جمال حسين مسلم
مَنْ يستطيعُ أنْ يهذبَ الشعائر الحسينية ؟ وهل تحتاجُ إلى تهذيب ؟ سؤالان ملحان في الوقت الحاضر كثيرا ,ولاسيما بعد التطور الكبير والثورة الانفجارية في عالم الانترنيت والتواصل الاجتماعي…العراق وفي مايخص وضع العراق تحديدا, فقد عانى الشعب العراقي من مصادرة حريته الشخصية في المعتقد كثيرا من قبل النظام الهالك ,الذي جثم على صدور الشعب العراقي ,لاكثر من أربعين عاما سوداء ..وكان مذهب أهل البيت عليهم السلام في مقدمة الاهداف المرصودة من قبل أجهزة الدولة البعثية والامنية وكان محبي هذا المذهب وأئمته يقبعون في سجون النظام ودهاليزه لعقود من الزمن .. إنْ لم يكونوا في الاصل من أهل المقابر الجماعية وساكنيها , هكذا كانت الحال , فقد دأب النظالم الهالك على محاربة هذا المذهب الاسلامي ومواليه بشتى الطرق وأقذرها , ولاسيما في مايتعلق بأجراء مراسم عاشوراء ,حيث أيام استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب مع صحبه وأهل بيته عليهم منا جميعا أفضل الصلاة وأتم التسليم ,في ثورته الشهيرة على خليفة متفق على فسقة وفجوره… عند جمهور الملسلمين سنة وشيعة ..ولاشك في ذلك ولا مجادلة..ومن أرض كربلاء حيث الواقعة الأليمة انطلقت مع ذكراها مجموعة من الشعائر الحسينية المرتبطة بالذكرى الأليمة في هذا اليوم الأسود والمصاب الجلل ,الذي حل بأمة محمد صلى الله عليه وسلم…وعلى الرغم من أنظمة الجور التي جاد بها التاريخ علينا من قبل ومن بعد ,فقد بقيت هذه الشعائر الحزينة محافظة على هويتها وتوازنها كثقافة إنْ احببت تسميتها أو كارتباط بالدين نفسه من وجهة نظر أخرى…وماتعرضت لخطر تشويه حقيقي إلا بعد ظهور قناة الشباب في التلفزيون العراقي في تسعينيات القرن الماضي , ومع ذلك فقد كانت الاساءة محدودة جدا وتنحصر في طريقة قراءة المقتل في صبيحة يوم عاشوراء من قبل مطرب معين..وما إلى ذلك…واما بقية الشعائر فلا تمارس أصلا..
أما بعد عام 2003م فقد شهد العراق انفتاحا غير مسبوق في التاريخ في تطبيق وارساء دعائم الشعائر الحسينية والمحافظة على هويتها , فقد جذب العراق في مثل هذه المناسبات عددا كبيرا من الزائرين لضريح الامام الحسين عليه السلام ,ربما يصل إلى عشرة ملايين في أيام معدودات…ومع هذه الحرية غير المسبوقة تعرضت الشعائر الحسينية إلى تغييرات تكاد تهوي بها في مستنقع خطير من التفكير , ودون أسباب واضحة ..فقد تحولت عديد المظاهر الحسينية إلى أغان على شكل {دي جي} وتقترب كثيرا جدا من حدود موسيقى الرقص الطبيعية !!! وأقحم الاطفال في مجال { التطبير } المختلف عليه أصلا في الشعائر الحسينية ..وصارت هذه الظاهرة تهدد بناء الاطفال العقائدي والفكري في العراق بشكل ملفت للنظر..فضلا عن مسميات أخرى ..ولاتدري من يقف وراءها ومن يسوقها وكيف يصدق الناس بها كما في قضية { كلاب فاطة الزهراء } وما إلى ذلك من أمور تهدد المذهب نفسه وتفسح المجال الواسع لمنتقديه ,دون وجود قدرة حقيقية للدفاع عن تلك الأمور وغيرها من المبتكرات المحيرة…وخصوصا لمثقفي مذهب أهل البيت عليهم السلام…فهل من متصدي لهذه الظواهر اللامعقولة ؟ولماذ لاتحدث في دولة كبيرة من مثل جمهورية ايران الاسلامية ؟؟ وتحدث في دولة مثل العراق تعج باسماء كبيرة للمراجع الشريفة ,دون بيان يتصدى لمثل هذه الامور أو فتوى تحرمها أو تجيزها !!! اظن أن الوقت قد حان لمناقشة هذه الظواهر وتعريتها وفتح الباب على مصراعيه من أجل كشفها, دون خوف أو استثناءات من هذا أو ذاك..فلم تعد الأمور تستحق منا موقف المتفرج فقط ؛ لكي لا تتحول إلى قانون يسود الشارع والتربية الحسينية ويجرفها نحو هاوية معينة ,دون أن ندري من يقف خلفها ومن يشرع لها ولماذا وماذا يقصد بها…