الرئيسية / مقالات / ماذا لو كان السيد علي السيستاني غير موجود بيننا ؟

ماذا لو كان السيد علي السيستاني غير موجود بيننا ؟

السيمر / فيينا / السبت 21 . 12 . 2019

ايادالسماوي

في حديث خاص لي مع أحد الأخوة عن أهمية وجود سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني ادام الله ظله الشريف بيننا نحن العراقيون في ظل هذا الظرف العصيب الذي يمرّ البلد , فقلت له بالحرف الواحد أنّ في رقبة كلّ عراقي دين لعلي السيستاني الذي حفظ العراق وشعبه ومقدّساته , فوجود هذا الرجل الجليل بيننا حفظ العراق ثلاثة مرات كاد فيها البلد أن ينزلق إلى الهاوية .. المرّة الأولى كانت بعد تفجير مرقدي الأمامين العسكريين في سامراء , حين أصبح البلد على حافة الحرب الأهلية , وبفضل حكمته أنقذ العراق من هذه الحرب التي كادت أن تحرق اليابس والأخظر .. والمرّة الثانية عندما أصبحت داعش على أبواب بغداد , و كربلاء والنجف وسامراء على مرمى حجر , حيث اصبحت على بعد 800 مترا فقط عن المرقدين الشريفين في سامراء .. فكانت الفتوى العظيمة التي غيرّت مجرى التأريخ وأسقطت مؤامرة داعش التي اشترك بها كلّ شياطين الأرض .. والمرّة الثالثة هي موقفه الحالي من الأحداث الجارية في البلد , وهذا ما أريد التحدّث عنه بشيء من التفصيل …

 عندما أطلق سماحة السيد علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي المقدّس , كان العدو معلوما وغير مستترا , وهو داعش بكل ما تحمله من وحشيّة وإجرام وانحطاط وتساقط للقيم الإنسانية .. وحين هبّ العراقيون لتلبية نداء المرجعية كانوا على يقين أنّ التصدّي لداعش هو الدفاع عن الوطن والشعب والدين والمقدّسات والأعراض , وكانوا أيضا على يقين تام أنّ الله معهم وناصرهم .. موقف السيد علي السيستاني هذه المرّة يختلف عن المرّات السابقة , كون العدو هذه المرّة هو الفساد الذي عشعش في مؤسساتنا .. فالشعب ثائر على الفساد والفساد هو النظام السياسي القائم وهو الدستور وهو القضاء وهو مجلس النواب وهو الحكومة وهو الأحزاب والطبقة السياسية الحاكمة وهو البناء الفوقي للمجتمع بأسره .. فمن الطبيعي أن تتعاضد كلّ أركان الفساد للتصدّي لمطالب الشعب في الإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد الذي استشرى في كلّ مفاصل الدولة ومؤسساتها .. وحين يقف المرجع الأعلى مع الشعب في مطالبه الحقّة , فهذا يعني أنّه أصبح الخصم المباشر للفساد وأركانه ..

ولولا انحياز سماحة السيد علي السيستاني الكامل للشعب وتبّنيه لمطالبه , لسحق الشعب من دون رحمة أو رأفة .. وهذا الانحياز للشعب ساعده فيما يلي :

1 – في دحض كلّ الادعاءات التي صوّرت انتفاضة الشعب ضدّ الفساد أنّها مؤامرة خارجية وأنّ الذين خرجوا إلى الشارع هم متآمرون وخونة ومرتزقة ومجرمون محترفون تفننوا الأجرام ..

2 – دعمت بقوة مطالب الشعب بقانون عادل للانتخابات يضمن عدم استحكام الكتل السياسية بالعملية الانتخابية التي هي أساس عملية الإصلاح والتغيير الحقيقي ..

 3 – دافع عن المتظاهرين السلميين ومنع عنهم كلّ اشكال العنف والقسوة وطالب بتقديم الجناة الذين استخدموا الرصاص الحي في قتل المتظاهرين السلميين إلى العدالة ..

4 – رفض بشكل قاطع أي تدّخل للقوى الخارجية في شؤون العراق سواء كان ذلك من قبل القوى الدولية المتسلطة أو من قبل القوى الإقليمية , ورفض أن يكون العراق ساحة للصراع بين القوى الدولية والقوى الإقليمية ..

5 – أدان بصوت عال عمليات الاغتيال والخطف التي تقوم بها أطراف وعصابات خارجة عن القانون ..

6 – طالب بانتخابات مبكرّة شفافة ونزيهة وبقانون انتخابات عادل ومفوضية مستقلّة كما يطالب الشعب بذلك ..

7 – طالب بالإسراع بتشكيل حكومة مؤقتة تتوّلى مهمة التهيئة لانتخابات مبكرّة من دون تدّخل أي قوى خارجية , وطالب أن تكون هذه الحكومة غير جدلية وتحظى برضا الشعب

8 – دعا النخب الفكرية والكفاءات الوطنية الراغبة في العمل السياسي لتنظيم صفوفها وإعداد برامجها للنهوض بالبلد وحل مشاكله المتفاقمة ..

وبدورنا نهيب بأبناء الشعب العراقي الثائر على الفساد والمطالبين بالإصلاح والتغيير أن يستثمروا وجود سماحة السيد السيستاني بيننا , وينظموا صفوفهم في قيادة معلنة ومتحدّث بأسم هذه القيادة ليلتّف الشعب حولها , ولقطع الطريق على القوى الخارجية التي أفرطت في تدّخلها السافر في الشأن العراقي , وخصوصا فيما يتعلّق بتشكيل الحكومة المؤقتة .. هذا هو سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني نسأل الله تعالى أن يحفظه من كل سوء ومكروه .. إنه سميع مجيب .

في 21 / 12 / 2019

اترك تعليقاً