية قديمة جدا كانت مطروحة للعمل بتطوير الساحل العراقي على اعتبار ان العراق وسوريا هما الدولتان الوحيدان في مشروع طريق الحرير الجديد اللذان من الممكن ان يلتقي على اراضيهما الطريقان البري والبحري،(الصورة3)، غير ان ظروف عدم الاستقرار منذ مطلع الثمانينات لغاية الفوضى الكبيرة(احداث داعش) التي انتهت اجمالاً في العام 2017 عندما انجز العراقيون تحرير الاراضي العراقية بأجمعها شكلت عائقاً مصيرياً ضد المشروع، اذ ان العراق يمكن ان يكون البلد الاكثر اهمية في هذا المشروع اذا ما تم انجاز مشروع القناة الجافة، الذي يستند على مشروع الفاو الكبير المتعثر منذ 14 عام (العام 2005). بينما تمضي الكويت بأنشاء ميناء منافس يتمثل بمشروع ميناء مبارك الكبير وهو الجزء الاصعب في بقعة نائية مهجورة ذات ظروف لا تطاق من طغيان بحري ومعدل عواصف وحرارة ورطوبة، بمعنى ان ميناء مبارك الكبير هو رأس مشروع الحرير في الكويت، وربما كانت الخطط الكويتية اعمق غوراً اذ لم يُدرج موقع الميناء الكويتي على الخرائط الملاحية، وهذا مؤشر لاحتمالية توسيع الميناء في المستقبل، فهذا الميناء يُبنى بوتيرة متسارعة بينما تراوح مراحل انجاز ميناء الفاو في مكانها اذا ما قورنت بالزمن ( ولان وجود ميناء الفاو يعني لا وجود لميناء مبارك..!!)، وبهذا يصدق رأي بعض الباحثين من ان 68% من سكان العراق سيعتمدون على ميناء مبارك والمستهدفون بهذه الدراسة سكان الوسط والجنوب ،وان نسبة 80% من حجم تجارة الميناء في بداية عمله ستكون مخصصة للعراق.

ومما تقدّم يظهر ان الجميع يحارب من اجل مكاسب ومنافذ تجارية جديدة، وان المعارك التي لم تُحسم على الارض امتدت ساحتها الى جلسات التفاوض ما بعد الحروب، وذهبت بعض الحروب الى ساحات العمل الاقتصادي والخطط التجارية، فهل يحجز العراق مكانه المهم في طريق الحرير الجديد ويتحقق حلمه البحري البعيد..!!

ومن اجل ان نفتح رؤية لإدراج العراق ضمن هذا المشروع الاكبر في العالم والذي سيغير وجه الاقتصاد في المنطقة والعالم يجب ان يخطو العراق الخطوات التالية للحاق بركب الامم التي تنوي حجز موقعها في مشروع المارد الصين والتي تتلخص بما يلي:

1- وضع خطط طويلة الامد لتطوير البيئات الساحلية العراقية ترتكز على نظرة استراتيجية تأخذ بنظر الاعتبار المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية الاقليمية والعالمية، على ان تضع تلك الخطط في اولى حساباتها الاندماج مع مشروع طريق الحرير الصيني

2-اطلاق برنامج بحري عراقي للمنافسة المينائية مع دول الجوار لمواجهة المشاريع التي تهدف الى تضعيف او الغاء دور الملاحة البحرية للعراق .

3- الاسراع بإنجاز مشروع ميناء الفاو الكبير واعتباره جزء من الامن القومي العراقي واعادة تفعيل خطط مشروع القناة الجافة المنسي وتنفيذها لربط ميناء الفاو بأوربا لإكمال الحلقة المفقودة في خطة عبور مشروع الحرير الصيني عبر العراق وهذا سيوفر مردود مالي هائل للبلد وسوف يوفر فرص عمل لآلاف العاطلين في جنوبي العراق.

4ـ فتح آفاق الاستثمارات الاجنبية في قطاع تطوير الموانئ العراقية وطرح المشاريع الكبرى للقطاع الخاص العراقي.

5- تعميق الصلات البحثية والاستشارية بين قطاعات الجامعات ووزارة النقل والهيئات العاملة في مجال الاستثمار البحري والساحلي.

6- تعزيز دور القرار البصري في الاستثمارات الساحلية والبحرية كونه الاجدر باتخاذ ومتابعة تلك القرارات.

المراجع:

الصورة 1: طريق الحرير والمسارات الاساسية المتوقعة
الصورة 2: مشروع تطوير الجزر الشمالية في الكويت
صورة (3) الخطط العراقية التي سبقت الكويت في طريق الحرير الجديد
صورة (4) سيناريوهات طريق الحرير الجديد واستعدادات الدول للتنافس على موقع فيه
الصورة 5: الموقع المحوري للعراق كمعبر اساسي في مشروع طريق الحرير الجديد

اترك تعليقاً